كشف البنك الدولي أن عدد سكان العراق تحت خط الفقر بلغ 20% من إجمالي 32.5 مليون نسمة في عام 2012، وأن نسبة كبيرة من الشعب واجهت شبح السقوط في براثن الفقر، رغم أن العراق ينتج نحو 2.5 مليون برميل من النفط مع توقعات بزيادة الإنتاج إلى 4 ملايين برميل يوميا. وفي عام 2008، رفع البنك الدولي خط الفقر إلى 1.25 دولار عند مستويات القوة الشرائية لعام 2005. وقال روج نوري شاويس، نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ورئيس اللجنة العليا للاستراتيجية في مؤتمر ببغداد حضره مراسل وكالة الاناضول اليوم الأربعاء، إن "تخفيف نسبة الفقر واجهت تحديات العنف والإرهاب والهدر المالي، وأن الفقر هو التحدي الاقتصادي الاكبر الذي واجهته الحكومة"، مشيرا إلى أن "نسبة كبيرة من العراقيين مازالوا تحت مستوى الفقر". وكشف وزير التخطيط العراقي سلمان الجميلي اليوم، أن "أهم ملامح الوضع الاقتصادي بالعراق خلال الفترة من عام 2007 إلي عام 2012 حسب المسح الذي أجرته وزارة التخطيط أظهرت أن خمس سكان العراق تحت وطأة الفقر رغم وجود إيرادات نفطية في تلك الفترة"، مشيرا إلى أن "الاستراتيجية القادمة للتخفيف عن الفقر ستسلط الضوء على النازحين وأثر النزوح على أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية والنفسية." ويسعى العراق من خلال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر التي بدأت عام 2009 إلى تخفيض نسبة الفقر من 23% الى 16%، ويتصدر توفير السكن أهم مطالب الفقراء في العراق. وشهد العراق حالات نزوح داخلية وخارجية أبرزها عام 2003 بعد غزو الولاياتالمتحدة للعراق وحالات أخرى بين عامي 2006 و2007 إبان الاقتتال الطائفي، وحاليا عقب سيطرة تنظيم داعش على بعض المحافظات شمال البلاد. وقال البنك الدولي إن نسبة من يعيشون خط الفقر بالعراق ارتفعت رغم أن البلاد شهدت نمواً اقتصاديا مرتفعاً بلغ نحو 7% سنوياً في المتوسط بين عامي 2008 و 2012، مشيرا إلى أن الفئات الأكثر ثراء من السكان حصدت النسبة الأكبر من المكاسب. وبينما تكافح العراق ضد تهديدات تنظيم "داعش" الذي استولى على المحافظات الواقعة شمال البلاد، توقع البنك الدولي في تقرير حديث أن ينمو الاقتصاد العراقي بنسبة 0.9% في عام 2015. وبلغ حجم الصادرات النفطية العراقية خلال عام 2014 نحو 918 مليون برميل، بإيرادات بلغت أكثر من 84 مليار دولار بانخفاض 6 % تقريبا مقارنة بعام 2013. ويصل العجز في موازنة العراق لعام 2015 نحو 23 تريليون دينار (19.7 مليار دولار)، ما يمثل 12% من الناتج المحلي الإجمالي، كما سيؤدي تراجع أسعار النفط إلى وصول العجز في الحساب الجاري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي وفقا تقرير صادر مؤخرا عن مؤسسة اكسفورد ايكونوميكس البريطانية. ويشير تقرير البنك الدولي الذي حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه اليوم الأربعاء إلى أن نحو نصف سكان العراق لديهم تعليم أقل من المستوى الابتدائي، وما يقرب من ثلث الأطفال الذين تتراوح أعمارهم حتى خمسة أعوام يعانون التقزم، وأكثر من 90 % من الأسر في بغدادوالمحافظات الوسطى والجنوبية تحصل على الكهرباء لمدة تقل من 8 ساعات في اليوم، وثلث الرجال و 90% من النساء في الفئة العمرية من 15 إلي 64 عاماً لا يعملون ولا يبحثون عن عمل، ويأتي أكثر من 60 % من السعرات الحرارية التي يستهلكها الفقراء من برنامج لدعم الغذاء على الصعيد الوطني. وقال البنك الدولي في التقرير الذي حصلت عليه الأناضول إن الأزمة الحالية في العراق ستزيد الأوضاع سوءا للمواطنين وخاصة الفئات الأشد ضعفا، مطالبا بإرساء السلام وحفظ الأمن لتحسين النمو الاقتصادي. ويسلط البنك الدولي في التقرير الضوء على العوائق الرئيسية التي اعترضت سبيل الحد من الفقر وجهود الاحتواء في العراق بين عامي 2007 و2012، ويشدد على ضرورة الحفاظ على النمو الاقتصادي وإدارة عائدات النفط وتنويع الاقتصاد لصالح الأنشطة التي يقودها القطاع الخاص والقطاع غير النفطي من أجل خلق مناخ مناسب لأنشطة الأعمال والاستثمار وخلق فرص عمل ستشتد الحاجة إليها مستقبلا. ويوصي التقرير بتطبيق سلسلة من السياسات والإجراءات ذات الأولوية بهدف تعزيز رفاهية المواطنين، مشيرا إلى أن الفترة بين عامي 2006 و 2007، تميزت بالانتعاش في قطاع النفط، وارتفاع عائداته وتزايد الجهود الحكومية لتلبية الطموحات الكبيرة للمواطنين. وقال البنك الدولي إن الأزمة الحالية التي تواجه العراق سيكون لها تداعيات كبيرة على رفاهية الشعب، وتستغرق معالجتها وقتا وتحتاج إلى جهد منسق. وأوضح التقرير، الذي يعتمد على جولتين من المسوح الأسرية القطرية والشاملة بين عامي 2007 و2012، أن تشكيل حكومة مدنية منتخبة في الفترة من 2005 إلي 2006 قد أعقبته فترة من النمو الاقتصادي القوي، ومع ذلك، لم ينخفض الفقر إلا بشكل طفيف فقط، واستمرت أشكال الحرمان الشديد في أبعاد غير نقدية. وتقول نانديني كريشنان، وهي خبيرة اقتصادية أولى بالبنك الدولي والمؤلفة الرئيسية لهذا التقرير "تعكس نتائج التقرير أيضاً إرثاً صعباً من العنف والهشاشة والضعف المؤسسي في العراق، الذي يواجه تحديات هائلة على المدى البعيد قد تستغرق وقتاً طويلاً للتغلب عليها". ويذكر التقرير أنه بين عامي 2007 و2012، حاولت الحكومة إعادة توزيع العائدات النفطية عبر التحويلات العامة والتوظيف في القطاع العام، وكانت النتائج متباينة. وتهدف توصيات التقرير إلى وضع استراتيجية أكثر احتواء تستطيع أن تدعم العلاقة بين المواطن والدولة، رغم أن هذا يؤتي ثماره على المديين المتوسط والبعيد، وتطبيق نظام فعال وشامل لشبكات الأمان يؤدي إلى علاج أوجه الحرمان والضعف المتعددة للسكان مع تصحيح العجز في رأس المال البشري.