أكد خبراء قانونيون، أنه لا يوجد نص في القانون يسمح بالعفو عن الرئيس السابق حسني مبارك المحبوس حاليا على ذمة التحقيقات بتهمة الفساد والتحريض على الاعتداء على المتظاهرين في ثورة 25 يناير، بعد أن ذكرت تقارير صحفية – نفى المجلس الأعلى للقوات المسلحة صحتها- أنه يعتزم إعداد خطاب يعترف فيه عما بدر من أخطاء ويعتذر للشعب المصري مقابل العفو عنه وأسرته. وأكدت الدكتورة فوزية عبد الستار الرئيس الأسبق للجنة الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب، أن قانون العقوبات ليس به أي نص يسمح بتنازل المجتمع عن العقوبة المقررة للجريمة في مقابل التنازل عن الأموال غير المشروعة الناتجة عنها، خاصة في الجرائم الجنائية وجرائم الاستيلاء علي المال العام والتربح من الوظيفة التي ارتكبها جميع أفراد أسرة الرئيس السابق. وأضافت إن القانون يعطي النيابة العامة سلطة حفظ التحقيقات وإصدار قرارها بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في حال عدم وجود ما يثبت ارتكاب المتهم للجريمة، وليس لمجرد صفه هذا الجاني سواء رئيس الجمهورية أو عاملا، لأن جميع المواطنين سواء أمام القانون والتفريق بينهم حسب حالتهم يعتبر مخالفة لمبادئ الدستور. من جانبه، قال المستشار مصطفي الكومي رئيس محكمة جنايات القاهرة، إن الجريمة الواحدة من جرائم الرئيس السابق وأسرته بتهمة الإضرار بالمال العام والتربح من الوظيفة والاستيلاء والسرقة والاختلاس يرتبط بها جرائم أخرى، حسب نص قانون العقوبات والتي تصل العقوبة فيها للسجن المشدد أو المؤبد. وأضاف إن تنازل أسرة الرئيس المخلوع عن ممتلكاتها لا أثر له من قريب أو بعيد بشأن الجريمة الجنائية التي ارتكبتها وتستوجب عقابها، عليها لأن التنازل ليس ركنا من أركان وقوع الجريمة وليس دليل براءة أو إدانة، لأن الاستيلاء على الأموال المملوكة للشعب والتربح من الوظيفة جريمة لها من الأدلة والمستندات التي تدين الجاني أو تنفي عنه الجريمة. متفقا مع سابقيه في الرأي، أكد أحمد فرحات المحامي بالنقض أنه لا يوجد قانون ينص علي التصالح مع مرتكبي جرائم الاستيلاء علي المال العام التي ارتكبها الرئيس السابق وزوجته ونجليه، لكن التصالح يتم فقط وفقا للقانون رقم 103 سنة2004م بشأن البنك المركزي الذي يجوز التصالح مع الحاصلين علي قروض، وهو ما حدث في قضايا نواب القروض لاسترداد الأموال مقابل إنهاء الدعاوى ضدهم. وأضاف إن قانون العقوبات ينص علي إلزام المتهم برد الأموال والغرامة مع الحكم بالسجن المؤبد أو المشدد، ولذلك فأن رد الأموال لا ينفي محاكمة أسرة مبارك جنائيا لأن الجرائم المرتكبة لها أيضا صبغة سياسية وجنائية تنص على ضرورة معاقبتهم بمواد القانون الجنائي. وكان توقيت نشر التقرير الذي يتحدث عن قرار محتمل بالعفو عن مبارك أثار اعتراضات واسعة في مصر، وسط تحذيرات شديدة اللهجة والتلويح بتنظيم مظاهرات مليونية بميدان التحرير اعتراضًا على القرار، خاصة وأن التلويح بذلك جاء مع إصدار قرارات بالإفراج عن سوزان ثابت زوجة الرئيس المخلوع، تلاه صدور قرار بإخلاء سبيل رئيس ديوان مبارك زكريا عزمي بكفالة 200 ألف جنيه، فضلاً عن الإفراج عن الدكتور أحمد فتحي سرور، المتهم فيما يعرف إعلاميا ب "موقعة الجمل". وقال ائتلاف شباب الثورة في بيان نشره على صفحته على "فيسبوك"، إنه "رغم نفي القوات المسلحة نيتها العفو عن الرئيس السابق فإن الإجراءات من نوع إخلاء سبيل سوزان ثابت وزكريا عزمي تشعرنا بأن ثورتنا العظيمة التي أريقت فداء لها دماء خيرة شباب هذا الوطن تعود للوراء وتتم سرقتها". وأضاف إن لديه مخاوف من ان "محاولات الثورة المضادة لتفريغ ثورتنا من مضمونها والإتيان على مكتسباتها تؤتي ثمارا وتحقق نجاحا". وأكد أن "كل مصري ثوري شريف لن يقبل الا بمحاكمة عادلة لمن افسدوا الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر وجوعوا هذا الشعب وأفقروه واستبدوا به على مدار الثلاثة عقود الماضية". واعتبر ائتلاف شباب الثورة أن "عودة ممتلكات الرئيس المخلوع وزوجته ورموز نظامه ليس منحه او جباية منهم، ولكنه أمر طبيعي وإجراء ثوري بديهي، لا يمكن ربطه بأن ينال كل منهم العقاب الذي يستحقه ليس فقط جراء تضخم ثروته وإنما لما قاموا به من إفساد سياسي في حق هذه البلاد". واعتبر البيان أن التوجه نحو عدم محاكمة رموز النظام السابق "يهدد بانفجار الغضب الجماهيري الذي يزداد احتقانه بشدة جراء هذه الإجراءات وفي حال استمرارها وعدم التراجع عنها يصبح الشارع وميدان التحرير هما سلاحنا الوحيد للدفاع عن ثورتنا ومنجزاتها وفاء لدماء شهدائها". من جهتها، طالبت "الجبهة الحرة للتغيير السلمي" الشعب المصري للخروج في يوم "جمعة الغضب" الثانية في 27 مايو وتنظيم محاكمة شعبية لمبارك ورموز النظام الفاسد، استنادا إلى أن الشعب مصدر السلطات. وقال عصام الشريف المتحدث الرسمي للجبهة، إن إخلاء سبيل بعض رموز النظام السابق يعتبر خطوة إلي الخلف والتفاف حول العدالة وإهدار لدماء الشهداء الذين ضموا بحياتهم من أجل تطهير البلاد من الفاسدين. وأضاف: ليس من المنطقي الإفراج عن سرور وعزمي وسوزان الذين نهبوا ثروات مصر والمصريين وتسببوا في إفساد الحياة السياسية علي مدي ثلاثين عاما، واصفا قرارات الإفراج عن رموز النظام الفاسدة بالصادمة للشعب المصري واعتبرها قرارات سياسية. وشدد على ضرورة العودة لميدان التحرير، وقال: لقد طبعنا مائه ألف دعوة سيتم توزيعها بالمناطق العشوائية والشعبية من أجل حشد الجماهير للرد علي هذه القرارات السلبية.