مرة أخرى تتجمع كل اللحى تحت توصيف واحد " الارهاب " وننسى أو نتناسى قضية من أهم قضايا الحكم على الأفعال " ليس كل " بل الأخطر من هذا ان يتم توظيفها حسب مآربنا الشخصية. الحق أننا بالفعل ضحايا لفكر أنظمة الحكم فبين نظام المخلوع والنظام الحالي جاء ما يسمي بالاسلام السياسي وكأن ما حدث كان مجرد فخ للإيقاع بهم جميعا بعد اعطاءهم الأمان يتم تصفيتهم نهائيا اي إبادتهم – غير ان هذا محال – رغم ما يقوم به النظام الحالي من حظر ومصادرة اموال وممتلكات بدعوى القضاء على الإرهاب – وهم للإرهاب اقرب – فدم المصري كله حرام ولا يجوز أن يستثنى أحد فدم من ماتوا في الوراق لا يقل طهارة عمن ماتوا في رابعة. من الجيد أن تنتهي حالة رفض الحوار التي كانت اصواتها قد علت في الماضي القريب ولكن من الصواب أن تنتهي أيضًا حالة الإحتقان التي تولدت بعد عزل الرئيس المنتخب إذ لابد لطرفي الصراع أولا الاعتراف باحقية كل طرف في التواجد علي الساحة ثم ايجاد مساحة مشتركة تبدأ معها مرحلة الاستقرار. لا بد من الإعتراف أنه ليس كل متظاهر اخواني وليس كل ذو لحية إرهابي وأنه لا علاقة للإخوان بما يحدث من تهديد الأمن العام ؛ لا نقول اساطير وإنما نقر واقع ملموس بل وأصبحت الان كفة تأييد المظاهرات هي الأقرب للترجيح وهذا لا يحتاج لأدلة قدر ما يحتاج لمواجهة حقيقية مع النفس . لن أنكر الفئة التي وصلت حد الكراهية للاخوان جراء إخفاقاتها الكاملة وقت توليهم مقاليد الأمور ولكن لا يجوز حتي للكاره ذاته ان ينادي بإبادة تلك الجماعة إذ لابد من تمكين سيادة القانون وهو الطريق الأصح لإعادة التوازن. كما لا يجوز إلصاق هذا الوصف (الإرهاب) علي كل ذي لحية فتيار الاسلام السياسي ممتلئ بمختلف التوجهات وقد افلح السلفيون عندما اختاروا البقاء علي الساحة السياسية بتقديم تنازلات غير متوقعة من تيار متشدد في نواح كثيرة إن استمرت لأصبحوا أشد إرهابًا من غيرهم . إن الإنتكاسة التي اصابة البلاد في مقتل – والتي لا تبشر الأحداث بانفراجة قريبة – هي انتكاسة في الاختيار السليم بين الحلول السياسية والحلول الأمنية وقد اختار من في سدة الحكم الحلول الأمنية ظنًا منهم أن القمع الذي يمارسونه ليس إرهابًا بل هو استقرار ولم يجدوا من يقول لهم لا حتي اتسع الخرق علي الراتق وعندما احسوا بالخطر جاءت حلولهم اكثر قمعا في صورة قانون لم ولن يمر وعارضناه في مقالات سابقة . ومع ظهور امل جديد مؤداه استقرار الأوضاع وبعد تسريبات عن بدء التفاوض بين السلطة أيًا كانت مع تحالف دعم الشرعية قد يكون السبيل لإنهاء هذا الصخب اللا معقول الذي تشهده البلاد. فكثير ممن نحسبهم نخبًا قد أساءوا تقدير الموقف واصبح كرههم لكل تيار الاسلام السياسي هو المحرك وليس صالح البلاد حتي انكروا على هذا التيار حقة في التواجد علي الساحة السياسية بل ومرحبون بالحلول الامنية . أري أن الحل الأمني لا يجوز أن يكون ركيزة في القادم فقد أدي دوره بل إنه قد انتهي دوره وآن للجميع أن يجلس علي طاولة الحوار الوطني للخروج من تلك الازمة التي لن تنتهي بحظر التجوال وقمع التظاهر والتخوين والوصف بالإرهاب ففي رحلة البحث عن الذات لن تهون الكرامة التي كانت ومازالت اهم مكتسبات ثورة يناير المجيدة . فليس للخسران معنى إن خسرت كرامتى