تلقى "التحالف الوطنى لدعم الشرعية"، الداعم للرئيس المعزول محمد مرسي، ضربات قوية خلال الساعات القليلة الماضية، بعد تجاهل الممثلة العليا للشئون الخارجية والأمنية فى الاتحاد الأوروبى كاثرين آشتون لقاء ممثلى التحالف خلال زيارتها الأخيرة للقاهرة. وجاء ذلك خلافًا للمعتاد في زيارتها إلى مصر منذ الثالث من يوليو، حيث كانت تحرص على طلب اللقاء والاستماع لوجهات نظر التحالف فى التطورات الحالية فى مصر، بل تحاول إقناع قادته بتقديم تنازلات والقبول بالأمر والواقع والانضمام لخارطة الطريق. واعتبر محللون أن آشتون التي التقت المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع المستقيل، المرشح الرئاسي المحتمل تجاهلت عقد لقاءات مع ممثلي التحالف في أوضح اعتراف من الاتحاد الأوروبي حتى الآن بما جرى فى الثالث من يوليو، والكف عن وصفه ب "الانقلاب"، والتأكيد على دعم أوروبي معلن وليس سريًا للسلطة القائمة. وأشاروا إلى أن ذلك يؤكد زيف ما تردد عن أن آشتون جاءت إلى القاهرة لتمارس ضغوطًا على قائد الجيش السابق لتحقيق المصالحة مع "الإخوان المسلمين"، أو التأكيد له على أن استمرار الوضع الحالى يقود البلاد لكارثة بحسب ما كان يأمل عدد من قادة التحالف. كانت آشتون وصلت القاهرة الخميس الماضي والتقت الرئيس المؤقت عدلي منصور ووزير الخارجية نبيل فهمي، والمرشح المحتمل للرئاسة عبدالفتاح السيسي، دون أن يحظى منافسه مؤسس "التيار الشعبي" حمدين صباحى بزيارة مماثلة، ما فتح أبواب التكهنات حول قرار أوروبي بدعم الأمر الواقع فى مصر، وأنه لا خيار أمامهم إلا دعم قائد الجيش السابق. وقال مجدي قرقر، المتحدث باسم "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، إن آشتون لم تطلب مقابلة التحالف، مشيرًا إلى أنه يتضح من زيارتها الأخيرة للقاهرة أن الاتحاد حسم قراره بتأييد "خارطة طريق الانقلاب". وأضاف: "يتضح من زيارة آشتون أن الاتحاد الأوروبي حسم قراره بمباركة خارطة طريق الانقلاب، وقد جاءت لتناقش الانتخابات الرئاسية القادمة". وحول عدم طلب آشتون مقابلة التحالف، قال قرقر: "آشتون هي التي تطلب مقابلتا دائما ولم نطلب مقابلتها من قبل، ولم تطلب لقاء التحالف هذه المرة". وأشار إلى أنه في "كل زيارات آشتون لمصر حاولت فيها ممارسة الضغوط علي التحالف ليقبل الانخراط في خارطة الطريق، وسط رفض منه (من التحالف)، واليوم ليس لديها جديد تقدمه". وقال الدكتور نصر عبدالسلام، رئيس حزب "البناء والتنمية"، والقيادي ب "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، إن تجاهل آشتون، للتحالف الوطني لدعم الشرعية، يأتي من منطلق المصالح الخاصة للاتحاد الأوروبي، والتي وجدها الغرب مع النظام الحاكم، ولذلك لم تقابل آشتون قيادات التحالف. وأضاف أن "موقف الاتحاد الأوروبي منذ الانقلاب العسكري غير محدد، وأن الديمقراطية الزائفة التي طالما يحدث عنها الاتحاد الأوروبي وأمريكا أصبحت مكشوفة للجميع ومجرد حبر على ورق". واستنكر عبدالسلام، ما تناولته بعض وسائل الإعلام حول تجاهل آشتون لقيادات التحالف بالداخل، نظرًا لتفاوضها مع بعض قيادات التحالف الوطنى بالخارج، قائلاً: "لا يوجد تفاوض مع الاتحاد الأوروبي خارجيًا، والكلمة الأولى والأخيرة للتحالف الوطني تخرج من داخل القيادات المتواجدة بالداخل". وأضاف، أن التحالف الوطني لا يعول كثيرًا على الاتحاد الأوروبي أو الأمريكان، في تحقيق أهدافه، مشيرًا إلى أن الحراك الثوري هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في عودة الشرعية الدستورية والرئيس المنتخب محمد مرسى. فيما وصف الدكتور أحمد بديع، المتحدث باسم حزب "الوطن" السلفي، والقيادي في التحالف، المسئولة الأوروبية ب "المتعصبة والمؤيدة للانقلاب قلبًا وقالبًا". وقال إنها "لم تحضر يومًا للقاهرة وإلا جاءت بعدها المصائب مثل مذبحة الحرس الجمهورية ومجزرة فض رابعة والنهضة لذا فنحن لم نراهن على دور أوروبى بل نراهن فقط على حراكنا السلمى والدعم الشعبى لاستعادة المسار الديمقراطي". فيما لخص الدكتور عمرو ربيع هاشم، الخبير السياسي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، الأسباب التى دفعت آشتون لتجاهل التحالف الوطنى وجماعة الإخوان، موضحًا أن السبب يعود إلى تعنت الرئيس المعزول محمد مرسى فى الاستجابة للمبادرات والحلول التى طرحها الاتحاد الأوروبي للخروج من الأزمة السياسية التى لحقت بالبلاد.
وأشار إلى أن اقتراب السيسي من حسم موقفه بالوصول لكرسي الرئاسة دفع الاتحاد الأوروبي فى التعنت تجاه التحالف والاعتراف بخارطة الطريق. إلى ذلك، كشف وفد الاتحاد الإفريقي بقيادة الرئيس المالي السابق ألفا عمر كوناري خلال اللقاء مع وفد "التحالف الوطني لدعم الشرعية" في زيارته الأخيرة للقاهرة، أن الاتحاد تعرض لضغوط مكثفة من أجل إلغاء قراره فى الخامس من يوليو الماضى بتجميد عضوية مصر فى الاتحاد بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي. وأقر بأن الاتحاد لن يستطيع مقاومة هذه الضغوط لوقت طويل، وهو ما يشير لقرب اعتراف إفريقي بشرعية الانقلاب. وقال مجدي قرقر: "لم أكن مقتنعًا يومًا بجدوى أي دور خارجي فى تجاوز الأزمة، ولم أكن غير مقتنع بجدوى عقد اللقاء مع وفد الاتحاد الإفريقي الذي جاء من أجل استكمال لإجراءات شكلية، تتضمن رصد وجهتي نظر أطراف الصراع، قبل رفع تقريره الدوري للاتحاد الإفريقي قبل حسم الموقف من قراره السابق بتجميد عضوية مصر". وأشار إلى أن التحالف نقل ل"كوناري"، أنه "غير سعيد بتجميد عضوية مصر فى الاتحاد الإفريقي، لكن الظروف التي فرضت هذا القرار بعد الإطاحة بمرسى شهدت تدهورًا شديدًا فى حقوق الإنسان والحريات متمثلة فى قتل المتظاهرين السلميين، واغتصاب الفتيات والسيدات والأطفال، واختطاف رئيس منتخب ومنعه من لقاء ذويه بشكل يستوجب على الاتحاد وضع هذه القضايا فى الاعتبار لدى مراجعته لهذا القرار". من جانبه، أكد الدكتور أنور عكاشة، منظر جماعة الجهاد، أن "نتائج جولة الموفدين الأفارقة والأوروبيين خلصت إلى أن القوى التى دعمت إطاحة مرسى فى السابق بشكل سرى تتجه الآن لدعمه بشكل علني وشرعنة وجوده، وبل تقديم المعونات له. وأضاف أن "الاتحاد الأوروبي يدعم إسقاط نظام مرسى منذ أول لحظة ولم يتبن موقفًا جادًا من التطورات بعد الثالث من يوليو"، معتبرًا أن "لعبة المصالح هي المؤثر فى هذا الصدد". وأشار إلى أن "الاتحاد الإفريقي ودوله المؤثرة ما زالت أسيرة التبعية لقوى غربية مؤثرة، ومن ثم فهى تسير فى فلك هذه التوجهات وتستجيب للضغوط، فضلاً عن أن دول مثل الإمارات والسعودية قد لعبت بورقة استثماراتها فى دول القارة ودعمها للاتحاد لإلغاء قرار تجميد عضوية مصر". وأوضح أن "السلطة القائمة حاليًا كانت تراهن منذ اليوم الأول على الدعم الدولى وعلى تراجع دور التحالف الوطنى لدعم الشرعية وكانت متأكدة أن عامل الوقت سيصب فى مصلحتها فى النهاية".