شمرت الدولة عن ساعديها وأعلنت الحرب على ملصقات "هل صليت على النبي اليوم؟"، التي انتشرت على نطاق واسع في مختلف أنحاء مصر، وأصبح معتادًا رؤيته على أبواب أحد المحال التجارية، وزجاج السيارات، بعدما أغضب السلطة وإعلامها، إلى الحد الذي دفعها لإعلان قرار الحرب ضد الملصق وتغريم قائدي السيارات المخالفين للقرار، بعد تصريح اللواء عبد الفتاح عثمان مساعد وزير الداخلية لشئون الإعلام بأنه سيتم القضاء على ذلك الملصق قريبًا. لكن القرار أتى بنتيجة عكسية بعد أن انتشر الملصق بشكل أكبر، على الرغم من التصريحات التي خرجت من رجال دين أزهريين تشكك في دوافع انتشار الملصق، واعتبرها الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، دعوة مريبة ويقف وراءها هدف خبيث. وقال: "الشيء الذي يخرج شيطاني فجأة بهذه الصورة، أمر يثير الريبة والشك، ويثير التساؤلات حول سبب انتشاره، خاصة أن أحدا لم يعلن حتى الآن عن تبنيه لهذه الظاهرة". فى الوقت الذي اعتبر فيه أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" الأمر، دليلاً على صحة دعواهم الدائمة بأن "الحرب الحالية إنما هي على الإسلام وليست على جماعة الإخوان المسلمين"، وقد تصدر الشعار مظاهرات الجماعة، متفوقًا على شعار "رابعة" الشهير. بدوره، أعرب الدكتور عبد الله النجار، أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، وممثل الأزهر بلجنة الخمسين عن تأييده لقرار وزارة الداخلية بمنع كل الملصقات الدينية الموضوعة على السيارات ووسائل النقل، "لمنع الاتجار بالدين للتنابذ ونشر الفرقة والعداوة بالمجتمع". وأضاف ل"المصريون"، أن "الصلاة على النبي مذكورة بالقرآن ولا تحتاج لأن يتم كتابتها على السيارات"، وتابع: "الناس لا تحتاج لأحد حتى يذكرهم بالصلاة على النبى، والمسلمون جميعًا يصلون عليه دون حاجة لملصقات على السيارات". واتهم النجار، واضعي ذلك الملصق بأنهم لا يبتغون منه وجه الله والدين وإنما غرضهم وهدفهم هو الاستثارة والعصبية واستخدام الملصقات كذريعة للتقسيم، واصفًا إياها بوسائل للفتن مدسوسة لتقسيم الأوطان وشق الصف فى إطار الحملات العالمية لتقسيم الدول. وأضاف، أن الفتنة ستسود فى المجتمع إذا ما قام المسلم بوضع تلك الملصقات والمسيحي يضع ملصقات خاصة بدينه وهكذا فتسود الفتنة بينهما. ومن جانبه، طالب المهندس جلال المرة، الأمين العام لحزب "النور"، بمراجعة آلية القوانين وما يتيحه الدستور من مواد تكفل الحريات فيما يتعلق بقرار وزارة الداخلية القضاء على الملصقات الدينية مثل عبارة "هل صليت على النبى اليوم؟". وقال "المرة" ل"المصريون"، إن الأمر يتعلق بمدى ملاءمته واتفاقه مع الدستور والقانون فإذا كان الأمر يتفق فإنه لا مانع فى ذلك, مشددًا على ضرورة دراسة الأمر عن طريق لجنة من المتخصصين لمراجعة المسألة وكل ما يتعلق بها من تداعيات قد تؤثر على حده الاحتقان الطائفى بالمجتمع، بحسب وصفه. وقال المرة، إن الدستور عهد اجتماعى قائم من أجل تنظيم العلاقة بين المواطن والمجتمع فى إطار القوانين التى يتم إدراجها، مشيرًا إلى ضرورة دراسة الأمر أيضًا من الناحية السياسية، وألا يتوقف الأمر على إصدار التصريحات دون دراسة أو مراجعة قانونية. بدوره، اتهم الدكتور هشام كمال، المتحدث باسم الجبهة السلفية، الدولة بأنها "تمارس حربًا على كل ما يتعلق بالدين الإسلامي"، مؤكدًا أن "الدليل على ذلك غلق المساجد ومنع الخطابة فى أخرى، ومنع الاعتكاف والصلاة فى أخرى"، مشيرًا أن الدولة فى اتجاه كل ما له علاقة بالإسلام. ووصف كمال، القرارات بالغبية، مشيرًا إلى أنه عندما يصل الأمر إلى القضاء على ملصقات الصلاة على النبى فإن الأمر تعدى كونه افتعال معركة وغباء العكس، وأكد أن الأمر قد يكون محاولة لإظهار مدى حقد الدولة على الدين وأن الانقلاب جاء ليحارب الشريعة الإسلامية وليس لإنقاذ البلد. وتساءل: "لماذا لم نسمع عن منع حزب النور من إلصاق صورة السيسى من المساجد أو إزالتها من الشوارع بعد الانتخابات"؟. وانتقد كمال، ما أسماهم فقهاء السلطة المعينين، مشيرًا إلى أن هناك توظيفًا لهؤلاء الفقهاء لخدمة السلطة، متوقعًا أن يأتى قرار القضاء على الملصقات الدينية بأثر عكسى وسيجعل المواطنون أكثر شغفًا للمعرفة والوصول إليها. وتوقع أن تشهد الفترة القادمة مزيدًا من التضييق على كل ما له علاقة بالإسلام، خاصة أن الأمر تكرر فى الفترة الأخيرة مع البنات التى ترتدى النقاب والخمار، مؤكدًا أن الدولة ستفعل مثلما فعل أتاتورك بعد إسقاط دولة الخلافة، لكن الدولة لا تعرف أن ذلك سيعجل بإسقاطها.