في تصريحات مكررة كان آخرها في الأهرام يوم 19 مارس ذكر الدكتور كمال أبو المجد نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان أن المجلس سوف يدرس كما قال تحديث الخطاب الديني وذلك في مجالات معينة تتصل بالعلاقة مع الأديان الأخرى والأقليات وإزالة التفسيرات المعنية في هذا الصدد وتفعيل الحوار والتعاون بين العقائد والأديان والحضارات المختلفة. ويبدوا أن الدكتور كمال قد نسى وظيفة المجلس الأساسية (حسب تعريفه) وهي العناية بحقوق الإنسان الأساسية المهدرة في قضايا عشرات الألوف من المعتقلين وإنكار حقوق تكوين الروابط والتعبير على فئات اجتماعية كثيرة .. إلخ. ولا أتصور أنه يظن أنه لا توجد مشكلات في هذا الصدد. كذلك فإنني لا أظن أنه من اختصاصات المجلس أن يقوم بوظائف تحديث الخطاب الديني أو غير الديني لأي عقيدة أو فئة فهناك مؤسسات اجتماعية وفئات مثقفة تقوم بهذه المهام هي بطبيعتها ليست مجرد عمليات إدارية أو تنفيذية بل عمليات تفاعل فكري وحوار ثقافي ونشاط خلاق وليست مهاما أو خططا تنفذ بالأمر. قد يكون الدكتور كمال نفسه مهتما بهذا الأمر لكن هذا لا يعطيه الحق أن يسخر مجلس ليس هذا شأنه أن يدخل في المسألة. واللافت للنظر أن الدكتور وهو من موقع مجلس معني بحقوق الإنسان كما يتصور وأولها وأبسطها حرية الفكر يقوم بفرض عملية تحديث فكري من موقع سلطوي وكأن هذا المجلس يملك الإسلام أو الساحة الفكرية لوحده ليفعل فيها ما يشاء. ويزداد العجب إذا أدركنا أن هذه التحديث المطلوب يسير في اتجاه معين وهو الاتجاه الذي يميل إلى الاستجابة إلى الضغوط الغربية العديدة العاملة على الخروج بمواقف إسلامية تسمى معتدلة أو عصرية في بعض القضايا المتصلة بالعلاقة مع الغرب نفسه أو مع الأديان الأخرى في الغرب أو الشرق. فنحن أمام عملية تسمى بالتحديث وهي في حقيقتها تفرض من موقع سلطوي بدون مناقشة. فوق أنها باستخدام مصطلح التحديث الذي يبدو بريئا متجهة إلى فرض وجهة نظر معينة منحازة على كامل الفكر الإسلامي. والغريب أن مفهوم حقوق الإنسان الشامل يغيب عن عملية التحديث هذه . الفكر الديني ( الإسلامي وحده هو المقصود) حيث يفهم من تصريحات الدكتور أن التحديث منصب على القضايا التي يركز عليها الغرب ومعه النظام بالتبعية وهي القضايا التي تمس العلاقات مع الغرب ومع الأديان والثقافات الأخرى وليس قضايا حقوق الإنسان لصالح جماهير المسلمين أنفسهم أو لصالح جمهور المواطنين ككل وبالذات قبل السلطة. وأخيرا ينطلق الدكتور كمال في دعوى التحديث هذه من منطلق مضمر وغير موضوعي للفكر الديني الإسلامي بأنه معاد للآخر أو عدواني النزعة في أوضاعه القائمة أو مجاف لحقوق الإنسان مما يستدعي فرض التحديث والإصلاح عليه من الموقع السلطوي. وأخيرا فهل حددت هذه التصريحات من الدكتور كمال استنادا إلى موقعه في مجلس حقوق الإنسان أم مما يشاع حول تحركاته لإنشاء حزب له شبهة إسلامية ما ينافس الإخوان. ولماذا لم يتحدث الدكتور بطرس غالي وهو المسئول الحقيقي في هذا الأمر كرئيس للمجلس. [email protected]