حققت مصر نصرا دبلوماسيا بنجاح وساطتها التي استمرت سنوات للتوصل لصفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة "حماس"، التي سيتم بموجبها الإفراج عن 1027 أسيرا فلسطينيا بالسجون الإسرائيلية، مقابل إطلاق الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط. ففي وقت مبكر صباح الثلاثاء، وفي ظل إجراءات أمنية مصرية غير مسبوقة داخل معبر رفح، وبحضور قيادات أمنية وسيادية مصرية، وصل شاليط إلى معبر رفح وسط حراسة أمنية كبيرة من جانب عناصر "كتائب القسام"، التابعة لحركة "حماس" بزعامة أحمد الجعبري، ثم نزل الجندي الأسير في صالة معبر رفح وهو يترجل على قدميه شاحب اللون وفي حالة تعب وإرهاق شديد. وعقب ذلك قام الصليب الأحمر بالإجراءات المعتادة، بالتأكد من شخصية شاليط وتوقيع الكشف الطبي عليه، قبل أن يقوم أحد مسئوليه بالاتصال بالقادة في إسرائيل وإبلاغهم بدخول الجندي الأسير الأراضي المصرية في معبر رفح وأنه بصحة جيدة، وقد دار حديث مطول بين الجانبين، وفقا لمسئول أمني مصري في المعبر. وكانت الأجهزة الأمنية المصرية منعت جميع مراسلي ومندوبي وسائل الإعلام ووكالات الأنباء والصحف من دخول معبر رفح أو كرم سالم، وسمحت فقط للتلفزيون المصري فقط وبعد انتهاء الصفقة تم السماح للصحفيين بدخول المعبر حيث كان هناك بعض القادة من "حماس" ومنهم الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة والذي قدم من سوريا لمتابعة الصفقة. وأكد أبو مرزوق الانتهاء من المرحلة الأولى للصفقة، والتي تقضي بأن تقوم "حماس" بتسليم شاليط للسلطات المصرية في مقابل الإفراج عن 1027 أسيرت فلسطينيا على مرحلتين الأولى، سيتم في أولاهما إطلاق 477 أسيرا فلسطينيا، من بينهم 43 سيتم إبعادهم إلى ثلاث دول وهى تركيا وسوريا وقطر. وغادر هؤلاء إلى مطار القاهرة الدولي حيث كان في استقبالهم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي ل "حماس" وسط إجراءات أمنية مشددة شهدها مطار القاهرة لعملية نقل الأسرى المبعدين. وأشاد أبو مرزوق بالدور المصري وقدم الشكر للمسئولين المصريين لرعايتهم الصفقة، مؤكدا أن إسرائيل حاولت بكل الوسائل والسبل إنهاء أزمة شاليط لكنها لم تفلح، بعد أن فرضت الحصار الاقتصادي على قطاع غزة، وقامت بشن عدوان على القطاع لمدة 22 يوما متصلة في ديسمبر 2008. من جانبه، عزا عزت الرشق عضو المكتب السياسي ل "حماس"، اللغط الذي أثير جراء عدم الإفراج عن كامل الأسيرات الفلسطينيات إلى معلومات مغلوطة قدمها الجانب الإسرائيلي، بعد أن أشار إلى وجود 27 أسيرة فلسطينية فقط، في حين أنه كان هناك 9 أسيرات أخريات، وأضاف أنه تم إخطار مصر بذلك حيث تجرى مفاوضات للإفراج عنهن خلال المرحلة الثانية. وكان الأسرى الفلسطينيون المفرج عنهم في إطار صفقة التبادل والذين تم تجميعهم في سجني كتسيعوت وهداريم وصلوا الحادية عشرة صباحا إلى معبر رفح، قادمين من معبر كرم سالم، وبلغ عددهم 295 أسيرا على متن 10 باصات مصرية، وكان في استقبالهم موسى أبو مرزوق وعزت الرشق، وعبروا لاحقا إلى قطاع غزة. ويشمل الجزء الأول من الصفقة الإفراج عن 40 من قادة الفصائل الفلسطينية منهم روحي مشتهى ويحيى السنوار القائدان في "حماس" وأحمد أبو حصيرة من "الجهاد الإسلامي" وسليم الكيالي العضو البارز في حركة "فتح" وفؤاد الرازم من القدس، ونائل البرغوثي عميد الأسرى الفلسطينيين. كما وصل 43 أسيرا فلسطينيا سيتم إبعادهم خارج الأراضي الفلسطينية في باص من كرم سالم إلى معبر رفح تحت حراسة أمنية مصرية مشددة، وتوجهوا إلى مطار القاهرة مباشرة، حيث من المقرر أن يغادروا قطر وسوريا وتركيا.