انتقد مصريون السيسي لتجاهله دم الشهداء.. ومؤيدوه قالوا إنه لا يريد المتاجرة بدمائهم.. من أجل ذلك فإنه لا يتطرق في حديثه إليهم. والحال أن مسألة "الشهداء" اتسعت على النحو الذي قد يحرج السيسي، ويجعله يصمت عنها إلى الأبد شهداء 25 يناير، سقطوا في مواجهات مع الشرطة.. والسيسي دافع عن الأخيرة، واحتاج إليها منذ اليوم الأول من عزله الرئيس السابق.. ولا يزال، ولعله كان واضحا في آخر ظهور إعلامي عندما أكد على أنه ينبغي "دعم" الداخلية.. وخيّر المصريين بين "الدولة" و"الديمقراطية".. ودافع عن قانون التظاهر.. ورفض الرضوخ لمطالب الإصلاح خوفا من الفوضى! فتح ملف الشهداء إذن قد يضع السيسي في مواجهة مع الشرطة.. وهي مسألة غير واردة بالمرة، لأنه مطالب بإسداء الجميل لها.. ورد التحية بأحسن منها. ناهيك كما قلت سابقا أن مصطلح الشهداء لم يعد محصورا على شهداء يناير، لأن البعض والحال كذلك سيتساءل عن شهداء آخرين.. مثل المئات من ضحايا رابعة العدوية. فتح ملف الشهداء له تكلفته الباهظة خاصة فيما يخص المشير عبد الفتاح السيسي، ولعل منافسه حمدين صباحي كان ذكيا حين تراجع عن تصريحات سابقة بشأن رابعة.. ولأول مرة يستخدم لغة عنيفة ضد النظام الذي ارتكب "المذبحة".. وربما في الأيام التالية، قد يكون أكثر عنفا، واشتباكا مع السيسي في مثل هذا الملف تحديدا، بوصفه المساحة التي قد تتيح له احراز أكثر من هدف في مرمى وزير الدفاع السابق، فالأخير هو الذي طلب علانية تفويضا يوم 26 يوليو الماضي لمواجهة ما وصفه ب"الإرهاب المحتمل".. وبعدها سقط المئات تباعا في أكثر من مكان في القاهر وضواحيها. المشير لا يذكر عادة 25 يناير، إلا إذا تعرض لانتقادات في اليوم التالي لتصريحاته، فهو يستقي شرعيته من 30 يونيو.. وليس من 25 يناير.. ولاحظ هنا أن مستشاره الإعلامي أحد أشهر الفلول في الإعلام المصري.. ناهيك عن الاصطفاف الفلولي بكل تنويعاته حوله.. وهي الطبقة السياسية والمالية والإعلامية التي تحمل علاقات ثأر من ثورة يناير، وتعتبرها "مؤامرة أمريكية". في30 يونيو التي يستند إليها السيسي لم يسقط يومها شهداء.. وبالتالي فإنه حال طلب من المشير إدراج دم الشهداء على أجندته.. فإن ذلك سيضعه في مأزق "صدام" مع ظهيره الأمني الذي يحتاجه "الشرطة" بوصفها المتهمة بقتل المتظاهرين السلميين يوم 25 يناير.. ويضع نفسه في مأزق إنساني وأخلاقي وقانوني.. أمام قطاع من الرأي العام يحمله المسؤولية المباشرة للمئات الذين سقطوا بعد الإطاحة بالرئيس المعزول. ولذا فإنه من المتوقع أن يطوى نظام الحكم القادم ملف الشهداء إلى الأبد.. وعلى المتضرريين.. أن يتحلوا بالصبر الجميل، فقضايا حقوق الإنسان لا تسقط بالتقادم.. وسيأتي حتما طال أو قصر الأمد يوم القصاص العادل. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.