فى حواره أمس السبت 8/10 مع جريدة الوفد أعاد د./ ناجح إبراهيم - القيادى البارز فى الجماعة الإسلامية والذى قضى قرابة خمس وعشرين سنة فى السجن عقب أحداث اغتيال السادات – التأكيد على تخطئة اغتيال الرئيس الأسبق / أنور السادات وأكد بكل بوضوح أنه لو عاد به العمر سيمنع اغتياله بكل قوة ، كما أكد أن اغتيال السادات لم يكن له ما يبرره من شرع أو دين فضلاً عن المفاسد العظيمة التى ترتبت على اغتياله وأبرزها صعود مبارك كرسى الرئاسة لمدة ثلاثين عاماً أحدث فيها من المفاسد ما يجعل أخطاء السادات تتضاءل بجواره وتتصاغر . وتصريحات د./ ناجح إبراهيم القيمة تدخل تحت باب " الاعتراف بالخطأ " وهو قيمة إنسانية وأخلاقية عظيمة الشأن جليلة القدر تخفى وراءها شخصية متسامحة متصالحة مع ذاتها لديها من الشجاعة ما يكفى بأن تواجه نفسها ومحبيها بأخطائها دون تبرير أو بحث عن أقرب عدو لتلقى عليه حمولتها وتستريح من عناء محاسبة النفس وتقويم المسيرة . هذه القيمة الإنسانية الأخلاقية مازالت مفتقدة وبشدة فى مجتمعنا المصرى فمن النادر أن نسمع حركة سياسية تقول إنها أخطأت فى كذا وكذا ، ومن المستحيل أن نفاجأ بسياسى بارز يخرج على الجمهور ليعلن أنه قد راجع نفسه وأفكاره وهذه خلاصة مراجعاته فالكل يتصرف على أساس أنه لا ينطق عن الهوى . وقيمة المراجعات والاعتراف بالخطأ لا تتوقف قيمتها عند صاحبها أو معاصريه بل تمتد بعد ذلك إلى الأجيال التالية التى ترى فى أفعال السابقين عليها إلهاماً ومثالاً يحتذى فتحاول جهدها أن تحاكيه أو تتفوق عليهم بما تنتجه من أفعال وتصرفات تفوق فعل السابقين . فأظن لو أن جيل الإخوان المسلمين الذى خرج من محنة الحقبة الناصرية كان قد روى تجربته بما له وما عليه لأمكننا تجنب اغتيال السادات فقد امتلأ الإسلاميون حينها غيظاً وحنقاً على الدولة بأكملها نتيجة ما سمعوه عن الممارسات الوحشية التى تعرضت لها جماعة الإخوان فى السجون الناصرية فكان البعض منهم يهاجم السادات وهو يقصد عبد الناصر دون شعور وذلك حسبما صرح البعض من جيل صحوة السبعينات . كما لو أن تخطئة قتل السادات كانت قد قيلت من وقت مبكر فلربما كنا قد استطعنا تجنب أحداث العنف فى التسعينات إذ ظل اغتيال السادات يمثل أسطورة للتمرد على الحاكم استمدت منه الأجيال التالية تمردها العنيف ضد مبارك ونظامه ( دون إعفائه من مسئولية ما حدث بالطبع ) . والأمر هنا لا يقتصر على الإسلاميين وحدهم فاليسار عليه أن يعترف بالخطأ الذى ارتكبه عندما عمد إلى اغتيال السادات معنوياً وإهالة التراب على كل إنجازاته وتحويلها إلى أضحوكة على فم الشباب الغاضب ولم يكونوا منصفين مع خصومهم فمارسوا ضدهم أشد ألوان الإقصاء السياسى وخاصة الإسلاميين وانتهى الحال بجزء كبير منهم فى أحضان مبارك " الدافئة " وحظائر " فاروق حسنى " العامرة بالأموال ، ويمم البعض وجهته صوب جماعة " كوبنهاجن " التطبيعية مع العدو الصهيونى فكل هذه الممارسات لم نسمع من يراجع فيها نفسه ويعلن على الملأ خطأه دون خجل أو مواربة . كذلك فالتيار الليبرالى المدافع اليوم عن حقوق الإنسان عليه أن يعترف أنه أخطأ عندما تعامل مع هذه القضية بازدواجية مفضوحة وانتقائية مكشوفة فسكتوا عن عمد عن انتهاك واسع لحقوق الإنسان طيلة عصر مبارك لا لشىء سوى أن هذه الانتهاكات كانت فى حق خصومهم الإسلاميين فلم نسمع لهم صوتاً عالياً ولو قليلاً يستنكر الاعتقالات المفتوحة التى وصلت إلى ستة عشر عاماً متواصلة ، ولم نعثر على وثيقة تدين أحكام الإعدام التى كانت بالعشرات ومن محاكم استثنائية سواء عسكرية أو أمن دولة عليا " طوارىء " .. لم نسمع ... ولم نعثر .. ولكننا وجدنا الصمت الرهيب المغلف بالرضا !! الاعتراف بالخطأ ليس نهاية المرء كما يظن بعض قاصرى النظر ولكنها البداية الحقيقية على طريق الرشد والصواب لو تعلمون . [email protected]