مثل أي لجنة من واضعي امتحانات الثانوية العامة كانت لدينا عشرات الأسئلة - من خارج المنهج - التي يمكن أن نضعها في الامتحان ولا تستطيع الإجابة عنها مثل: من المفتري الذي وضع أسئلة امتحان اللغة الإنجليزية؟ .. وهل واضع امتحان الجبر «السهل» هو نفسه الذي وضع امتحان التفاضل وحساب المثلثات «التعجيزي»؟ .. ومن صاحب فكرة أن تكون امتحانات الثانوية دائما في «عز الحر»؟ .. ولماذا لا يتولي وزير الداخلية وزارة التعليم باعتبارة الأقدر علي إعادة الانضباط للمدارس؟! لكننا تعاطفنا معك ورفقا بأولياء الأمور استبعدنا - في اللحظة الأخيرة - كل هذه الأسئلة وغيرها حتي يكون الامتحان في مستوي الطالب المتوسط الذي سنكشف لك لأول مرة من هذا الطالب الذي نسمع عنه ولا نعرف عنه شيئا؟ ونقدم لك الفرق بين وزير التعليم الحالي أحمد زكي بدر وبين رفاقه وزراء التعليم السابقين.. ونجيب لك عن السؤال الأغرب هل أولياء الأمور والطلاب «مزودنها» في الشكاوي من الامتحانات.. ونطرح عليك السؤال الأقرب إلي قلوب «المدرسين وهو ماذا يستفيد المدرس من المراقبة علي الامتحانات وتصحيحها؟.. ونرد علي سؤال الطلاب المفضل «هل العينة العشوائية عشوائية فعلا؟». من غير لف ودوران.. هذا الملف أو بمعني أدق الامتحان مثل أي امتحان ثانوية عامة مكون من ستة أسئلة عليك أن تختار خمس أسئلة منها للإجابة عنها لكن الفرق بين أسئلة «الدستور» وأسئلة الثانوية أننا نعترف أن أسئلتنا من خارج المقرر ولن تجدها في لجنة الامتحان لكنها تصدمك بمجرد خروجك منها! ملحوظة: السؤال الأول إجباري (رخامة)! السؤال الأول من «الطالب المتوسط» الذي يأتي الامتحان في مستواه دائما؟ منذ أن وعيت علي الدنيا وأنا أسمع تلك العبارة غير القابلة للنقاش أو التبديل أو التحريف، فقبل بداية الامتحانات يخرج السيد وزير التعليم ويعلن أمام وسائل الإعلام أن امتحانات الثانوية ستأتي في مستوي الطالب المتوسط ويظل يكرر هذه العبارة التي تشبه «الأكلاشيه» طوال فترة الامتحانات وتحديدا عندما يأتي الامتحان صعبًا من وجهة نظر الطلاب، فيثور عليه الرأي العام ويخرج وقتها الوزير ليؤكد أن الامتحان في مستوي الطالب المتوسط. لذلك بمرور الوقت ومثل أي عبارة استهلاكية فقدت تلك الكلمات معناها ومغزاها من كثرة ترديدها بمناسبة حينًا وبدون مناسبة في أغلب الأحيان وأصبح مكتوبًا علي هذه العبارة «للاستهلاك الإعلامي وليس الآدمي» لأن الناس لا يمكن خداعها بهذه الطريقة الساذجة فلا يمكن أن تكون كل الامتحانات علي اختلاف مستوياتها من سهل إلي متوسط إلي صعب إلي تعجيزي كلها يطلق عليها العبارة نفسها وبنفس الطريقة وكأن الناس أغبياء وكأن طلاب الثانوية من المعاقين ذهنيا الذين لا يستطيعون التفريق بين الامتحانات الصعبة والسهلة. أتمني أن أعرف الرجل الفذ صاحب هذا المصطلح العبقري الذي تربينا عليه وهو أن الامتحان في مستوي الطالب المتوسط ولن يخرج عن كتاب المدرسة للوهلة الأولي، أعتقد أنه الدكتور حسين كامل بهاء الدين الرجل الذي ظل لمدة أكثر من 13 عامًا وزيرًا للتعليم فلم أتعلم مع أحد سواه ولم أسمع هذه العبارة من غيره طوال فترة تعليمي. الدكتور مصطفي عبد السميع - رئيس مركز البحوث التربوية ورئيس عام الامتحانات السابق - يقول: لا يوجد تعريف جامع مانع للطالب المتوسط فالطالب المتوسط في المراجع المصرية هو من يحصل علي مجموع يترواح ما بين 65 و 74 في المائة لكن هناك من يعرف الطالب المتوسط: بأنه من يحصل علي 80 في المائة وبالتالي فلا يوجد اتفاق بين أساتذة التربية علي تعريف محدد لأن هذه التعريفات تخضع لرؤي أصحابها. ويضيف د.عبد السميع قوله: المسألة تختلف تماما في الامتحانات وتحديدًا امتحانات الثانوية العامة فلا يوجد شيء اسمه الامتحان في مستوي الطالب المتوسط لأن الامتحان مثل «المسطرة» يجب أن يقيس جميع المستويات ويحدد بدقة الفروق الفردية بين الطلاب فلا يصح أن يتم وضع امتحان من أجل طالب بعينه لأن الطالب المتوسط في اللغة العربية مثلا يمكن أن يكون متفوقا في اللغة الإنجليزية وهكذا، هذا بجانب أنه من الظلم تحديد فئة بعينها من الطلاب لتوجيه الامتحان لهم. أما الدكتور أحمد حجي - الأستاذ بكلية التربية جامعة حلوان- فيختلف مع تعريف الطالب المتوسط ويقول: المتوسط هو من يحصل علي مجموع ما بين ال 50 و 65 في المائة وهذا معيار خاطئ لأن هذا معناه أن الطالب لا يعرف أكثر من 50% من العلوم المقررة عليه وأنه يمتلك قدرات ضعيفة لذلك في أغلب دول العالم تم رفع درجة النجاح إلي 60 % حتي يكون المعيار أكثر دقة. ويضيف د. حجي قوله:لا يوجد امتحان في مستوي الطالب المتوسط لأن الامتحان لابد أن يتحقق فيه ثلاثة شروط هي: الثبات والموضوعية والصدق، الثبات بمعني أنه إذا تم اختبار شخص به مرتين خلال مدة 15 يوما لابد أن يحقق النتيجة نفسها لكن للأسف في مصر إذا تم اختبار طالب في المادة نفسها خلال يومين فقط لن يحقق النتيجة نفسها وهذا معناه غياب عنصر الثبات، أما إذا تحدثنا عن الصدق فمعناه أن الامتحان لابد أن يقيس ما يراد قياسه أي لابد أن يحدد الفروق الفردية بين الطلاب ويقيس قدراتهم علاوة علي ذلك يجب أن يكون الامتحان موضوعيًا أي يشمل كل أجزاء المنهج ولا يتم تركيزه علي جزء بعينه من المنهج. ويستكمل د. حجي كلامه قائلا: الحل لمشكلة تحديد من الطالب المتوسط هو عمل بنوك أسئلة بحيث تشمل كل المستويات وتكون معيارها في منتهي الدقة حتي يمكن وضع الامتحانات من خلالها ولا يحدث ما نراه من الطلاب أمام اللجان لأنه وقتها ستكون هذه الأسئلة متاحة أمام الطلاب لأنها ستخاطب جميع المستويات وسيتم تطبيق هذه الطريقة قريبا في الجامعات من خلال المركز الوطني للقياس والتقويم الذي يتم إنشاؤه هذه الأيام. السؤال الثاني هل الطلاب وأولياء الأمور «مزودنها» في الشكاوي من الامتحانات؟ د. محمد المهدي: الطلاب وأولياء الأمور ضحايا نظام تعليمي وسياسي خاطئ..وعندما تنقل أوراق الامتحان بطائرات حربية لازم الطلبة تترعبانتحار طالب ثانوي.... إغماءات للطلاب والطالبات عقب خروجهم من لجان الامتحان..... بكاء وصراخ من الطلاب وأولياء الأمور..... مشاهد متكررة من أول يوم في جدول امتحانات الثانوية العامة لآخر يوم.... هذا العام وكل عام.... ظهرت هذه المشاهد منذ أن تحولت الثانوية العامة المصرية _ ولسبب غامض وعبر السنين_ من درجة علمية وشهادة تعليمية إلي «بعبع».... وتحولت فترة الثانوية العامة _ فترة الشباب والحلم _ إلي فترة «عصيبة» يسعي الجميع أولياء أمور ومدرسين ووزراء إلي دفع الطلاب للخروج منها... فيما يبدو _ والله أعلم_ أنه أمر أصعب من دفع عملية السلام في الشرق الأوسط... ومنذ أن أصبح شعار «في بيتنا ثانوية عامة» هو الأخطر والأكثر ضغطًا علي الأسرة المصرية ماديًا ومعنويًا وأصبحت الثانوية العامة «حالة طوارئ».... والامتحانات «كابوس».. ومنذ أن أصبحت سيارة الإسعاف من ضرورات لجنة امتحانات الثانوية العامة.. والصور الرئيسية المنشورة مع أخبار الامتحانات في الجرائد تشبه كثيرا الصور المنشورة مع أخبار الانتفاضة وغزو العراق!! .. كان منطقيا أن يتساءل البعض «هل يبالغ الطلاب في ردود أفعالهم»؟ «بمعني أصح» هل الطلبة وأولياء أمورهم «مزودنها شوية»؟ من جانبه يري الدكتور محمد المهدي _ رئيس قسم الطب النفسي بكلية طب دمياط جامعة الأزهر _ أن طلاب الثانوية العامة وأولياء أمورهم هم ضحايا لنظام تعليمي وسياسي خاطئ وأنه قد تم التغرير بهم بنشر مفاهيم خاطئة ومغلوطة اجتماعيا وإنسانيا وهي المتعلقة بكليات القمة وكليات القاع بالإضافة إلي بث حالة من الفزع والقلق من الامتحانات ونتائجها واختزال مستقبل الفرد كله في نتيجة الثانوية العامة مضيفا قوله: الطلاب وأولياء الأمور أخطأوا في تصديق هذه المفاهيم والانسياق لفكرة أن الثانوية العامة تحدد مصير الإنسان وكأنها نهاية العالم لدرجة أن بعض الأهالي يقولون لأبنائهم: إن من ينجح في الثانوية ويتميز سينجح طول حياته ومن يفشل ولا يحصل علي مجموع كبير فسيفشل في حياته كلها ولكن الحقيقة أن رحلة نجاح وتميز الإنسان تستمر طوال حياته وامتحانات الثانوية العامة ليست مقياسا للقدرات بل علي العكس فإن الموهوبين والمتميزين أكثر حساسية للقلق والضغوط النفسية من غيرهم وقد يتعرضون لحالة من اضطراب القدرات وتعطل الذاكرة وهو ما نسميه في الطب النفسي حالة «انغلاق» بسبب ضغوط الأهل والمجتمع وبث حالة من الشعور بالخطورة فعندما يقرأ الطلاب أن أوراق الامتحان يتم نقلها بطائرات حربية لابد أن تزداد حالة الرعب لديهم وهو ما يعد إهدارا للطاقات والمواهب ووقوع حوادث أخطرها انتحار الأطفال والمراهقين من الطلاب وفي الوقت نفسه فإن القانون النفسي يقول إن القلق في حدود معقولة يعد عاملاً محفزًا للذاكرة. ويؤكد المهدي أن هذا الوضع لا يوجد إلا في مصر ولا يشهد العالم كله مثل هذه الحالة التي يتم خلقها واستثمارها «سياسيا» لشغل المصريين عن مشكلات بلدهم _ علي حد قوله. الطلاب يؤكدون عامًا بعد عام أن صعوبة الامتحانات وارتفاع مستوي الأسئلة عن الطالب المتوسط.. هي أكبر مشكلة تواجههم والكابوس الأكبر الذي يؤرقهم وذلك لأن المجاميع مرتفعة ولكي يلتحق الطالب بالكلية التي يتمناها لابد ألا يقل عن مجموعها ولو بواحد من مائة في المائة لذلك تبدأ معركة الثانوية العامة كل عام مبكرًا منذ شهر أغسطس وحتي شهر يونيه.. معركة يبذل فيها الطلاب جهدا وطاقة كبيرين ويبذل فيها أولياء الأمور آلاف الجنيهات متمنين في النهاية ليس مجرد النجاح وإنما الحصول علي المجموع «الكبير جدا» الذي يؤهلهم لكليات «القمة» ولذلك ينهار الطلاب بعد الامتحان «الصعب» متوقعين خسارة بعض الدرجات فيه. هذا ليس رأي عامة الطلاب فقط وإنما هو رأي أوائل الجمهورية أيضا، حيث تقول شاهندة الحمصاني_ الثانية علي الجمهورية أدبي -: مشكلة الثانوية العامة أن الطلاب وأولياء الأمور «بيتعبوا أوي» طول السنة ويذاكروا ليل ونهار وياخدوا دروس لكن الامتحانات «مش بتكون مباشرة» وأحيانًا تكون صعبة وبها أسئلة للمتميزين ووقتها تكون «صدمة كبيرة» لذلك فالطلاب وأولياء الأمور عندهم حق إلي حد كبير في ردود أفعالهم وشكاواهم وانهيارهم بسبب الامتحانات لأن الثانوية العامة هي التي تحدد مستقبل الشخص ولكنني أعتقد أن الامتحان يأتي بطريقة تعتمد علي الفهم بينما المناهج وطريقة التدريس والمذاكرة طول العام تعتمد علي الحفظ بشكل أكبر فتكون الطريقة مختلفة وصعبة وغير متوقعة بالإضافة أنه امتحان واحد فقط آخر العام أمر يتعب الأعصاب لذلك أري أن فكرة امتحان التجربة التي تمت هذا العام جيدة جدا. وفي المقابل تري بشري غريب _ مدرسة كيمياء_ أن الطلاب وأولياء أمورهم يبالغون في الشكوي من الامتحانات وأن الطلاب يستسهلون الحفظ ولا يعتمدون علي الفهم مضيفة: متي لم يشك الطلاب من الامتحانات هم دائما في شكوي مستمرة وبالرغم من ذلك فإن طلاب آخرين يحصلون علي الدرجات النهائية في الامتحانات نفسها التي يؤكد البعض أنها «تعجيزية» ولم يدرسوها لأنهم «مش بيشغلوا مخهم» والجزء الأكبر من المشكلة أنهم لا يفهمون السؤال فمثلا عندما يدرس الطلاب نوعًا واحدًا من المفرقعات والمادة التي تعالجه ثم يأتي السؤال في امتحان الكيمياء العام قبل الماضي أنه أصيب رجل في الحرب فما المادة التي أصيب بها وكيف نعالجه؟ فيعجز بعض الطلاب عن الاجابة لأنهم لا يفهمون السؤال لأنه لم يأت مباشرا وأري إنه يجب أن تعتمد الأسئلة علي الفهم وعمل العقل حتي لا يأتي طلاب دخلوا كليات طب ويتصلوا بنا كي نعيد شرح الكيمياء لهم لأنهم «حفظوها» وكتبوها في الامتحان ثم نسوها، وما يعقب الامتحانات من صراخ وعويل هو نوع من التهويل «العيال بتدلع وأهلهم بيساعدوهم علي كده».
السؤال الثالث ما الفرق بين «أحمد زكي بدر» ووزراء التعليم السابقين؟ الأمر واضح للجميع.. فحتي إن كان كل وزراء التعليم السابقين لم يستطيعوا أن يغيروا شيئا في التعليم المصري أو يخرج من خلال مدارسهم ومناهجهم طالب واعً ولديه دراية بما يحدث من حوله إلا أن الدكتور أحمد زكي بدر - وزير التعليم الحالي - يختلف عن الآخرين تماماً.. يختلف عنهم في إنه يفكر بطريقة طفولية وكلما جاءت في رأسه فكرة نفذها فوراً وبدون تفكير أو حسابات منطقية من المفترض أن تخضع لها قرارات تخص مستقبل مصر - إن كان هناك مستقبل - بالفعل، فوزراء التعليم موكل إليهم وضع السياسات التي تسير عليها مدارس مصر وعلي أساسها يتخرج الطلاب من مرحلة التعليم العام، لكن الحقيقي أن الوزير الحالي لا يعرف شيئاً عن الطلاب..لكنه يعرف كل شيء عن نفسه.. عن قرارته.. عن «شوهه الإعلامي».. أما الطلاب والمدرسون والتعليم ففي الركن المهمل من تفكيره. وزراء التعليم السابقون أثبت الطلاب - أنا وأنت منهم طبعاً - أنهم وزراء فقط-أي يحتلون المنصب دون إضافة - هنا لابد من الإشارة إلي عدة أفعال أو قرارات صدرت عن «بدر» جعلته مختلفاً..ولنبدأها من توليه الوزارة فكما يري أحد خبراء التعليم فإن أحمد زكي بدر جاء من منطقة مختلفة تماماً عن التعليم العام ومشاكله، فهو أستاذ جامعي لكنه غير تربوي ولم يكن في أيامه السابقة علي الوزراة يبدي أي اهتمام بمشاكل التعليم في مصر، وهو ما أدي به إلي «وزير تعليم» لا توجد له رؤية واضحة في مشاكل التعليم.. ليس لديه سوي «الضبط والربط». ربما تكون الفكرة التي عرض لها الخبير هي التشابه الوحيد بين «بدر» وسابقيه من وزراء التعليم لأنهم جميعا جاءوا من خارج الكادر لذا كان أداؤهم أقرب إلي الهذل منه إلي السياسة أو فنيات التعليم العام وما يحتاجه من خطط يسير عليها. فضلا عن تأخر الوزير في الحضور للوزارة - لمدة أسبوع - وعن قيامه بإقصاء العديد من المستشارين ممن عرفوا باسم «رجال الجمل» فإن «بدر».. وتصريحاته المتضاربة عن الضرب في المدارس والتي لم يقرها أحد من الوزراء السابقين..كانت بداية قراراته خاطئة وعبرت عن توجهه الجديد فالقرار كان يخص مُدرسة حاسب آلي في 6 أكتوبر، قرار الوزير جاء بناءً علي قرار الشئون القانونية بالوزارة التي أكدت وقتها أن الوزير هو من أحال لها القضية للتحقيق..وهذا من حقه00لكن كان هناك وجه آخر للقرار وهو أن الوزير الجديد يعود بنا لعصر المركزية بعد أن بدأ سابقه «يسري الجمل» في تطبيق اللامركزية في أشياء كثيرة وجعل من كل مديرية تعليمية مؤسسة مختصة بذاتها خاصة في مخصصاتها المالية، لكن بدر رأيناه يصدر قرارات بخصوص مدرسين في أسوان وآخرين في الإسكندرية محاولاً أن «يكبل» الوزارة كلها بين يديه..نجح في مخططه بالفعل والمدرسون أصبحوا يخافونه ويستشعرون بأنه قد يضرب أحدهم فعلاً أو يقرر فصله تعسفيًا ووقتها لن ينفعه أحد. بعد عدة قرارات شعر «بدر» بأنه وحيد يمكنه أن يتصرف في الوزراة كيفما يشاء فإذا كان سابقوه مثل الدكتور «حسين كامل بهاء الدين» و«أحمد جمال الدين» ومن بعدهما «يسري الجمل» كانوا يعتمدون في الوزارة علي عدد من المستشارين الذين تتم الاستفادة منهم في كل القرارات التي تصدر عن الوزارة، خاصة «جمال الدين» الذي كان يري أن الوزير ليس من مهمته أن يقرر كل شيء يخص التعليم فهناك من هم أكثر خبرة منه في جزئيات معينة - وهذا صحيح طبعاً خاصة في حالة «بدر» - من هذه النقطة تحديداً خرجت زيارة «بدر» إلي مدرسة الخلفاء الراشدين به من حيز الوزارة إلي نطاق أوسع -إعلاميا فقط - لم يصل إليه الوزارء السابقون.. غضب عليه كثيرون ووقتها جاء في صفه البعض فخذلهم هو وتراجع بعد توسط الدكتور «سيد مشعل» في الموضوع. (بدر في زيارة مفاجئة) جملة تكررت كثيرا بعد زيارته لمدرسة الخلفاء الراشدين في مانشيتات الصحف لم يستفد الطلاب والمدرسون منها شيئا سوي الفصل أو الإحالة لأعمال إدارية - بالنسبة للمدرسين -، علي النقيض كانت زيارات الوزراء السابقين فلم يكن الجمل يستعرض قدراته علي الإحالة للشئون القانونية أو «التريقة» علي مديري المدارس، كانت زياراته فقط لكي يعرف المدرسون أن هناك من يراقب عملهم ومن يشعر- لكن زياراته أيضا لم تكن ذات فائدة- بتعبهم في العمل، وقد يكون الجمل أكثر الوزراء الذين أفادوا «المعلم المصري» بتطبيقه لقانون الكادر وكل زياراته لم يخرج منها بنقل مدرس واحد أما «بدر» فزيارة واحدة منه كادت - لولا الواسطة - ستنقل 108 مدرسين من حلوان إلي أطفيح والمنيا! وفي خطوة بدت للوهلة الأولي أنها جاءت بلا تفكير أو حتي قراءة كتاب «الدين» للصف الأول الابتدائي قرر «بدر» أن يدعو المفتي لوزارة التعليم لكي يطالبه بتعديل مواد التربية الدينية للصفوف من الأول الابتدائي وحتي الثالث الثانوي ولأنه «راجل حظه في رجليه» فقد تراجع هذه المرة المفتي عن قيامه بزيارة «التعليم» مؤكدا أن المناهج تمت مراجعتها من قبل عن طريق الأزهر ولا تحتاج إلي أي تعديل.. قبله كانوا الوزراء يعرفون جيدا أن هذه المناهج ليس بها شيئ يسيء لأي ديانة لأنها باختصار روجعت عن طريق الأزهر. أما «الثانوية العامة» فكانت لها مع أحمد زكي بدر..وصلة أخري من «الاستعراض» بدأت مع قيامه بفرض جدول امتحانات غير عادل بالمرة وجعل الأجازة يوما واحدا أسبوعياً وليعترض من يريد! فالوزير قراراته حاسمة - وكأن التراجع عن الجدول سيكون أول تراجع له عن قرار! - ففي عهد الوزراء السابقين كان يعقد لقاء مفتوح مع بعض الطلاب من المحافظات المختلفة وأوائل الثانوية العامة، ويتم عرض الجدول المقترح علي جميع من يحضرون اللقاء من المسئولين في التعليم من المحافظات أيضا، ويحدث نقاش ينتهي إلي وضع جدول يرضي عنه الجميع. المعركة الثانية في الثانوية العامة كانت مع المدرسين فخطابات ندبهم وصلت متأخرة للمدارس وقبل الامتحانات بوقت قليل وأعلن «بدر» أن الاعتذارات ممنوعة للجميع ومن يتأخر عن مواعيد الحضور في لجنته سيكون عقابه الخصم والتحقيق.. أي كلام هذا؟ وكيف يكون قراراً يخص ما يقرب من 80 ألف مراقب «غير إنساني»؟ «بدر» منع أي شخص من الاعتذار حتي إن كان طبياً فقمسيونه الذي قال: إنه سيحدد الحالات الطبية التي يمكنها الاعتذار عامل المدرسين علي أنهم «كذابين» و«صاحيين وزي الفل» ولا يحق لهم الاعتذار.. رد المدرسين كان سريعاً وبدا أكثر هدوءاً.. عشرون بالمائة نقصاً في أعداد مراقبي لجان الامتحانات.. ماذا كان سينقصه لو فعل مثل الجمل وجمال وحسين كامل وغيرهم من الوزراء؟ كان يتم إرسال خطابات الندب مبكراً إلي المدرسين ويتقدم من يريد الاعتذار بخطاب إلي الإدارة العامة للامتحانات ويتم تعويض الغياب قبل البدء في أعمال الامتحانات بدلاً من دخول الطلاب إلي اللجان بدون مراقبين. وطبعاً «بدر» هو الوحيد الذي راقب الوزارة والعاملين بها عن طريق كاميرات مراقبة ولا ينافسه في هذا التصرف الأمني وزير سابق وربما قريب لا حق! هذا هو المعروف عن سياسة «بدر» وما خفي أعظم بالفعل، ويحتاج إلي وقفة.. فلا يمكن أن تكون «ماشي صح» وتكره الصحافة أو الحديث عنك وانتقادك.. ولا يمكن أن تكون سياستك «مفهومة» وأنت كل يوم في قناة فضائية تتحدث عن إنجازاتك التي لم يشعر بها أحد.. اللهم إلا أنت.. هذا هو حال ابن «زكي بدر» في وزارة التعليم أما حال طلابنا ومدرسينا فلا تسأل عنه فقد نهانا «بدر» عن الحديث.! السؤال الرابع ما الاستفادة التي تعود علي «الملاحظين والمراقبين والمصححين» من الامتحانات؟ «علي محمد» مدرس معين بوزراة التربية والتعليم منذ فترة قليلة، يعيش بمحافظة أسيوط ويعمل في مدرسة بجوار منزله - حتي لا يكلفه المشوار كثيراً - وصله خطاب ندبه لأعمال امتحانات الثانوية العامة هذا العام وفوجئ بأنه سيكون ملاحظاً علي إحدي اللجان في مدينة نصر بالقاهرة، بدون تردد قام «محمد» بحساب التكاليف التي سيتحملها إذا ما وافق علي الندب، أساسي راتبه يبلغ 260 جنيهاً وعدد أيام الامتحانات 15 يوماً بضرب الاثنين في بعضهما ثم حساب 7 % من ناتجهما وجد نفسه سيحصل في نهاية الامتحانات علي مبلغ وقدره 273 جنيهاً بالتمام والكمال، طبعاً المقابل الهزيل الذي سيحصل عليه «علي» جعله يضرب «أخماسًا في أسداس» وقرر أن يعتذر عن أعمال الامتحانات هذا العام، لكن قرار الوزير بمنع الاعتذارات نهائياً كان كفيلاً بأن يجعله يصمت ويكتم غيظه، وحتي إن تقدم باعتذار فهو يحتاج للسفر إلي القاهرة للتقدم به والعودة.. أي أنها تكاليف وحسب قرارات الوزير ربما لا تأتي بفائدة.. انتهي «علي» إلي أنه سيذهب للملاحظة في الامتحانات و«أهي فسحة برضه»، رغم أنه يعرف أن اليوم في القاهرة - علي اعتبار أن الوزارة ستوفر له الإقامة - سيكلفه علي الأقل 20 جنيهاً في «الأكل والشرب» أي أنه سيتكلف في هذه الفترة 300 جنيه بفارق 27 جنيها عما سيحصل عليه من وزارة «التعليم»، هذا فضلاً عن مواصلاته من أسيوط للقاهرة «ذهاب وإياب»، و«تبقي مصيبة لو اتفسح». «علي محمد» مجرد نموذج لحال مدرسي وزارة التربية والتعليم الذين أرغمهم وزيرها الدكتور أحمد زكي بدر علي القيام بأعمال الملاحظة والمراقبة والتصحيح، دون أي مراعاة لأي ظروف قد تمنع أحدهم من القيام بواجبه أو تجعله يُقصر في أن يُسير أعمال الامتحانات كما هو واجب عليه. لنبدأ من الأعمال الموكلة إلي المراقبين والملاحظين، فالملاحظ هو - غالباً - مدرس معين حديثاً يقوم فقط بالملاحظة علي الطلاب داخل اللجان يسلمهم ورقتي الأسئلة والإجابة ويعمل علي المحافظة علي الهدوء داخل اللجان وتوفير احتياجات أي طالب مع منع الغش طبعاً، أما المراقب فهو مدرس قديم يعمل كمراقب دور بمعني أنه يرأس عددًا من الملاحظين ويكون مسئولاً عن عدد من اللجان، ويعمل المراقب قبل بدء الامتحان بيومين مع رئيس اللجنة ويقومون بمجموعة من الأعمال أكدها لنا ثروت البلقاسي - أحد مراقبي الثانوية العامة - وهي: يتسلم المراقبون كشوف المناداة وبطاقات تحقيق الشخصية الخاصة بالطلاب مع رئيس اللجنة وهي الكشوف الواردة من لجنة النظام والمراقبة، ويصلون إلي المدارس التي ستكون بها لجان الثانوية العامة قبل الامتحان بيومين لمراجعة أسماء الطلبة المكتوبة بكشوف المناداة ومطابقتها لبطاقات تحقيق الشخصية، مع إبلاغ لجنة النظام والمراقبة بأي اختلاف، ثم ترتيب «التخت» والإشراف علي تنظيف العمال لها وكتابة أرقام الجلوس عليها أمام كل طالب وتكون دائماً سعة اللجان محددة ولا يجوز للمراقب ورئيس اللجنة زيادة هذه الأعداد وتوضع «التخت» في خطوط متوازية وطولية وهو أمر دقيق جداً حتي إن الفراغ بين كل تختتين متتاليتين -بالعرض- يجب أن يكون قدره 140 سم، ويخصص المراقب لكل 20 طالباً ملاحظاً واحداً وفي اللجان التي يزيد عدد طلابها علي ذلك يزيد عدد الملاحظين إلي اثنين، هذا بالإضافة لعمل جدول بأسماء الملاحظين يوقع عليه كل منهم قبل الدخول إلي لجنته، وفي صباح يوم كل امتحان يقوم المراقب بفرز أوراق الإجابات والأسئلة والتأكد من أعدادها عبر محاضر «تسليم وتسلم» وعليه أن يُعيد الأوراق الزيادة إلي لجنة النظام والمراقبة أو يبلغها بأي نقص لتداركه قبل حضور الطلاب - وهذا طبعاً تحت إشراف رئيس اللجنة - وفي اللجان يقوم المراقب بالتحقق من شخصية الطلاب عن طريق صورهم الملصقة في بطاقاتهم الشخصية الخاصة بالامتحانات، مع المرور الدوري علي الملاحظين والتأكد من قيامهم بواجبهم ناحية الطلاب: يضيف البلقاسي شارحاً صعوبة المهام التي يقوم بها المراقب أنه عليه ترتيب كراسات الإجابة-بعد إنتهاء الامتحان- في مظاريف بحيث يكون رقم آخر ورقة إجابة في كل ظرف منتهياً بأحد العددين49 أو99، هذا إلي جانب أن الملاحظين يَعدون أوراق كل كراسة إجابة بحيث لا تزيد علي عدد معين يتم تحديده مسبقاً قبل الامتحان وعند استلام ورقة الإجابة مرة أخري من الطالب، ويشرف المراقب مع رئيس اللجنة علي الحفاظ علي الهدوء التام ومنع الغش داخل اللجان، وفي النهاية يزيد ما يحصل عليه المراقب علي الملاحظ بمقدار أربعة أيام. أما المصححون فحالهم ليس أفضل كثيراً، حيث تصلهم خطابات أيضا بالأيام التي سيحضرون فيها إلي لجان التصحيح، لتصحيح عدد معين من أوراق إجابات الطلاب ويكون هناك جدول معروف ينتهي حسبه المصححون من تصحيح جميع الأوراق المخصصة لهم، والتي تصل في اليوم الواحد إلي 48 ورقة إجابة، ويحصل المصحح علي مقابل إما بضرب عدد الأيام التي قضاها في التصحيح في أساسي راتبه في 7% أو يحصل علي جنيه واحد فقط مقابل كل ورقة إجابة يقوم بتصحيحها، ولن يزيد وقتها المقابل علي 500 جنيه.
السؤال الخامس هل «العينة العشوائية» عشوائية فعلا؟ «العينة العشوائية هي الحل»..... شعار ترفعه وزارة التربية والتعليم بكاملها من وزيرها وحتي فراش مكتب ناظر مدرسة «لم ينجح أحد» وذلك أثناء امتحانات الثانوية العامة من كل عام في مواجهة شكاوي وصراخ الطلاب وغضب وحسرة أولياء الأمور من صعوبة الامتحان أو خروج الأسئلة عن المنهج المقرر أو أخطاء في وضع الأسئلة أو ترجمتها... إلي أخر «كوارث» امتحانات الثانوية العامة كل عام والعينة العشوائية عبارة عن 5% من إجمالي عدد أوراق إجابة طلاب الثانوية العامة في الجمهورية يتم تصحيحها عقب انتهاء الامتحان مباشرة وإعلان نتيجتها بأسرع ما يمكن _ خاصة إذا كان الامتحان قد أثار غضب الرأي العام وأثار جدلا واسعا_ لدرجة أن إعلان نتيجة العينة العشوائية لامتحان اللغة الإنجليزية للثانوية العامة منذ أيام والذي خرج منه الطلاب منهارين تم إعلان نتيجة العينة العشوائية قبل انتهاء المدرسين من تصحيحها!! لا سحر ولا شعوذة!!.. ما العينة العشوائية؟ سؤال يجيب عنه الدكتور شبل بدران _أستاذ أصول التربية وعميد كلية التربية جامعة الإسكندرية_ بقوله: العينة العشوائية يجب أن تكون ممثلة للمجتمع الأصلي، بمعني أنه يجب أن تشتمل علي أوراق إجابة من القطاعات الأربعة القاهرةوأسيوطوالإسكندرية والمنصورة، وتشتمل أيضا علي جميع أنواع المدارس خاصة وحكومية ولغات وعربي ومدارس الفقراء والأغنياء وعدد متساو من أوراق البنات والبنين، فلو تم أخذ العينة من قطاع واحد أو من نوع مدارس معين أو بشكل غير متساو تكون عينة غير ممثلة وتكون نتيجتها غير حقيقية ولم يذكر لنا أحد من المسئولين كيف يتم أخذ العينة العشوائية وهل تتم بهذه الطريقة أم لا؟ ويري الدكتور بدران أن هناك جانبا «سياسيا» في نتيجة العينات العشوائية الغرض منها تهدئة الرأي العام قائلا: عمرنا ما شفنا نتيجة عينة عشوائية سلبية أو تقل عن 85% وهذا دليل علي أن الموضوع سياسي والنتائج يتم وضعها لأغراض معينة وإذا كان ذلك حقيقيا فهل صراخ الطلاب داخل اللجان «هجص»؟ هل الطلاب «غاويين عياط»؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يشتكوا ويصرخوا بعد امتحان اللغة الفرنسية كما فعلوا مع الإنجليزية؟ كل ذلك يدل علي أن شكاوي الطلاب حقيقية وأن النتيجة التي يتم إعلانها غالبا لا تعبر عن الحقيقة، ويكمل بدران كلامه قائلاً: ونأتي للنقطة المهمة وهي ما الهدف من الامتحان؟ الهدف من الامتحان هو تقويم لعمل الطالب وهذا التقويم مرتبط بكل من طريقة التدريس وموضوع الدراسة وهي في مصر تكون بطريقة التلقين والحفظ في المدرسة ومع المدرس في البيت وفي المركز يجب أن يقيم الطالب بالطريقة نفسها ولكن إذا وضعت امتحانًا يقيم الفهم أو الإدراك فهذا ظلم للطالب، لأنه لم يتعود هذه الطريقة، لأنه يجب أن يقيس ما قمت بتدريسه وما قمنا بتدريسه هو الحفظ حتي إن كتب الوزارة بها نماذج للإجابة تدرب الطلاب علي الحفظ وإذا خرج طالب عن نص الاجابة النموذجية بابتكار طريقة حل جديدة يعتبرونه خارجا علي النص والصراط المستقيم واجابته خاطئة فهي طريقة تقتل الإبداع. سألنا المدرسين الذين يتعاملون مع المناهج والطلاب والامتحانات ويقومون بتصحيح أوراق الاجابة، يقول أحمد عبد الرحمن _ مدرس جيولوجيا_ : نتائج العينات العشوائية المعلنة غير صحيحة والغرض منها فقط تهدئة الرأي العام، فمن غير المعقول أن تكون نسبة الناجحين في امتحان اللغة الإنجليزية 90% ، بينما الطلاب خرجوا «منهارين» من الامتحان وأعرف مدرسين لغة إنجليزية اعترفوا أنهم لم يستطيعوا حل الامتحان بالكامل، بينما أغلق بعضهم هاتفه المحمول هربا من مكالمات الطلاب لأنه لم يستطع حل الامتحان وهذا دليل علي أنه يتم تحديد النتيجة مسبقا قبل التصحيح، إضافة إلي أنه تم أخذ العينة من المدارس التجريبية اللغات فقط حتي تكون نسبة النجاح بها أعلي وذلك حتي لا يتكون رأي عام ضد الوزير وذلك ليس هذا العام فقط وإنما كل عام ،وأري الحل تشكيل لجنة لمراجعة الامتحانات لابد أن تشتمل علي مدرسين لأنهم أكثر إلماما بالمنهج وأوضاع الطلاب، كما كان يجب مراعاة توقف العملية التعليمية فترة هذا العام بسبب إنفلونزا الخنازير. ويتفق معه عادل حسين _ مدرس فلسفة_ بقوله: العينة ليست مقياسا حقيقيا وتعد نوعا من خلط التعليم بالسياسة، حيث يتم الإعلان عن نتائج مرضية لتهدئة غضب الطلاب وأولياء الأمور ولأن نظام التعليم «متهتك» فبدلا من رفع مستوي التعليم يقومون برفع نسبة النجاح، علاوة علي أن العينة تؤخذ بسرعة ويتم تصحيحها بسرعة وتشوبها أخطاء كثيرة. ويضيف: أري أن مستوي الامتحانات جيد ويجب أن تكون بهذا الشكل لتقيس مستوي الطالب بشكل دقيق ولا تكون سهلة، بحيث يحصل الطالب علي مجموع أعلي من 100% ثم يلتحق بكليات القمة ولا يستطيع النجاح فيها لأنه تعود علي الحفظ والأسئلة السهلة المباشرة ولكن يجب أن تتناسب طريقة الشرح والمناهج مع هذه الامتحانات، كما أن نظام الامتحان كل يوم يعد ضغطا غير مبرر علي الطلاب يجب أن نعطيهم فرصة حتي نستطيع تقييمهم بشكل عادل. في المقابل يري محمود خلوصي _ مدرس لغة إنجليزية _ أن نتائج العينات العشوائية حقيقية حيث شارك في تصحيحها في سنوات ماضية مضيفا قوله: نقوم بتصحيح أوراق العينة العشوائية يوم الامتحان حتي يتم الإعلان عنها بعدها بيوم وتكون النسب حقيقية، لأن هناك طلابا يحصلون علي الدرجات النهائية ودرجات عالية بالفعل ،وبالنسبة لامتحان اللغة الإنجليزية هذا العام فأنا أراه ليس بالصعوبة التي وصفها الطلاب وإنما هو من كتاب المدرسة وال work book. أولياء الأمور أجمعوا علي عدم تصديق نتائج العينات العشوائية حيث قالت والدة طالبة بالثانوية العامة: عندما قرأت نتائج العينة العشوائية ضحكت وشر البلية ما يضحك، لأنني رأيت بنفسي صعوبة الامتحانات ورأيت الطلاب منهارين بنات وبنين داخل وأمام اللجان فلا يمكن أن تكون هذه النتائج حقيقية وإنما هيمثل أغلب الأرقام الحكومية الرسمية مزورة. بينما يقول ولي أمر طالب آخر: لا أصدق هذه النتائج ليس لأن الامتحانات صعبة وإنما لأني لا أصدق الحكومة ولا أثق فيها وهذه الأرقام فقط حتي يحافظ الوزير علي شكله أمام الرئيس والناس. الغريب أن الأولي علي الجمهورية في الثانوية العامة العام الماضي «رنا أبو بكر» أيضا لا تصدق هذه النتائج وتقول: نتائج العينة العشوائية غير مطابقة للنتائج الحقيقية فامتحان الفيزياء 2008 كان صعبا وحصل الطلاب فيه علي أسوأ الدرجات، بينما أكدت نتيجة العينة العشوائية أن الدرجات أعلي من الكيمياء التي كانت سهلة وحصلنا فيها علي درجات أفضل، وأعتقد أن الهدف من ذلك هو طمأنة الطلاب.
السؤال السادس هل نتيجة الثانوية العامة سياسية أم تربوية؟ في عام 1978 اجتمع الرئيس السادات بالدكتور مصطفي كمال حلمي وزير التربية والتعليم وقتها وقال له «الناس غضبانة في الشارع .. أنا عايزهم ينبسطوا في امتحانات الثانوية.. نجح الولاد يا مصطفي» هذه الواقعة تنهي أسطورة ما قاله الدكتور أحمد زكي بدر حول أنه لن يقبل تدخل أحد، وأنه لن يغير نتيجة الثانوية إرضاء لأحد بل وتضرب كلامه في مقتل، لأن التدخل يمكن أن يكون من الرئيس شخصيًا ووقتها لن يستطيع بدر أو غيره النطق سوي بعبارة واحدة «تمام يا فندم» وربما خرج إلي وسائل الإعلام ليقول لهم كل ما فعلته كان بناءً علي توجيهات السيد الرئيس! هذه هي الحقيقة التي لا ينبغي إنكارها، بل علينا أن نتعامل معها بصدر رحب لأن كل شيء في مصر يسير بتوجيهات الرئيس ولا يمكن لأحد أن يخالفه، لأنه وقتها سيضم إلي قائمة المغضوب عليهم وسيخرج من جنة الوزارة لذلك ليست مجرد صدفة عابرة أن نتيجة الثانوية العامة منذ أكثر من عشرين عاما تخرج ما بين 80 إلي 88 في المائة وكأنه لا توجد فروق بين الطلاب، ففي السنة التي تجاوزت فيها مجاميع عدد كبير من الطلاب المائة في المائة ووصلت إلي 105% لم تختلف نتيجتها عن السنة التي حصل فيها الأول علي الجمهورية علي 99% ربما الاستثناء الوحيد من هذه القاعدة هو سنة الفراغ الموجودة هذا العام والتي يمكن أيضا التنبؤ بنتيجتها من الآن علي اعتبار علي أن أغلب الطلاب بها من الراسبين وبالتالي فلن تصل النتيجة العامة إلي 70% . نتيجة الثانوية العامة ينتظرها حوالي 800 ألف طالب بجانب أولياء أمورهم الذين يرون أنها بمثابة مفترق طرق أو تحديد مصير وبالتالي لا يمكن أن تترك لأهواء السادة وزراء التعليم يتحكمون فيها كيفما شاءوا، لكنه يتم التعامل معها باعتبارها قضية أمن قومي لا مجال فيها للخطأ، لأنه يعني إحراج الحكومة وربما يعني أيضا ثورة أكثر من مليون شخص يعتبرون الثانوية العامة آخر قلعة للأمان في مصر وأن نتيجتها هي الشيء الوحيد الذي لا يمكن العبث به. الغريب أن نتائج الثانوية العامة التي تخرج كل عام في المواد المختلفة لا تتغير مهما بلغت صعوبة الامتحانات فتجد أن نسب النجاح في مادة مثل اللغة الإنجليزية التي بكي فيها الطلاب وكادوا يموتون داخل اللجان من صعوبة الأسئلة لا تختلف كثيرا عن نسبة النجاح في اللغة العربية التي لم يشك منها أحد وكأن النتيجة معدة سلفا وتخرج فقط «وقت اللزوم». عبد الحفيظ طايل - مدير مركز الحق في التعليم - يقول: التعليم ما هو إلا سياسة بكل ما تحمل الكلمة من معان فكل أهداف التعليم عندنا في مصر سياسية بحتة، فالهدف الأساسي من التعليم هو إبقاء الوضع كما هو عليه وعدم خلق جيل يدرك حقوقه ويمكنه الدفاع عنها وهذه المفاهيم تقوم المناهج بترسيخها في عقول الطلاب طوال مرحلة التعليم الأساسي حتي تظل شبكة المصالحة قائمة وتظل المدارس عاجزة عن تخريج طلاب قادرين علي التغيير ويملكون الوعي الكامل بما يحدث حولهم. ويستكمل طايل كلامه بقوله: السياسة العامة في التعليم متجهة نحو تقليل عدد الطلاب الذين يريدون الالتحاق بالجامعات، وبالتالي من الطبيعي أن يتم التحكم في نسب النجاح في الثانوية العامة، لكن هذا لا يعني أن يتم التحكم فيها عن طريق رفع نسبة النجاح في الصف الثالث الثانوي، لكن التحكم يبدأ من طلاب أولي ثانوي حيث يتم تقليل من يذهبون للثانوية ثم يتم تقليلهم من خلال امتحانات صعبة علي الطلاب وبالتالي تكون النتيجة المنطقية ألا تختلف نسبة النجاح العامة طوال عشرين عاما أو حتي خمسين عاماً لأن المعيار نفسه الذي يتم من خلاله القياس هو الذي يتحكم في أعداد ونسب الناجحين، هذا بجانب أن الدولة تتجه بكل قوة نحو فكرة «تسليع"التعليم بمعني تحويله إلي سلعة أو خدمة بعد أن كان حقًا مثلما كان يقول عميد الأدب العربي طه حسين: التعليم كالماء والهواء. أما الدكتور كمال مغيث - عضو مركز البحوث التربية وخبير التعليم - فيقول: نسبة النجاح في الثانوية العامة محسومة قبل أن يدخل الطلاب إلي اللجان، لأن هذه النتيجة سياسية تحاول الدولة من خلالها إرضاء الناس بأرقام وهمية، لأن نسب النجاح لا تعبر عن شيء سوي أن الطالب تخطي هذه المرحلة، لكنه في الوقت نفسه لن يستطيع الوصول للكلية التي يريدها وربما لن يستطيع إكمال تعليمه من الأساس، لكنه فقط أنهي مرحلة وعليه إما أن «يدفع» ليكمل تعليمه أو يجلس في بيته و"يندب» حظه.