قال خبراء في مجال المياه، إن الضغوطات التي تُمارسها بعض الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية والكويت، لمساعدة الرئيس عبدالفتاح السيسي فى حل أزمة سد النهضة مع إثيوبيا باءت بالفشل، بعد أن وصلت المفاوضات الحالية الهادفة إلى تقليل السعة التخزينية للسد إلى طريق مسدود. وقال الدكتور مغاوري شحاتة، خبير المياه العالمي، إن "العلاقات المصرية الإثيوبية لم تشهد على مر السنين نوعًا من التوافق بل كان يشوبها عدم الصدق، وفى أكثر من مرة نقضت إثيوبيا عهدها مع مصر ومع دول أخرى مثل كينيا". وأضاف "إثيوبيا ترى أن موقفها هو الصواب وخصوصًا بعد التوصيات التى خرجت بها اللجنة الثلاثية والتى أوصت بضرورة دراسة أبعاد سد النهضة وتأثيره على دولتى المصب (مصر والسودان)، لافتًا إلى أن "أديس أبابا تتحجج بتلك التوصيات". وتابع، "الحكومة عليها أن تتناسى المفاوضات السابقة، وأن تبدأ مفاوضات تقوم على أسس جادة، لأن الموقف يحتاج بالفعل إلى قدر كبير من الحكمة"، ولأن "المفاوضات حتى الآن لم تكن على المستوى المطلوب". وقال شحاتة، إن "المصريين يميلون إلى التفكير بقلوبهم وليس بعقولهم ويتأثرون بما تفرضه عليهم العاطفة، وذلك بعد اقتناعهم بأن الرئيس السيسي قادر على حل أزمة سد النهضة بمفرده"، مؤكدًا أن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلى ماريام ديسالين بأن الأزمة تتعقد يومًا بعد يوم هو خير دليل أننا فى "ورطة حقيقية". وقال رئيس وزراء إثيوبيا مؤخرًا في كلمة أمام البرلمان الإثيوبي "إننا ماضون في بناء سد النهضة ولن نضر ب مصر."، وأوضح أن "المفاوضات حول سد النهضة لن تكون سهلة.. والسيسي بدأ مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين". وشهدت الأشهر الأخيرة توترًا للعلاقات بين مصر وإثيوبيا، مع إعلان الأخيرة بدء بناء مشروع سد النهضة، الذي تثور مخاوف داخل مصر بشأن احتمال تأثيره على حصتها السنوية من مياه النيل، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتأثيره على أمنها القومي في حالة انهياره. فى السياق نفسه، انتقد الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، التصريحات التي يُدلى بها مسئولون فى الحكومة المصرية عن انفراجة فى الأزمة، مطالبًا المسئولين بتقديم الأدلة على كون المفاوضات تسير فى طريق سليم. واعتبر رسلان، أن "التصريحات الإثيوبية الأخيرة عن سد النهضة تُشير إلى أن الموقف الفعلي لأديس أبابا لم يتغير، وأنه مازال يراوح فى مربع المراوغة وشراء الوقت والتصريحات الملتوية فى المبنى والمعنى"، لافتًا إلى أن "هناك بدايات تغيير فعلى فى النهج السوداني، لم تبدأ اليوم ولم تكن مصاحبة لزيارة السيسي، ولكن بدأت مؤشراتها قبل ذلك بفترة من الوقت". ودلل بتصريحات مصطفى عثمان إسماعيل، رئيس المجلس الأعلى للاستثمار فى السودان عقب لقائه مع وزير الخارجية المصرى، وإشارته لاتفاقية 1959، قائلاً إن "تصريحاته تعد دلالة واضحة للعودة إلى تنسيق المواقف بين مصر والسودان فى قضايا المياه وهو ما تقول به الاتفاقية". ولفت رسلان، إلى أن إعلان إسماعيل من القاهرة، عن زيارة قريبة للرئيس السوداني عمر البشير إلى القاهرة، قد تم نشره كمانشيت رئيسي فى إحدى أهم الصحف السودانية، فى الوقت الذي نشرت فيه الصحيفة نفسها، تقريرًا تحليليًا مطولًا عن زيارة البشير لقطر فى صفحة داخلية، الأمر الذي يمثل إشارة إلى أن العلاقات مع قطر لا تعنى التراجع فى تحسن العلاقات مع مصر. وعقب قيام أديس أبابا بتحويل مجرى النيل الأزرق، أحد روافد نهر النيل، فى مايو 2013، وذلك ضمن إجراءات بناء سد النهضة، أصدرت لجنة خبراء دولية تقريرًا أفاد بأن هناك حاجة لإجراء مزيد من الدراسات بشأن آلية بناء السد، حتى يمكن تقدير الآثار المترتبة على بنائه ثم تحديد كيفية التعامل معها، وفقا للحكومة المصرية. وتكونت اللجنة من 6 أعضاء محليين (اثنين من كل من مصر والسودان وإثيوبيا)، و4 خبراء دوليين فى مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية، والأعمال الهيدرولوجية، والبيئة، والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود. لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق حول مقترح تشكيل لجنة ثلاثية تتولى تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية الخاصة بسد النهضة، وورقة مبادئ بشأن تعزيز بناء الثقة بين الدول الثلاث بشأن بناء السد.