وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 20 إبريل بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    كوريا الشمالية تطلق نوعا جديدا من الصواريخ وتختبر "رأسا حربيا كبيرا جدا"    كانسيلو يعلق على خروج برشلونة من تشامبيونزليج وآخر الاستعدادات لمواجهة ريال مدريد    أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين وتوك توك بطريق المنصورة بالدقهلية    آمال ماهر تشدو برائعة كوكب الشرق"ألف ليلة وليلة "والجمهور يرفض انتهاء الحفل (فيديو)    طريقة عمل تارت الجيلي للشيف نجلاء الشرشابي    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    تخفيف الأحمال فى «أسبوع الآلام»    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    300 جنيها .. مفاجأة حول أسعار أنابيب الغاز والبنزين في مصر    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    انفجار في قاعدة كالسوم في بابل العراقية تسبب في قتل شخص وإصابة آخرين    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب"اللا مسؤول"    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    حزب "المصريين" يكرم 200 طفل في مسابقة «معًا نصوم» بالبحر الأحمر    الخطيب ولبيب في حفل زفاف "شريف" نجل أشرف قاسم (صور)    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    يوفنتوس يواصل فقد النقاط بالتعادل مع كالياري.. ولاتسيو يفوز على جنوى    دوري أدنوك للمحترفين.. 6 مباريات مرتقبة في الجولة 20    صفقة المانية تنعش خزائن باريس سان جيرمان    منير أديب: أغلب التنظيمات المسلحة خرجت من رحم جماعة الإخوان الإرهابية.. فيديو    حالة الطقس اليوم.. حار نهارًا والعظمى في القاهرة 33 درجة    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    فحص السيارات وتجديد الرخصة.. ماهى خدمات وحدات المرور المميزة فى المولات    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    وزارة الداخلية تكرم عددا من الضباط بمحافظة أسوان    تعرف على موعد انخفاض سعر الخبز.. الحكومة أظهرت "العين الحمراء" للمخابز    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    بفستان لافت| ياسمين صبري تبهر متابعيها بهذه الإطلالة    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    عمرو أديب يطالب يكشف أسباب بيع طائرات «مصر للطيران» (فيديو)    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    عاجل - فصائل عراقية تعلن استهداف قاعدة عوبدا الجوية التابعة لجيش الاحتلال بالمسيرات    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضمانات المحاكمة العادلة بمشروع قانون الإرهاب الجديد
نشر في المصريون يوم 10 - 09 - 2013


مقدمة وتمهيد:
لا تكاد تُطْلَقُ لفظة الإرهاب الآن إلا ونما إلى الشعور والوجدان والعقل الباطن صورة الأرواح المزهقة، والدماء المراقة، والأشلاء الممزقة، والعمران المقوَّض. والعجيب أن الإسلام غدا المتهم الأول بعد كل حادث إرهابي بأنه دين يحث أتباعه على القتل والعنف والتطرف، ويكفي أن يقع حادث إرهابي في
مكان ما من العالم، لتسمع بعده مباشرة في جميع وكالات الأنباء أن مرتكبيه مسلمون خرجوا من عباءة الإسلام. فقد تم تعديل الدستور عام 2007 واستحدثت المادة 179 من الدستور والخاصة بمكافحة الإرهاب في ثوبها الجديد على أساس أنها تقدم في شقها الأول حماية دستورية لانتهاك حقوق المواطنين، وتوقف عمل ثلاث مواد، كانت تحمي الحقوق والحريات العامة، وتعتبر العمود الفقري للدستور المصري... بينما يمنح الشق الثاني من هذه الجريمة الدستورية، رئيس الجمهورية صلاحيات واختصاصات دستورية تمكنه من أن يحيل أي متهم في أية جريمة من جرائم الإرهاب إلي أي جهة قضائية يراها بما في ذلك القضاء العسكري... ، أن النص الجديد للمادة (179) من الدستور، يشكل تهديدًا لمنظومة حقوق الإنسان. كما نحذروا من المساس بمواد الباب الثالث من الدستور بشأن الحريات والحقوق العامة، ونؤكد علي ضرورة خضوع سلطة جهاز الأمن إلى سلطة القضاء في أية إجراءات خاصة بمواجهة الإرهاب، مع احترام حقوق الدفاع والحق في محاكمة عادلة ومنصفة أمام القضاء الطبيعي، وإلغاء كافة أشكال القضاء الاستثنائي. مخالفة لمواد دستورية في البداية نقول "مشكلة المادة (179) أنها أتت بنص دستوري يناقض نصوصا دستورية ومبادئ عامة مستقرة ومتفق عليها في كل التشريعات القانونية في العالم كله، كما أنها تمثل استثناءً على الأصل، بل وتتوسع فتُعطي صفة الديمومة للاستثناء، و أن رجال الأمن، بموجب هذه المادة، أصبحوا مطلقي السراح في تعاملهم مع المواطنين، بعدما كانت أفعالهم تقيَّد بإذن النيابة" و"هذه المادة يمكن تقسيمها إلى شطرين، أولهما يسحب المزايا والحقوق التي منحتها المواد: 41 (التي تمنع القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته أو منعه من التنقل، إلا بإذن من النيابة)، و44 (التي تقر بحرمة المساكن وتمنع اقتحامها أو تفتيشها، إلا بأمر قضائي مسبب)، والفقرة الثانية من المادة 45 (التي تعترف للموطنين بحرمة مراسلاتهم واتصالاتهم وتمنع مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها، إلا بإذن قضائي مسبب). أما الشطر الثاني، فيمنح رئيس الجمهورية سلطة إحالة أي متهم في أي قضية إلى أي محكمة، وهي اختصاصات ليست له، كما أنها تخالف عدداً من المبادئ القانونية العامة المستقرة، فتخل بمبدأ المساواة أمام القانون، وتمنع المواطن من حقه في المثول أمام قاضيه الطبيعي، وتهدر مبدأ استقلال القضاء بإقحام السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية، وهو ما يخالف – أيضاً- مبدأ الفصل بين السلطات. ونوضح أن: "المادة(179) تُتيح إصدار قانون لمحاربة مخاطر الإرهاب، وتتيح لهذا القانون أن يعطل الضمانات الدستورية الواردة في المواد (41، 44، 45) من الدستور، وهي المواد التي تتحدث عن الحرية الشخصية، باعتبارها حق طبيعي لا يُمس، وأن كل إجراء يُتخذ مع أي مواطن، لابُد وأن يكون بعد إذن النيابة أو بعد تحقيق قضائي. فالمادة (179) تُلغي كل هذا وتتيح لسلطات الأمن أن تعتقل أو تقبض أو تفتش، دون أي ضمانات قضائية. " لكنني أتساءل: إذا كانت الدولة تعلن بأن ضمانات حقوق وحرية الإنسان مكفولة إذا كان هذا الكلام صحيحاً، فما فائدة النص الجديد للمادة (179) من الأساس، ولماذا لم نكتف بالمواد الدستورية الأساسية؟! أن "هذه المادة – أيضا - تعطي لرئيس الجمهورية الحق في إحالة أي مواطن مُتهم في أي جريمة إلى أي محكمة (عسكرية/ عرفية/ خاصة/....)، أي أنها أطلقت يد رئيس الجمهورية في تحديد من يُحَال وعلى أي أساس يُحَال وإلى أي محكمة يُحَال، وأظن أن هذا الأمر غير مسبوق في دساتير العالم التي أعرفها جيداً، أن "التخوف الأساسي من هذه المادة، ينحصر في أنها ستطلق يد البوليس بلا قيد للتضييق على حريات المواطنين". "بموجب هذه المادة يسمح الدستور (حامي الحريات)، بوضع تشريع لمواجهة (أخطار) الإرهاب، بغير تقيد بأحكام المادتين (41) و(44) والفقرة الثانية من المادة (45) من الدستور، وهي المواد التي كانت بمثابة الأداة في يد المحكمة الدستورية وفي يد القضاء لحماية الحريات وضمانها"، أن "هذا التعديل يقضي على هذه الضمانات من أجل مواجهة أخطار الإرهاب، وليس أفعال الإرهاب"!!
بناء علي ذلك طرحت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان هذه التساؤلات عندما نشرت المصري اليوم مسودة مشروع مكافحة الإرهاب بعد ان انتهي اللجنة المشكلة لصياغته من عملها :-
- ما مدى الحاجة لسن قانون جديد لمكافحة الإرهاب ؟.
- هل سيكون قانون الإرهاب المزمع إصداره بمثابة تقنيين لقانون الطوارئ الاستثنائي في شكل قانون عادي؟.
- ما مدى حماية قانون الإرهاب الجديد للحقوق والحريات العامة ؟.
- آليات الموائمة بين توفير ضمانات حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب في المشروع المقترح
- موقع ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة في المشروع المقترح .
- هل سيتم إنشاء محاكم متخصصة لمكافحة الإرهاب مثلما هو الحال مع المحاكم العسكرية ؟.
- النموذج الأنسب من التشريعات الدولية لمكافحة الإرهاب للحالة المصرية .
وكان مسودة مشروع القانون التي أعلنت علي النحو التالي:- مشروع قانون الإرهاب المقترح من الحكومة
الباب الأول..أحكام عامة
مادة (1)
يقصد بالعمل الإرهابي كل استخدام للقوة أو العنف أو التلويح باستخدامه، وكل تهديد أو ترويع أو تخويف، يلجأ إليه الإرهابي، أو المنظمة الإرهابية بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه أو أمن المجتمع الدولي للخطر، إذا كان من شأنه إيذاء الأشخاص أو ترويعهم أو تخويفهم أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم العامة أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة، أو الموارد الطبيعية أو الآثار أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية أو مصالح الحكومة أو الوحدات المحلية، أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية، أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية في مصر من ممارسة كل أو بعض أوجه نشاطها، أو منع أو عرقلة قيام دور العبادة أو مؤسسات ومعاهد العلم بأعمالها، أو تعطيل تطبيق أي من أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح، وكذلك كل سلوك يرتكب بهدف الإضرار بالاتصالات أو بالنظم المعلوماتية أو بالنظم المالية أو البنكية، أو بالاقتصاد الوطني أو بمخزون الطاقة أو بالمخزون الأمني من السلع والمواد الغذائية والمياه أو بالخدمات الطبية في الكوارث والأزمات.
مادة (2)
تعتبر جريمة إرهابية، كل عمل إرهابي من الأعمال المنصوص عليها في المادة (1) من هذا القانون، وكل جريمة منصوص عليها فيه، وكذلك كل جريمة منصوص عليها في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر، إذا ارتكبت بوسيلة من وسائل الإرهاب بقصد تحقيق أحد أهدافه المبينة في المادة المذكورة.
مادة (3)
في تطبيق أحكام هذا القانون، والأحكام الخاصة بالجرائم الإرهابية، يقصد بكل عبارة من العبارات التالية المعني المبين قرينها:
أ المنظمة الإرهابية: الجماعة المؤلفة من ثلاثة أشخاص علي الأقل بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الإرهابية.
ب الإرهابي: الشخص الطبيعي الذي يرتكب أو يحاول عمدا ارتكاب جريمة إرهابية بأي وسيلة مباشرة أو غير مباشرة، أو يشترك في هذه الجريمة أو يساهم في منظمة إرهابية.
ج تمويل الإرهاب: كل جمع أو إمداد بشكل مباشر أو غير مباشر بأموال أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو معلومات أو غيرها بقصد استخدامها أو مع العلم بأنها ستستخدم كلها أو بعضها في ارتكاب أي جريمة إرهابية أو من قبل شخص إرهابي أو منظمة إرهابية.
د الأموال: العملة الوطنية والعملات الأجنبية، والأوراق المالية والأوراق التجارية، وكل ذي قيمة من عقار أو منقول مادي أو معنوي، وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها، والصكوك والمحررات المثبتة لكل ما تقدم بما في ذلك الإلكترونية والرقمية.
ه الأسلحة التقليدية: الأسلحة والذخائر والمفرقعات المحظور حيازتها أو إحرازها.
و الأسلحة غير التقليدية: الأسلحة والمواد النووية والكيماوية والبيولوجية.
ز تجميد الأموال: حظر تحويل الأموال أو تغيير صورتها أو نقلها أو التصرف فيها لفترة مؤقتة.
ح التحفظ علي الأموال: حظر تحويل الأموال أو تغيير صورتها أو التصرف فيها طوال مدة سريان التحفظ.
ط المصادرة: الحرمان الدائم من الأموال وانتقال ملكيتها إلي الدولة.
مادة (4)
مع عدم الإخلال بأحكام المواد 1و2و3و4 من قانون العقوبات، تسري أحكام هذا القانون، علي كل من ارتكب جريمة إرهابية خارج مصر إذا كان من شأنها أو الهدف منها:
أ إلحاق الضرر بأي من مواطنيها أو بأي من مصالحها في الداخل أو في الخارج، أو بأي من ممتلكاتها، أو مقار ومكاتب بعثاتها الدبلوماسية أو القنصلية أو مؤسساتها أو فروع مؤسساتها في الخارج.
ب حمل الدولة أو أي من سلطاتها أو مؤسساتها علي القيام بعمل أو الامتناع عنه.
ج إلحاق الضرر بأي من المنظمات أو الهيئات الدولية أو الإقليمية لدي مباشرتها لأوجه نشاطها الإنسانية.
مادة (5)
يعتبر الشروع في أي من الجنايات والجنح في الجرائم الإرهابية جريمة، معاقبا عليها بالعقوبة المقررة للجريمة التامة.
مادة (6)
يعتبر التحريض علي ارتكاب الجريمة الإرهابية التي لم تقع بناء عليه، جريمة معاقبا عليها بالعقوبات المقررة لها، سواء كان التحريض موجها لشخص محدد أو جماعة معينة أو كان تحريضا عاما، بأي وسيلة من الوسائل علنية أو غير علنية. كما يعتبر الاتفاق علي ارتكاب الجريمة الإرهابية التي لم تقع، أو المساعدة فيها، جريمة معاقبا عليها بالعقوبة المقررة لها.
مادة (7)
لا تنقضي الدعوي الجنائية في الجرائم الإرهابية ولا تسقط العقوبة المحكوم بها فيها بمضي المدة.
مادة (8)
لا تسري علي مباشرة سلطة التحقيق وتحريك ورفع الدعوي الجنائية في الجرائم الإرهابية أحكام الشكوى أو الطلب المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية أو في أي قانون آخر.
ثانيا: الجرائم الإرهابية
مادة (9)
يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار منظمة إرهابية، أو تولي زعامة أو قيادة فيها.
وتقضي المحكمة في الحكم الصادر بالإدانة بحل المنظمة وإغلاق أمكنتها. ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأموال والأمتعة والأسلحة والأدوات والمستندات والأوراق وغيرها، مما يكون قد استعمل أو أعد لاستعماله في الجرائم الإرهابية، أو في اجتماعات المنظمة. كما تقضي المحكمة بمصادرة الأموال المتحصلة من الجرائم الإرهابية، أو المخصصة للصرف منها علي المنظمة.
مادة (10)
يعاقب بالسجن كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار، علي خلاف أحكام القانون، جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة، يكون الغرض منها الدعوة بأي وسيلة إلي تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها أو مقاومة هذه السلطات، أو الاعتداء علي الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات أو الحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية، أو أمدها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذي تدعو إليه. ويعاقب بالسجن كل من انضم إلي إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات المنصوص عليها في الفقرة السابقة، أو شارك فيها بأي صورة مع علمه بأغراضها.
مادة (11)
يعاقب بالسجن كل من انضم إلي منظمة إرهابية أو شارك فيها بأي صورة مع علمه بأغراضها. وتكون العقوبة السجن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات إذا تلقي الجاني تدريبات عسكرية أو أمنية أو تقنية لدي منظمة إرهابية، أو كان من أفراد القوات المسلحة أو الشرطة أو الأمن الحاليين أو السابقين.
مادة (12)
يعاقب بالسجن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات كل من أكره أو حمل شخصا علي المشاركة أو الانضمام إلي منظمة إرهابية أو لمنعه من الانفصال عنها. وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا كان الجاني عضوا بمنظمة إرهابية. وتكون العقوبة الإعدام إذا ترتب علي فعل الجاني موت شخص.
مادة (13)
يعاقب بالسجن المؤقت أو المؤبد كل من قام بتمويل إرهابي أو منظمة إرهابية أو عمل إرهابي. ويعاقب بذات العقوبة كل من قدم لرؤساء أو مديري أو أعضاء إحدى المنظمات الإرهابية أو لإرهابي سكنا أو مأوي أو مكانا للتخفي فيه أو لاستخدامه في الاجتماعات أو لإعداد الأعمال الإرهابية أو غير ذلك من التسهيلات مع علمه بالغرض الذي يستخدم فيه السكن أو المأوي أو المكان أو التسهيلات. ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأموال والأشياء محل الجريمة، كما تقضي المحكمة بمصادرة متحصلات الجريمة، أو ممتلكات تعادل قيمتها إذا كانت المتحصلات قد حولت أو بدلت جزئيا أو كليا أو اختلطت بممتلكات أخري اكتسبت من مصادر مشروعة.
مادة (14)
يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من قام بتدريب شخص أو أكثر علي صنع أو استعمال الأسلحة التقليدية أو غير التقليدية أو وسائل الاتصال السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية أو أي وسيلة اتصال أخري، أو علمه فنونا حربية أو أساليب قتالية أيا كانت بقصد الاستعانة به لتنفيذ عمل إرهابي. ويعاقب بالسجن كل من تلقي التدريب المنصوص عليه في الفقرة السابقة مع علمه والغرض منه.
مادة (15)
يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من دخل مقر إحدى البعثات الدبلوماسية أو القنصلية أو مقر إحدى الهيئات والمنظمات الدولية في الدولة عنوة أو بمقاومة السلطات المختصة فيها بهدف ارتكاب عمل إرهابي. ويعاقب بذات العقوبة كل من يلجأ إلي العنف لتنفيذ هجوم علي المكاتب الرسمية أو السكن الخاص أو وسائل الانتقال لشخص يتمتع بحماية دولية، إذا كان من شأن هذا الهجوم أن يعرض سلامته أو حريته للخطر، وكذلك كل من يهدد بارتكاب هذا الفعل. وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا وقع الفعل باستعمال السلاح أو من أكثر من شخص. فإذا ترتب علي الفعل وفاة شخص كانت العقوبة الإعدام.
بناء علي ذلك سيكون ورقة بحثا هذا علي النحو التالي للوصول إلي الإجابة علي الأسئلة المطروحة من المنظمة 0
تعريف الإرهاب:-
أن الإرهاب في الاصطلاح المعاصر مفهوم ظهر في تاريخ أوروبا الحديث، وأوضح أنه إجراء منظم يستهدف الإضرار بالأنفس والممتلكات العامة لإحداث أغراض غير مشروعة، ومنها قتل الأنفس وسفك الدماء، و: إن حوادث الإرهاب في العالم كثيرة رصدها بعض الباحثين مبيناً أن ثلثها حدث في أوروبا، ونصفها في أمريكا، والباقي توزع في أنحاء العالم، أن أقربها للواقع تعريف وزراء الداخلية العرب، ونصه: الإرهاب: هو العدوان الذي يمارسه أفراد أوجما عات أو دول بغياً على الإنسان: (دينه ودمه، وعقله، وماله، وعرضه) ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية للخطر، فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها في قوله: {وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص:77).
ففي الرؤية السياسية: عرّفته لجنة الإرهاب الدولي التابعة للأمم المتحدة عام 1980م، بأنه:
"عمل من أعمال العنف الخطيرة يصدر عن فرد أو جماعة بقصد تهديد الأشخاص أو التسبب في إصابتهم أو موتهم سواء كان يعمل بمفرده أو بالاشتراك مع أفراد آخرين، ويوجه ضد الأشخاص أو المنظمات أو المواقع السكنية أو بهدف إفساد علاقات الود والصداقة بين الدول أو بين مواطني الدول، أو ابتزاز تنازلات معينة من الدول في أي صورة كانت"
وعرفته الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب سنة 1998م، المادة الثانية، بأنه:
"كل فعل من أفعال العنف والتهديد أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر"
الإرهاب من خلال أنماط مختلفة للتعريف:
 نمط التعريف البسيط والعادي للإرهاب، ويعني عنفًا أو تهديدًا يهدف إلى خلق خوف أو تغيير سلوكي.
 النمط القانوني لتعريف الإرهاب، ويعني عنفًا إجراميًا ينتهك القانون ويستلزم عقاب الدولة.
 التعريف التحليلي للإرهاب، ويعني عوامل سياسية واجتماعية معينة تقف وراء كل سلوك إرهابي.
 تعريف رعاية الدولة للإرهاب، ويعني الإرهاب عن طريق جماعات تُستخدم بواسطة دول للهجوم على دول أخرى.
 نمط إرهاب الدولة، ويعني استخدام سلطة الدولة لإرهاب مواطنيها
**أما في مصر فقد عرف الإرهاب في قانون العقوبات المصري:-
فقد ادخل المشرع المصري علي قانون العقوبات عام 1992 في المادة 86، والذي يعد نموذجاً للتعريف المطاط على النحو التالي: (يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجأ إليه الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم وتعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو المباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها، أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة، أو دور العبادة ومعاهد العلم لأعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح.[2] وإلى جانب استخدام تعبيرات غامضة وغير محددة على غرار "القوة" و"العنف"، فإن التعريف المذكور يمد بساط التجريم على نحو يشمل بعض الأفعال التي تدخل في نطاق حرية التعبير والتجمع والتنظيم، كالدعوة إلى الإضراب السلمي عن العمل أو عن الدراسة، أو تنفيذ اعتصام سلمي في الطريق العام، وغير ذلك من الأفعال التي يفترض بالقانون أن يحميها لا أن يجرمها. الجرائم الإرهابية يجب أن تنحصر في الحالات التي تتوفر فيها الشروط الثلاثة التالية مجتمعة: (أ) الأفعال المرتكبة بقصد القتل أو التسبب في إصابات جسمانية خطيرة، أو أخذ الرهائن؛ (ب) وأن تكون بغرض إشاعة حالة من الرعب وتخويف السكان أو إرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل ما أو الامتناع عن عمل ما؛ (ج) وأن تمثل جرائم تقع ضمن نطاق الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بالإرهاب ووفقاً للتعريفات الوارد فيها."و يسمح القانون الدولي، وعلى الأخص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في مادته الرابعة، للحكومات بأن تعلق العمل ببعض الحقوق الواردة فيه في حالات الطوارئ العام. غير أن الدول لا تتمتع بحرية غير مقيدة في استخدام ظروف الطوارئ - بما في ذلك تهديد الإرهاب - كمبرر لتجميد تدابير الحماية المكفولة لحقوق الإنسان. فقد استقرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، والتي تتولى تفسير ومراقبة تنفيذ العهد الدولي، على أن الحكومات لا تملك سلطة تعليق العمل ببعض التزاماتها القانونية بحماية حقوق الأفراد إلا عندما تواجه الدولة إحدى حالات الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة. "لا يجب أن يعتبر كل شكل من أشكال الخطر أو الكوارث حالة طوارئ عامة تهدد حياة الأمة"، وأن أية إجراءات تتخذ لتعليق العمل ببعض الالتزامات الواردة في العهد [الدولي للحقوق المدنية والسياسية] لابد أن تقتصر "على الإجراءات التي تفرضها بشدة احتياجات الوضع القائم0 من الحقوق القانونية للمحتجزين جراء الاشتباه في مشاركتهم في أعمال إرهابية أو التخطيط لها، ومنها الحق في معرفة الاتهامات الموجهة إليهم، حيث "لا تكفي أن توجه للشخص المحتجز تهمة الإرهاب، وإنما يجب أن تكون مصحوبة بتهم تتعلق بارتكاب أفعال محددة".كما تنص مسودة المبادئ على أنه لا يجوز أن يتم توقيف أحد على أساس أدلة تم الحصول عليها عن طريق التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ ولا أن تقتصر أسباب توقيف شخص ما على أدلة تم الحصول عليها من شخص آخر تم احتجازه بالفعل.
أما مفهوم الإرهاب في الرؤية الإسلامية:
فقد استخدم القرآن الكريم لفظة الإرهاب بقصد صد المعتدي، وإرجاع الناس إلى الطريق القويم، ومنعهم من الفساد في الأرض، قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ ". (سورة الأنفال:60). فظهر أن الإرهاب إنما يكون لعدو الله وعدو المؤمنين وللمنافقين الذين يحاربونه من وراء ستار، ولكن الإعلام ابتذل هذا المصطلح القرآني حتى عاد مرادفًا للعدوان، والظلم، والطغيان، وقتل المدنيين والأبرياء، وخلط الأوراق، وسوء النية، إلى غير ذلك مما يأباه كل مسلم على وجه الأرض.
وقد عرفه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بأنه:
"ترويع الآمنين وتدمير مصالحهم ومقومات حياتهم والاعتداء على أموالهم وأعراضهم وحرياتهم وكرامتهم الإنسانية بغياً وإفساداً في الأرض. ومن حق الدولة التي يقع على أرضها هذا الإرهاب الأثيم أن تبحث عن المجرمين وأن تقدمهم للهيئات القضائية لكي تقول كلمتها العادلة فيهم " (4).
وعرفه المجمع الفقهي الإسلامي بأنه:
"عدوان يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان (دينه، ودمه، وعقله، وماله، وعرضه)، ويشمل صنوف التخويف، والأذى، والتهديد، والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبل، وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم، أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة، أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية للخطر، فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها " (5).
وللحقيقة؛ فإن الإرهاب في الرؤية الإسلامية له معنيان:
المعنى الأول - هو إرهاب العدو عن أن يعتدي على الحرمات وهو بهذا يلتقي مع مفهوم المقاومة المشروعة، لأن الباعث من ورائه هو الدفاع عن النفس، وهو يأتي – أيضًا - بمعنى التخويف، والرَّهبة هي الخوف، والله سبحانه يُرَهِّبُنا أي يُخوِّفنا مِن عقابه إنِ انْحرفنا فيقول: "وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا" (سورة الإسراء:59). والإنسان يُرْهِبُ غيره بأساليب متنوعة ولأغراض متعددة، فإن كان لغرض مشروع كالتأديب والنهي عن المنكر كان مشروعًا، ومنه:
- تأديب الصبي إذا ترك الصلاة: "وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْر".
- وتأديب الزوجة الناشز: "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ" (سورة النساء:34).
- إرهاب العدو منعًا لعُدوانه علينا، وذلك بالاستعداد لمقاومته وبوسائل أخرى كالدِّعاية لتخْويفه، قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ ". (سورة الأنفال:60).
أما المعنى الثاني للإرهاب - وهو الذي انتشر معناه وغلب على الكلمة - فهو الاعتداء على المظلومين وقتل المدنيين بدون سبب مشروع، وهو - كما يرى العلماء - محرم شرعًا ، فكل من اعتدى على مدني مسلم أو غير مسلم ، فقد تجاوز حد الله، ذلك أن الإسلام دِينُ السلام، لا يبدأ بعُدوان، ويُؤْثِر السلامة على المُخاطرة، والحب على الكراهية، والقرب على البعد، والاجتماع على الفرقة والتشتت قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ" (سورة البقرة:208)، وَهُو دخول في السِّلْم بَيْن المُسلمين بعضهم مع بعض وبينهم وبين غيرهم، قال تعالى: "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ" (سورة الأنفال:61).
مفهوم الإرهاب
ومن الملاحظ أن مفهوم ظاهرة الإرهاب تعددت خاصة في السنوات الأخيرة، بسبب تعدد السياسات والثقافات والعقائد للشخص أو الهيئة أو المنظمة أو الدولة، وظهر أن هناك تباينًا كبيرًا بين مفهوم الإرهاب في الرؤية السياسية عنه في الرؤية الإسلامية.
المحور الثاني: مظاهر الإرهاب
أما مظاهر الإرهاب المشهودة، فقد بينها معالي د.التركي كما يلي:
1) قتل الأنفس البريئة والمعصومة، مسلمة كانت أو غير مسلمة.
2) تدمير الممتلكات العامة والخاصة، والمرافق التي ينتفع منها الناس، وإهدار الأموال وضياعها.
3) ترويع الآمنين ونشر الخوف والفزع بين الناس.
واستشهد معاليه بالعديد من الأحداث المرتبطة بهذه المظاهر التي تدخل في نطاق المحرمات المؤكدة في الشريعة الإسلامية.
المحور الثالث: آثار الإرهاب
وعدد معاليه آثار الإرهاب على المجتمع المسلم، وبين أنه يشغل المسلمين عن مهامهم، مشيراً إلى أن من أبرز آثاره:
1) الإخلال بأمن الأمة، وهذا يؤدي إلى الإخلال بحياة الناس في المجالات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.
2) إعطاء الذريعة لأعداء الأمة للهجوم على الإسلام والمسلمين ومجافاتهم.
3) شق عصا الطاعة لولاة الأمر، وفي هذا مخالفة عظيمة لأمر الله سبحانه: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء:59).
المحور الرابع: موقف الإسلام من الإرهاب
موقف الإسلام من الإرهاب وتحريمه القطعي مشيراً إلى ما يلي:
1) اعتبار الإسلام سفك الدماء وقتل الأنفس المعصومة من أشد المحرمات وأشار إلى أن ذكر تحريم سفك الدماء ورد في مواضع تصل إلى 120 موضعاً في القرآن الكريم، ومن ذلك قوله سبحانه: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} (الإسراء:33).
2) تحريم الإسلام الإفساد في الأرض: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} (الأعراف:56).
3) اعتبار الفساد في الأرض محادة ومحاربة لله ورسوله، وفرض عقوبة قاسية بشأنه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (المائدة:33).
4) تحريم أساليب الترويع والتخويف، حيث وردت نصوص عديدة في الكتاب والسنة بهذا الشأن ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لمسلم أو مؤمن أن يروع مؤمناً " و: " من حمل علينا السلاح فليس منا ".
المحور الخامس: أسباب الإرهاب
أسباب الإرهاب المتعددة، ومنها:
1) إتباع الهوى.
2) التأثر بالآراء المضللة.
3) الغلو في الدين.
-** الثمرة الأولي:-
ما مدى الحاجة لسن قانون جديد لمكافحة الإرهاب ؟.
عانت مصر لسنوات طويلة من انتشار الأعمال الإرهابية والعنف المسلح بشكل واسع النطاق والذي ترجع بداياته لعام 1981 تاريخ واقعة اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات على أيدي جماعة الجهاد، ومن قبلها أحداث الفنية العسكرية عام 1974؛ فقد حاول بعض أعضاء حزب التحرير الإسلامي القيام بمحاولة انقلابية عسكرية ضد نظام الرئيس السادات بالاستيلاء على الكلية الفنية العسكرية بالقاهرة ولكنها أجهضت وتغلب عليها الأمن المصري، بل وتم إعدام أعضاء حزب التحرير. وقد استمر تصاعد أعمال العنف بين الأجهزة الأمنية والجماعات الإسلامية المسلحة خلال فترة التسعينيات؛ ففي عام 1997 وقعت مذبحة الدير البحري بمدينة الأقصر والواقعة جنوب مصر والتي ارتكبتها الجماعات المسلحة، وقد أسفرت عن مصرع 69 شخصا، من بينهم 58 من السائحين الأجانب، و5 من المواطنين بينهم اثنان من رجال الشرطة، فضلاً عن مقتل 6 من العناصر التي اشتركت في ارتكاب المجزرة. كما شهدت فترة التسعينيات محاولات اغتيال مختلفة لمسئولين سياسيين من بينها محاولة اغتيال وزير الإعلام المصري السابق "صفوت الشريف" ورئيس الوزراء الأسبق "عاطف صدقي"، وقبل ذلك نجحت العناصر الإرهابية في اغتيال رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق، كما تعرض عدد من الكتاب والأدباء والمثقفين أيضا لمحاولات اغتيال؛ فقد حاولت بعض العناصر الإرهابية اغتيال الأديب المصري المشهور "نجيب محفوظ"، في حين نجحت في اغتيال المفكر الدكتور "فرج فودة".بالإضافة إلى الحوادث الإرهابية المتعددة التي شهدتها مصر، لا سيما في جنوبها خلال هذه الفترة، ومن بين تلك الأحداث نذكر جريمة اقتحام كنيسة "مار جرجس" بأبي قرقاص في فبراير 1996؛ وهو ما أسفر عن مصرع 8 من الأقباط، وكذلك الهجوم السافر الذي شنه إرهابيون على قرية بهجورة في مارس 1997 والذي أدى إلى مقتل 14 شخصا من بينهم 9 من الأقباط. وهناك واقعة الاعتداء على متحف التحرير في سبتمبر 1997 والذي أسفر عن مصرع 9 من السائحين الأجانب (1). وفي شهر يوليو 1997 أطلق قادة الجماعة الإسلامية مبادرة سلمية، ناشدوا فيها زملاءهم المقيمين في الخارج وأعضاء الجناح العسكري الفارين، وقف العمليات المسلحة داخل مصر وخارجها، وأحدثت مبادرتهم ضجة كبيرة في أوساط الإسلاميين حتى أصدر مجلس "شورى" الجماعة في مارس 1999 قرارًا بوقف العمليات المسلحة، وعلى الرغم من التشكيك والتساؤلات التي صاحبت الإعلان عن المبادرة، أصدر قادة الجماعة في السجون والمعتقلات المصرية عدة كتب أطلق عليها مصطلح "المراجعات" الفكرية لمنهج الجماعة ومسيرتها الإصلاحية، كما أوقفت جماعة الجهاد أعمال العنف المسلح في 5 فبراير 2000. وقد ساهم في مواجهة جماعات العنف المسلح رفض المجتمع المدني والقائمين عليه لأفكار هذه الجماعات، لا سيما أنها لم تكن تستهدف مؤسسات الدولة فحسب، وإنما استهدفت المدنيين والأجانب أيضا. ومنذ عام 1997 توقفت أعمال العنف المسلح، وبرغم ذلك استمرت الحكومة المصرية في استخدامها لمصطلح الإرهاب ومكافحته كذريعة لانتهاكها المستمر والمتواصل لحقوق الإنسان، كما سنت العديد من التشريعات والقوانين المعيقة لحقوق الإنسان، مبررة ذلك بأن ذلك يأتي في إطار "مكافحة الإرهاب"، مستخدمة شعار المكافحة الذي كثر استخدامه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 للإيحاء بأن العمليات الإرهابية قد تمتد إلى مصر، برغم أنه ليس هناك مبرر لا من الناحية السياسية أو القانونية لذلك. وبعد التفجيرات التي شهدتها طابا وسيناء جاء تمديد العمل بقانون الطوارئ لعامين آخرين، وعللت الحكومة ذلك بقولها بأن إلغاء حالة الطوارئ قبل إصدار قانون لمكافحة الإرهاب سيخلق حالة من الفراغ التشريعي؛ وهو ما يشكل خطرا شديدا! ؛ وهو ما يستدعي معه ضرورة مد حالة الطوارئ، لا سيما أن سن قانون الإرهاب قد يستغرق عامين ونصف. والسؤال هنا: ما هو هذا القانون العجيب الذي يستغرق سنه عامين ونصف العام؟ فهل تناست الحكومة أن هناك قانونا بالفعل لمكافحة الإرهاب وهو القانون رقم 97 لسنة 1992 والمسمى بقانون مكافحة الإرهاب والذي تضمن تعديلات على قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية. فبالنسبة لقانون العقوبات أضيفت مادة تتضمن تعريفًا شاملاً للجريمة الإرهابية وتنظيم الإرهاب، حيث تم التوسع في تعريف الإرهاب بعبارات مطاطة، وشدد العقوبات على هذه الجرائم المطاطة حتى وصلت لعقوبة الإعدام لكل من يدير مؤسسة أو يقوم بعمل إرهابي من شأنه الإضرار بمصالح المجتمع وترويع الآمنين. أما بالنسبة للإجراءات الجنائية فتم إدخال تعديلات كان من شأنها إعطاء الشرطة صلاحيات للقبض على الأشخاص واحتجازهم في الجرائم الإرهابية لمدة تصل إلى 7 أيام دون الإحالة إلى الجهات القضائية. كما منح القانون المزيد من الصلاحيات لأجهزة الأمن، وحد بشكل واضح من الضمانات القانونية والقضائية للمواطنين وفرض مزيد من القيود على حرية الرأي والتعبير، كما قلص هامش المشروعية الذي تتحرك في إطاره الفاعليات الحزبية والسياسية في مصر؛ فهذا القانون أسهم في إرساء وتعزيز "ترسانة قوانين القهر".بالإضافة إلى ما يتضمنه القانون من نصوص تتعارض مع المادتين 6 و15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. فتعريف الإرهاب كما ورد في القانون فضفاض للغاية بحيث يشمل طائفة من الأعمال المتفاوتة المحظورة، وقد طالبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان الحكومة المصرية بضرورة مراجعة تعريف الإرهاب وإعادة صياغته بمزيد من الدقة، خاصة أنه يزيد عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام بالمخالفة لحكم المادة 6 من العهد الدولي والتي تجيز توقيع هذه العقوبة إلا على أشد الجرائم خطورة. ومن خلال مطالعتنا لمسودة هذا القانون جاء كما توقعنا من هذه الحكومة فكان مشروع القانون الجديد للإرهاب أسوأ، بل أسوأ أيضًا من قانون الطوارئ للأنة تضمن وضع حالات استثنائية كما هو الحال في الطوارئ حتى تصبح مواده قانونية وذات مشروعية بعد أن كانت حالة استثنائية. وهو ما يعرض الوضع السياسي والقانوني لاحتمالية رفض بنود هذا القانون من جانب المحكمة الدستورية؛ لأنة يتناول بنودا مخالفة لنصوص الدستور خاصة فيما يتعلق بحقوق المواطنين وحريتهم وتتضمن أحكاما مهمة تتعلق بالدستور وسيادة القانون والقضاة وعدم سقوط الدعاوى بالتقادم فيما يخص قضايا التعذيب بعد مرور أي وقت. وقد يتضمن ما هو مطروح على الساحة أيضا بإدخال تعديلات دستورية جديدة بما يسمح بإصدار القوانين الاستثنائية مثل القانون المترقب إصداره.. فقانون الإرهاب هو ذاته قانون الطوارئ بكل سلبياته وتنكيله للمعارضين، والمرحلة التي تعيشها مصر في ظل الطوارئ هي حالة استثنائية ستكون حالة مقننة بفعل قانون الإرهاب. وسلوك الحكومة المصرية يؤكد أنها ماضية في تطبيق قانون الإرهاب بنفس الصيغة التي عليها حالة الطوارئ وقانونها وهو ما يجعلنا نكرر مرة أخرى أنه لن يمنع الإرهاب ولكنه سيضيق الحريات، في ظل الشواهد التي نراها الآن فكلها تؤكد ما نقول. وإذا كانت أعمال العنف والإرهاب قد جرى توظيفها عبر سنوات طويلة مضت لإضفاء المشروعية على حالة الطوارئ وتبرير الكثير من الممارسات والجرائم الشرطية المنافية للدستور والقانون ومصادرة الحقوق والحريات العامة للمواطنين، فإن تراجع ظواهر العنف والإرهاب ونجاح أجهزة الأمن في محاصرة بؤر "النشاط الإرهابي" لم يقترن بتخفيف قبضة الدولة على الحقوق والحريات العامة، بل شهدت حركة حقوق الإنسان تراجعا ملموسا وفرضت المزيد من القيود على حرية الرأي والتعبير ومؤسسات المجتمع المدني بصفة عامة ومؤسسات حقوق الإنسان على وجه الخصوص واستشرت فيه التجاوزات والجرائم الشرطية، سواء فيما يتعلق بالتعذيب واسع النطاق أو الاعتقال بصوره المختلفة السياسي والجنائي. وبرغم إدانتنا ورفضنا لأعمال الإرهاب والعنف المسلح التي شهدتها مصر خلال السنوات الماضية والشهور الأخيرة، فإن آليات المواجهة والردع من قبل السلطات والأجهزة الأمنية لم تخلُ من انتهاكات خطيرة لمنظومة حقوق الإنسان في مصر، لا سيما في ظل تمديد العمل بقانون الطوارئ والذي يشكل مظلة يجري تحتها العصف بالعديد من الحقوق والحريات الأساسية، حيث تحولت حالة الطوارئ التي رهن الدستور إعلانها بالحرب أو حالة التهديد بالحرب أو الكوارث حالة دائمة لأكثر من ربع قرن أدت لمصادرة الحياة السياسية، وتضخيم أجهزة الدولة البوليسية للحد الذي لا يتصور فيه هذا النظام قدرته على الاستمرار بدون هذه الصلاحيات التي توفرها له الطوارئ من انتهاك خصوصيات المواطنين والتنصت عليهم والاطلاع على بريدهم ومصادرة حقوقهم الدستورية واعتقال وخلافه
الثمرة الثانية:- هل سيكون قانون الإرهاب المزمع إصداره بمثابة تقنيين لقانون الطوارئ الاستثنائي في شكل قانون عادي؟.
في واقع الأمر، فإن مكافحة الإرهاب والقضاء عليه لم يكن ليتم -أبدا- بإرهاب آخر تمارسه الدولة بحق مواطنيها وبحق مؤسسات المجتمع المدني المختلفة من أحزاب وجمعيات أهلية ونقابات مهنية، من خلال قيامها بسن ترسانة القوانين المقيدة للحريات العامة والحقوق التي يكفلها الدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي صادقت عليها الحكومة المصرية. ويأتي في مقدمة تلك القوانين قانون الطوارئ والذي أضحى بمثابة الأداة التي تستخدمها السلطة التنفيذية للعصف بالحقوق والحريات العامة، لا سيما فيما يتعلق بالحق في المحاكمة العادلة والمنصفة، والحق في التجمع والتظاهر السلمي، وكذلك الحق في حرية الرأي والتعبير، بل يمكن القول بأن قانون الطوارئ أصبح الدستور الحقيقي للبلاد. ونهاية فإنه برغم إدراكنا لأهمية مواجهة أعمال العنف المسلح وحماية المجتمع والمدنيين من القائمين بأعمال العنف كمسئولية أساسية تقع على الدولة والحكومة معا، فإنه في نفس الوقت نؤكد على أن احترام حقوق الإنسان ومعايير العدالة في مواجهة هذه الجماعات المسلحة لا يتناقض مع قرارات المواجهة وتحقيق الأمن في البلاد، بل إن الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى نجاح المواجهة هو الاحترام الكامل لقيم ومبادئ حقوق الإنسان، اعتمدت الحكومة المصرية منذ بداية الثمانينات على المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة طوارئ لمحاكمة المشتبه بارتكابهم أفعالاً جنائية، بما في ذلك جرائم الإرهاب. وتنتهك إجراءات هذه المحاكم على نحو بالغ ضمانات المحاكمة العادلة المعترف بها دولياً. بعد طول ترقب وانتظار، مررت الحكومة المصرية قرارها بتمديد العمل بقانون الطوارئ المعمول به منذ ما يزيد على ربع قرن، !. وليس بخاف على أحد أن قانون الطوارئ هذا يتيح للحكومة المصرية، الآنية والمستقبلية على حد سواء، أن تمعن اعتقالا في المواطنين، ولفترات طويلة دونما محاكمة، ولمجرد الاشتباه! وأن تحيل المدنيين المتهمين إلى محاكم عسكرية لا تقبل أحكامها الصادرة عنها أيا من النقض أو الاستئناف، مثلما حدث في المحاكمات الأخيرة لقيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين. في الواقع، أثبت النظام المصري، الموغل في سياساته القمعية، أنه لا يمتلك توجها حقيقيا لإنهاء حالة الطوارئ المعمول بها منذ اغتيال السادات في العام 1981. وعلى الرغم من الاحتجاجات المتتابعة الصادرة عن مختلف قوى المعارضة، ومؤسسات المجتمع المدني، وعلى رأسها منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، وعلى المستوى التطبيق العملي يمكن القول إنه فيما يفترض ألا يطبق هذا القانون إلا على الإرهابيين وتجار المخدرات، يتم استهداف المعارضين السياسيين وفقا لبنوده وأحكامه، ويسجن أغلب هؤلاء لفترات طويلة تتجاوز العقدين من الزمان أحيانا، من دون أدنى حماية قانونية، أو حتى توفير محاكمة عادلة لهم، بل ومن دون توجيه تهم محددة عليهم!!. في الواقع، تعمد الحكومة المصرية لاستخدام فزّاعة الإرهاب، سواء لإضفاء نوع من المشروعية على تجديد العمل بقانون الطوارئ مرة أخرى، أم لسنّ تشريعات جديدة لمكافحة الإرهاب، تحول حالة الطوارئ المؤقتة، نظريا على الأقل، إلى حالة أبدية!!. ومن المعلوم أن استمرار حالة الطوارئ طيلة هذه الحقبة المديدة يتعارض وقواعد الحد الأدنى من القانون الدولي، والتي أجازت فرضه كحال استثنائية ليس إلا!!، وفي مواجهة خطر داهم تحددت عناصره سلفا في أي من حالة الحرب أو التهديد بها، أو حالات الكوارث الطبيعية. ومن ثم، فإن الإبقاء على حالة الاستثناء هذه بدعوى مكافحة الإرهاب تفتقر منذ سنوات طويلة إلى أي سند موضوعي. خاصة، بعدما تراجعت، وربما للأبد، مخاطر النشاط الإرهابي في مصر، وبعدما قطعت جماعات الجهاد الإسلامي، والتي كانت ضالعة في ارتكاب مثل هذه الجرائم، أشواطا مهمة في مراجعة ونقد الأسانيد الفقهية التي كانت تعول عليها في إعلان الحرب على النظام. أضف إلى ذلك، أن من مقتضيات التصدي لظواهر الإرهاب، أو حتى العنف السياسي والاجتماعي، الإيمان بأنه لا ينبغي أن توضع مثل هذه الإجراءات في تعارض مع مقتضيات حماية حقوق الإنسان. وأن مواجهة هذه الظواهر لن يتأتى عبر معالجات أمنية متشددة لا تقيم وزنا لحقوق المواطنين، وإنما يتطلب، في الدرجة الأولى، معالجات سياسية تنطلق من تشخيص موضوعي للمشكلات ذات الطابع السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي ككل، والتي تفرز مثل هذه الظواهر وتغذيها. ومن ثم، يظل درء مخاطر الإرهاب وأعمال العنف مرهونا بتوافر مناخ ديمقراطي، يؤمن فرصا حقيقية للتعبير وتبادل الآراء والأفكار بحرية تامة، ويفسح مجالا لمشاركة مجتمعية فعلية في صنع السياسات. إن التشبث بحالة الاستثناء هذه إنما يهيئ البيئة المثلى لتنامي ظواهر العنف والإرهاب. بخاصة، إذا ما وضعنا في الاعتبار أن المادة 179 التي جرى إقحامها في الدستور المصري العام الماضي، قد مهدت الطريق لتوطيد أركان الدولة البوليسية، وذلك من خلال ما تتيحه للسلطة التنفيذية وأجهزتها الأمنية من صلاحيات استثنائية تبطُل بموجبها الضمانات الدستورية، بمقتضى المواد 41، 44، 45 من الدستور، والتي تعد بمثابة صمام أمان للمواطنين، وتكفل لهم الحق في الحرية والأمان الشخصي، وتحظر مداهمة وتفتيش منازلهم، أو مراقبة رسائلهم، أو التصنت على هواتفهم، من دون إذن قضائي مسبق. فضلا عما منحته المادة 179 أيضا من صلاحيات تجيز لرئيس الجمهورية، بوصفه رئيسا للسلطة التنفيذية، حرمان المشتبه بهم والمتهمين في قضايا الإرهاب من المثول أمام قاضيهم الطبيعي، وإحالتهم إلى القضاء الاستثنائي، بما في ذلك القضاء العسكري، والذي يفتقر الماثلون أمامه للعديد من الضمانات القانونية والإجرائية، والتي يشكل غيابها إخلالا فادحا بمعايير المحاكمة العادلة. وبالتالي، فإن الإبقاء على مثل هذه الصلاحيات من شأنه الإجهاز بصورة نهائية على ما تبقى من مقومات الدولة المدنية، بعدما أفضت سبعة وعشرون عاما متصلة من حالة الاستثناء إلى التآكل التدريجي لأسس الدولة القانونية في مصر، وذلك بفعل ما استحوذت عليه السلطة التنفيذية من صلاحيات استثنائية، لا تخضع للمراقبة البرلمانية والقضائية، وبفعل اللجوء المتزايد لاغتصاب ولاية القضاء الطبيعي، وسلب اختصاصاته لمصلحة القضاء الاستثنائي. ناهيك بالطبع عن إهدار حجية الأحكام القضائية، بما في ذلك تلك التي تصدرها محاكم الطوارئ الاستثنائية. فهل بات قدر مصر أن تبقى دائما وأبدا في ظل حكم الطوارئ؟ وهل من المنتظر أن يسود قانون مكافحة الإرهاب، المعلن إلي تثبيت أركان الدولة البوليسية وإنهاء الدولة القانونية 0 بذلك فلسنا بحاجة إلي قانون لمكافحة الإرهاب لوجود بالفعل قانونا لمكافحة الإرهاب سواء في العقوبات او الإجراءات الجنائية 0 مفهوم طبعا أن الحزب الحاكم بحكم أغلبيته الكبيرة هو من أنصار العمل فى ظل المؤسسات القائمة، لأنه يُحكم قبضته عليها، ويستطيع أن يصدر أي شئ مهما كانت الاعتراضات الصاخبة من هذا الطرف أو ذاك،
الثمرة الثالثة:- ما مدى حماية قانون الإرهاب الجديد للحقوق والحريات العامة ؟.
في البداية نود ان نقول ؛- أدت الطفرة الهائلة التي أحدثتها موضوعات حقوق الإنسان وحرياته والتطورات السريعة والمتلاحقة على الساحة الدولية بشأنها ، إلى تعاظم الاهتمام العالمي بتلك الموضوعات وأصبحت عالمية هذه الحقوق والحريات وعدم قابلتها للتجزئة أو التنازل ، تعني بالمقام الأول توحيد هذه الحقوق والحريات بدول العالم أجمع ولكل إنسان فى كل زمان ومكان ثم ضمان توفيرها لدى الأنظمة القانونية الوطنية للدول الأعضاء ولذلك فإن عالميتها لن تتحقق بدون وطنيتها كما وأن وطنيتها كذلك لن تتحقق بدون عالميتها فالأمرين متلازمين ووجهين لعملة واحدة ، ولن يستقيم التركيز على إحداها دون الأخرى ، أو العناية بإحداهما وإهمال الأخرى وكلاهما يجب أن يتحقق.لتسود للإنسانية إنسانيتها ويسعد الذين يحملون صفاتها بكينونتها سواء لأنفسهم أو للبشر أجمعين. وأصبحت المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان تشتمل بصفة خاصة على وجهين من المسئولية للدول الأعضاء فيها ، فهي مسئولة عن إنفاذها فى مواجهة المجتمع الدولي من خلال الآليات الدولية والإقليمية المشكلة بهدف حماية ورصد ومراقبة تنفيذها ، وإن اختلفت حدود الإلزامية لما يصدر عن هذه الآليات من توصيات أو قرارات وتبلغ مداها فى صدور أحكام قضائية ملزمة ، وتعد ازدواجية المعايير والانتقائية وتسييس موضوعات حقوق الإنسان من أهم المشكلات المعاصرة على الصعيد الدولي دون الإقليمي الذي حظي بالتطبيق القضائي فى كل من التجمعين الأوربي والأمريكي ، ولعل القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة برقم 56/153 فى 3/2/2002 ( بناء على تقرير اللجنة الثالثة ) والذي يدعو فى البند الخامس منه إلى التأكيد على أن رعاية حقوق الإنسان والاعتراف بالقيام بها لكونها تمثل الاهتمام الشرعي للمجتمع الدولي يجب أن يقوم على مبادئ الحيادية والموضوعية ولا يجب أن يستخدم لغايات سياسية ، خير دليل على ذلك. ثم تأتى مسئوليه الدولة الطرف قبل مواطنيها والموجودين فى أراضيها فى توفير وضمان وحماية هذه الحقوق والحريات وفقاً للمعايير الدولية ، وتعد أهم المشكلات المعاصرة على هذا المستوى الأنظمة القانونية والسياسية بالدول النامية والغير المستقرة والتي يرتبط أداؤها بالإمكانيات المتاحة طبقاً لظروفها ولأوضاعها ولمواردها والتي ينتج عنها تردى الأوضاع الوطنية بشكل عام ، وهشاشة السلطات التشريعية والقضائية بصفة خاصة مما يشكل عبئاً كبيراً أمام هذه الدول للقيام مسئوليتها على أراضيها. حول مدى التزام النظام القانوني المصري بالالتزامات الناشئة عن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمنضمة لها مصر، ومدى كفالة وسائل الانتصاف الوطنية لضمان هذه الحقوق والحريات على أرض الوطن للكافة من مواطنين أو أجانب. وإن كنت أرى أن الإيجاز فى مثل هذه الأمور قد يكون مخلاً ولكن ، بأن الحرص على حقوق وحريات الآخرين واحترامها هو الطريق الأمثل لحرصنا على حقوقنا وحرياتنا. افتراض براءة المتهم وفي مسودة هذا القانون جعلت أصل الشك أولي من أصل وافتراض البراءة للمتهم وهذه هي مكمن الخطورة رغم ما يبدو لمبدأ افتراض البراءة في الإنسان - وإن صار متهماً - من بداهة تتسق والفطرة الطبيعية، إلا أنه قد تعرض لنقد شديد من قبل العديد من الفقهاء، ويأتي على رأس هؤلاء أنصار المدرسة الوضعية، ويشاركهم البعض من الفقهاء المعاصرين توجهم الرافض. لاقى مبدأ افتراض البراءة نقداً شديداً من قبل أنصار المدرسة الوضعية ، لما رأوه من تعارض بين هذا المبدأ وبين فلسفتهم المعتمدة في تصنيف المجرمين ، والتي تبنى على الاهتمام بشخص المجرم أكثر مما تهتم بالواقعة الإجرامية ذاتها. فنفر من أنصار تلك المدرسة قد قال بفكرة المجرم بالميلاد ، وهم أولئك الأشخاص الذين يعود إجرامهم إلى تكوينهم الطبيعي أو البيولوجي ، كما ميزوا بين المجرمين بالعادة ، والمجرمين المجانين ، وآخرين بالصدفة ، والمجرمين بالعاطفة ، وأمام هذا التنوع قالوا بعدم إمكانية الأخذ بمبدأ افتراض البراءة إلا بالنسبة للمجرمين بالصدفة أو بالعاطفة دون بقية الطوائف ، الأمر الذي يتعارض مع عمومية انطباق المبدأ على كافة مرتكبي الجرائم كما يرى أنصار المدرسة التقليدية. وكما يرى أنريكو فيري (1856-1928) ، أحد أقطاب المدرسة الوضعية ، أن تعميم مبدأ أصل البراءة على كافة المجرمين من شأنه أن يؤدي إلى نتائج مبالغ فيها ، وعلى الأخص فيما يتعلق بمنحه حصانة غير مرغوب فيها لمرتكبي الجرائم وفيما يتعلق بالمغالاة في حماية المصلحة الشخصية للمجرم على حساب مصلحة المجتمع. كما قيل أنه لو فرض وسلمنا بافتراض البراءة فإن هذا لا يتصور إلا في مرحلة التحقيق الابتدائي ، حيث لم تثبت الأدلة بعد في حق المتهم على وجه اليقين ، وحيث لا تمثل تلك الأدلة إلا مجرد احتمالات أو ادعاءات ما زالت تعتريها الشبهة. هذا فضلاً عن أن قيمة هذا المبدأ لا تظهر – في رأي أنصار تلك المدرسة – إلا حينما تكون الأدلة ضد المتهم ضعيفة وافتراضية، أما حين تكون الجريمة متلبس بها، أو حينما يدلي المتهم باعتراف تفصيلي، فإن قيمة هذا المبدأ تبدأ في التلاشي. فإذا أضيف إلى كل ذلك ما يكشف عنه الواقع العملي من أن الكثير من المتهمين تتقرر إدانتهم، لثبتت المبالغة التي يقيمها الفقه لمثل هذا المبدأ. والواقع أن الانتقادات التي قال بها أنصار المدرسة الوضعية تبدو مغالى فيها. فقولهم أن هذا المبدأ يعيبه أنه يسري على كافة المجرمين دون تمييز بين طوائفهم ، قول مردود عليه بأن التصنيف الذي اعتمدته تلك المدرسة إنما هو تقسم فقهي أكثر منه تقسيم علمي يستند إلى أسس علمية سليمة. وإذا فرض وقيل أن لهذا التصنيف سند من العلوم التجريبية ، فإنه لن يكون له قيمة إلا في مرحلة التفرد القضائي للجزاء وفي أعقاب ثبوت الإدانة ، أما بالنسبة للإثبات الإدانة ذاتها فإن مقتضى مبدأ أصل البراءة يفرض وجوب تطبيقه على كافة المتهمين دون تمييز. وفي ذلك مراعاة لمبدأ المساواة النابع مما تقتضيه قاعدة القانون من اتصافها بالعمومية والتجريد. حقاً قد يستفيد بعض المذنبين من هذا الافتراض للبراءة ، ولكن العدالة تأبى أن يكون هناك أنموذجين في تطبيق القاعدة القانونية ، أحدهما يفترض براءة طائفة من المجرمين ، وأخرى تفترض إدانة طائفة أخرى ، ذلك أن مجال تطبيق كل من الأنموذجين لا يمكن تحديده إلا بعد صدور حكم قضائي نهائي يحدد من كان مذنباً ومن كان بريئاً. أما قبل صدور حكم قضائي يحدد مراكز المتهمين فيتعين أن تتوحد المراكز القانونية للجميع دون تمييز. وبهذا الفهم لا يصدق القول بأن مبدأ افتراض البراءة يمنح المجرمين نوعاً من الحصانة غير المرغوب فيها ، فالحق أنه يمنح الجميع حصانة ضد التعسف والحيف والاتهامات التي تنال من الحرية الفردية. كما لا يصح الادعاء بأن هذا المبدأ لا يجد له قيمة حين تكون الجريمة في حالة تلبس ، أو عندما يدلي المتهم باعتراف تفصيلي ، ذلك أن مبدأ أصل البراءة لا يقتصر أثره على إلزام هيئة الاتهام بإثبات وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها فقط ، وإنما يفرض عليها ، إلى جانب ذلك ، معاملته على أساس أنه برئ طوال فترة الاتهام حتى تثبت إدانته ثبوتاً قطعياً لا شك فيه. وبدلالة أخرى ، فإن هذا المبدأ لا يهيمن فقط على مشكلة توزيع عبئ الإثبات ، وإنما يهيمن أيضاً على مشكلة أخرى ، لها النصيب الأكبر في مقام الإجراءات الجنائية ، ألا وهى مشكلة ضمان الحرية الفردية لمن تعرض لاتهام. حقاُ إن ضبط المتهم في حالة تلبس يشكك في براءة المتهم ، الأمر الذي يبرر الخروج على بعض الأصول الكلية للإجراءات الجنائية فيما يتعلق بعمل مأموري الضبط القضائي كي يتمكنوا من الحفاظ على أدلة الجريمة وهى ساخنة ، غير أن ذلك لا يمكن له أن يدحض أصل البراءة المفترض ، الذي يظل محتفظاً بقيمته كاملة ، سواء من حيث دوره في صيانة الحرية الشخصية ، أو من حيث إلقاء عبء الإثبات على عاتق سلطة الاتهام. فلا يعدو التلبس إلا أن يكون قرينة بسيطة على صحة الأمر المدعى به من قبل تلك الأخيرة ، الذي قد يدحضها وجود سبب من أسباب الإباحة في حق من زعم نحوه بحالة التلبس ، أو تأكيد الأخير أن سبب ضبطه في تلك الحالة إنما محاولته إنقاذ الجني عليه الذي استغاث به ، أو مجرد تصادف وجوده في مكان الحادث. وإذا كنا لا نجادل في أن اعتراف المتهم يمثل رأس الأدلة في مقام الإثبات الجنائي متى صدر عن إرادة حرة ، ومن شخص كامل الأهلية ، وكان واضح الدلالة على ارتكاب الجريمة أو المساهمة فيها ، إلا أن ذلك لا ينال من قيمة أصل البراءة المفترض في المتهم ، إذ تظل سلطة الاتهام مكلفة بعبء إثبات أن الاعتراف قد صدر مستكملاً عناصر مشروعيته كدليل للإدانة ، فضلاً عن تمتع المتهم بكامل الحماية التي يضفيها عليه افتراض براءته. وهذا كله لا يدعمه إلا لأن الاعتراف – مع سيادة مذهب الإثبات الحر - صار كغيره من الأدلة يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها مطلق الحرية في تقدير صحته وقيمته القانونية، بحيث يكون لها أن تطرحه كدليل مقدرة براءة المتهم. ويكفينا رداً على قول أنصار المدرسة الوضعية أن الواقع العملي يكشف عن أن معظم من يتقرر اتهامهم تتأكد إدانتهم ، أن هذا القول بذاته حجة عليهم ، إذ هم يقرون هكذا أن بعض من يتقرر اتهامهم يقضى ببراءتهم ، الأمر الذي يؤكد ضرورة تمتع كافة المتهمين بأصل البراءة منذ توجيه الاتهام. فما دام أن العمل قد أثبت أن كثيرين قد ثبتت براءتهم بعض أن تعرضوا للاتهام وللحبس الاحتياطي ، فإنه من الأحوط ، إن لم يكن من الضرورة ، معاملة جميع المتهمين على أساس أنهم أبرياء إلى أن يقضى نحوهم بإدانة قاطعة. ولا يخشى حال ذلك أن يفلت بعض المذنبين من قبضة العدالة ، فتلك الأخيرة لا يؤذيها هذا الإفلات بقدر ما يؤذيها إدانة ظالمة لبرئ واحد. والقول بغير ذلك يدفع بالمجتمع نحو التضحية بالأبرياء في سبيل إدانة المذنبين ، الأمر الذي يمثل انتهاك للحرية وامتهان لكرامة الإنسان ، وفرض طابع تسلطي على مجمل الإجراءات الجنائية بحجة ، هي في مبدأها ومبناها واهية ، تسمى الدفاع عن المجتمع ضد الإجرام. والإرهاب و1ذهبت الدولة في مشروعها هذا إلي الأخذ بالشبهات والإدانة المسبقة وتعطيل أصل ومبدأ براءة المتهم حتي يدان في محاكمة عادلة 0 فميزان العدالة كان يميل في الماضي إلى جانب سلطة الاتهام على حساب مصلحة المتهم ، إلى أن تحسن مركز الأخير ونال الكثير من حقوقه ، حتى غدت مدونات الإجراءات الجنائية تنهض على أساس محاباة المتهم على حساب حقوق المجني عليه والمضرور من الجريمة ، الأمر الذي أخل في النهاية بالتوازن الواجب بين حقوق المتهم وما يتوجب للمجني عليه من حقوق. وينتهي هؤلاء للقول بضرورة أن يفسر الشك لصالح المجني عليه أو المضرور من الجريمة لا لصالح المتهم ، فمن الخيال ، بل من السخرية ، القول ببراءة هذا الأخير ثم إحالته للمحاكمة ، فأي برئ هذا الذي تجري محاكمته!؟ ولا يخشى – في رأي هؤلاء – التعسف نحو المتهم ، طالما أن الاتهام لا يسعى إلى الإدانة بل يسعى إلى الحقيقية سواء جاءت في صالح المتهم أم ضده ، وطالما تقرر حق الطعن في أحكام المحاكم الدنيا لدى رجات قضائية أعلى تسمح بتجنب الإدانة الظالمة. والواقع أننا نجد لهذا النقد صدى في الفقه المصري ، وذلك حين قال البعض بعدم دقة افتراض البراءة لتعارضه مع واقعة الاتهام ذاتها ومع الإجراءات الماسة بالحرية كالقبض والتفتيش والأمر بالحبس الاحتياطي ، وهى إجراءات لا يتسنى اتخاذها إلا قبل من توافرت دلائل قوية في حقه على الاتهام بارتكاب الجريمة ، فإذا قيل بافتراض البراءة لأصبحت تلك الإجراءات بغير أساس قانوني سليم. هذا فضلاً عن أن الضمانات التي تقررت للمتهم في كافة مراحل الدعوى الجنائية لم تتقرر لكونه برئ وإنما لمجرد كونه متهم. كما أن تفسير الشك لمصلحة المتهم لا يعود لكونه بريئاً ، بل لأن القاعدة أن الإدانة الجنائية تبنى على الجزم واليقين. وأن قاعدة أن عبء الإثبات يقع على عاتق الاتهام فهي الأخرى ليست تطبيقاً لقاعدة افتراض البراءة، وإنما نابعة من طبيعة الخصومة الجنائية ذاتها. وينهى هذا الرأي بضرورة استبدال عبارة افتراض البراءة بالعبارة التي تبناها الدستور الإيطالي القائلة بأن "المتهم لا يعد مذنباً حتى صدور الحكم النهائي بإدانته" (م.27/2) ، أو بالنص على اعتبار المتهم مجرد مشتبه
فيه Simplement suspect بدلاً من اعتباره بريئاً Innocent. والحق أن تلك الحجج ليس من شأنها الإقناع بعدم مقبولية مبدأ أصل البراءة. فليس صحيحاً أنه لا يوجد في الحاضر ما يبرر هذا المبدأ ، إذ أن افتراض البراءة لا يتوجه بالخطاب فقط لرجال السلطة العامة ، بل يتوجه للقضاء كذلك في مرحلة المحاكمة. فالواقع أن هذا المبدأ يبدو في كثير من الأحيان كمكمل لعدد من المبادئ التي تلزم لوصف المحاكمة الجنائية بالمحاكمة العادلة، وعلى رأسها مبدأ حياد القاضي الجنائي. فلو فرض وقام شاهد بالتعبير عن رأي يضير بالمتهم ، أو أطلق العنان للسانه لسب المتهم ولم تنهي المحكمة عن ذلك ، فإن الأخيرة تكون قد فقدت حيادها بأن شاركت الشاهد عداوته للمتهم ، وافتأتت من ثم على مبدأ أصل البراءة ، الذي يظهر كمكمل لمبدأ حياد القاضي. بل إننا لا نشطت في الحديث إذا قلنا أن النص على هذا المبدأ في صلب الوثائق الدستورية يعني توجهه بالخطاب كذلك للسلطة القائمة على أمر التشريع الجنائي ، بما يضع على عاتقها قيداً يوجب مراعاة قيم هذا المبدأ ونتائجه حال تنظيم الإجراءات الجنائية التي يمكن اتخاذها إذا تم توجيه الاتهام للأحد الأفراد. ولعل كل ذلك يؤكد ضرورة الإبقاء على قيم هذا المبدأ في وقتنا الحاضر ، هذا الوقت الذي تتوجه فيه الأنظار نحو تعزيز واحترام حقوق الإنسان. كما أن هذا الرأي يتغافل عن الخصوصية التي تتمتع بها الدعوى العمومية، وكونها دعوى تهم المجتمع بأسره، ومن ثم فإن تحديد مواقف الخصوم تمليه المصلحة العامة لا مصلحة المجني عليه. والمجتمع كما تهمه معاقبة المتهم حال ثبوت الجرم في حقه، تهمه أيضاً براءة من وجه إليه اتهام ظالم. وهكذا فإن المجني عليه لا يظهر بحسبانه خصماً في الدعوى العمومية ، ولا تبدو الأخيرة – على خلاف الدعوى المدنية – أنها تستهدف الوصول إلى تسوية عادلة بين المتهم والمجني عليه ، ولا يمكن والحال كذلك القول بأن المجتمع يرى خيره في أن يسارع بإدانة شخص قد تظهر براءته فيما بعد. فالحرية ليست منحة من المجتمع، بل هي حق طبيعي يتقرر لكل فرد، ومصلحة الفرد في الدفاع عن حريته تعلو على مصلحة الجماعة في مواجهة الجريمة، وذلك لما يترتب على الجزاء الجنائي من مخاطر يتعذر في كثير من الأحيان تجاوزها. يضاف إلى ذلك أن مبدأ أصل البراءة لا يتعارض بحال مع الإجراءات الماسة بالحرية التي يمكن اتخاذها قبل المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي أو في مرحلة المحاكمة ، فكما سبق القول أن عنصر الدفاع عن حرية الفرد يتصادم منذ البداية مع مصلحة المجتمع في الدفاع عن نفسه ضد خطر الجريمة ، وللتنسيق بين المصلحتين يتوجب السماح – بموجب غطاء شرعي من نص دستوري أو قانوني – بالمساس بالحرية الفردية بما يمكن من الوصول للحقيقة حول جريمة ما ، مع وجوب افتراض براءة من خضع لتلك الإجراءات ، بحيث لا تتقرر إدانته في النهاية إلا بأدلة قاطعة تبرر في النهاية ما عساه يكون اتخذ * من إجراءات ماسة بشخصه. ولم يكن يمكن التوصل إلى قدر من التوازن بين مصلحة المتهم ومصلحة المجتمع إلا بتقرير ضمانات وحقوق للمتهم ، لا بحسبانه متهماً ، ولكن بحسبان أن ما يتخذ * من إجراءات ماسة بالحرية إنما يزيل البراءة المفترضة فيه. ولو قيل أن تلك الضمانات تعود فقط لكونه متهماً، فلنا أن نتساءل، لماذا لم تتضمن التشريعات القديمة مثل تلك الضمانات حماية لحقوق المتهم الذي كانت تفترض فيه الإدانة وقتئذ ؟ ولا شك أن المبرر في ذلك يعود إلى أن الإنسانية لم تكن إلى ذاك الوقت لم تكن قد تلمست فكرة افتراض البراءة بعد ، فالمبدأ آنذاك أن يسمح بالمساس بحرية الفرد ، قبضاً وتفتيشاً وحبساً احتياطياً دون أن يكون لذلك أي مبرر من ضرورات تحقيقي أو أمن مجتمع. أما حين عرف مبدأ أصل البراءة مع تعاظم صيحات الفلاسفة والمفكرين منتصف القرن الثامن عشر ، وحين تم تسجيل هذا المبدأ كأصل دستوري وإنساني ، فقد جاءت التشريعات مقررة لضمانات حال خضوع شخص لاتهام بارتكاب جريمة. وإلى جانب ضمانة تفسير الشك لمصلحة المتهم استصحاباً للبراءة فيه، فإن إلقاء عبء الإثبات على عاتق سلطة الاتهام تظل أهم نتائج مبدأ أصل البراءة. فهذه القاعدة لا يبررها – على حد قول المعارضين - طبيعة الخصومة الجنائية ، إذ لو صح قول هؤلاء أن من طبيعة الخصومة الجنائية أن يقع عبء الإثبات على عاتق الاتهام ، فكذلك يصح القول بأن من طبيعة الخصومة المدنية أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي. بيد أن عبء الإثبات يختلف كثيراً في كلتا الخصومتين. ففي الخصومة الجنائية يظل عبء الإثبات دائماً على عاتق الاتهام وسلطة الادعاء ، ولا يرتفع عن كاهلها إلا إذا نص القانون على ذلك صراحة ، فإذا فشلت تلك الأخيرة في هدم قرينة البراءة بإقامة الدليل القاطع على ذلك ، ظل المتهم على براءته ، ولا يكفي أن يبنى الاتهام على قول دون دليل ، ولا يكلف المتهم بإثبات براءته. أما في الخصومة المدنية ، فإن عبء الإثبات يمكن أن ينتقل إلى عاتق المدعي عليه الذي يصبح مدعياً يقع عليه عبء إثبات ما يدعيه إذا ما أثار دفعاً ، ولم يقتصر موقفه على مجر الإنكار. هذا كله لا يسري بحال في المجال الجنائي ، فالمدعى عليه لا ينقلب بمرافعته أو بدفعه مدعياً ، وذلك استبقاءً للبراءة التي تهيمن على كافة إجراءات الدعوى الجنائية ، بما فيها توزيع عبء الإثبات الجنائي. بناء علي ذلك يكون مشروع القانون المقدم للحكومة لمكافحة الجريمة الإرهابية لا يحفظ حقوق المتهم في قانون الإرهاب الجديد ويهدر والحريات العامة ؟.
الثمرة الرابعة:- آليات الموائمة بين توفير ضمانات حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب في المشروع المقترح
فوجيء الجميع ببعض مواد قانون الإرهاب الجديد تطل علينا والتي تسربت عن عمد أو بدون عمد وبالنظر لهذه المواد تنتاب المرء حيرة شديدة من جراءة النظام المصري واستبداله قانون الطوارئ الذي يجثم علي صدورنا منذ 27 عام بقانون بشع بغيض يفتش في النوايا ويستخدم ألفاظ وعبارات مطاطة تجعل من يتكلم فقط يقع تحت طائلة التحريض وبالتالي يحاسب جنائياً مثله مثل من خطط ودبر ونفذ! بداية لم أتصور أن هناك في عام 2009 من لا يزال من ترزية القوانين يفصل مواد بهذه الصورة المباشرة الغير منطقية والتي يمكن لأي محامي مبتدئ أن يطعن في عدم دستوريتها. تعالوا ننظر إلي بعض المواد التي تم تسريبها وندقق في استخدام الألفاظ والكلمات..
المادة الأولي من الإحكام العامة:
يقصد بالعمل الإرهابي كل استخدام للقوة أو العنف أو التلويح باستخدامه، وكل تهديد أو ترويع أو تخويف، يلجأ إليه الإرهابي، أو المنظمة الإرهابية بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه أو أمن المجتمع الدولي للخطر، إذا كان من شأنه إيذاء الأشخاص أو ترويعهم أو تخويفهم أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم العامة أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة، أو الموارد الطبيعية أو الآثار أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية أو مصالح الحكومة أو الوحدات المحلية، أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية، أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية في مصر من ممارسة كل أو بعض أوجه نشاطها، أو منع أو عرقلة قيام دور العبادة أو مؤسسات ومعاهد العلم بأعمالها، أو تعطيل تطبيق أي من أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح، وكذلك كل سلوك يرتكب بهدف الإضرار بالاتصالات أو بالنظم المعلوماتية أو بالنظم المالية أو البنكية، أو بالاقتصاد الوطني أو بمخزون الطاقة أو بالمخزون الأمني من السلع والمواد الغذائية والمياه أو بالخدمات الطبية في الكوارث والأزمات.
وجاءت المادة الثانية لتأكد علي ما ورد بالمادة الأولي حيث نصت علي:
مادة (2)تعتبر جريمة إرهابية، كل عمل إرهابي من الأعمال المنصوص عليها في المادة (1) من هذا القانون، وكل جريمة منصوص عليها فيه، وكذلك كل جريمة منصوص عليها في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر، إذا ارتكبت بوسيلة من وسائل الإرهاب بقصد تحقيق أحد أهدافه المبينة في المادة المذكورة. مما يلي نلاحظ استخدام كلمات مثل الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع للخطر وتم إضافة المجتمع الدولي بالمرة
أما أخطر المواد علي الإطلاق فهي المادة السادسة
مادة (6)يعتبر التحريض علي ارتكاب الجريمة الإرهابية التي لم تقع بناء عليه، جريمة معاقبا عليها بالعقوبات المقررة لها، سواء كان التحريض موجها لشخص محدد أو جماعة معينة أو كان تحريضا عاما، بأي وسيلة من الوسائل علنية أو غير علنية. كما يعتبر الاتفاق علي ارتكاب الجريمة الإرهابية التي لم تقع، أو المساعدة فيها، جريمة معاقبا عليها بالعقوبة المقررة لها.
** نترك بقية المواد جانباً وننظر في المادة السادسة علي سبيل المثال أن هذه المادة هي أخطر مواد قانون الإرهاب حيث أنها غير محددة ومطاطة ونطالب. بضرورة التفسير الدقيق والكامل للمادة من خلال لوائح تنظم المقصود ب «التحريض» حتي لا يجد الإعلامي نفسه يحاكم مع الإرهابي بتهمة النشر والتحريض. ونفس الأمر ينطبق علي المعارضين للنظام. فكل من يضايق النظام سيكون محرض علي إثارة الفتن والقلاقل ؟ وسيتم بهذا القانون المشبوه تقنين الاستثناءات..وجعل عمليات تصفية واعتقال الأفراد المشاغبين والمعارضين تتم في سهولة ويسر! بلا استشكالات أو إستئنافات أو طعون ؟ والشيء المذهل وأنا أزعم أن مثل هذه القوانين ستجعل الشعب المصري أكثر فهماً ووعياً بما يفعله النظام به وبمدي استهتاره بحريته وبمقدراته فالظلم هذه المرة شديد وقد حيك برعونة مذهلة فقانون الإرهاب الجديد. من أهم بنوده: حظر بناء دور العبادة دون إذن الأوقاف والسماح بتفتيش الرسائل وإنشاء محاكم خاصة "، المثير للجدل، وتقول إنه "تقنين وتطبيع لمواد قانون الطوارئ المؤقت، بشكل يجعله دائم بما يهدد حريات المصريين ويقيدها".وتضمن مشروع القانون ، مواد تتعلق بمراقبة الرسائل بجميع أنوعها لمن يشتبه فيه بأمر من النيابة، وإنشاء نيابة ودوائر محاكم مختصة بالإرهاب وتخصيص ضبطية قضائية خاصة بالإرهاب، وحظر بناء دور للعبادة دون إخطار وزارة الأوقاف، فضلا عن تجريم عدم القدرة على تبرير الثراء الذي يتصف به شخص معين على اتصال مع آخرين متورطين في جرائم إرهابية. وتجريم تمويل العمليات الإرهابية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وتجريم الامتناع أو عدم القدرة على تبرير الثراء الذي يتصف به شخص معين على اتصال مع آخرين متورطين في عمليات إرهابية. كما تضمنت السماح بمراقبة جميع الرسائل بجميع أنواعها، بقرار من رئيس النيابة المختص، إذا كانت هناك دلائل قوية تحمل على الاعتقاد بأن هناك تدبير لإعداد أي عمليات إرهابية، وتجريم إنشاء دور العبادة دون إخطار وزارة الأوقاف التي تعين بها الوعاظ التابعين لها. وإن هذا التجريم الخاص بدور العبادة يرجع لشن مثقفين يساريين وليبراليين هجوما في مراحل سابقة على ما أسموه "فوضى إنشاء مساجد وزوايا للصلاة" يقولون إن بعضها يستغل من قبل إرهابيين أو لتبرير تمويل عمليات "إرهابية"، حسب وصفهم. واعتبر أيضا، المشروع الجديد، الاعتداء على المنظمات الدولية أو الإقليمية في مصر عملا إرهابيا، شأنه شأن الإرهاب الموجه ضد الدولة، مع تفعيل الآليات للتعاون الدولي في مواجهة الإرهاب مثل التعاون الشرطي المتبادل وتسلم الأشخاص. نيابة ومحاكم مختصة للإرهاب
الثمرة الخامسة:- موقع ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة في المشروع المقترح.
**تأسيس الاقتناع القضائي والمحاكمة الجنائية العادلة
**من المقرر أن القاضي الجنائي له سلطة قبول أي دليل يحقق لديه الاقتناع وهو كذلك الذي يقدر قيمة الدليل وقوته في الإثبات دون أن يقيد في ذلك حد ما وتمر عملية الاقتناع وتكوين العقيدة بعدة مراحل حيث يستمع القاضي إلي طرفي الخصومة وتطرح أمامه عديد من الوقائع منها الأدلة أو الدلائل علي ثبوت أو نفي الجريمة وقد يجري بنفسه تحقيقا للوقوف علي ما يراه لازما في كشف الحقيقة وهذه هي المرحلة الأولي التي تفتح بها العملية القضائية ومنها يدرك القاضي ما يطرح إمامة ما يتلقاه من أطراف الدعوي وتتطور العملية القضائية فيبدأ القاضي يفسر ما يتلقاه وما أدركه من وقائع فيسترجع نصوص القانون التي يرشحها للانطباق علي ما تلقاه من وقائع فيسترجع نصوص ليقوم بأهم واخطر حلقات العملية القضائية وهي المطابقة بين الواقعة المادية التي حملها الخصوم إلية والواقعة النموذجية الواردة في نص من النصوص التي استرجعتها أو تذكرها بهدف الوقوف علي ما إذا كانت هذه الوقائع المادية تتطابق مع واقعة نموذجية أي تلك الوقائع المنصوص عليها في قانون العقوبات من عدمه وهذه هي المرحلة الثانية من مراحل العملية القضائية الخاصة بتكوين عقيدة واقتناع القاضي وأخيرا يتبلور أو يتكون ( يقين القاضي ) أو جوهر قراره ومضمونه وقد يصل في هذه الحالة أليس احد فرضين :-
الأول :- الجزم بإدانة المتهم الثاني :- الجزم ببراءته ويكون ذلك في احد حالتين :- الحالة الأولي تتعلق بعدم وجود دليل إدانة مطلقا والحالة الثانية تتصل بالشك في دليل أو أدلة الإدانة القائة ضده وبناء علي ذلك يعلن القاضي راية في الحكم الذي يصدر ه بشأن الواقعة لاشك أن القاضي الجنائي ملزم قانونا بالفصل في موضوع الدعوي التي ينظرها سواء بالإدانة أو البراءة وهو في سبيل الوفاء بهذا الالتزام علي الوجه الأكمل يقوم بعدة عمليات ذهنية من اجل تكوين اقتناعه بصدد ثبوت الوقائع المادية إلي المتهم المقدم للمحاكمة وثبوت مسئوليته الجنائية عنها فيقضي بالإدانة أو عدم ثبوتها بالبراءة ومن المقرر أن القاضي حر في تكوين عقيدته في الدعوي من أي دليل يجده في أوراقها طالما أن المشرع لم يفرض عليه دليلا بذاته ( المادة 302 إجراءات جنائية ) والاقتناع القضائي يقوم علي عنصرين هما :- 1- المنهج أي كيفية الاقتناع 2- المضمون ويقصد به النتيجة التي خلص إليها القاضي وهذا هو ما نحاول التركيز علية في هذا المقال باعتبار أن عملية الاقتناع في جوهرها إنما هي عملية ذهنية تجري علي مراحل متعددة بعضها مركب ومتداخل وكل مرحلة يعتمد علي مصادر معينة تشترك في تكوين مضمون الاقتناع ماهية الاقتناع القضائي :- لا يخفي أن العملية القضائية التي يجريها القاضي الجنائي إنما غايتها النهائية التوصل إلي ( الحقيقة الواقعية) فكل نشاط أو جهد ذهني يبذله القاضي خلال إجراء العملية القضائية يبتغي من ورائه التوصل إلي الحقيقة الواقعية أي الوقوف علي حقيقة الوقائع كما حدثت في الواقع أو العالم الخارجي لا كما يصورها الخصوم ولا يمكن أن تظهر الحقيقة الواقعية إلا بعد البحث عنها وثبوتها بالأدلة فإذا وصل القاضي إلي حالة ذهنية استجمع فيها كافة عناصر وملامح الحقيقة الواقعية واستقرت هذه العناصر والملامح في وجدانه وارتاح ضميره للصورة الذهنية التي تكونت واستقرت لدية عن تلك الحقيقة فهنا يمكنا القول أن القاضي وصل إلي حالة الاقتناع . ثم ننتقل إلي المحاكمة الجنائية العادلة :- العمل القضائي بصفة عامة والعملية القضائية بصفة خاصة عمل عملي مقنن بمعني أن العمل الوحيد من بين الأعمال التي يؤديها أو يقوم بها البشر الذي تحكمه قواعد عملية محددة سلفا في نصوص مكتوبة وهذه القواعد هي القانون المكتوب فالمحاكمة الجنائية العادلة بأنها مقاضاة المتهم بشأن الاتهام الجنائي الموجه إلية أمام محكمة محايدة وطبقا لإجراءات قانونية يتاح له من خلالها حق الدفاع عن نفسه مع تمكينه من مراجعة الحكم الصادر ضده من قبل قضاء أكثر علوا من المحكمة التي حكمت علية وباعتبار ذلك حقا طبيعيا للمتهم يقابل حق الدولة في استفاء العقاب فالمتهم له حق تجاه الدولة مؤداه أن يحاكم محاكمة عادلة أي أمام محكمة محايدة وبأتباع إجراءات مشروعة تراعي فيها كافة الضمانات التي يقررها قانون الدولة وهذا الحق المقرر للمتهم يلقي علي عاتق الدولة التزاما بأن تهيئ له سبل تلك المحاكمة العادلة وتوفر له الجهة الكفيلة بمفرداتة * والدولة لها حق تتبع المتهم الذي ارتكب الجريمة وتوقيع العقاب علية إذا ثبت إدانته ومسئوليته الجنائية عن الجريمة باعتبار أن المتهم قد اعتدي علي احدي المصالح التي يحميها القانون ولذلك فطالما ثبتت مسئوليته عن الجريمة فأنة يلتزم بالخضوع لأمر الدولة الصادر ضده بتحمل الجزاء المقرر لهذه الجريمة والممثل في الحكم الصادر بالاداتنة ولا يخفي أن الذي يكسب الاقتناع سمته القانونية هو كونه وليد إجراءات جنائية قانونية ومشروعة وتكون الإجراءات الجنائية كذلك عندما يتسم مسلك القاضي الجنائي خلال إجراء العملية القضائية بالالتزام بأحكام القانون أي لا يخرج عن الخط الذي رسمه القانون أما إذا جهل أو تجاهل قاعدة قانونية سواء كانت قاعدة شكلية أو موضوعية من القواعد المنظمة لجانب من جوانب العملية القضائية أو عندما يؤؤل أو يفسر هذه القواعد تأويلا أو تفسير غير حقيقي فان هذا الجهل أو التجاهل من ناحية أو الخطأ في التأويل أو التفسير من ناحية أخري ينعكس بصدق علي الاقتناع الذي حصله لأنة ثمرة أو محصلة الخطوات التي خطاها هو نتيجة العمليات التي أجرها بطريقة اتسمت بالخطأ أو الفساد ومؤدي ذلك إن هذه السمة تتصل اتصالا وثيقا بالمنهج القضائي في الاقتناع أو بكيفية تحصيله وتحديد ملامحه وان الوقائع المادية الثابتة بملف القضية وهي الوقائع التي تشكل كيان الجريمة المرتكبة إنما هي تقوم بدور توجيه القاضي وارشادة إلي تحديد الأركان والعناصر والشروط وكل ما يتعلق ببيان الواقعة النموذجية سواء كانت الواقعة الموضوعية أو الواقعة الإجرائية ذلك أن الواقعة المادية هي التي تستثير ذهن القاضي وتجعله ينشط ليتذكر القواعد القانونية التي يرشحها بصفة مبدئية لكي يطبقها علي الواقعة المادية وإلا رشح غيرها واجري عملية المطابقة مرة أخري حتى يتحقق التطابق التام بين الواقعتين المادية الموجودة في الأوراق والنموذجية الموجودة في القاعدة القانونية وهذا ما يدعونا لان نقرر أن هناك ارتباطا وثيقا وحتميا بين تفسير الواقعة المادية المعروضة علي القاضي الجنائي والثابتة بملف القضية من ناحية وتفسر الواقعة النموذجية الواردة في صيغة النص التشريعي سواء كان نصا موضوعيا أو نصا إجرائيا من ناحية أخري وهذا الارتباط أساسه أن الخطأ في تفسير أيهما يؤدي بالضرورة وبطريق اللزوم العقلي إلي الخطأ في نتيجة عملية المطابقة بين الواقعتين ويكون ثمرة هذا الخطأ خطأ أخير في إعلان حكم القانون سواء الموضوعي أو الإجرائي بما يؤدي إلي الخطأ في تقرير الحكم القانوني الصحيح للنزاع المعروض فالمتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه "" والضمانات المشار إليها فى المادة الدستورية قد نصت عليها القوانين المختلفة وأهمها بالطبع قانون الإجراءات الجنائية الذي هو أداة السلطة لتنفيذ قانون العقوبات فى المحاكمات القانونية ، فقانون الإجراءات الجنائية هو الوسيلة لتطبيق نصوص العقوبات - ولهذه الضمانات --فضلا عن كونها توفر للمتهم المحاكمة العادلة – أهمية عملية قصوى إذ يترتب على مخالفة الكثير من هذه الضمانات بطلان الإجراء ذاته ، الأمر الذي يستفيد منه المتهم ولكن مخالفة هذه الضمانات تختلف فى أثرها من ضمانة لأخرى فبعضها يرتب الإخلال به بطلانا مطلقا والبعض الأخر يكون أثره بطلانا نسبيا يسقط بالتنازل عنه -الصريح أو الضمني ويسقط كذلك بعدم التمسك به أمام محكمة الموضوع - هذا فضلا عن سقوطه بنص المادة 333 إجراءات فى نصها أنه "" يسقط الحق فى الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق بالجلسة فى الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره دون اعتراض منه """ وقد قضت محكمة النقض فى هذا الخصوص "" ولما كانت الطاعنة لا تدعى بأسباب طعنها بأن التحقيق بجلسة المحاكمة قد جرى فى غير حضور محاميها الذي لم يبد ثمة اعتراض على إجراءات التحقيق فإن ما تثيره فى هذا الخصوص لا يكون مقبولاً ""وهذا بالطبع فى حالة كون البطلان غير متعلق بالنظام العام بمثل ما نصت عليه المادة 332 إجراءات 0
عن السلطتين التشريعية والتنفيذية و أعاده النظر في الأحكام القضائية من اختصاص السلطة القضائية وحدها , و يحظر إنشاء المحاكم الاستثنائية , و لكل شخص الحق في التقاضي امام المحاكم العادية و تنحصر صلاحيات المحاكم العسكرية في الجرائم التي يقترفها عناصر القوات المسلحة مع بقاء الحق دوما في استئناف قرارات هذه المحاكم امام محاكم استئنافي ضالعة في الشؤون القضائية . للقضاء ولاية على كافة المنازعات, و لا يجوز الحد منها, والقضاة غير قابلين للعزل و يخضعون في تأديبهم لضوابط صارمة و لا يجوز إزعاج القاضي بسبب عمله, و يحظر على القضاة عضوية الأحزاب السياسية. ) . من اجل إلغاء أي فرديه في تقرير مصير الأشخاص , من الضروري تقسيم السلطات و احترام الدولة لاستقلال القضاء باعتبار هذا الاستقلال العمود الفقري لدور القانون , و في هذا السياق نستعير تعبير الكاتب الفرنسي ( مونسكيو ) , مؤلف كتاب روح الشرائع الذي كان له تأثير كبير في تطور الدستور الفرنسي إبان الثورة , الذي قال : ( ان الحرية تنعدم ان لم تكن سلطة القضاء منفصلة عن سلطة التشريع لان حرية أبناء الوطن و حياتهم تصبحان تحت رحمتها ما دام القاضي هو المشرع , إما إذا كانت السلطة القضائية متحدة مع السلطة التنفيذية فان القاضي يكون طاغيا . ) . يقول احد الباحثين في هذا السياق - ( ان أول عوائق استقلال القضاء هو أزمان السلطة التنفيذية و غياب مبدأ التداول الانتخابي على الحكم , الأمر الذي يجعل الجهاز القضائي أسير مجموعة حاكمة تسعى لتوظيف مختلف السلطات لخدمتها دون رقيب أو حسيب . و النتيجة الأولى لهذا ظهور طبقة من المشرعين و الحقوقيين المحترفين في انتهاك المعايير الدولية و التلاعب عليها من اجل توظيف القضاء , أما ثاني العوائق فهو يكمن في تقزيم السلطة القضائية عبر تحديد صلاحيات القضاء العادي باللجوء إلى القوانين الاستثنائية من جهة , و استثناء قطاعات حاكمة من فضاء السلطة القضائية ...لهذا لم ينص مشروع قانون الإرهاب المقدم من الحكومة عن الأحداث وكيفية محاكماتهم دون وضع تصور قانوني لضمانات التحقيق معهم شأنهم شأن كامل الأهلية القانونية والرشدية لهذا قد جاءت الفقرة الأولى: القواعد التوجيهية الخاصة بالأحداث.
جاء قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا بإدارة شؤون قضاء الأحداث وفق أسس تختلف في البعض منها عن تلك المعتمدة لحماية البالغين في المراحل المختلفة للإجراءات الجنائية. فأوردت سردا لبعض تلك الحقوق والضمانات المسطرية التي تكون الغاية منها صيانة حرية الحدث المتهم بارتكاب الجريمة، وحماية حقوقهم من خلال إقرار مجموعة من المبادئ القانونية من المحاكمة العادلة، مراعية في ذلك ما يحتاجه الحدث من رعاية ومساعدة وحماية قانونية. لذلك أوجبت احترام مجموع تلك المبادئ أثناء إقامة الدعوى العمومية في مواجهتهم، وهذه المبادئ هي في مجملها حقوقا وقواعد عامة تشكل امتدادا لتوصيات وموجهات سبق النص عليها في المواثيق الدولية، مع الاستثناء الوارد على مبدأ علنية الجلسات لكون مصلحة الحدث تقتضي نظر المتابعة في جلسة سرية مراعاة لمصلحته وحماية لحقوقه الخاصة. إضافة إلى بعض القواعد الخاصة بالأحداث، كالحق في حضور أحد الوالدين أو الوصي وكذا حماية الحدث في الخصوصية. فقد نصت المادة 8 من قواعد بكين على أنه: " يحترم حق الحدث في حماية خصوصيته في جميع المراحل تفاديا لأي ضرر قد يناله من جراء دعاية لا لزوم لها أو بسبب الأوصاف لجنائية، ولا يجوز من حيث المبدأ نشر أية معلومات يمكن أن تؤدي إلى التعرف على هوية الحدث." كما تم التأكيد على قرينة البراءة واعتبار الاحتجاز قبل المحاكمة الذي يمكن أن تضطر إليه الهيئات المكلفة بالمتابعة، إذا توفرت أسباب حصرية تبرره، وهو تدبير يجب أن يطبق في أضيق الحدود وألا يشكل سوى استثناء داخل الاستثناء، إذ وسعت هذه القواعد من الوسائل البديلة عن هذا الإجراء اعتبارا لمصلحة الحدث. كما ينبغي أن تكون شروط احتجاز الحدث الذي ينتظر المحاكمة متفقة مع ما تستلزمه متطلبات افتراض البراءة. فهكذا نصت المادة 13 من قواعد بكين على أنه "لا يستخدم إجراء الاحتجاز رهن المحاكمة إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة زمنية ممكنة، ويستعاض عن الاحتجاز رهن المحاكمة حيث ما أمكن ذلك بإجراءات بديلة مثل المراقبة عن كثب أو الرعاية المركزة أو الإلحاق بأسرة أو بإحدى المؤسسات ودور التربية ". وهو نفس المبدأ الذي نصت عليه المادة 17 من قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حرياتهم إذ جاء بها :" يفترض ان الأحداث المقبوض عليهم أو الذين ينتظرون المحاكمة أبرياء ويعاملون على هذا الأساس، ويجتنب ما أمكن احتجازهم قبل المحاكمة، ويقتصر على الظروف الاستثنائية." وتدعيما لحق الحدث في الدفاع نصت المادة 7 من قواعد بكين على أنه تكفل في جميع مراحل الإجراءات ضمانات أساسية مثل افتراض البراءة، الحق في الإبلاغ بالتهمة الموجهة، والحق في الحصول على خدمات محام . وقد جعلت هذه القواعد من اللازم أن يكون الحدث مؤازرا بمحام للدفاع عنه، وإذا لم يكن لوالدي الحدث الإمكانيات لتنصيب دفاع، يتم تعيين محام للحدث في إطار المساعدة القضائية. إذ جاء في المادة 16 من قواعد بكين" للحدث الحق في أن يمثله طوال سير الإجراءات القضائية مستشاره القانوني أو ان يطلب أن تنتدب له المحكمة محاميا مجانا".كما حثت هذه القواعد الدول على إحداث هياكل قضائية متخصصة ومستقلة قادرة على استيعاب مجموع الضمانات للعمل على تطبيقها التطبيق السليم، ولتكون تلك الهياكل أكثر عدالة وإنصاف وإنسانية، ويكون القضاة ممن تتوفر فيهم مؤهلات مهنية وكفاءات تمكنهم من ضبط آليات التعامل مع الأحداث الجانحين، كضمانة أساسة تمكن القضاة من ممارسة سلطاتهم التقديرية بشكل صحيح في المسائل المتعلقة بالمجرمين الأحداث( ). الفقرة الثانية: الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل( يشكل مبدأ المصلحة الفضلى للطفل ركنا جوهريا في فلسفة المبادئ الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل، ولذلك أوكل واضعوها للسلطة القضائية وجوب مراعاة هذا المبدأ في جميع الإجراءات، فلا يمكن حرمان أي طفل من حريته بصفة غير قانونية أو تعسفية، ويجب أن يجري اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه وفقا للقانون ) . وقد شكلت المادة 40 من اتفاقية حقوق الطفل الإطار العام الذي نص على مجموعة من مبادئ المحاكمة العادلة فأكدت على أنه:" يكون لكل طفل يدعى بأنه انتهك قانون العقوبات أو يتهم بذلك، الضمانات التالية على الأقل:
1- افتراض براءته إلى أن تثبت إدانته وفقا للقانون.
2- إخطاره فورا ومباشرة بالتهمة الموجهة إليه، عن طريق والديه أو الأوصياء القانونين عليه عند الاقتضاء، الحصول على مساعدة قانونية أو غيرها من المساعدة الملائمة لإعداد و تقديم دفاعه.
3- قيام سلطة أو هيئة قضائية مختصة و مستقلة ونزيهة بالفصل في دعواه وفقا للقانون، بحضور مستشار قانوني أو بمساعدة مناسبة أخرى وبحضور والديه أو الأوصياء القانونيين عليه، ما لم يعتبر أن ذلك في غير مصلحة الطفل الفضلى، ولاسيما إذا أخد في الحسبان سنه أو حالته.
4- عدم إكراهه على الإدلاء بشهادة أو الاعتراف بالذنب، و استجواب أو تأمين استجواب الشهود المناهضين و كفالة إشراك واستجواب الشهود لصالحه في ظل ظروف من المساواة.
5- إذا اعتبر أنه انتهك قانون العقوبات، تأمين قيام سلطة مختصة أو هيئة قضائية مستقلة ونزيهة أعلى وفقا للقانون بإعادة النظر في هذا القرار و في أية تدابير مفروضة تبعا لذلك.
6- الحصول على مساعدة مترجم شفوي مجانا إذا تعذر على الطفل فهم اللغة المستعملة أو النطق بها.
7- تأمين احترام حياته الخاصة تماما أثناء جميع مراحل الدعوى.
لذلك كانت مراعاة المصلحة الفضلى للطفل محل الاعتبار الأول في جميع الإجراءات المتصلة بمتابعة الأحداث، إذ يجب أن يركز نظام قضاء الأحداث على رفاه الحدث ويضمن أن أي رد فعل ضده سوف يتناسب دائما مع ظروفه و الجريمة التي يرتكبها. فقد يقتضي رفاه الحدث أو مصلحته تحويل قضايا الأحداث إلى خارج النظام القضائي العادي، و إن لم يكن ذلك فأمام محاكم خاصة بالأحداث بإجراءات تتلاءم و شخصية المجرم الحدث.
**وبقدر ما توفرت الشروط والضمانات اللازمة للمحاكمة العادلة إلا وتمت صيانة حقوق الجميع أمام القضاء، وتعززت مكانة هذا الأخير كسلطة ضامنة للتطبيق السليم للقانون وحماية حقوق الأفراد والمجتمع.
الثمرة السادسة:- هل سيتم إنشاء محاكم متخصصة لمكافحة الإرهاب مثلما هو الحال مع المحاكم العسكرية ؟.
وتتضمن ملامح المشروع الخاص بقانون الإرهاب، ، تخصيص ضبطية قضائية خاصة بالإرهاب، ونيابة متخصصة بجرائم الإرهاب، ودوائر محاكم متخصصة على أن تتوافر فيها كافة الضمانات التي تتوافر في الجهات القضائية العادية بقصد الإسراع في التحقيق والمحاكمة حسبما يقول مشروع القانون المعلن بأن ، المشروع القانون الخاص بالإرهاب قد يمنح المحاكم المصرية الاختصاص بملاحقة ومحاكمة أي شخص، إذا كان موجودا في مصر وارتكب أعمالا إرهابية، ولو كانت تلك الأعمال خارج مصر، إذا لم تبادر الدولة (مصر) بتسليمه إلى الدولة المعنية وفقا لمبدأ "التسليم أو المحاكمة".واقترحت اللجنة في مشروع قانونها التي انتهت من صياغته منح مأمور الضبط القضائي، مساحة زمنية أطول يتم خلالها احتجاز المشتبه في ضلوعه في جريمة إرهابية قبل العرض على النيابة العامة، مع تقرير حقوق إجرائية للمشتبه فيه منها حقه في العلم بجريمته وإعلام ذويه والاتصال بهم بعد فترة من الاحتجاز وحقه في توقيع الكشف الطبي عليه بشكل دوري. وفي هذا السياق أيضا، اقترحت اللجنة السماح بأخذ عينات من اللعاب أو الشعر لاختبار الحامض النووي في حالة وجود دلائل كافية على الانخراط في أعمال إرهابية على أن يكون ذلك بأمر قضائي مسبب، واستثناء جرائم الإرهاب من اشتراط حضور محام في الأسبوع الأول من الحبس الاحتياطي والسماح بالقبض على الأشخاص الذين توجد دلائل كافية على عزمهم الإقدام على عمليات إرهابية وقبل وقوع أي أفعال. ضمانات للمتهم والشهود ومقابل هذه القيود تتضمن ملامح مشروع القانون الخاص بالإرهاب شرط ضرورة تمتع المتهم المشتبه فيه والمحتجز بمعاملة منصفة، وأن يتم إبلاغه بسبب الاحتجاز وحماية الشهود الذين يبلغون عن عمليات إرهابية وعدم إفشاء المعلومات المتعلقة بهويتهم وأماكن وجودهم، وتوفير قواعد خاصة بالأدلة تتيح للشهود والخبراء أن يدلوا بأقوالهم على نحو يكفل سلامة هؤلاء الأشخاص كالسماح لهم بالإدلاء بالشهادة باستخدام تكنولوجيا الاتصالات مثل الفيديو كونفرانس أو غيرها من الوسائل الملائمة. حقا لا اعرف كيف أبدأ رغم إنني وضعت البدايات الفعلية لهذا البحث بل و حددت نقاطه الأساسية.. كنت أنوي أن أتحدث عن الموضوع بروح فكاهية مرحة لتخفيف وطأة الأمر على نفسي و عليكم و لكن الأمر جلل . ما هو الطامة الكبرى المسماة بقانون الإرهاب . ما هو قانون الإرهاب ؟ و لماذا هو أسوأ من قانون الطوارئ. و كان ذلك بناء على وعد من رئيس الجمهورية برفع قانون الطوارئ المفروض منذ عام 1981 و استبداله بتشريع جديد لمكافحة الإرهاب. و بموجب هذا القانون يكون الدستور قد منح رئيس الدولة ست طرق مختلفة للخروج عن النظام القانوني الطبيعي. إذ يشتمل الدستور بالفعل علي خمسة نصوص تمنح رئيس الدولة سلطات استثنائية.الأول متضمن في نص المادة 74 ويتيح للسيد الرئيس أن يتخذ «الإجراءات السريعة» لمواجهة ما يراه خطرا يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو ما يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها. والثاني نص المادة 108 وفيها يفوض مجلس الشعب، بشروط معينة، السيد رئيس الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة القانون. والثالث نص المادة 136 التي تتيح للرئيس حل مجلس الشعب «عند الضرورة». والرابع نص المادة 147 التي تجيز للرئيس إصدار قرارات لها قوة القانون يعرضها في غضون15 يوما لموافقة مجلس الشعب. والخامس نص المادة 148 التي تفوض الرئيس في إعلان حالة الطوارئ. أما المادة 179 فهي أخطر مواد هذا القانون على الإطلاق السبب الأول : أن هذه المادة تتيح وقف أهم الطرق التي يحمي بها الدستور حقوق المواطنة و حقوق الإنسان عامة و هي تلك المتعلقة بقاعدة التلبس في القبض على المتهمين و قاعدة التلبس تلك هي الأصل في كل القوانين الديمقراطية الحديثة و دونها يحل الاشتباه محل الدليل الملموس! يعني سلب حرية الأفراد و حبس الحرية لمجرد الاشتباه في نية القيام بفعل عمل إرهابي. ؟ "أساسا لم يكن هناك أي قواعد محددة أو دقيقة للاشتباه لا في مصر و لا في أي بلد في العالم بمعنى أن السلطة التنفيذية سيكون لديها الحق في حبس من تشاء من المواطنين لمجرد الاشتباه بس ! و لمدة غير محددة. ! ده غير خرق قانون حرمة المساكن المنصوص عليها في المادة 44 و الحماية الضرورية لمراسلاتهم و اتصالاتهم و المنصوص عليها في المادة 45 ! السبب الثاني : هو أن هذه المادة " الأمور " تتيح للسلطة التنفيذية إحالة المتهمين المدنيين للمحاكم العسكرية . الله يرحم قانون الطوارئ.. و الله كان طيب ! السبب الثالث: يكمن في تعريفه لجريمة الإرهاب: لان في جميع تشريعات الإرهاب على مستوى العالم الثالث: فإن تعريف قانون مناهضة الإرهاب تضمن الاشتباه في نية القيام بأعمال إرهابية و ليس التلبس! و هذا معناه أنشطة مثل الاعتصام والاضطرابات العمالية والطلابية والتي قد يترتب عليها وقف العمل في مؤسسات النقل والاتصالات أو غيرها. كما تشمل معظم هذه التشريعات تعريفا للإرهاب يشمل تعبيرات مثل «تشجيع» الإرهاب وهو مصطلح مطاط وقابل للتفسير علي أي نحو تراه السلطة التنفيذية. وكل حالات القبض علي المبدعين والمثقفين والكتاب وفقا لهذه القوانين تمت استنادا لتعبيرات مثل «التشجيع».هل مصر تحتاج إلى قانون الإرهاب أساسا ؟لا طبعا هي ناقصة ؟ مصر تعيش في حالة طوارئ دائمة منذ 26 سنة و من وقتها فرض قانون الطوارئ و هو القانون رقم 168 لسنة 1958 و هو قانون شديد التعسف.. و إحنا كلنا عايشين ممارساته ! هل طبق قانون الإرهاب في دول أخرى بالفعل ؟ و هل استطاع القضاء على الإرهاب في أي منها ؟الإجابة نعم هناك دول طبقت قانون الإرهاب بالفعل في معظم دول أمريكا الوسطي والجنوبية مثل هندوراس والسلفادور، وبعض الدول الآسيوية مثل الفلبين وإندونيسيا، وبعض الدول الأفريقية الخاضعة للنفوذ الأمريكي ، ووفقا لهذه الإستراتيجية أطلقت يد قوي الأمن والميليشيات التابعة للدولة وبعض هيئاتها الأمنية في القيام بأعمال القتل والبطش، بل تحولت الحكومات ذاتها إلي عصابات إرهابية أو وكالات تعمل كامتداد للمخابرات الأمريكية أو العصابات المحلية الطليقة التي عكفت علي قتل أطفال الشوارع وإثارة الفزع في صفوف الحركات الاجتماعية والمدنية والنقابات العمالية في أمريكا الوسطي والجنوبية. و بالطبع فإن أي من هذه السياسات لم ينجح على الإطلاق في مواجهة ما يسمى بالإرهاب فمعظم حالات الإرهاب الفعلي لم تكن سوي تعبير عن مطالب وهواجس اجتماعية وسياسية وثقافية كان يجب التعامل معها بصورة سياسية وفي حدود القانون والقضاء الطبيعي. و هكذا أتساءل . ؟لماذا استبدال قانون استثنائي بقانون استثنائي آخر ؟؟أعرف أن سؤالي يبدو ساذجا لمن يعرفون لماذا ؟ و يبدو معقولا لمن عرفوا لتوهم و يبدو مؤلما و مفجعا للجميع. لماذا الاستمرار في تأليه الحاكم و تحويله من شخص يحكم فقط إلى اله يقتل و يحاسب و يعيد تشكيل الرؤى و الأحداث من جديد وحده دون إذن أو استشارة من عقل أو من قانون ؟هل الحل في تكميم أفواه المعارضين من أحزاب و عمال و صحفيين و كتاب و مدونين و مثقفين و أدباء ؟ هل تتحول مصر إلى مسخ مشوه بفعل قانونين تكميم الأفواه و سلخ المعارضين و سحل الرأي الآخر ؟ و أتساءل عن واضعي هذه القوانين و أقول لهم .. أيا كانت مبرراتكم و مهما كانت أغراضكم و كيفما كانت الطرق لتنفيذ كلاهما.. أقول لهم لن تفلتوا من سياط التاريخ .. فالتاريخ لا يرحم و سوف تدون أسمائكم في سجلات بجوار أسماء أخرى كلنا نعرف كيف كانت و ما الرمز الذي أصبحت تشير إليه ! ولهذا ننتقل إلي علم القانون بعد هذا الحديث السخري من واجعة هذا القانون الذي جعلني انظر إلي مستقبل اسود للشعب المصري الذي سيحبس في حظيرة الصمت قانونا 0
أولا:- قانون الإرهاب المزمع إصدارة هو قمة القسوة في التشريع:-
ولعل أهم ما تميزت به هذه القوانين والقرارات هي العقوبات القاسية على الجرائم والمخالفات المرتكبة كالإعدام أو الاختفاء أو السجن أو الحبس سواء في قضايا الجرائم الحقيقة أم في قضايا الإرهاب الفكري والعسكري التي لا تستوجب مثل هذه القسوة.
ثانيا - أنواع القضاء ومدى شرعية القضاء الاستثنائي والقضاء السياسي ؟
يرتبط النظام القضائي ارتباطا وثيقا بطبيعة النظام السياسي القائم . فالنظام السياسي الذي يقوم على أساس دولة القانون أي الدولة التي تنهض على أساس المؤسسات الدستورية مثل الفصل بين السلطات وهي (( السلطة التشريعية في صورة برلمان منتخب من الشعب بانتخابات حرة ونزيهة )) ثم السلطة القضائية التي تطبق القانون بحرية ودون تدخل من أحد , وكذلك السلطة التنفيذية ثم وجود محكمة دستورية عليا تراقب تطبيق القانون وشرعية وتصحح الإجراءات التي تقوم بها جميع أجهزة الدولة, لا يوجد فيها عادة قضاء سياسي لان وجوده يتعارض مع أسس دولة القانون . فدولة القانون لا يوجد فيها قضاء خاص أو قضاء استثنائي أو قضاء سياسي أو حتى محاكم عسكرية , و إنما هناك قضاء مدني ينسجم مع أسس المجتمع المدني وعادة يكون إلى جانب المحكمة الدستورية العليا محكمة النقض ثم محاكم الاستئناف ثم المحاكم العادية أما في الدول ذات الأنظمة الشمولية في الحكم والتي تقوم على تأليه الحاكم الفرد وعلى عبادة الشخصية فهي تنهض على أسس عسكرة السلطة وهدم أسس المجتمع المدني و على وحدة السلطات وعلى انحياز القاضي لفكر القائد الذي يشكل دليل عمل ومنهج للدولة والمجتمع غير المدني كما في مصر , ولهذا فان القضاء ينقسم عادة إلى الأنواع التالية وهي :
النوع الأول - القضاء السياسي مثل محكمة أمن الدولة بحجة أن القضايا التي تحال أليها تمس أمن الدولة ولهذا توصف بأنها خطيرة . تفتقد لكل المعايير الدولية في المحاكمة ومنها بخاصة فقدانها إلى مبدأ استقلال القضاء .ولهذا نحن ضد وجود مثل هذا النوع من أنواع المحاكم لعوامل عديدة وان وجودها يتناقض واحترام حقوق الإنسان الأساسية ومنها حقه في التقاضي والمحاكمة العادلة وندعو إلى إلغائها. . فوجودها يتعارض ومبدأ سيادة القانون
النوع الثاني - القضاء العسكري والمحاكم الخاصة الأخرى وهي في الغالب تدار من أشخاص , بعضهم , لا يحمل حتى شهادة العلم بالقانون وتفتقد إلى المعايير الدولية والوطنية للتقاضي وان وجودها مخالف لأسس دولة المؤسسات الدستورية و لا توجد مثل هذه المحاكم في العديد من الدول التي تعرف قيمة القانون وتفهم معنى الاحترام الطوعي له من الحكام والمحكومين . و هذا النوع لا يمكن أن تتوفر فيها ضمانات لاحترام مبدأ استقلال القضاء أو حرية تطبيق القانون أو لحصانة القاضي.
النوع الثالث - القضاء العادي وهو القضاء المدني وهو الجهة صاحبة الولاية العامة ويشمل اختصاصها القضايا المدنية والتجارية والأحوال الشخصية و المواد الجنائية و الذي يتألف من درجات متعددة ونعتقد بأنه لا يمكن الإقرار بوجود احترام لمبدأ الاستقلال في السلطة القضائية أو الحديث عن حريتها في تأدية وظيفتها لتطبيق القانون بحرية وأمانة و نزاهة مع الحصانة الفعلية المنصوص عليها في الدستور والقانون في دول تقوم على نظام سياسي لا يعترف بوجود المؤسسات الدستورية ولا يعترف بمبدأ الفصل بين السلطات و مقومات المجتمع المدني ولا يحترم حقوق الإنسان 0
ثالثا- القضاء العسكري – الضمانات المفقودة ( غياب العدل والعدالة )
يعتبر مبدأ استقلال السلطة القضائية من المبادئ المهمة والحيوية التي تتعلق بحقوق الإنسان ومنها حقه في التقاضي و حقه في ضمان المحاكمة العلنية العادلة وحقه في التعويض وحقه في توكيل محام وحقه في طلب العفو وغيرها من الحقوق الأساسية التي تكفلها الدساتير و القوانين, و هو يتعلق كذلك بنزاهة القاضي في تحقيق العدل والعدالة .لآن السلطة المختصة في تطبيق القانون هي السلطة القضائية ممثلة في المحاكم العادية وغير الخاصة أو الاستثنائية حيث أن وظيفة المحاكم هي تطبيق القانون وتحقيق العدالة إذ لا يكفي تطبيق القانون وحدة دون الوصول إلى الغرض الأساس منه وهو العدل والعدالة . و مما يتعلق بذلك ضرورة تنفيذ القانون والأحكام القضائية من السلطات المختصة بصورة سليمة. وقد عرف هذا المبدأ منذ القدم , أي منذ الشرائع المصرية القديمة وفي العصر الفرعوني و في الحضارة اليونانية القديمة و اهتم به القانون الروماني وكذلك في الشريعة الإسلامية , حيث تدل الوقائع العديدة في الإسلام على دور القاضي العادل في تأدية وظيفته بصورة مستقلة وعلى تطبيق القانون بالتساوي بين البشر , لا فرق بين قوي وضعيف , غني وفقير , حاكم أو محكوم , لاعتبارات شرعية ودينية وأخلاقية . بل أن العديد من الناس كانوا يرفضون تولي منصب القضاء لخطورة هذا المنصب وأهميته في المجتمع لأيمانهم بوجود جزاء أخروي ودنيوي شديدين على من يخل بواجبات هذه الوظيفة ونذكر مثلا أن المنصور قام بتعذيب الأمام الفقيه أبو حنيفة وحبسه وجلدة ثم دس السم له لأنه رفض تولى منصب القضاء وهو العالم الورع الزاهد والعفيف الذي شكل مدرسة فقهية كبيرة معروفة . و يشترط في القاضي شروطا عديدة يجب توفرها والتحقق منها وهي شروط ليست سهلة لضمان استقلال القضاء وعدم التدخل في شؤونه و إحقاق الحق بين الناس. وهذه الشروط منصوص عليها في كتب الفقه وفي القوانين الوضعية. نصت المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ان جميع الأشخاص متساوين امام القضاء وان لكل فرد الحق , عند النظر في أية تهمة جزائية ضده أو في حقوقه والتزاماته في إحدى القضايا القانونية , في محاكمة عادلة وعلنية بواسطة محكمة مختصة ومستقلة وحيادية قائمة استنادا إلى القانون. وهذا يعني ان هذه المحكمة ستوفر فيها ضمانات أساسية للمتهم في عملية التقاضي وصولا للعدل والعدالة وبدون توفر هذه المحكمة وهذه الضمانات لا يمكن ان تكون المحكمة والمحاكمة عادلة. والدول التي تقوم على أساس مبدأ سيادة القانون وحكم المؤسسات الدستورية تحل القضايا فيها إلى المحاكم المدنية أيا كانت مواضيع النزاع ( مدنية أم عسكرية أم إدارية أم جنائية أم غيرها ) ولا تنظر أو تعرض المشكلات الحاصلة في المؤسسة العسكرية , من جرائم أو بيع إسرار الدولة أو التجسس أو غيرها , امام محاكم عسكرية . والمحاكم المدنية قد تنظر أية قضية بصورة علنية وهو الأصل أو ان تنظرها بصورة سرية لاعتبارات متعلقة بالأمن العام أو لمساسها بالحياة الخاصة للمواطنين وفقا لما نصت علية بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ووفقا لدساتير العديد من الدول بما فيها الدول ذات النظام الدكتاتوري .
رابعا– المجتمع المدني والقضاء العادل
لاشك أن فكرة المجتمع المدني ترتبط بقوة بنظام الدولة السياسي وأسلوب الحكم, وهذا المجتمع يقوم على المشاركة الواسعة الاختيارية في إدارة مؤسسات الدولة و على التعددية السياسية والقومية والدينية والمذهبية والديمقراطية وكذلك تحريم الطرق غير القانونية في المشاركة السياسية. ومن مظاهر هذا المجتمع احترام حقوق الإنسان وتسخير الثروات لخدمته و التكافؤ في فرص العمل والتعليم وتحريم التمييز بين الجنسين ومنع التمييز العرقي أو الديني أو في المعتقد وتفعيل دور القانون وتطبيقه بالتساوي بين البشر وكذلك منع كل أشكال الاستبداد في السلطة على أساس أنها وسيلة لخدمة الإنسان وليس لاضطهاده. ولذلك تكفل التشريعات في المجتمع المدني كل الحقوق والحريات للإنسان ضمن الضوابط القانونية المشروعة. ففي ظل المجتمع المدني تخضع الدولة و الحكام والمحكومين للقانون تنفيذا لمبدأ المساواة وتتحدد أدوار ومهام مؤسسات الدولة والمجتمع وفقا للنظام القانوني. أي أن مؤسسات المجتمع المذكور تتضمن مؤسسات تطوعية سياسية و اقتصادية واجتماعية وثقافية تظهر وتنظم إبداعات الأفراد وتطورها دون أي إجبار أو إكراه على أحد ودون تدخل من الدولة. بل أن واجب الدولة هو في حماية وتطوير ودعم فاعلية هذه المؤسسات و لهذا لا يوجد أحد فوق القانون. و يتم تداول السلطة سلميا ومن خلال الانتخابات الحرة طبقا لعلاقة ثابتة بين مؤسسات يخالفه.ؤسسات المجتمع الحرة سالفة الذكر.والغاية من القانون تنظيم الدولة والمجتمع وتنظيم قواعد السلوك ووضع الجزاء على من يخالفه . ولهذا لا يجوز قانونا ان تكون هناك محاكم خاصة أو استثنائية تغيب فيها ضمانات التقاضي وينعدم فيها العدل . و من الطبيعي أن الجزاء القانوني يتمثل في أشكاله المعروفة وهي الجزاء المدني والجزاء العقابي والجزاء التأديبي. وفي المجتمع المدني لابد من وجود الفصل بين السلطات ( السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية ).وفي المجتمع المدني يجري توظيف القضاء لخدمة الإنسان إذ أن لكل شخص حق ثابت في التقاضي ولا قيمة للقانون إذا لم يحقق العدل والعدالة في المجتمع.غير ان وجود المحاكم العسكرية أو الخاصة يتعارض مع أسس حكم دولة القانون لان وجودها يتناقض مع ضمانات حقوق التقاضي والحقوق الأساسية للإنسان المنصوص عليها دستوريا وقانونا .
خامسا - مبدأ استقلال السلطة القضائية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
جاء في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما يلي ( ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكي لا يضطر المرء أخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.), وهذا يعني أهمية مراعاة حقوق الإنسان وبخلاف ذلك فان الإنسان يتمرد بقوة غير محسوبة النتائج ضد الظلم والطغيان .وخير ضمان للحصول على الحقوق عند حصول النزاع من القضاء ووفقا للقانون. ولما كان مبدأ استقلال القضاء من المبادئ المهمة والحيوية في الدولة والمجتمع فان الدليل على هذه الأهمية هو أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقواعد الدولية الأخرى وكذلك الدساتير الوطنية التي نصت عليه وعلى حصانة القاضي الدستورية والقانونية , و على ضمانات التقاضي والمساواة أمام القضاء والحق في المعاملة الحسنه وقواعد أخرى مهمة متعلقة بهذا الأمر مثل مبدأ الفصل بين السلطات … فكيف يمكن لشخص أن يستعيد حقه بدون قضاء عادل يتمتع بالحصانة ومستقل في حكمة يساوي بين القوي والضعيف وبين القريب والبعيد لا يخضع لأي تأثير من أي مسئول أو رئيس؟ونستطيع القول أن هيبة القضاء وقوته من هيبة الدولة وقوتها, فإذا ضعف القضاء ضعفت الدولة لأنها ستقوم على الباطل والظلم و يبرز عندئذ طغيان الفرد ويلحق المجتمع الشلل من الحكم المطلق ويصاب المجتمع بخلل كبير , كما أن هيبة الدولة وقوتها من هيبة وقوة القضاء و حريته في تطبيق القانون واحترام قواعده من الحكام والمحكومين . لذلك فأن مبدأ استقلال القضاء له صلة وطيدة بالحقوق المدنية للإنسان الثابتة في العهود الدولية التي التزمت بها الدول الموقعة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وعلى الاتفاقيات الأخرى.ولا يوجد قضاء مستقل ونزيهة أو محايد مع القضاء العسكري أو القضاء السياسي. كما لابد من الإشارة إلى بعض القواعد الأساسية التي ننطلق منها في رسم ما هو المقصود بهذا المبدأ الدولي و الوطني, أي المحدد في العهود الدولية والدساتير الوطنية للدول.فقد نصت المادة الثامنة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على انه ( لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لأنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون ) . ولا شك أن هذه الحقوق الأساسية معروفة مثل حق الإنسان في حياته والدفاع عنها وحقه في سلامة بدنه وكيانه الاعتباري وحقه في المحافظة على أمواله وحقه في إثبات براءته من التهمة المنسوبة له وغيرها.. كما نصت المادة التاسعة على انه ( لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا ). وجاء أيضا في المادة 14 من الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية و السياسية ما يلي
(( 1 - جميع الأشخاص متساوين أمام القضاء .ولكل فرد الحق , عند النظر في أية تهمة جنائية ضده أو في حقوقه والتزاماته في إحدى القضايا القانونية , في محاكمة عادلة وعلنية بواسطة محكمة مختصة ومستقلة وحيادية قائمة استنادا إلى القانون ……
2 - لكل فرد متهم بتهم جنائية الحق في أن يعتبر بريئا ما لم تثبت إدانته طبقا للقانون . ))
ثم أضافت المادة فقرات أخرى تخص ضمانات المتهم في الحصول على محاكمة عادلة من مرحلة القبض على الشخص والتحقيق معه إلى مرحلة إصدار الحكم وإذا حصلت الإدانة وجب أن تنفذ العقوبة علية بما يتناسب والقيمة العليا للبشر فللحبس أو للسجن قواعد و أسس ومعايير دولية لا يجوز الإخلال بها ولآن فلسفة العقاب في الأنظمة التي تحترم القانون وتلتزم بالمعايير الدولية ليست تدمير الإنسان و إنما إصلاحه لأنه قيمة عليا.
وفي نطاق المبادئ الدولية العليا في هذا الميدان يذكر عادة جملة نذكر منها هي :
1- أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته
2- وان للمتهم الحق في توكيل محام
3- وان للمواطن الحق في الحصول على مساعدة الدولة
4- و أن جميع المواطنين متساوون في الحقوق
5- عدم جواز القبض على أي شخص أو توقيفه إلا بمقتضى القانون
6- عدم جواز منع المواطن من التقاضي ومراجعة المحاكم أو إجباره على مراجعة محكمة غير مختصة
وفيما يخص مبدأ استقلال القضاء فان الدساتير كذلك تنص على أن:
1- القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون, ولا يجوز لآية سلطة التدخل في القضايا أو في شؤون العدالة. وهذا يشير إلى أن نظام الحكم يجب أن لا يتدخل في شؤون القضاء أو تطبيق القانون من المحاكم , وبعبارة أخرى أن السلطتين التشريعية والتنفيذية أو غيرهما من الأجهزة - لا يحق لهما التدخل في مراحل العملية القضائية وتترك القضاء في ممارسة وظيفته لتطبيق القانون بحرية واستقلالية وبعيدا عن أي تأثير أو تدخلات خارجية أو ضغوط للتأثير على مجرى العدالة والانحراف نحو الظلم وعدم المساواة في تطبيق القانون ..
2 - أن القضاة غير قابلين للعزل إلا وفقا للقانون .
3 - القضاة مستقلون في إجراء وظيفتهم .
4- المحاكم مستقلة كل الاستقلال, تجاه جميع السلطات, في تحقيق الدعاوى والحكم فيها
وهذه القواعد العامة الأساسية موجودة حتى في دساتير الدول التي تقوم على حكم الفرد التي يغيب فيها حكم المؤسسات الدستورية أي الدول التي لا تقييم وزنا و احتراما للقانون الذي شرعته.ذلك لآن العبرة ليس في النص عليها و إنما في الاحترام الطوعي لها وفي خضوع الحكام والمحكومين لها .
كما يراد بمبدأ استقلال القضاء أن القاضي يحكم بما تمليه علية القواعد الموضوعية للقانون لتحقيق العدل والعدالة ويساوي بين القوي والضعيف , الغني والفقير , وعلى القاضي - طبقا للقانون - أن يتنحى عن منصة القضاء إذا وجد انه سوف لن يتمكن من ذلك في القضية المعروضة علية .. ونشير هنا إلى أن مما يتعلق بذلك هو ضرورة وجود الضمانات القانونية والمعايير العادلة والاستقلالية في اتخاذ الإجراءات القانونية في جميع المراحل أي منذ لحظة الاشتباه و الاتهام والتحقيق و المحاكمة وإصدار الحكم حتى مرحلة تنفيذ .
الثمرة السادسة:- النموذج الأنسب من التشريعات الدولية لمكافحة الإرهاب للحالة المصرية.
تطور مفهوم الأمن بصورة ملحوظة، واندمج مداه ليشمل مفاهيم وآفاق جديدة لم تكن مجالاً في الماضي للدراسات الأمنية، بل استحدثت مسميات جديدة دالة على شمول وترابط العملية الأمنية في الجماعة الإنسانية، كالأمن الاقتصادي، والأمن الغذائي، وأمن المعلومات... وغير ذلك. وقد ارتفع موضوع البحث في إشكالية أمن الدولة إلى مستويات عالية الخطورة - سواء من الناحية الداخلية أو من الناحية الخارجية - بتطور هذه الوسائل فى الجانب العسكري والاستراتيجي بشكل أعظم. فنتائج التطور الكمي والكيفي في أدوات الدمار المعاصر والثورة التقنية في وسائل الاتصال، والصراع على المواد الأساسية، متفاعلة مع خاصية انعدام الثقة بين الدول عموماً والمتصارعة خصوصاً، كل هذه النتائج والظروف جعلت الحفاظ على أمن الدولة من وجهتيه الداخلية والخارجية أمراً شاقاً بالغ الصعوبة وباهظ التكلفة، وجعلت التطلع نحو الأمن المطلق غاية لا تدرك. فقد أصبحت الدول تدرك حقيقة التقاطع بين مصالحها الايديولجية والسياسية والإستراتيجية، وتدرك في الوقت ذاته أن الخصم لن يتردد عندما تحين الظروف المناسبة والفرص الملائمة لاستخدام قوته بما يهدد أمنها وسلامتها، لذا تحشد الدولة كل قواها للدفاع عن نفسها وحماية أمنها وكيانها القومي، وسبيلها في ذلك هو بناء وحشد وتنسيق القوى الشاملة لديها لتحقيق هذا الغرض.
مفهوم أمن الدولة
مهما اختلفت التعريفات حول أمن الدولة فإنه في نهاية المطاف يهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار للمواطن، فالأمن مطلب أساسي للدولة، أيا كان تكوينها السياسي أو فكرها الأيديولوجي، وإن اختلفت هذه الدول في مساحة هذا الأمن داخلياً وخارجياً، وفي الموجهات الإيديولوجية والسياسية التي ترسم خطى هذا الأمن، والتي يقوم عليها بنيانه. والأمن في اللغة نقيض الخوف، فهو حالة يوجد بها الإنسان لتستثار فيها دوافعه الغريزية للدفاع أو الهرب أو العدوان، وهذه الحالة كما توجد فى الفرد توجد في الدولة.
تفسير الأمن وأطره
يرى العلماء أن حاجة الإنسان إلى الأمن تدفعه إلى الدأب في السعي إلى استكشاف البيئة المحيطة به، سواء كانت بيئة مادية أو اجتماعية، للتعرف عليها والتفريق بين النافع والضار فيها ثم الوصول بعد ذلك إلى إشباع حاجته الغريزية للأمن. ويعدّ اصطلاح الأمن من أكثر الاصطلاحات مرونة واتساعاً، وذلك لاستخدامه في عديد من المجالات والمواقف، ابتداء من الإجراءات البسيطة بتأمين المواطنين داخل الدولة ضد الأخطار المحتملة التي تمس سلامتهم وحياتهم وأموالهم، وانتهاء بالإجراءات الخاصة بتأمين الدولة ذاتها. تلك الإجراءات والخطوات التي نطلق عليها مصطلح "الأمن القومي"، ذلك المصطلح الذي يعني المفهوم الشامل لمعنى الأمن، والذي يعبر عن مجموعة أنشطة ومهام الأمن فى الدولة.
ولذلك فمفهوم الأمن القومي يستوجب توافر عدة أطر في الجماعة السياسية تمكنها من تحديد مبادئ وأسس أمنها القومي، وهذه الأطر والمقومات يمكن إجمالها على النحو التالي:
1. الإطار الاقتصادي، الذي يشمل ويرعى المصالح الاقتصادية الحيوية للدولة.
2. الإطار الإنساني، الذي يتصل بالسكان.
3. إطار المصلحة القومية العليا للدولة.
4. الإطار القيمي أو الأخلاقي.
مظاهر الأمن القومي
للأمن القومي مظاهر وخصائص تميزه وتحدد مفهومه وأطره، وبالتالي تمهد الطريق لإلقاء الضوء على تطبيق مفهوم الأمن على الدولة وفى إطارها القومي، سواء كان ذلك في مجالها الداخلي أو في المجالين الإقليمي والدولي، وقبل أن نتناول خصائص الأمن القومي نود أولاً أن نبين المظاهر التي يمتاز بها أمن الدولة والتي يمكن إجمالها على النحو التالي:
1. المظهر المادي: ويتمثل في المظاهر المادية الملموسة التي من شأن توافرها أن تؤدي إلى إشباع حاجة الإنسان إلى الأمن، كالاستقرار في سكنه وعمله، والاطمئنان إلى الوسط المحيط به، سواء في مكان العمل أو السكنى، ويشمل هذا الظواهر الطبيعية كالفيضانات والزلازل والبراكين .. الخ.
2. المظهر النفسي: ويتمثل في اعتراف البيئة الاجتماعية بالإنسان أو أن يقر مجتمعه بمكانته ومنزلته، أياً كان حجم هذا المجتمع ونوعه، وأن يعترف بدوره في محيط الجماعة الإنسانية فينال الاعتراف والتقدير، إذ إن فقدان الاعتراف والتقدير يترتب عليه فقدان الإنسان الشعور بالأمن على نفسه وعلى رزقه. لذلك يعتبر الأمن الشعوري للفرد ركيزة للأمن القومي بأجمعه، كما أنه غاية ما يهدف إليه النظام في الدولة، وهو الثمرة المرجوة لكل جهد أو عمل أمني، سواء كان ذلك على مستوى الفرد أو الجماعة أو الدولة، فالإحساس بالخطر وفقدان الإحساس بالأمن أرق ينتاب أولئك جميعاً، فهو كما قد يكون هاجساً فردياً فقد يكون هاجساً قومياً، وكما قد يكون هاجساً قومياً قد يكون هاجساً دولياً يتجاوز الدولة الواحدة والإقليم إلى العالم بأسره. وفكرة الأمن لصيقة بالوجود الإنساني، فالإنسان كائن اجتماعي، وكون الأمن لصيقاً بالإنسان، فهو لصيق بالجماعة، فكل من الفرد والجماعة يملكان شعوراً قوياً بحاجتهما للأمن وضرورة تحقيقه وصيانته. وعندما نتحدث عن الأمن الشعوري، فلا بد لنا أن ندرك أن لهذا الأمن خصائص، وهي التي يمكن إجمالها في ثلاثة عناصر هي: التطور، والفطرية، والنسبية.
1. فمن ناحية أولى فهو متطور بتطور الحياة الشعورية للفرد والجماعة من الطفولة إلى الشيخوخة، ومن البداوة إلى الحضارة، ومن حيث الزمان والمكان.
2. ومن سماته الفطرية، إذ من الطبيعي أن يكون الأمن فطرياً طالما كان إحساساً غريزياً مجبولاً فى أعماق الإنسان بفطرته وغريزته، حماية للنوع وتحقيقاً لبقائه فى هذا الوجود.
3. أما نسبية الإحساس بالأمن أو الشعور به، فيتضح في أن ما يثير الخوف في مجتمع ما قد لا يثير الخوف في مجتمع آخر، وتبدو فيه النسبية في أوضح صورها في نظرة المجتمعات الحديثة للأيديولوجيات المعادية وفي نظرتها للعدو الذي يستهدف كيان الدولة.
خصائص الأمن القومي
يقوم مفهوم الأمن القومي على عنصرين أساسيين:
1. مجتمع قومي، وهو عبارة عن شعب واحد متجانس ومتحد، يشكل البنية الاجتماعية للدولة أو شعب الدولة.
2. وجود الإطار السياسي لهذا المجتمع، وهو الدولة أو النظام الحاكم المسيطر على مقاليد الأمور في الدولة.
إن الفكرة الأساسية التي يدور حولها مفهوم الأمن القومي للدولة، هو أن أحد التزامات الدولة الأساسية يكمن في توفير الحماية العضوية والمادية لكل مواطن ينتمي للجماعة أولاً، وتوفير الحماية للجماعة ثانياً كحقيقة بشرية، بحيث لا يتعرض كيانها لأية مخاطر.
ويمكن حصر خصائص الأمن القومي للدولة على النحو التالي:
أولا: النسبية
ذلك أن الدولة الواحدة لا تستطيع توفير أمنها بصورة مطلقة دون أن يتقاطع ذلك - ولو لأقل درجة - مع أمن الدول الأخرى، فهي لذلك في حاجة لتوفير أمنها وإلى التعايش مع غيرها من الدول الأخرى، مما يجعل مفهوم الأمن القومي نسبياً وغير مطلق، لاستحالة تحقيقه بصورة مطلقة، ولأن هنالك حاجة ماسة دولياً للأمن المشترك، ولذلك فحالة الأمن كما هي نسبية للأفراد فهي نسبية للدول.
ثانياً: المرونة والتغيير
إن مفهوم الأمن القومي متغير ومتطور، وهو موكول إلى تغير الظروف والمراحل التاريخية والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية، ونوعية التهديدات التي تواجه الدولة، بل يتغير مفهوم ما الأمن والإستراتيجية من عصر إلى عصر ومن مرحلة إلى مرحلة أخرى في الدولة الواحدة.
ثالثاً: الثوابت والمتغيرات
لابد من التمييز بين الثوابت والمتغيرات فى مجال الأمن، وكذلك التمييز بين الحد الأدنى والحد الأعلى المطلوب للأمن فى الدولة فى كل مرحلة من المراحل وفق جهود مدروسة للوصول إلى المستويات المطلوبة فى كل مرحلة، ولتوفير قياسات لحدود الأمن القومي في المراحل المختلفة، مع الوضع فى الاعتبار المراحل الحاسمة والخطرة فى حياة الدولة وأمنها وسلامتها.
رابعاً: وضوح مفهوم الأمن لدى الجماهير
يجب أن يكون مفهوم الأمن واضحاً ومستساغاً ومقبولاً لدى جماهير الشعب، وأن يحظى بالاقتناع الحقيقي والالتزام الواعي لدوافعه ومعطياته، بحيث يكون المواطن ركيزة لأجهزة الأمن في الدولة لأداء مهمتها في حفظ أمن الدولة وسلامتها، إذ إن الانفصام بين الشعب من جهة وأجهزة أمنه من جهة أخرى، وعدم اقتناع الشعب بما تقوم به أجهزة الأمن يؤدي إلى إحباط مشاريع الدولة وإفشال خططها، وبالتالي ضياع الأمن في الدولة وتضعضعه.
خامساً: بيان التهديد الواضح لاستراتيجيات الأمن
يجب أن تحدد استراتيجيات الأمن في الدولة - وعلى كافة مستوياتها - بصورة واضحة المضامين، وأن تحدد التهديدات والتحديات التي تواجه الدولة، بحيث تكون الصورة واضحة ومفهومة لدي الشعب الذي يكون شركاً في تحقيق هذه المضامين، ودرء التهديدات المحتملة بدلاً من العمل في غموض يؤدي إلى الريبة والتشكيك في أهداف أجهزة الأمن، بل ينبغي أن تحدد هذه الاستراتيجيات التهديدات والمخاطر التي تواجه الدولة، لا في حاضرها الراهن فحسب، بل وفي مستقبل سنيها، ومراحل حياتها المقبلة؛ كما يجب وضع الخطط والدراسات اللازمة لمواجهة كل مرحلة من المراحل، وأن يكون شعار الأمن دائماً، لكل حادثة حديث، فتوضع في المقام الأول الثوابت الأساسية في حياة الدولة كحماية كيانها السياسي، واستقلالها وسلامة أراضيها ومصالحها الأساسية والقومية، أضف إلى ذلك حمايتها من العدوان الخارجي بجميع أشكاله، وحمايتها من المهددات الداخلية بأشكالها المتشابكة، مع تقسيم هذه التهديدات إلى عناصرها المختلفة من جوهرية وثانوية أيا كان موقعها في محيط الدولة من جوانبه الثلاثة: المحلي والإقليمي والدولي.
سادساً: أن يبنى مفهوم الأمن على أساس الإستراتيجية الشاملة للدولة
وذلك بالتركيز على استخلاص عناصر القوة في الدولة، بحيث تكون هذه العناصر الإستراتيجية مرتكزاً لبناء أمن الدولة ووحدة الدولة واستقلالها، فقد انتهى مفهوم الأمن الذي يقوم على أساس القوة العسكرية وحدها، فالأمن الحقيقي والعلمي هو الذي يقوم على أساس عناصر القوة الشاملة للدولة.
سابعاً: أن الأمن القومي ذو صبغة دفاعية وبنَّاءة
إن الأمن القومي - في مفهومه الشامل وفي أهدافه القومية - يهدف في المقام الأول إلى الدفاع عن كيان الدولة والحفاظ على سلامتها، ويكشف ذلك عن طبيعة نشاطه وأساليب عمله وخططه كجهاز دفاعي بناء، ولذلك لابد من التمييز بينه وبين المفهوم الهجومي للأمن أو المفاهيم التي ترمي إلى العدوان التوسعي كأثر من آثار نشاط القوة وتراثها البالي في الفكر الإنساني، فمفهوم أمن الدولة مفهوم بناء مشرف يهدف إلى تحقيق غاية شريفة هي الحفاظ على أمن الشعب وأمن الدولة، وتحقيق التعايش السلمي بينها وبين غيرها من الدول في إطار الفهم الثابت لنسبية مفهوم الأمن.
ثامناً: الأمن القومي مفهوم علمي إيجابي واضح
لقد تعددت الدراسات حول مفهوم الأمن القومي، وحفلت ميادين الدراسات العلمية والإستراتيجية في تناوله بالبحث والتحليل، فلم يعد مفهوماً هلامياً غير واضح الملامح، بل غدا أمراً علمياً واضحاً يهدف إلى غاية عظيمة هي صيانة أمن الأفراد والجماعات والدولة، والحفاظ على كيانها ووجودها من خلال جهد علمي مدروس لتحقيق هذا الهدف، وفي إطار الاستراتيجيات والخطط والوسائل المحققة لهذا الغرض.
الإستراتيجية الأمنية والعوامل الجغرافية
إذا أردنا إلقاء الضوء على فعالية الآثار الجغرافية على أمن الدولة، ودورها في تخطيط ورسم إستراتيجيتها الأمنية لوجدنا أن هذه العوامل تؤثر تأثيراً مباشراً في تحديد مدى ونوع التنظيم الملائم لشكل الدولة، واختيار النموذج الأصلح لتنظيم قوى الأمن فيها. وتتمثل هذه العناصر فى: مساحة الدولة، ونوع التضاريس، وسكان الدولة، والنطاق المحيط بها؛ فمساحة الدولة تحدد ما إذا كان النظام الذي يجب أن تتبعه الدولة مركزياً أم لا مركزياً، وما إذا كانت المركزية واللامركزية هذه مركزية سياسية أو إدارية. كما تتدخل هذه العوامل في تحديد النمط الأمثل من أشكال الحكم السياسي أو الإداري أو الإقليمي للدولة. وبالتالي التخطيط الأمني الملائم لكل نمط من هذه الأنماط؛ فإذا كانت مساحة الدولة كبيرة - مثلاً - وتشمل من التضاريس زخماً منوعاً من الجبال والصحارى والسهول والمستنقعات والغابات، فلكل من هذه المعالم ما يناسبه وبلائمه، فالدولة الصحراوية مثلاً تميل إلى الجمع بين التنظيم المركزي والتنظيم اللامركزية نسبة إلى قلة الموارد، وطبيعة السكان التي تميل إلى الانتقال وعدم الاستقرار، تبعاً للماء والمرعى وطبيعة الحياة في الأقاليم الصحراوية. وسكان الغابات يحتاجون إلى نمط من الإدارة والمتابعة والتنظيم يتلاءم مع طبيعة حياتهم وأوضاع إقليمهم، وذلك بخلاف الحال في الأقاليم السهلة التضاريس المنبسطة المساحة الممهدة الطرق، والتي يختلف نوع التنظيم فيها ونوع الأداء الأمني عن الأنواع الأخرى سالفة الذكر. ففي المناطق الجبلية والغابات تتعذر وسائل المواصلات ويصعب الانتقال، فتكون انسب النظم لها هي الأساليب اللامركزية التي تتلاءم مع ظروفها الطبيعية والجغرافية، بخلاف الوديان والأقاليم المنبسطة التي يسهل على المركز إحكام قبضته عليها، وإمكانية سرعة التحرك إلى داخلها متى دعا الأمر إلى ذلك. وعلى الرغم من الطفرة الهائلة التي أحدثتها الوسائل التكنولوجية في مجال خدمات الأمن وفي مجال المواصلات، إلا أنه لا تزال العوامل الجغرافية هي سيدة الموقف، إذ إن الإمكانات الهائلة التي تتيح للدولة تجاوز هذه العوامل ليست متاحة لكل الدول، بل ليست متاحة لأغلب الدول، وإن أتيحت، فهي لن تتغلب على العوامل الجغرافية كلية، وهذه الوسائل التكنولوجية - وإن أفادت إلى حد بعيد في مهام المتابعات الأمنية وفي إبلاغ المعلومات وفي الإسراع بالتفاهم والتوجيه - إلا أنها ليست مواتية بالقدر نفسه فيما يتعلق بتحريك القوات والسيطرة الأمنية الفاعلية في الوقت المناسب، ولذلك تظل العوامل الجغرافية هي سيدة الموقف وهي التي يجب أن يضعها رجل الدولة في اعتباره. إذ إن أية دولة لا تستطيع أن تضع سياسة أمنية ناجعة إذا لم تضع في اعتبارها حقائق الجغرافيا والتاريخ من حيث الشكل والمضمون، فإستراتيجية الدولة الأمنية تتعلق في المقام الأول بشكلها وموقعها الجغرافي إلى مدى لا ينازعه فيها مدى آخر.
الأُمن الإقليمي
الدولة كيان حي فعّال في الجماعة الإنسانية، يتفاعل مع غيره من الأنظمة والدول كعضو في منظومة دولية تموج بالحركة والحياة، وتشتد فيها أوجه الصراع والطموحات والمطامع السياسية والأيديولوجية والعسكرية، وكما يسعى الإنسان الفرد إلى تحقيق ذاته وتحقيق الأمان في حياته، فكذلك الدولة تسعى بدورها لتحقيق الأمن والاستقرار وتأكيد كيانها وحماية مقدراتها وسيادتها واستقلالها. وإذا كانت الدولة قادرة على تحقيق أمنها في المجال الداخلي، فقد لا تكون قادرة في كل الأحوال على الدفاع عن أمنها في المجالين الإقليمي والعالمي دون التعاون مع غيرها من دول الجوار الجغرافي أو الاستعانة بقوى أخرى لدعمها في هذا المجال، ولذا فهي تعنى بالنطاق الإقليمي للأمن لتأثيره على مجريات الأمور فيها، لا من الخارج فحسب، بل ومن جهة الداخل أيضاً، لتأثرها سلباً أو إيجاباً بما يدور في جوارها وفي نطاقها الإقليمي من قلاقل واضطرابات، وما يزعزع أمنها من مهددات تفرزها الأحداث والتداخلات في دول الجوار.
ومن هنا تبرز أهمية مفهوم الأمن الإقليمي وضرورته لإشباع حاجات الدولة إلى الأمن في هذا المجال، وليعبر عن سياسة مجموعة من الدول تنتمي إلى إقليم جغرافي واحد، تسعى من خلاله إلى تنظيم تعاون أمني وعسكري فيما بينها، للدفاع عن كيانها وأمنها وسلامتها واستقرارها، وللتصدي لأي قوى أجنبية أو خارجية لمنعها من التدخل في شؤونها. وهذا المستوى من نطاقات الأمن القومي - أي المستوى الإقليمي - يأخذ صفته الدولية بتعدد أطرافه التي تتكون من الدولة المعنية وغيرها من الدول المجاورة. وقد جعل ميثاق الأمم المتحدة مسؤولية حفظ الأمن فى هذا النطاق مسؤولية مشتركة بين دول الإقليم والمجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن الدولي. لقد تشعبت وظائف الدولة الحديثة وتعددت وسائل تدخلها في حياة الفرد بصورة لم يسبق لها مثيل، بل اتسع مفهوم الأمن ليشمل قضايا لم تكن أمنية في الماضي، أو لم يكن ينظر إليها من منظور أمني، كقضايا أمنية مباشرة، بل كان ينظر إليها في ظل النتائج والمؤثرات والتداخل بين عوامل مختلفة تفضي إلى نتائج ذات مردود أمني أو استراتيجي، ولذلك كثر إطلاق اسم الأمن على كثير من النشاطات المستخدمة والمستحدثة، وكذلك فإن تشعب وظائف الدولة في المجال الخدمي والاجتماعي، جعلها كثيرة التدخل في حياة الفرد بصورة مكثفة، فالمواطن الحديث في كل حركة يبديها يتعرض لاختصاصات الدولة. فإذا خطر لكائن أن يحصي تلك الاختصاصات سيفاجأ بأن نشاطاتها تستغرق معظم مساحة النشاط الإنساني، فمن اختصاصاتها: المسائل المتعلقة بالدفاع، والمحافظة على الأمن الداخلي، والإشراف على الصناعة، ووضع التشريعات الاجتماعية، بما في ذلك اختصاصات واسعة النطاق في مجال التعليم والتأمين ضد المرض والبطالة .. الخ، بحيث أصبحت الدولة تتحول من مجرد دولة حارسة مهمتها وضع التشريعات والاهتمام بوضع القانون وضبطه، إلى دولة متفتحة تدلي بدلوها في كل تلك المهام. بل ترى لزاماً عليها أن تتولى كافة الشؤون أياً كان لون الحكم فيها، أو نوع الفلسفة السياسية والأمنية أو الأيديولوجيات التي تتبعها. ولعل صفوة القول عن أهمية دور الأمن في حياة الشعوب والدول ما جاء في كتابنا الكريم في الآية الأخيرة من سورة قريش: "الذِي أَطْعَمَهُمْ مِن جوُعٍ وَآمَنَهُم ْمِنْ خَوْفٍ" فقد جعل سبحانه وتعالى الأمن يأتي في المرتبة التالية من احتياجات الإنسان بعد الطعام، وذلك لضمان استمرار حركة الحياة على الأرض
الخاتمة:-
مصر الآن فى أشد أوقاتها اقترابا من مجهول يأكل فيها الأخضر و اليابس ، و معلوم بمقدورنا وضع أولى خطوات ولادته . و ما توحش النظام ارتعابا و خوفا من غروب شمسه، و ذعره من الفجر الوليد القادم محملا بحلم الحياة و النهضة و العدل و الحرية و الكرامة. بمقدور كل عشاق الوطن الالتفاف الآن، فالكل أصبح يعرف الكل، و البعض أصبح يعلم البعض، و الجميع بات مدركا للحل، اليومي، للأبد على اللحظة، و هذه هي قوانين و سنن الخالق، فانصروه إن أردتم أن ينصرنا و يثبت أقدامنا. و القرار هو الإعلان عن إرادتنا و صحوتنا و يقظتنا و إدراكنا و حلمنا و أمالنا و طموحاتنا ، و دونه الانتقال إلى الأسوأ ثم الأسوأ منه ، ثم الأشد سوءا ، ثم نجد مصر وهى شطرين ، قلة من السادة و أكثرية من العبيد . جاءت الشمس التي بددت كل سحب وغيوم الأوهام، قد صدر القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية الذي قنن فى نصوص واضحة كل ما يتعلق بالمحاكم و بالقضاة ثم حدد القانون شروط تعين القضاة و ترقيتهم و تحديد اقدمياتهم و جعل التعيين لجميع رجال القضاء أو أعضاء النيابة العامة بقرار من رئيس الجمهورية بموافقة مجلس القضاء الأعلى - و حكمة المشروع فى ذلك دفع شبه التمييز و فى هذا الإطار جاءت أحكام قانون السلطة القضائية بشان تحديد مرتبات رجال القضاء فقد نص المشرع فى المادة 68 على تحديد مرتبات القضاة بجميع درجاتهم و ناط بمجلس القضاء وحدة القيام بذلك تقديرا من المشرع أن تكون شبهه للتأثير عليه سلبا أو إيجابا من قبل السلطة التنفيذية و فى شأن الحصانة و عدم القابلية للعزل و نصت المادة 168 من الدستور على أن القضاة غير قابلين للعزل و ينظم القانون مساءلتهم تأديبيا ثم تعود المادة 67 من قانون السلطة القضائية فتردد ذات الحكم مقترنا بضمانة عدم العزل و ضمانة عدم القابلية للنقل و أخيرا بالنسبة للتأهيل فقط اشتراط القانون ( مادة 38 من قانون السلطة القضائية ) فيمن يتولى القضاء أن يكون حاصلا على إجازة فى الحقوق و ننتهي إلى أن هناك مجموعة من الخصائص يجب توافرها فى القاضي لكي يكون قاضيا طبيعيا هي الحيدة و الاستقلال و الحصانة و التأهيل فى المقابل نجد القاضي العسكري يفتقد لكل هذه الضمانات حيث انه لا يشترط فيه أن يكون مجاز فى الحقوق حيث لم يتطلب قانون الأحكام العسكرية التأهيل القانوني اللازم إلا بالنسبة لمدير الإدارة العامة للقضاء العسكري ( مادة 2 ) كما أن القضاة العسكريين يخضعون لكافة الأنظمة المنصوص عليها فى قوانين الخدمة العسكرية (مادة 57 ) كما أن القاضي العسكري قابل للعزل كل عامين أو قبل بقرار من وزير الدفاع (مادة59) و يصدر قرار تعيين القضاة العسكريين بقرار من وزير الدفاع بناء على اقتراح مدير القضاء العسكري طبقا للأوضاع المقررة قي قانون الإجراءات الجنائية أولاَ : أحكامها لا تخضع لإشراف محكمة عليا تراقب سلامة تطبيقها للقانون بل تخضع أحكامها الحضوري و الغيابية لسلطة التصديق و هي لرئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة و له أن ينيب أحد الضباط فى ذلك ثانياً : يخضع القضاء العسكري لكل الأنظمة المنصوص عليها من قوانين الخدمة العسكرية و التي من أهم خصائصها الانضباط و الطاعة اللتان تتنافيان مع مقتضيات العمل القضائي كما يتم تعين القضاة العسكريين تعينا مؤقتا لمدة عامين قابلة للتجديد و يجوز لوزير الدفاع نقلهم أو عزلهم ما يتنافى مع عدم قابلية القضاء للعزل ثالثاً : أن السلطات القضائية العسكرية هي وحدها التي تقرر ما إذا كان الجرم داخل فى اختصاصها أولا دون أن تملك أي جهة قضائية أخرى منازعتها فى ذلك رابعاً : القانون العسكري لم يحدد أقصى مدة للحبس الاحتياطي على خلاف قانون الإجراءات الجنائية فى المادة 143 التي تنص على أقصى مدة للحبس الاحتياطي هي ستة أشهر خامساً : خرج قانون الأحكام العسكرية على المبادئ العامة بالنسبة للمحاكمات الغيابية ( مادة 77 إجراءات جنائية ) و التي تقضى ببطلان ما تم من إجراءات المحاكمة و كذا الحكم إذا قدم المتهم نفسه أو قبض عليه قبل إتمام محاكمته غيابيا أو قبل سقوط العقوبة وقد لحظنا خلال الايحالات إلي المحاكم العسكرية هذه الملاحظات و هي كالآتي (ا) إهدار الضمانات خلال المحاكمات العسكرية:- خلال الفترة من مطلع نوفمبر 1992 حتى نوفمبر 2000 إحالة السلطات قضية من قضايا الإرهاب و غيرها من القضايا إلى المحاكم العسكرية ضمت 1023 متهما و أصدرت هذه المحاكم 92 حكما بالإعدام بحق(92) متهما كما قضت بعقوبات تتراوح بين الأشغال الشاقة المؤبدة و الحبس لمدة عام بحق 644 من المتهمين و حصل297 متهما على البراءة غير أن أحكام البراءة هذه لم يتم تنفيذها إلا بالنسبة لعدد قليل من المتهمين و قد بدا مسلسل إحالة المدنين المتهمين فى قضايا الإرهاب إلى المحاكم العسكرية بقرار من رئيس الجمهورية بإحالة 48 متهما فى قضيتي العائدون من أفغانستان و تنظيم الجهاد إلى المحكمة العسكرية العليا بالإسكندرية فى أخريات أكتوبر 1992 و التي أصدرت أحكاما بالإعدام على ثمانية متهمين من بينهم سبعة هاربين فى الثالث من ديسمبر رغم صدور قرار من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة فى الثامن من ديسمبر بإلغاء قرار إحالة المتهمين إلى المحكمة العسكرية العليا استنادا إلى أن المادة السادسة من قانون الأحكام العسكرية لم تخول لرئيس الجمهورية إحالة جرائم معينة على سبيل الحصر و لم تخول له إحالة أشخاص بدواتهم أو قضايا بعينها و هو ما تضمنه قرار رئيس الجمهورية فقد جاء التفسير القانوني الذي قدمته المحكمة الدستورية العليا 30 يناير 1992 مؤكدا على حق رئيس الجمهورية بموجب قانون الطوارئ فى أن يحيل للقضاء العسكري إيه جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات أو أي قانون و قد جاء هذا التفسير بمثابة قوة دافعة للتوسع فى إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري 0 (2 ) إهدار حق المتهم فى إعداد دفاعه و إرهاق هيئة الدفاع إن حق المتهم فى أن يتاح له الوقت الكافي لإعداد دفاعه قد أهدر على نطاق واسع فى ظل السرعة الهائلة التي كان يجرى بها نظر القضايا المختلفة من قبل المحاكم العسكرية ففي قضية العائدون من أفغانستان التي صدر فيها الحكم بإعدام ثمانية متهمين لم تستغرق المحاكمة أكثر من 35 يوما و فى قضية ضرب السياحة استغرقت المحاكمة 28 يوما و انتهت إلى صدور سبعة أحكام بالإعدام و فى القضية رقم 19 لسنة 1992 المعروفة باسم قضية زينهم استغرقت المحاكمة 22 يوما فقد انتهت إلى عقوبة الإعدام بحق اثنين من المتهمين و لم تستغرق محاكمة المتهمين بمحاولة قلب الحكم ( تنظيم إل 19 ) أكثر من 25 يوما و صدر فيها حكمان بالإعدام بينما استغرقت قضية الشوقيين 59 يوما و صدر الحكم فيها بإعدام أربعة متهمين و استغرقت طلائع الفتح - الجزء الأول - التي صدر فيها الحكم بإعدام ثمانية متهمين 67 يوما و كانت أكثر القضايا سرعة فى صدور أحكامها هي الخاصة بمحاكمة المتهمين بمحاولة اغتيال وزير الأعلام التي استغرقت 19 يوما و انتهت إلى صدور ستة أحكام بالإعدام و كذلك قضية اغتيال الضابط على خاطر بالإسكندرية التي لم تستغرق أكثر من 10 أيام و انتهت إلى إعدام المتهم الوحيد فيها و خلال نظر هذه القضايا تكررت شكاوى الدفاع من عدم قدرتهم على مجاراة المحكمة فى سرعتها فى الفصل فى الدعوى و تعرضهم للإرهاق الشديد بالنظر لاستمرار الجلسات لأكثر من عشر ساعات يوميا فى كثير من الأحوال مظاهر أخرى للتسرع فى إنهاء إجراءات هذه المحاكمات و على سبيل المثال فقد استمعت هيئة المحكمة فى قضية العائدون من أفغانستان لمرافعة ستة عشر محاميا فى يوم واحد كما استمعت المحكمة فى قضية زينهم إلى 25 شاهدا فى يوم واحد و لم تستغرق القضية سوى أربع جلسات فقط و أن هذا التسرع يخل بالضمانات التي يتطلبها إعداد الدفاع القانوني و عرضة بصورة كاملة أمام المحكمة بما يسمح بتفنيد كافة الادعاءات و تقديم المدفوع المختلفة كما يشكل ذلك إخلالا أيضا بأحكام المادة الرابعة عشر من العهد الولي للحقوق المدنية و السياسية التي تقر بحق كل متهم فى أن يمنح من الوقت و من التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه و الاتصال بمحام يختاره بنفسه 0 (3) إهدار حق الدفاع فى الاطلاع على ملفات القضايا و مقابلة موكله على انفراد لم يتمكن المحامون فى العديد من القضايا من الحصول على مهلة كافية للاطلاع و دراسة ملف الدعوى لإعداد دفاعهم حيث لم تزد هذه المهلة عن أسبوع واحد فى معظم القضايا و تقلصت فى بعضها إلى أربعة أيام فقط كما حدث فى قضية زينهم التي رفضت فيها هيئة المحكمة تسليم هيئة الدفاع نسخة من ملف القضية بإدعاء إن الدعوى بها أسماء شخصيات رسمية و انه يتعين على الدفاع الاطلاع عليها فى المحكمة كذلك لم تسمح هيئة المحكمة فى القضية رقم 20 لسنة 1993 ( محاولة قلب نظام الحكم - تنظيم إل 19 ) للمحامين بالاطلاع إلا فى قاعة المحكمة ذاتها و قد فوجئ المحامين بان النسخة المتوفرة من الملف لدى المحكمة غير كاملة و غير مقروءة و قد تقدم بعض أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين فى قضية ضرب السياحة باحتجاج لهيئة المحكمة لعدم استجابتها لطلبات الدفاع من مد مهلة الخمسة الأيام المقررة للاطلاع على ملف القضية الذي يضم نحو أربعة آلاف صفحة و قد ضاعف من الصعوبات التي واجهت الدفاع فى الاطلاع على ملفات بعض القضايا إن الملفات فى عدد منها لم تكن كاملة ولا مرتبة و هو الأمر الذي سجله المحامون فى قضية ضرب السياحة و فى قضية طلائع الفتح و فى قضية محاولة قلب نظام الحكم ( تنظيم إل 19 ) كذلك واجه المحامون صعوبات شديدة فى الاتصال بموكليهم المتهمين حيث كانت المحكمة فى بعض الحالات ترفض طلب الحامين فى الانفراد بالمتهمين و قد آثار الدفاع هذه المشكلة فى قضية ضرب السياحة و كان تعقيب المحكمة على ذلك انه " لا يوجد ضرورة فى الحوار مع المتهمين و لديكم ملفات القضايا " (4) عدم الاعتداد يتعرض المتهمين للتعذيب الأصل إن الاعتراف هو سيد الأدلة و أخطرها لان الاعتراف يتناقض مع طبيعة البشر حيث أن الأصل أن يسعى الإنسان لتبرئة نفسه لا إدانتها لذا تنظر محاكم الجنايات بريبة فى الاعتراف و تعيد طرحة على بساط البحث أمام المحكمة حتى تتيقن من عدم وجود أي إكراه مادي أو معنوي على المتهم اجبره على الاعتداد فإذا وجد أي إكراه تهدر الاعترافات تماما و فى هذا تقول محكمة النقض :- لا يجوز الاعتداء بالاعتراف و لو كان صادقا متى ثبت انه غير صحيح كما إذا وقع تحت تأثير الإكراه ( نفض 25/10/1965 مج أحكام النقض سنة 14 رقم 140 القضاء عسكري حتي لو قام الرئيس مبارك بعمل درجة قضائية أخري وأعطي بعض الضمانات فإذا كان يعطي هذه الضمانات فالقضاء الطبيعي موجود وهذا اعتراف ضمني بأن القضاء العسكري غير طبيعي واستثنائي 736 )
وأحير نود ان أقول كلمة للتاريخ والشعب الصابور والمتصابر :- طُبخت مسألة التعديلات الدستورية لتكريس عدة أمور أبرزها توريث الحكم لنجل مبارك ، ومنها تكريس الدولة البوليسية، ومنها اقتسام الكعكة مع الوريث الجديد، ومنها حماية المفسدين من رجال الأعمال،.ومنها غير ذلك والحق إن إجراءات النظام الحاكم تبث الإحباط واليأس من أي تغيير سلمى من أوضاع حالكة السواد قد فصلها غير واحد. والمؤلم أن الكارثة حين تقع سوف يهرب الكبار جميعهم في لحظات، وأموالهم في انتظارهم في بنوك أوروبا، وسوف يستولي علي السلطة نظام فاشي يستفيد من التغييرات الدستورية التي قام بها الحزب الوطني لإهدار الديمقراطية والحرية الشخصية ويتم الضغط علي الشعب المسكين الذي سوف يخرج من مصيبة ليقع في كارثة. ويبدو أن هناك حسا شعبيا عاما بالإحباط الشديد وبأن المستقبل القريب لا يبعث على التفاؤل كما يبدو أيضا أن هناك حسا شعبيا أقل عمومية لكنه متنامٍ بأن هناك تغييرا مرتقبا وكأننا نشاهد فيلما سينمائيا إن إرث القهر أفقد كثيرا من المصريين روح المبادرة لفعل إيجابي يضمن إزاحة الطغاة والظالمين فضلا عن محاكمتهم ولعل أن تكون قوة البطش وشدة الظلم إحداهما أو كلاهما قد قتلت فى المصريين- بعض المصريين- تلك الروح فصار بعضهم يعيش على قيد الحياة وما هو بحى إذ كيف يحيا من فقد معانى الحرية، أو قوة السعي لوأد الظلم ودحر الطغاة . كما يبدو أن هناك بفعل هذا القهر حسا شعبيا شبه عام بصعوبة ( أو استحالة وفقا للرأي المتشائم) إزاحة الطغاة والظالمين حتى بتنا نرى السخرية بأفاعيل النظام فى التزوير تستبق الإعلام المرئي والمقروء وكأنهم يجهضون هتافات الهتيفة من المنافقين فيعلنون عبر نكاتهم نسبة المشاركة التي تتعدى السبعين فى المائة على تلك التعديلات الدستورية المزورة مسبقا ، وتراهم يحددون نسبة من صوت بنعم للموافقة على تلك التعديلات...وتراهم يستبقون الهتيفة وقلوبهم تفيض حسرة ومرارة بالقول: ألم نقل لكم إن الشعب يؤيد التعديلات الدستورية!!! وتراهم يعلنون لك مانشيتات الصحف المنافقة قبل صدورها بأمثال هذى المانشيتات : الشعب المصري يعيش أزهى عصور الديمقراطية، الشعب قال كلمته، إقبال جماهيري منقطع النظير، وأمثال هاتيك السخافات. التشاؤم ترف لا نملك له ثمنا أعلم أن الأحوال التي تمر بها بلادي لا تبعث على التفاؤل لكننا لا نملك ثمن التشاؤم فهذا ترف لا نقدر على تحمله ذلك أن هذا النظام المستبد لا يمكن أن تستقيم أحواله طويلا. لا يمكن، ربما تصيبنا مثل هذه الأوضاع المعكوسة ببعض التثبيط وتدفعنا إلى اليأس فليس أقتل للهمم ولا أفسد للأخلاق من شعورنا بضياع الحق بيننا، ولكن متى انتصر الباطل والحق يتبعه أينما سار ؟! متى؟! أطالب الفاقهين ببث روح الأمل مهما اشتدت مصائبنا ذلك أن النصر قادم لا محالة، ولو بعد حين فإن الله يمهل للظالم حتى إذا أخذه فإن أخذه أليم شديد، كما أطالبهم بتبيان أننا نفهم الحياة بالفكر ، نحن نعلم ذلك يقينا وفى يقيننا أن لطم الباطل وأهله قريب فما جزاء من باع وطنه ونهب خيراته إلا مزبلة التاريخ. فهو نضال سيظل دوما ما دامت الحياة...أبدا لن تفرغ منه الحياة: صراع أنصار الحق مع أنصار الباطل، وإن كلا ليسخر من الآخر ويحسب أنه منتصر فى نهاية الأمر. صحيح أن الحياة طويلة وقد يموت أنصار الحق قبل أن ينتصر الحق الذي معهم وبهم وذلك لقصر الحياة واتساع مجال النضال إلا أننا نوقن أن أهل الحق يموتون ولكن الحق لا يموت، وأن أهل الباطل قد ينتصرون ولكن الباطل أبدا لن يدوم ، وأن الشر أبدا لن ينتصر وإن بدا حينا من الدهر ظاهرا منتفشا، فانتصار الباطل إلى حين...بعد ذلك سوف يزول الشر ويبقى الحق تتناقله الأجيال، وستنهال لعنات التاريخ على المزورين والبلطجية والمنافقين، ماذا بعد التعديلات الدستورية لم يجد النظام سوي الفتاوى الدينية واستغلال المؤسسة الدينية( الأزهر الشريف ) من اجل حشد الجماهير من اجل كسب الرأي العام من خلال التأثير عليهم من الناحية الدينية للارهابهم بأسم الدين للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء فلجأ النظام، إلى الفتاوى الدينية لحشد الرأي العام للمشاركة في الاستفتاء على تعديل الدستور ففي الوقت الذي أفتى فيه شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي بأن "مقاطعة الاستفتاء على التعديلات الدستورية كتمان للشهادة"، اعتبر نواب الإخوان المسلمين أن المقاطعة "واجب ديني ووطني"، وأن المشاركة في الاستفتاء "شهادة زور وخيانة".و أن المشاركة في هذا الاستفتاء "خيانة للوطن تستحق المحاكمة".و أن تبني مقاطعة (الاستفتاء) هي الأمثل لمواجهة الاستبداد والتزوير حتى تخلو اللجان من الناخبين، ويرى العالم الرفض الشعبي للتعديلات الجائرة"، ". أن من يدلي بصوته في استفتاء التعديلات الدستورية يعد شاهد زور، أن الشعب "أصبح شاهد ماشفش حاجة وباتت المقاطعة واجباً دينياً ووطنياً"، لافتا الانتباه إلى أن نتيجة الاستفتاء معروفة مسبقا. وفي المقابل أكد الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر في (مؤتمر صحفي بمحافظة المنيا) أن مقاطعة الاستفتاء على التعديلات الدستورية بمثابة كتمان للشهادة، موضحاً أن على كل شخص الإدلاء بشهادته استجابة لقوله تعالى "ولا تكتموا الشهادة، ومن يكتمها فإنه آثم قلبه". وقال شيخ الأزهر: "إن على كل مواطن أن يدلي بصوته، ولا أحد سيجبره على اختيار ما لا يريده، فمن حقه أن يرفض التعديلات أو يؤيدها". الرئيس حسني مبارك قال قوله إن "التعديلات دعم للديمقراطية وتطوير لحياتنا السياسية والبرلمانية والحزبية". الاستفتاء "ليس مجرد اختيار بالقبول أو الرفض على بضع مواد في الدستور، ولكنه في حقيقته ومضمونه استفتاء علي المستقبل، واختيار لمسيرة مصر نحو الغد، وتحديد لشكل الحياة ومنهجها في مصر خلال السنوات القادمة". ومن ناحية أخري اثبت الشعب المصري إن "الاستفتاء بلاء.. فقاطعوه"وقال الشعب كلمته: "سنقاطع الاستفتاء ولن ننحني لأحد"، و"المقاطعة موقف سياسي تلجأ إليه جميع الشعوب"، و"سنقاطع لأننا لن نشارك العابثين واللاهثين والراقصين".ومن ناحية أخري:- بدأ النظام تجهيز التشريعات المنبثقة من التعديل الدستوري بعدة قوانين أعرب عنها الدكتور مفيد شهاب، وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية، أن الحكومة ستقدم قانونا جديدا لمباشرة الحقوق السياسية إلى البرلمان الأسبوع القادم، أن التعديل الجديد للقانون الذي ينظم مشاركة الأحزاب في الانتخابات "انتهت الحكومة من وضعه"، وسيتم عرضه على البرلمان فور ا ان المادة 179 من الدستور والخاصة بمكافحة الإرهاب في ثوبها الجديد نقطة سوداء في الثوب الأبيض من الدستور على أساس أنها تقدم في شقها الأول حماية دستورية لانتهاك حقوق المواطنين، وتوقف عمل ثلاث مواد، كانت تحمي الحقوق والحريات العامة، وتعتبر العمود الفقري للدستور المصري... بينما يمنح الشق الثاني من هذه الجريمة الدستورية، رئيس الجمهورية صلاحيات واختصاصات دستورية تمكنه من أن يحيل أي متهم في أية جريمة من جرائم الإرهاب إلي أي جهة قضائية يراها بما في ذلك القضاء العسكري... ، أن النص الجديد للمادة (179) من الدستور، يشكل تهديدًا لمنظومة حقوق الإنسان. كما نحذر من المساس بمواد الباب الثالث من الدستور بشأن الحريات والحقوق العامة، ضرورة خضوع سلطة جهاز الأمن إلى سلطة القضاء في أية إجراءات خاصة بمواجهة الإرهاب، مع احترام حقوق الدفاع والحق في محاكمة عادلة ومنصفة أمام القضاء الطبيعي، وإلغاء كافة أشكال القضاء الاستثنائي. مخالفة لمواد دستورية وأن يمنح الرئيس حق إحالة المتهمين بجرائم يفسِّرها النظام على أنها إرهابية إلى محاكم عسكرية أو استثنائية أو خاصة، يسهل التفاهم مع القائمين عليه، واستصدار الأحكام الذي تريدها السلطة، خاصة بعدما شكلت انتفاضة القُضاة أكبر هزيمة سياسية للنظام الحاكم، كادت أن تكلِّفه شرعيته بعد كشف تقارير نادي القضاة للتزوير، الذي شاب الاستفتاء على تعديل المادة 76 والانتخابات البرلمانية الأخيرة. وثانيها، أن سلطات الأمن فقدت القدرة على العمل بكفاءة في ظل قانون الإجراءات الجنائية العادي بعد 25 عاما من العمل في حماية قانون الطوارئ، بما يمنحه لها من سلطات استثنائية في عمليات القبض والاعتقال والتفتيش والاحتجاز، فكان لابد من تشريع جديد يُضاهي قانون الطوارئ ويكون له صفة الدوام. وثالثها، أن ترتيبات نقل السلطة تستدعي أكبر قدر من الشِدَّة لتمريرها، وقمع أية تحرُّكات سياسية تُناهضها، وستجد السلطة التنفيذية في هذا النص الجديد، والقوانين المنفذة له، سندا قوياً. قصة المادة (179) المثيرة للجدل أولاً: كان نصها بالفصل السادس من الباب الخامس من الدستور، قبل التعديل: (يكون المدعي العام الاشتراكي مسئولا عن اتخاذ الإجراءات التي تكفل تأمين حقوق الشعب وسلامة المجتمع ونظامه السياسي، والحفاظ علي المكاسب الاشتراكية والتزام السلوك الاشتراكي، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى، ويكون خاضعا لرقابة مجلس الشعب، وذلك كله علي الوجه المبين في القانون). ثانياً: ثم طلب الرئيس حسني مبارك تعديلها، واقترح الآتي: 1- إلغاء نظام المدعي العام الاشتراكي وما يستتبعه من إلغاء محكمة القيم، ونقل الاختصاصات التي كانت موكولة إليهما إلى جهات القضاء. 2- استحداث اسم جديد للفصل السادس ينظم حماية الدولة من الإرهاب.. ومادة جديدة تسمح بسن نظام قانوني يختص بمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه ليكون بديلا تشريعيا لمكافحة هذا الخطر دون حاجة لتطبيق قانون الطوارئ. 3- إحلال نص جديد يسمح للمشروع بفرض الأحكام الكفيلة بحماية المجتمع من الإرهاب وبحيث لا تحول الأحكام الواردة في المواد 41 الفقرة الأولى و44 و45 الفقرة الثانية دون قدرة إجراءات مكافحة الإرهاب علي التصدي لإخطاره وآثاره الجسيمة. 4- التأكيد علي أن يكفل القانون تحديد رقابة قضائية علي تلك الإجراءات ولضمان التصدي بحزم لخطر الإرهاب ويدفع أي عدوان أو مساس غير مبرر بحقوق الإنسان. 5- أن يتيح القانون الجديد السبيل لسرعة الفصل في قضايا الإرهاب. ثالثاً: أصبح نص المادة بعد التعديل كالآتي: (تعمل الدولة على حماية الأمن والنظام العام في مواجهة أخطار الإرهاب، وينظم القانون أحكاماً خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق التي تقتضيها ضرورة مواجهة تلك الأخطار؛ وذلك تحت رقابة من القضاء، وبحيث لا يحول دون تطبيق تلك الأحكام الإجراء المنصوص عليه في كل من الفقرة الأولى من المادة 41 والمادة 44 والفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور، وذلك كله تحت رقابة القضاء. ولرئيس الجمهورية أن يحيل أية جريمة من جرائم الإرهاب إلى أية جهة قضائية منصوص عليها في الدستور أو القانون). نصوص المواد (41)، (44)، (45) من الباب الثالث من الدستور (الحريات والحقوق والواجبات العامة) 1- المادة (41): (الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي). 2- المادة (44): (للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا لأحكام القانون). 3- مادة (45): (لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون. وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقا لأحكام القانون). ان قانون الإرهاب المزمع إصدارة "ليصفي صالح شعب مصر"، وأنه "تدعيم للاستبداد السياسي وحكم الفرد وجعل الحكم البوليسي لدولة في حجم مصر حكما مستمداً من الدستور بعد تعديله"؛ فضلا عن أن الهدف منها "تمكين الرئيس القادم للبلاد من الحصول على المشروعية عبر انتخابات لا يشرف عليها القضاة وترفع فيها نسبة المشاركة إلى 70 أو 80 في المائة " أن التعديلات "مفصلة على الرئيس المقبل للبلاد حتى يتمتع بمزايا الرئيس الحالي –


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.