المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المتحف المصرى الكبير    تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران يشعل أسعار الذهب عالميًا ومحليًا.. وتوقعات جديدة للسوق (تقرير)    أسعار الخضروات اليوم السبت 14 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    وزير الزراعة يبحث مع السكرتير التنفيذي لهيئة المصايد تعزيز التعاون الإقليمي    النفط يرتفع 7% بعد تبادل الضربات الجوية بين إسرائيل وإيران    محافظ أسيوط يؤكد تيسير إجراءات التصالح في مخالفات البناء وتكثيف المتابعة    السبت 14 يونيو 2025 .. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع خلال تعاملات اليوم    الأردن يعلن إصابة 3 أشخاص إثر سقوط «جسم» على منزل ب«إربد»    جراء الهجوم الإسرائيلي.. إيران تكشف حجم الأضرار في منشأة فوردو النووية    5 رسائل تحذيرية للأهلي قبل مواجهة إنتر ميامي الأمريكي في مونديال الأندية    كرة اليد، مواعيد مباريات منتخب الشباب في بطولة العالم ببولندا    مولينا: مواجهة باريس بداية نارية.. ولقاء بوكا سيكون لحظة خاصة    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    غدًا الأحد.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة بقنا وسط استعدادات مشددة وإجراءات أمنية مكثفة    أجواء شديدة الحرارة خلال الساعات المقبلة.. الأرصاد تعلن التفاصيل    أهالي يلاحقونه بتهمة خطيرة.. الأمن ينقذ أستاذ جامعة قبل الفتك به في الفيوم    وزير الثقافة يشهد عرض "سجن النسا" على مسرح السلام (صور)    ب"فستان جريء".. أحدث ظهور ل مي عمر والجمهور يغازلها (صور)    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : نحن بحق فى معركة!?    الهلال السعودي يصل واشنطن للمشاركة فى كأس العالم للأندية.. صور    محافظ مطروح يشيد بجهود المشاركة المجتمعية في التيسير على المواطنين    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم السبت 14-6-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    تجهيز 76 لجنة استعدادًا لانطلاق ماراثون الثانوية العامة بأسيوط    لحماية الطلاب.. النيابة الإدارية تفعّل قنوات تلقّي الشكاوى خلال الامتحانات الثانوية العامة    غدا.. بدء صرف مساعدات تكافل وكرامة للأسر الأولى بالرعاية عن شهر يونيو    الأهلي بزيه التقليدي أمام إنتر ميامي في افتتاح مونديال الأندية    إعلام إسرائيلى: إيران أطلقت نحو 200 صاروخ باليستى منذ بداية الهجوم    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 14-6-2025 في محافظة قنا    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    في اليوم العالمي.. الصحة العالمية تكشف فوائد وشروط التبرع بالدم    محاكمة 3 متهمين في قضية خلية "جبهة النصرة الثانية".. اليوم    الأمن العام الأردنى: إصابة 3 أشخاص بسقوط جسم على منزل فى إربد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    افتتاح كأس العالم للأندية.. موعد والقنوات الناقلة لمباراة الأهلي وإنتر ميامي    غدا .. انطلاق ماراثون امتحانات الثانوية العامة بالمواد غير المضافة للمجموع    قصور الثقافة تعرض "طعم الخوف" على مسرح مدينة بني مزار الأحد المقبل    غرائب «الدورس الخصوصية» في شهر الامتحانات    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 14 يونيو 2025    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    توجيهات رئاسية مُستمرة وجهود حكومية مُتواصلة.. مصر مركز إقليمي لصناعة الدواء    أنغام تُطرب جمهور الخبر في حفل استثنائي ب السعودية (فيديو)    وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجارات قوية في شرق طهران    تعرف على أسماء وأماكن لجان الثانوية العامة 2025 بمحافظة الشرقية    قناة مفتوحة لنقل مباراة الأهلي وانتر ميامى في كأس العالم للأندية    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    الأزهر يدين العدوان الصهيوني على إيران ويطالب بوقف الانتهاكات الصهيونية بحق دول المنطقة    الكويت تدعو مواطنيها فى مناطق التوتر بتوخى الحذر والمغادرة حال سماح الظروف    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    فرنسا تحذر مواطنيها من السفر إلى الشرق الأوسط    الدبيكي: إعتماد إتفاقية «المخاطر البيولوجية» إنتصار تاريخي لحماية العمال    رئيس جامعة سوهاج في ضيافة شيخ الأزهر بساحة آل الطيب    احذرها.. 4 أطعمة تدمر نومك في الليل    «تضامن الدقهلية» تطلق قافلة عمار الخير لتقديم العلاج بالمجان    «الأهلي في حتة عاشرة».. محمد الغزاوي يرد على المنتقدين    4 أبراج يتسمون ب «جاذبيتهم الطاغية»: واثقون من أنفسهم ويحبون الهيمنة    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجال من قش
نشر في المصريون يوم 06 - 01 - 2014

ذات تاريخ، فكر صياد في حيلة يهش بها الطير عن بركة له، فنصب خيال مآتة وسط البركة ليمنع مناقير الطيور الغازية من التهام قوته وقوت عياله. وبالفعل، آتت فكرة الصياد أسماكها، وامتلأت سلته كل إياب بما لذ وطاب، فاطمأن الرجل لرجل القش وآمنه على ثرواته البحرية الداجنة. لكن الطيور التي كانت تعود
لأفراخها كل مساء بالحسرة والجوع، قررت أن تغامر بأجنحتها، فطارت قريبا من رجل القش حتى صارت قاب قوسين أو أدنى من رأسه المنبعج. وأغراها صمته وسكونه فحطت فوق كتفيه واعتلت قفاه، فلما لم يحرك ساكنا، رقصت فوق رأسه وطارت بين عينيه.
وحين رأي الصياد أحلامه الصغيره تتلوى بين مناقير الغزاة، قرر أن يغامر بشيبه، فخلع خيال المآتة من مقر عجزه، وتناول عصاه التي لا تهش ولا تجير، وزرع ساقيه في خضم البركة. وحامت الطيور حوله، واقتربت من شاربه العريض، ووقفت فوق ساعديه المفتولين استعدادا للانقضاض على فرائسها الوادعة، وعندها، تحركت القبضات المحتقنة لتلتف حول سيقان الطيور وخصورها. وعندها أطلق الرجل صرخة غيظ مكتومة، وصاح في الغزاة الصغار: "أيها التافهون، هل تعتقدون أن خيال المآتة سيبقى للأبد؟"
ما فائدة رجال من قش يقفون عند حدود العجز، فلا هم يدفعون طائرات مغيرة ولا يحمون شعوبا وثقت بقبعاتهم الزرقاء؟ ما فائدة خوذات باضت فيها أسراب من طائرات العدو الصغيرة وفرخت؟ وما فائدة رشاشات بطول الأمل، لكنها لا تصدر صوتا ولا تخمد نعيقا، ولا تؤمن من روع؟ أسئلة مشروعة طرحها عمران خان على قادة جيش من القش يقفون فوق حدود مستباحة تطير فوق خوذاتهم المصفحة أسراب الطائرات المغيرة كل يوم لتهلك في بلاده الحرث والنسل، وتبث في قلوب أطفال باكستان الرعب.
منذ عشرة أعوام، وتحديدا في عام 2004، دشن بوش الإبن حرب طائرات بدون طيار على الحدود الشمالية الغربية لباكستان، وجاء خليفته أوباما ليواصل حربه القذرة في وادي سوات، ليبلغ عدد المنكوبين من المدنيين هناك تسعمئة قتيل، من بينهم مئتا طفل لم يجدوا خيال مآتة من لحم وعظام يحمي خيامهم من لظى الرؤوس المتفجرة. ولم تجد تنديدات نواز شريف رئيس وزراء باكستان ولا توسلاته. كما لم تفلح إدانة المحكمة العليا في بيشاور لمجازر الطائرات الصغيرة في إيقاف انتهاكات حقوق الإنسان الباكستاني لأن ثقة السيد أوباما في دقة تصويباته أكثر من ثقته باستغاثات المصابين وصرخات الثكالى، فالغزو والقصف "لا ينتهكان القانون الدولي" في نظر سيد البيت الأبيض، وليذهب المدونون والحقوقيون إلى جحيم سوات.
ولأن السيد عمران خان يدرك جيدا أن جنود القش عند الحدود لا يخيفون غازيا، قرر أن يخلع نعليه وينزل بقدمين من صلابة إلى قاع البركة العميقة ليوقف الطائرات المغيرة عند حدود مقاطعة خيبر بختنخوا. صحيح أن لاعب الكريكيت السابق لا يملك قوة حكومية يستند إليها في حربه ضد مناقير الغزاة التي تحمل الصواريخ العابرة للجيوش، إلا أنه يمتلك من المال والشعبية ما يمكنه من قطع شريان حيوي يصل بين شمال قوات الناتو وجنوبها فوق حدوده المستباحة.
عمران خان الذي توسط بالأمس عند قادة جيشه ليسهلوا مهمة الأمريكان في أفغانستان هو نفسه عمران خان الذي يحمل اليوم رشاشا في عامه الواحد والستين ليقاوم أسراب الطائرات الصغيرة التي لا ترقب في دماء شعبه إلا ولا ذمة. فلطالما حذر الرجل أصحاب الريموت كونترول من رجال العمليات الخاصة في البنتاجون من الاستمرار في العبث بالحدود ورقاب الصغار، وهدد بقطع طريق الإمدادات الخاصة بقوات الناتو فلم ينصت إليه أحد.
وجاءت ضربة الثالث والعشرين من نوفمبر لتصب زيتا فوق هشيم الغضب، وهي الضربة التي أصابت مدرسة فدمرتها، وقتلت أربعة طلاب واثنين من الأساتذة. وفي صبيحة يوم الغضب، وقف عدة آلاف من المحتنقين عند نقطة مرور حدودية ليفتشوا المركبات، ويمنعوا المدد عن رجال الناتو حتى تتوقف الأصابع العابثة عن القفز فوق الحدود الآمنة. "نريد أن نقول لأمريكا من خلال هذه الوقفة أن من حقها حماية أرواح مواطنيها، ولكن ليس من حقها أن تضحي بدولة كاملة من أجل ذلك." يقول عمران خان. ويؤكد رفعت حسين المحلل السياسي والعسكري من إسلام أباد أن الرجل قد تحول بفعلته تلك إلى رجل دولة من الطراز الرفيع. ويبقى السؤال: "إلى متى يستطيع عمران خان الوقوف على قدمين واهنتين أمام أسراب الطائرات المغيرة التي لا تفرق بين رجال من قش ورجال من لحم ومروءة؟
عبد الرازق أحمد الشاعر
أديب مصري مقيم بالإمارات
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.