أزمة غذائية قد تكون مظاهرها وتبعاتها أخطر من الأزمة الصحية التي تضرب منطقة غرب افريقيا، جراء انتشار فيروس "إيبولا" القاتل. شبح مفزع يتراءى في أفق المنطقة، ما جعل كلاّ من البنك الدولي ومنظمة الأمم المتّحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، يدقّان ناقوس الخطر، محذّرين من كارثة انسانية قد تأتي على الوجود الانساني في بلدان الغرب الافريقي. ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة، فقد انخفض إنتاج الأرز في عام 2014 بنسبة 12٪ في ليبيريا، وب 8٪ في سيراليون، وبأقلّ من 4٪ في غينيا، وهي نفسها الدول الأكثر تضررا من فيروس "إيبولا" في المنطقة. وضع يهدّد بكارثة حقيقية، وهو ما دفع بالمؤسّستين الدوليتين إلى خوض سباق محموم ضدّ عقارب الساعة. فالبنك الدولي كان أعلن في 13 فبراير/ شباط الجاري، تخصيص مبلغ 15 مليون دولار في شكل هبة، من أجل توفير البذور والأسمدة للمزارعين في البلدان المتضرّرة بشدّة من فيروس "إيبولا". ومن المنتظر أن يحصل 200 ألف مزارع بكلّ من غينيا كوناكري وليبيريا وسيراليون، بحلول أبريل/ نيسان المقبل، على 10 آلاف طن من الذرة والأرز، وذلك قبل بداية الموسم الزراعي، وفقا لما أعلنه البنك الدولي على موقعه الرسمي على الأنترنيت. بادرة لقيت ترحابا من قبل المدير التنفيذي لمركز التجارة الدولية والتنمية سيسي كابيني، والذي أكّد أنّ دعم البنك الدولي سيمكّن من تعزيز الأنظمة الإنتاجية الزراعية الهشّة للغاية في الدول الافريقية الثلاث الأكثر تضررا من إيبولا، قائلا "على البنك الدولي أن يذهب إلى ما بعد تقديم المساعدات، ومرافقة المستفيدين منها، من أجل إدارة رشيدة للأموال المقدّمة، في ظلّ مشاكل إدارة الأموال المسجّلة في هذه البلدان". ومن جانبه، حذّر مختار ديوب نائب رئيس البنك الدولي لإفريقيا قائلا "الزراعة تشكّل العمود الفقري لتلك الاقتصادات، ولذا، علينا القضاء على الجوع في المناطق الأكثر تضررا من إيبولا". ووفقا لتقرير صدر مؤخرا عن منظمة الأغذية والزراعة / برنامج الأغذية العالمي، حول تقييم المحاصيل والأمن الغذائي، فإنّ 470 ألف شخص في غينيا قد يدخلون دائرة انعدام الأمن الغذائي بحلول مارس/ آذار المقبل ، جرّاء انتشار وباء "إيبولا". ويقدّر برنامج الأغذية العالمي عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في الدول المعنية الثلاث ب 520 ألفا، وذلك حتى شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، وهو رقم مرشّح لأن يتضاعف خلال الفترة التالية. قبل الأزمة، كانت ليبيريا التي يعاني فيها شخص من أصل 3 من سوء التغذية، تعدّ البلد الذي يشهد الوضع الأكثر هشاشة. وفي مقاطعة كالاهان في سيراليون، مركز انتشار الوباء في البلاد، والمنطقة الشهيرة بانتاج الأرز، هجر المزارعون حقولهم، جرّاء إصابة اليد العاملة بالحمى النزفية القاتلة وتنامي المخاوف من انتشار العدوى، وهو ما جعل السلطات الصحية تفرض الحجر الصحي على عدّة مناطق، وتحدّ من حركة تنقّل السكان. عوامل كان لابدّ وأن يكون لها تبعات سلبية على الزراعة، والتي شهدت اضطرابات مختلفة على مستوى المواسم، حتى أنّ بعض المنتجات الغذائية شهدت نقصا مفزعا وغير محتمل. وبحسب الموقع الرسمي ل "الفاو"، فإنّ المنظمة الأممية في حاجة، خلال العام الجاري، إلى مبلغ بقيمة 42.5 دولار، بهدف تكثيف مساهمتها في التصدّي للوباء، وتقديم المساعدة الفورية لحوالي 170 ألف من المزارعين الأكثر تضرّرا في منطقة غرب افريقيا. لكن، وبفضل المبالغ المالية التي تمّ تعبئتها للغرض إلى حدّ الآن، فإنّه من المنتظر أن يخصّص أكثر من 10 مليون دولار، بينها 1.5 مليون مقدّمة من صناديق التضامن الافريقية، لتقديم مساعدات فورية ل 66 ألف ساكن و200 جمعية في كلّ من غينيا كوناكري وليبيريا وسيراليون. ومع ذلك، تظلّ المنظمة الأممية في حاجة إلى مبالغ إضافية لتلبية الاحتياجات الملحة للمجتمعات الريفية، المهدّدة جرّاء انتشار الفيروس القاتل فيغرب أفريقيا.