في أقل من شهرين.. وفاة 25وإصابة 24 آخرين.. الحكومة: قضاء وقدر أن تذهب لمدرستك فتعود محطمًا وحزينًا من قسوة معلم أشبعك ضربًا، أو مواد دراسية لا تقوى على فهمها ليست نهاية المطاف، فكل هذا يعنى أنك محظوظ ما زلت تتنفس وعلى قيد الحياة، ولكن أن تعود محمولاً فى نعش، فما زال الحظ يلاحقك حتى وإن كان حظًا عسيرًا، إلى أن يستلمك ذووك رمادًا متفحمًا بلا ملامح، ولا حتى هيكلاً عظميًا يدفن، فأنت فى مصر وتحديدًا فأنت بأتوبيس المدرسة الثانوية بدمنهور البحيرة، ذلك الحادث الشنيع الذى راح ضحيته 18 طالبًا تفحمت جثثهم لتحترق معها قلوب أمهات لن تنسى أبدًا أن أبناءها خرجوا فى أتوبيس للتعلم، وعادوا محملين فى عربة إسعاف، حتى ليسوا فى نعوش آدمية، ليطل برأسه التساؤل الأخطر: متى يتوقف نزيف الدم الطلابى فى مصر؟ إلى متى سيذهب الطلاب إلى مدارسهم ويعودون فى نعوش؟ إلى متى سيتبرأ الجميع من المسئولية؟ إلى متى ستضيع حقوق الضحايا وتهدر دماؤهم سلفًا؟ وسيكون الإهمال من وجهة نظر المسئولين قضاء وقدرًا؟ إلى متى ستظل الأمنية الوحيدة للأم المصرية أن يعود أبناؤهم من مدارسهم سالمين؟ فمنذ بداية العام الدراسي، سقطت 25حالة وفاة و24حالة إصابة، ولم تتخذ وزارة التربية والتعليم أي قرارات حاسمة إلى الآن، ولم تحاكم المسئولين عن مقتل هؤلاء الأطفال، وذلك ما يعتبره أولياء الأمور جرس إنذار يهدد حياة أبنائهم. وتعد حادثة البحيرة هي الأكثر عددا، والأكثر إيلاما كون أن الجثث تفحمت جراء الحادث. في الوقت الذي نفى فيه هانى كمال المتحدث الرسمى لوزارة التربية والتعليم، مسئولية الوزارة عن حادث البحيرة، مؤكدًا أن المسئول الأول هى إدارة المرور، وأن تقرير النيابة العامة هو من سيثبت ذلك. "مات التلامذة يا عم حمزة"، "راحوا التلامذة للمدرسة منورين.. رجعوا التلامذة للبيت ميتين"، بهذه الكلمات نعى المصريون طلاب حادث البحيرة الذي تفحم فيه 18 طالبًا وأصيب 18 آخرون، وبتتبع حالات الوفيات المنتشرة في أفنية المدارس أصبح لزامًا عليك - ولى الأمر - قبل أن ترسل أبناءك للمدرسة اذهب بنفسك وتأكد من سلامة الفصل ونوافذه وبهو المدرسة، هل تم تخصيص ساحة لهم بعيدة عن سقوط زجاج أو سقوط باب المدرسة، أو اختر لأبنائك مدرسة تبعد عن صناديق القمامة لسلامتك وسلامة أبنائك، حيث أصبحت المدارس مكانًا لقبر الأطفال، خصوصًا مع بدء العام الدراسى الجديد، لتجد سلسلة حلقات من مسلسل "نزيف المدارس". بدأ مسلسل "نزيف المدارس" بوفاة الطالب محمد يوسف بالصف الثالث الابتدائى، نتيجة سقوط لوح زجاجى بالنافذة المتهالكة بالفصل على رقبته، تلاها وفاة يوسف سلطان زكى عبد العال، التلميذ بمدرسة الزغيرات الابتدائية، الذى توفى بعد سقوط بوابة المدرسة عليه أثناء حصة التربية الرياضية، كما فقدت روجان محمود عبدالحميد، 14 سنة، تلميذة بإحدى المدارس التابعة لإدارة العجوزة، عينها اليسرى بعد إجراء جراحة لها؛ لاستخراج الزجاج منها بعد سقوط لوح زجاجى بالمدرسة عليها، كما أصيب 12 تلميذًا من مدرسة سيد البشتلى الابتدائية بالتسمم بعد تناولهم لبنًا فاسدًا. ووقع الطفل أحمد صلاح فريسة ل"عضة" كلب ضال ظل يطارد أنفاسه الصغيرة وسرعته المحدودة فى الجري، حتى تمكن منه فى أحد الشوارع القريبة لمدرسته الكائنة فى حى مساكن عين شمس. وفى نفس السياق، لقى أدهم محمد أحمد عبد العال، التلميذ بالصف الثالث الابتدائى بمدرسة أمين النشرتى الابتدائية، التابعة لإدارة أطفيح التعليمية بمحافظة الجيزة، مصرعه بعد أن دهسته سيارة التغذية المدرسية أمام المدرسة أثناء دخول التلاميذ للفترة المسائية. فى حين توفى التلميذ يوسف سامح جرجس، وهو تلميذ بمدرسة باردى الخاصة للغات بإدارة العبور التعليمية التابعة لمديرية التربية والتعليم بالقليوبية، بعد سقوط نافورة مياه المدرسة عليه،عقب تعلقه بسياجها خلال الفسحة المدرسية. كما لفظ التلميذ مصطفى محمد سلامة بمدرسة الراعى الصالح بمدينة بور فؤاد فى بورسعيد 10 سنوات، أنفاسه الأخيرة بعد إصابته بحالة من الإعياء وسقوطه مغشيًا عليه. ليختتم المشهد المأسوى بحادثة البحيرة والذى تفحم فيه 18 طالبًا وأصيب 18 آخرون، وإصابة 11 طالبة باختناق بسبب حريق فى أشجار مدرسة بالقليوبية. من جانبه، طالب عبد الحفيظ طايل، رئيس مركز الحق فى التعليم وعضو نقابة المعلمين المستقلة، بمحاسبة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب ووزير التربية والتعليم الدكتور محمود أبو النصر ووزير النقل الدكتور هانى ضاحى، ورئيس إدارة المرور، وذلك لعدم اتخاذهم إجراءات رادعة لمنع حوادث الطرق التى تودى بحياة الآلاف من المواطنين، مشيرًا إلى أن الاكتفاء بإقالة هؤلاء دون محاسبتهم يعد بمثابة مكافأة لهم، نظرًا لتقاضيهم معاش وزير سابق وتعيين حراسة مشددة أسفل منازلهم عقب الإقالة. وأكد طايل أن سلامة العاملين بالتربية والتعليم، بدءًا من الطالب تعد مسئولية الدولة، ولذلك فإن إلقاء المسئولية على عاتق فرد واحد نوع من الإجحاف، مشيرًا إلى أن الفساد فى التربية والتعليم يوازيه فساد أيضًا فى وزارة النقل وإدارة المرور. وأضاف إن البحث عن حلول لتحسين أداء الحكومة دون محاسبة نفس الأشخاص الذين وقع فى عهدهم حوادث الموت، ولم يتخذوا بشأنها إجراءات رادعة، يعد نوعًا من السفه والتلاعب بعقول المواطنين. فيما طالب الدكتور محمد زهران نقيب معلمى المطرية، وزارة التربية والتعليم، بتعطيل الدراسة لمدة أسبوعين، وذلك لحصر المخالفات داخل المدارس وإصلاحها حفاظًا على سلامة التلاميذ، وذلك بعد وقوع عدة حوادث أودت بحياة العديد من التلاميذ. وأضاف زهران ل"المصريون" إن الوزارة يجب أن تقوم بعملية حصر للأبنية الآيلة للسقوط والمتهالكة، وأيضًا إصلاح كل الأبواب والشبابيك فى كل فصول المدارس، والتوقف عن إعطاء التلاميذ الوجبات المدرسية التى أدت إلى تسمم العديد منهم خلال السنوات الماضية وإعطاء أولياء الأمور أموالاً بدلًا منها ليقوموا بشراء الوجبات لأطفالهم، وذلك لإخلاء مسئولية الوزارة من هذه المهمة. وأكد أن هيئة الأبنية التعليمية هي المسئولة عن الحوادث التى تحدث للتلاميذ فى المدارس، لأنها لم تقم بعملها على أكمل وجه، فالطالب الذى سقط عليه الزجاج بمدرسة بعمار ابن ياسر، ثبت أنها قامت بدفع أكثر من مليون جنيه للصيانة، مشيرًا إلى أن مدير المدرسة ليس من اختصاصه الحفاظ على الأبنية والأبواب وهو ليس مسئولاً ولكن يعود الخطأ عليه لأنه يقوم بالإمضاء واستلام المدرسة وهى ليست مجهزة تجهيزًا كاملاً. واعتبر زهران أن المطالبات بإقالة وزير التربية والتعليم قائمة ولكنها غير مجدية لرفض الوزارة ذلك، وتمسكها به، باعتبار أن الفساد الإداري قائم منذ سنوات ولم يظهر بعهده فقط.