اكتب الآن والأنباء تتوالى الآن عن نتائج الانتخابات المصرية الأولى بعد ثورة ينايرالمجيدة والتي تعلن تقدم الإسلاميين , ولكن ومع أهمية الرسالة التي تعطيها النتائج فان نتيجة أُخرى اكبر وأعظم وأكثر بعداً استراتيجياً لمصر العهد الجديد وقوتها القومية قدمتها الانتخابات , إنها رسالة المشاركة الشعبية الحاشدة التي جسدت يوم الثامن والعشرين من نوفمبر ذلك المشهد الذي لا يمكن أن تختصره أو تختزله في أي مفهوم أو معنى سياسي وطني أو بُعد له دلالة إستراتيجية إلاأنّ ..مصر خرجت وقررت.. بتصويتها التاريخي وبغض النظر عن من يفوز في الانتخابات ,وهو ما أعطى دلالة سببت ثوران عاطفي جديد حرك مشاعر المصريين حين مشهد الازدحام في طوابير امتدت لكيلو مترات من الجنسين من كبار السن والعامة وأفراد الشعب المصري والمثقفين والأزهريين لساعات طويلة في طقسٍ شاتي في معنى هذه الرسالة التي تجدد معنى إيمان المصريين بثورتهم وتفاعلهم بعد إسقاط العهد القديم ومعاناته وتثبيت ذلك في ذاكرة الأيام حيث كانت نسب التصويت متدنية محاطة بعصابات البلطجة والتزوير . وكأنهم يقولون بقوة الإرادة لم تفشل الثورة وهاهنا نحن لنحميها ونبني أول ركن سياسي فيها بعين الشعب رغم الاضطرابات السياسية وخلاف تيارات الثورة والقوى السياسية والمجلس العسكري , إلا أنّ الشعب ابلغ نظراً من الجميع خاصة حين يُعطي رسالة واحدة بتجمع واحد يتجاوز الحزب والمذهب والانتماء الديني والوطني ..فقط مصر بين عيني الشعب لن تضيع ولن يتخلى الناس عن ثورتهم لكن عبر رؤيتهم قبل رؤية الأحزاب فكانت بالفعل رسالة لمن يهمه الأمر ! وأمّا العين الثالثة التي برزت كرؤيةمستقلة أعلنت موقفها في خضم الصراع بين القوى السياسية وتصاعد المشاتمة حتى بين بعض تيارات الثورة , فهي في الحقيقة ميزان وطني لهؤلاء المختلفين جميعاً تخرج من هذه الجموع لتعينهم لعودة ترتيب أولوياتهم وتوافقاتهم بعيداً عن كيل الاتهامات والتشكيك بين القوى السياسية أو التيارات الثورية وإلا فان الشعب سيتجاوزهم , وليس المقصود هنا إلغاء المخاوف الحقيقية من الثورة المضادة أو اختطافها والانقلاب عليها من الداخل أو تأخير نقل السلطة المستحق للمدنيين , بل هي في رؤية تجاوب الشعب الذي تعاطف مع حركة إنقاذ الثورة وشهدائها لكنه أراد أن يضع حداً برسالته تقول للشباب وتيارات الثورة نحن كشعب مع هذا الخط الذي يُبقي عينه مراقبة للثورة ولكن لا يجعل ساحة المواجهة والمصادمة مستمرة بلا سقف واضح أو جدول زمني بحيث ينقلب هذا الحراك المفتوح إلى إنهاك للشعب وأداة بذاته لخلق فرص الانقضاض من الداخل على مصر العهد الجديد , فتُستغل بعض لافتات الثورة لإثارة الرأي العام عليها وكشف ظهرها وتهيئة الموقف للإساءة لأبنائها الثوار واختطاف حياتهم دون أن تكون ضريبة الاستشهاد استثماراً لميدان التحقيق التنفيذي لحلم الثورة وشبابها وشعب مصر . إذن رسالة العين الثالثة جاءت لتضبط الوضع وتعطي الصدمة الجميلة لضرورة ترتيب البيت الداخلي للثوار وتَفَهُمهم لأولويات الشعب وانه قرر عبور المرحلة بالفعل , وعليه فان أول هذه المبادئ أن يتخذ ثوارالتحرير وحدة الشعب المصري وقوته في قرار التصويت كمدخل لضرورة إعادة وحدتهم ولوتنسيقياً وتوافقياً , والثاني أنّ الشعب قرر بالفعل أن يُنهي المرحلة الانتقالية ويبدأ التأسيس الدستوري الجديد ولن يلتفت إلى هذه المخاوف التي تثار من هذا التيار وذاك والتي تُقدم اليوم سيناريو تواطؤ بين هذا التيار والمجلس العسكري وفي اليوم التالي تقدم سيناريو نقيض بين تيار آخر والمجلس العسكري وواشنطن .؟ والحقيقة أن كل التيارات الثورية الرئيسية في مصر يجب أن يُحمى ظهرها ولا يُساعد أي طرف على الإضرار بها أو سحقها لان قوتها ووحدتها هي من قوة حماية الثورة ومصالح الشعب , وفي ذات الوقت أن تتفهم بعض تيارات الثورة قرار الشعب ببدء المرحلة التأسيسية للعهد الجديد وعدم الاستمرار في تثوير المجتمعمن داخل حصونه الداخلية واستنزافه بصورة مستمرة إلى برنامج غير معلوم ولا محسومولم تتوافق عليه تيارات الثورة ذاتها , هكذا قالت قراءة العين الثالثة للثورة التي ترقب رسالة الشعب في 28 نوفمبر