في أسبوع واحد ومن جرائد مختلفة، من بينها "الأهرام" التي لم يملك بعض كتابها المختصين بالشئون الاقتصادية إلا الصراخ في وجه التعليمات، نجد أخبارا لا يمكن إلا أن تصب في خانة سرقة الوطن بكل أنواع السرقة نشلا ونصبا وخداعا وإكراها واقتحاما وسطوا وسفحا. فمن المرور الإجرامي لحاملة الطائرات الفرنسية في قناة السويس إلى صفقة سرية لبيع حصة في بنك كبير بأبخس الأسعار، ثم خطة لبيع بنك قطاع عام وبيع لشركة كبرى قطاع عام للأدوية مع تقدير أرض الشركة بأسعار تعود إلى أكثر من أربعين سنة أيام البيضة ذات المليم، إلى عملية ضخمة ومروعة للاستيلاء على أموال التأمينات والمعاشات لدفع الدين الداخلي بممارسة لعبة أشبة بلعبة الباشكاتب في فيلم "أبو حلموس" للريحاني على طريقة ( الشيء لزوم الشيء). إلى حديث عن شركة تملك 24% من حجم التداول بالبورصة وهي شركة أصحاب الحظ. كل هذا يجري، وهو يهدد الشعب في قوته ووجوه، بدون أن يشعر أحد وهذا على أي حال ليس شيئا جديدا. لكن الجديد هذه المرة هو أن العملية وهي أساسا عملية نصب تجرى وسط عملية نصب أخرى تشبه طريقة النشالين في المواصلات العامة في الخداع عندما يقوم واحد من العصابة بشغل الضحية وافتعال مشاجرة معه للفت انتباهه بعيدا ريثما يسرق باقي أفراد العصابة المحفظة أو الحقيبة. وبينما تتم سرقة البنوك وشركات القطاع العام فإن أفراد العصابة المكلفين بإبعاد الأنظار والخداع التكتيكي والاستراتيجي يقومون الآن وباستماتة وعلى صفحات الجرائد الرسمية بافتعال قضايا وتضخيم مسائل والإلحاح على موضوعات كلها لا معنى لها، بما يقطع بأن العملية هنا ليست التغطية على سرقة المحفظة الوطنية. وهكذا نشهد العجب العجاب من "تلقيح الجتت" و"جر الشكل" لأتفه الأسباب وبدون أي سبب في كل الأحيان تقريبا. خناقة كبرى حول حزب الوفد وسرقة ثم سرقة مضادة للحزب، خبير بترولي سابق ومفكر كبير حاليا يدرس المشناة والجمراه (على حد قوله) يكتشف أن أبو حنيفة صرح بأن الخمر حلال لكن هذا التصريح التاريخي الشجاع المنصف للخواجة جون ووكر والخواجة مانولي قد تم إخفاؤه على أيدى أئمة متطرفين إلى أن قيض إله الخمر الإغريقي باخوس صاحبنا البترولي لاكتشافه وإعادة الشرعية الغائبة إلى الطفية والبوظة والعرقي. صحفي أخر يعلن في فرح طاغ عن انتصار الشيطان بعد طول خديعة ذلك أن السيد إبليس قام بحركة استراتيجية بارعة حسب هذا الصحفي لأنه قام بقتل عدة مئات من الحجاج الذين كانوا قد جاءوا ليرجموه ويلعنوه، فإذا بسيادته يقتلهم في التدافع ويبيد ثلاثمائة منهم! وتفرغ الصحفي في بقية المقال لشتم المسلمين الأغبياء الجهلة الذين ظنوا أنهم يستطيعون القضاء على سيده ومعلمه إبليس. إذا لم يكن هذا كله وهو قطره في بحر عملية تمويه وإشغال عن سرقة المحفظة فماذا يكون؟