إيران هي من تقرر واقع ومصير العراق، هي صاحبة الكلمة العليا في العراق ، هي من قطفت الثمرة في العراق ، احتلت أمريكاالعراق، ثم سلمته على طبق من فضة لإيران ، إيران هي صانعة ملوك العراق ، هي من تختار حكام العراق ، هي من تجند وتنظم وتمول وتحرك ميليشيات العراق السياسية والدينية والعسكرية. فقط اقرأوا ذلك العنوان على لسان مرشد إيران وحاكمها الفعلي وصاحب الكلمة العليا فيها : "لن ننسى خدمات المالكي الكبيرة"، وحيدر العبادي بديل نوري المالكي يقدم فروض الولاء والطاعة مختارا راغبا ويرد على المرشد قائلا : " بإرشاداتكم نجتاز المرحلة " تتمدد إيران وتتوسع وتهيمن وتحاصر السعودية فهي هدفها الخليجي المحوري. لذلك استغربت أن تنتقد قناة "العربية" وهي الصوت الخارجي للسعودية تركيا رغم أن الأتراك هم الأقرب للمملكة والعرب حتى لو كان العرب عانوا منهم خلال مرحلة الخلافة العثمانية. لاخطر من تركيا على الخليج والعرب ، الخطر قادم من إيران، بل الخطر ماثل وقابع الآن في بلاد الخليج والعرب من أحلام إمبراطورية فارسية تعلن عن نفسها صراحة. تلك عناوين عامة سجلتها منذ عدة أشهر، ولا أقول إنني كنت استشرف ما يحدث اليوم، بل كنت فقط أسجل جانبا بسيطا من واقع يفرض نفسه ويؤكد نفسه كل يوم في التوسع الإيراني العلني والصريح في المنطقة العربية التي صارت مستباحة للإيراني. إيران تسيطر عمليا اليوم على أربعة عواصم عربية وتشارك في صناعة القرار فيها إن لم تكن هى من تصنعه ومن تجلس على عرش تلك العواصم. في بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء تتواجد إيران بلا مواربة وتفعل ما تشاء وتبسط نفوذها عبر أذرعها وميليشياتها ورجالها وعملائها، وتمد نفوذها في بلدان أخرى أبرزها البحرين وتعيد فتح قنوات الحوار والعلاقات مع حماس في غزة ولا تترك منفذا عربيا إلا ودخلت منه واستخدمت كافة الإغراءات سواء للأنظمة أو للجماعات والمنظمات الحزبية أو الشعبية التي تميل إليها لاستمالتها وربطها بعلاقات ولاء سياسي أو مذهبي أو مصلحي. العرب يعيشون واحدة من أسوأ مراحلهم في العصر الحديث بينما إيران تعيش واحدة من أزهى مراحلها فقد تجاوزت آثار ونتائج حرب ال 8 سنوات مع العراق ومنذ العام 1988 وهي تخطط وتعمل وتتحرك لتحقيق هدفها الاستراتيجي وهو التهام المنطقة العربية لتفرض نفسها القوة الإقليمية الكبرى وتطلق الحلم التوسعي الإمبراطوري الفارسي وهي لا تتوقف عن تحويل الحلم إلى حقيقة ، وضع الخميني هدف تصدير الثورة الإسلامية بعد إسقاط الشاه عن عرشه وتأسيس جمهورية دينية مذهبية ورفاقه وتلاميذه يعملون اليوم على ترجمة هدفه إلى واقع عملي فقد جعلت إيران من نفسها الأم الحنون لأصحاب المذهب عربا وعجما والراعي الحصري لهم والقائم على شؤونهم وتمد أياديها الطويلة إليهم في كل مكان مهما كان بعيدا عنهم حتى لو انتهكت السيادة الوطنية لاي بلد يتواجدون فيه، وتنفق في سبيل ذلك بسخاء وعلى حساب شعبها الذي يئن ويعاني من الفقر والحرمان ومن الكبت والقمع. العرب ممزقون ومختلفون داخليا ودولا بين بعضهم البعض ويتصارعون بلا معنى وجاء الربيع العربي ليمثل أملا في نهوض ديمقراطي وبناء دول قوية لكنه تحول إلى خريف ونار ودماء وانشغل العرب بأزماتهم ووفروا بيئة غير مسبوقة لإيران للتغلغل والسيطرة. لانلوم إيران التي تعمل وتخلص لأهدافها رغم عدم مشروعيتها ورغم أن تلك الأهداف قد تكون حماقة كبرى وسيكون فيها حتفها، فماذا ستكون هي وماهي قدراتها ومواردها مقارنة بالاتحاد السوفيتي الذي توسع كثيرا ثم انهار سريعا لأنه لم يعد قادرا على الوفاء بكلفة هذا التوسع الامبراطوري، لكن نلوم العرب الذين يرون الخطر ويعرفون مصدره لكنهم يتغافلون عنه، فلم يكن مفهوما العداء مع تركيا مثلا رغم أنها تمثل ذخرا لهم في موازين القوى مع إيران وإسرائيل أكثر بلدين في المنطقة لهما أطماع واضحة في بلاد وثروات العرب وحسنا أن تنتبهت السياسة السعودية في بواكير عهد الملك سلمان إلى أهمية الدور التركي والتنسيق التقارب مع أنقرة ومساعيها لإزالة الجفاء التركي المصري ومحاولة رأب الصدع العربي لتشكيل كتلة عربية تركية تواجه تحديات عديدة منها الإرهاب والتوسعات الإيرانية أو تكون حائط صد أمام مخططات إيران أو تبعث برسالة لإيران بأن هدفها النهائي لن يتحقق وهو إعلان إمبراطورية جديدة في الشرق الأوسط تكون عاصمتها بغداد كما كانت قديما يوما وكما أعلن مستشار الرئيس الإيراني قبل يومين. ورسالة التقارب العربي التركي توجه لأمريكا والغرب الذين يفاوضون إيران على اتفاق نووي بألا يكون هذا الاتفاق على حساب العرب والتضحية بهم من أجل إيران وتقديمهم هدية لها مقابل تخليها عن طموحها النووي للحفاظ على إسرائيل قوة نووية وحيدة شرق أوسطية بأن تسمح لطهران بأن تكون شرطي آخر في المنطقة. العرب على مفترق طرق حقيقي وهم يواجهون عدوا تاريخيا هو إسرائيل، وأخا وشقيقا هو إيران لايريد أن يكون أخا وشقيقا بمعنى الكلمة إنما يظهر العدواة والأطماع. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.