موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للموظفين والمدارس (9 أيام عطلات رسمية الشهر المقبل)    محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    نائب محافظ المركزي: ملتزمين بضمان استدامة السياسات النقدية الجاذبة للاستثمار    حزب الله: اغتيال القيادي أحمد محمود وهبي في غارة إسرائيلية    فلسطين.. 3 إصابات في قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين وسط خان يونس    وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين    الأهلي ضد جورماهيا في دوري أبطال إفريقيا.. الموعد والقنوات الناقلة والمعلق والتشكيل    «من خليفة إيهاب جلال إلى أين سمعتي».. القصة الكاملة لأزمة الإسماعيلي وحلمي طولان    «صاحب المعلومة الأدق».. لميس الحديدي تهنئ أحمد شوبير على التعاقد مع قناة الأهلي    عاجل - الأرصاد تعلن تحسن الطقس اليوم وانخفاض الحرارة    مبلغ مالي غير متوقع وزيارة من صديق قديم.. توقعات برج العقرب اليوم 21 سبتمبر 2024    بحضور وزير الثقافة.. تفاصيل انطلاق الملتقى الدولي لفنون ذوي القدرات الخاصة    وزير الخارجية: مصر تدعم الصومال لبناء القدرات الأمنية والعسكرية    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 21-9-2024.. آخر تحديث    «أغلى من المانجة».. متى تنخفض الطماطم بعد أن سجل سعرها رقم قياسي؟    توجيه هام من التعليم قبل ساعات من بدء الدراسة 2025 (أول يوم مدارس)    موعد مباراة مانشستر يونايتد ضد كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    معسكر مغلق لمنتخب الشاطئية استعدادًا لخوض كأس الأمم الإفريقية    في احتفالية كبرى.. نادي الفيوم يكرم 150 من المتفوقين الأوائل| صور    قتل صديق عمره .. ذبحه ووضع الجثة داخل 3 أجولة وعاد يبحث مع أسرته عنه    أنتهاء أسطورة «ستورة» فى الصعيد .. هارب من قضايا شروع فى قتل وتجارة سلاح ومخدرات وسرقة بالإكراه    النيابة تعاين الزاوية التيجانية بعد أقوال ضحايا صلاح التيجانى    استدعاء والدة خديجة لسماع أقوالها في اتهام صلاح التيجاني بالتحرش بابنتها    د.مصطفى ثابت ينعي وزير الداخلية في وفاة والدته    عمرو سلامة: أداء «موريس» في «كاستنج» يبرز تميزه الجسدي    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    زاهي حواس: تمثال الملكة نفرتيتي خرج من مصر ب «التدليس»    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    أمام أنظار عبد المنعم.. نيس يسحق سانت إيتيان بثمانية أهداف    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    «البوابة نيوز» تكشف حقيقة اقتحام مسجل خطر مبنى حي الدقي والاعتداء على رئيسه    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    نوران جوهر تتأهل لنهائي بطولة باريس للإسكواش 2024    ارتفاع سعر طن الحديد والأسمنت يتجاوز 3000 جنيه بسوق مواد البناء اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    عمرو أديب عن صلاح التيجاني: «مثقفين ورجال أعمال وفنانين مبيدخلوش الحمام غير لما يكلموا الشيخ» (فيديو)    عودة قوية لديمي مور بفيلم الرعب "The Substance" بعد غياب عن البطولات المطلقة    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    المخرج عمر عبد العزيز: «ليه أدفع فلوس وأنا بصور على النيل؟» (فيديو)    «التحالف الوطني» يواصل دعم الطلاب والأسر الأكثر احتياجا مع بداية العام الدراسي    وزير خارجية لبنان: نشكر مصر رئيسا وشعبا على دعم موقف لبنان خلال الأزمة الحالية    أهالى أبو الريش فى أسوان ينظمون وقفة احتجاجية ويطالبون بوقف محطة مياه القرية    «جنون الربح».. فضيحة كبرى تضرب مواقع التواصل الاجتماعي وتهدد الجميع (دراسة)    لأول مرة.. مستشفى قنا العام" يسجل "صفر" في قوائم انتظار القسطرة القلبية    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    الأهلي في السوبر الأفريقي.. 8 ألقاب وذكرى أليمة أمام الزمالك    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة في مشروع قانون الإرهاب المصري الجديد ورؤيتنا فيه
نشر في شموس يوم 09 - 09 - 2013


مقدمة وتمهيد:
لا تكاد تُطْلَقُ لفظة الإرهاب الآن إلا ونما إلى الشعور والوجدان والعقل الباطن صورة الأرواح المزهقة، والدماء المراقة، والأشلاء الممزقة، والعمران المقوَّض. والعجيب أن الإسلام غدا المتهم الأول بعد كل حادث إرهابي بأنه دين يحث أتباعه على القتل والعنف والتطرف، ويكفي أن يقع حادث إرهابي في مكان ما من العالم، لتسمع بعده مباشرة في جميع وكالات الأنباء أن مرتكبيه مسلمون خرجوا من عباءة الإسلام. فقد تم تعديل الدستور عام 2007 واستحدثت المادة 179 من الدستور والخاصة بمكافحة الإرهاب في ثوبها الجديد على أساس أنها تقدم في شقها الأول حماية دستورية لانتهاك حقوق المواطنين، وتوقف عمل ثلاث مواد، كانت تحمي الحقوق والحريات العامة، وتعتبر العمود الفقري للدستور المصري... بينما يمنح الشق الثاني من هذه الجريمة الدستورية، رئيس الجمهورية صلاحيات واختصاصات دستورية تمكنه من أن يحيل أي متهم في أية جريمة من جرائم الإرهاب إلي أي جهة قضائية يراها بما في ذلك القضاء العسكري... ، أن النص الجديد للمادة (179) من الدستور، يشكل تهديدًا لمنظومة حقوق الإنسان. كما نحذروا من المساس بمواد الباب الثالث من الدستور بشأن الحريات والحقوق العامة، ونؤكد علي ضرورة خضوع سلطة جهاز الأمن إلى سلطة القضاء في أية إجراءات خاصة بمواجهة الإرهاب، مع احترام حقوق الدفاع والحق في محاكمة عادلة ومنصفة أمام القضاء الطبيعي، وإلغاء كافة أشكال القضاء الاستثنائي. مخالفة لمواد دستورية في البداية نقول "مشكلة المادة (179) أنها أتت بنص دستوري يناقض نصوصا دستورية ومبادئ عامة مستقرة ومتفق عليها في كل التشريعات القانونية في العالم كله، كما أنها تمثل استثناءً على الأصل، بل وتتوسع فتُعطي صفة الديمومة للاستثناء، و أن رجال الأمن، بموجب هذه المادة، أصبحوا مطلقي السراح في تعاملهم مع المواطنين، بعدما كانت أفعالهم تقيَّد بإذن النيابة" و"هذه المادة يمكن تقسيمها إلى شطرين، أولهما يسحب المزايا والحقوق التي منحتها المواد: 41 (التي تمنع القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته أو منعه من التنقل، إلا بإذن من النيابة)، و44 (التي تقر بحرمة المساكن وتمنع اقتحامها أو تفتيشها، إلا بأمر قضائي مسبب)، والفقرة الثانية من المادة 45 (التي تعترف للموطنين بحرمة مراسلاتهم واتصالاتهم وتمنع مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها، إلا بإذن قضائي مسبب). أما الشطر الثاني، فيمنح رئيس الجمهورية سلطة إحالة أي متهم في أي قضية إلى أي محكمة، وهي اختصاصات ليست له، كما أنها تخالف عدداً من المبادئ القانونية العامة المستقرة، فتخل بمبدأ المساواة أمام القانون، وتمنع المواطن من حقه في المثول أمام قاضيه الطبيعي، وتهدر مبدأ استقلال القضاء بإقحام السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية، وهو ما يخالف – أيضاً- مبدأ الفصل بين السلطات. ونوضح أن: "المادة(179) تُتيح إصدار قانون لمحاربة مخاطر الإرهاب، وتتيح لهذا القانون أن يعطل الضمانات الدستورية الواردة في المواد (41، 44، 45) من الدستور، وهي المواد التي تتحدث عن الحرية الشخصية، باعتبارها حق طبيعي لا يُمس، وأن كل إجراء يُتخذ مع أي مواطن، لابُد وأن يكون بعد إذن النيابة أو بعد تحقيق قضائي. فالمادة (179) تُلغي كل هذا وتتيح لسلطات الأمن أن تعتقل أو تقبض أو تفتش، دون أي ضمانات قضائية. " لكنني أتساءل: إذا كانت الدولة تعلن بأن ضمانات حقوق وحرية الإنسان مكفولة إذا كان هذا الكلام صحيحاً، فما فائدة النص الجديد للمادة (179) من الأساس، ولماذا لم نكتف بالمواد الدستورية الأساسية؟! أن "هذه المادة – أيضا - تعطي لرئيس الجمهورية الحق في إحالة أي مواطن مُتهم في أي جريمة إلى أي محكمة (عسكرية/ عرفية/ خاصة/....)، أي أنها أطلقت يد رئيس الجمهورية في تحديد من يُحَال وعلى أي أساس يُحَال وإلى أي محكمة يُحَال، وأظن أن هذا الأمر غير مسبوق في دساتير العالم التي أعرفها جيداً، أن "التخوف الأساسي من هذه المادة، ينحصر في أنها ستطلق يد البوليس بلا قيد للتضييق على حريات المواطنين". "بموجب هذه المادة يسمح الدستور (حامي الحريات)، بوضع تشريع لمواجهة (أخطار) الإرهاب، بغير تقيد بأحكام المادتين (41) و(44) والفقرة الثانية من المادة (45) من الدستور، وهي المواد التي كانت بمثابة الأداة في يد المحكمة الدستورية وفي يد القضاء لحماية الحريات وضمانها"، أن "هذا التعديل يقضي على هذه الضمانات من أجل مواجهة أخطار الإرهاب، وليس أفعال الإرهاب"!!
بناء علي ذلك طرحت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان هذه التساؤلات عندما نشرت المصري اليوم مسودة مشروع مكافحة الإرهاب بعد ان انتهي اللجنة المشكلة لصياغته من عملها :-
- ما مدى الحاجة لسن قانون جديد لمكافحة الإرهاب ؟.
- هل سيكون قانون الإرهاب المزمع إصداره بمثابة تقنيين لقانون الطوارئ الاستثنائي في شكل قانون عادي؟.
- ما مدى حماية قانون الإرهاب الجديد للحقوق والحريات العامة ؟.
- آليات الموائمة بين توفير ضمانات حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب في المشروع المقترح
- موقع ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة في المشروع المقترح .
- هل سيتم إنشاء محاكم متخصصة لمكافحة الإرهاب مثلما هو الحال مع المحاكم العسكرية ؟.
- النموذج الأنسب من التشريعات الدولية لمكافحة الإرهاب للحالة المصرية .
وكان مسودة مشروع القانون التي أعلنت علي النحو التالي:- مشروع قانون الإرهاب المقترح من الحكومة
الباب الأول..أحكام عامة
مادة (1)
يقصد بالعمل الإرهابي كل استخدام للقوة أو العنف أو التلويح باستخدامه، وكل تهديد أو ترويع أو تخويف، يلجأ إليه الإرهابي، أو المنظمة الإرهابية بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه أو أمن المجتمع الدولي للخطر، إذا كان من شأنه إيذاء الأشخاص أو ترويعهم أو تخويفهم أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم العامة أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة، أو الموارد الطبيعية أو الآثار أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة التشريعية أو التنفيذية أو القضائية أو مصالح الحكومة أو الوحدات المحلية، أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية، أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية في مصر من ممارسة كل أو بعض أوجه نشاطها، أو منع أو عرقلة قيام دور العبادة أو مؤسسات ومعاهد العلم بأعمالها، أو تعطيل تطبيق أي من أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح، وكذلك كل سلوك يرتكب بهدف الإضرار بالاتصالات أو بالنظم المعلوماتية أو بالنظم المالية أو البنكية، أو بالاقتصاد الوطني أو بمخزون الطاقة أو بالمخزون الأمني من السلع والمواد الغذائية والمياه أو بالخدمات الطبية في الكوارث والأزمات.
مادة (2)
تعتبر جريمة إرهابية، كل عمل إرهابي من الأعمال المنصوص عليها في المادة (1) من هذا القانون، وكل جريمة منصوص عليها فيه، وكذلك كل جريمة منصوص عليها في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر، إذا ارتكبت بوسيلة من وسائل الإرهاب بقصد تحقيق أحد أهدافه المبينة في المادة المذكورة.
مادة (3)
في تطبيق أحكام هذا القانون، والأحكام الخاصة بالجرائم الإرهابية، يقصد بكل عبارة من العبارات التالية المعني المبين قرينها:
أ المنظمة الإرهابية: الجماعة المؤلفة من ثلاثة أشخاص علي الأقل بهدف ارتكاب واحدة أو أكثر من الجرائم الإرهابية.
ب الإرهابي: الشخص الطبيعي الذي يرتكب أو يحاول عمدا ارتكاب جريمة إرهابية بأي وسيلة مباشرة أو غير مباشرة، أو يشترك في هذه الجريمة أو يساهم في منظمة إرهابية.
ج تمويل الإرهاب: كل جمع أو إمداد بشكل مباشر أو غير مباشر بأموال أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو معلومات أو غيرها بقصد استخدامها أو مع العلم بأنها ستستخدم كلها أو بعضها في ارتكاب أي جريمة إرهابية أو من قبل شخص إرهابي أو منظمة إرهابية.
د الأموال: العملة الوطنية والعملات الأجنبية، والأوراق المالية والأوراق التجارية، وكل ذي قيمة من عقار أو منقول مادي أو معنوي، وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها، والصكوك والمحررات المثبتة لكل ما تقدم بما في ذلك الإلكترونية والرقمية.
ه الأسلحة التقليدية: الأسلحة والذخائر والمفرقعات المحظور حيازتها أو إحرازها.
و الأسلحة غير التقليدية: الأسلحة والمواد النووية والكيماوية والبيولوجية.
ز تجميد الأموال: حظر تحويل الأموال أو تغيير صورتها أو نقلها أو التصرف فيها لفترة مؤقتة.
ح التحفظ علي الأموال: حظر تحويل الأموال أو تغيير صورتها أو التصرف فيها طوال مدة سريان التحفظ.
ط المصادرة: الحرمان الدائم من الأموال وانتقال ملكيتها إلي الدولة.
مادة (4)
مع عدم الإخلال بأحكام المواد 1و2و3و4 من قانون العقوبات، تسري أحكام هذا القانون، علي كل من ارتكب جريمة إرهابية خارج مصر إذا كان من شأنها أو الهدف منها:
أ إلحاق الضرر بأي من مواطنيها أو بأي من مصالحها في الداخل أو في الخارج، أو بأي من ممتلكاتها، أو مقار ومكاتب بعثاتها الدبلوماسية أو القنصلية أو مؤسساتها أو فروع مؤسساتها في الخارج.
ب حمل الدولة أو أي من سلطاتها أو مؤسساتها علي القيام بعمل أو الامتناع عنه.
ج إلحاق الضرر بأي من المنظمات أو الهيئات الدولية أو الإقليمية لدي مباشرتها لأوجه نشاطها الإنسانية.
مادة (5)
يعتبر الشروع في أي من الجنايات والجنح في الجرائم الإرهابية جريمة، معاقبا عليها بالعقوبة المقررة للجريمة التامة.
مادة (6)
يعتبر التحريض علي ارتكاب الجريمة الإرهابية التي لم تقع بناء عليه، جريمة معاقبا عليها بالعقوبات المقررة لها، سواء كان التحريض موجها لشخص محدد أو جماعة معينة أو كان تحريضا عاما، بأي وسيلة من الوسائل علنية أو غير علنية. كما يعتبر الاتفاق علي ارتكاب الجريمة الإرهابية التي لم تقع، أو المساعدة فيها، جريمة معاقبا عليها بالعقوبة المقررة لها.
مادة (7)
لا تنقضي الدعوي الجنائية في الجرائم الإرهابية ولا تسقط العقوبة المحكوم بها فيها بمضي المدة.
مادة (8)
لا تسري علي مباشرة سلطة التحقيق وتحريك ورفع الدعوي الجنائية في الجرائم الإرهابية أحكام الشكوى أو الطلب المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية أو في أي قانون آخر.
ثانيا: الجرائم الإرهابية
مادة (9)
يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار منظمة إرهابية، أو تولي زعامة أو قيادة فيها.
وتقضي المحكمة في الحكم الصادر بالإدانة بحل المنظمة وإغلاق أمكنتها. ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأموال والأمتعة والأسلحة والأدوات والمستندات والأوراق وغيرها، مما يكون قد استعمل أو أعد لاستعماله في الجرائم الإرهابية، أو في اجتماعات المنظمة. كما تقضي المحكمة بمصادرة الأموال المتحصلة من الجرائم الإرهابية، أو المخصصة للصرف منها علي المنظمة.
مادة (10)
يعاقب بالسجن كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار، علي خلاف أحكام القانون، جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة، يكون الغرض منها الدعوة بأي وسيلة إلي تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها أو مقاومة هذه السلطات، أو الاعتداء علي الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات أو الحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية، أو أمدها بمعونات مادية أو مالية مع علمه بالغرض الذي تدعو إليه. ويعاقب بالسجن كل من انضم إلي إحدى الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات المنصوص عليها في الفقرة السابقة، أو شارك فيها بأي صورة مع علمه بأغراضها.
مادة (11)
يعاقب بالسجن كل من انضم إلي منظمة إرهابية أو شارك فيها بأي صورة مع علمه بأغراضها. وتكون العقوبة السجن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات إذا تلقي الجاني تدريبات عسكرية أو أمنية أو تقنية لدي منظمة إرهابية، أو كان من أفراد القوات المسلحة أو الشرطة أو الأمن الحاليين أو السابقين.
مادة (12)
يعاقب بالسجن المشدد الذي لا تقل مدته عن عشر سنوات كل من أكره أو حمل شخصا علي المشاركة أو الانضمام إلي منظمة إرهابية أو لمنعه من الانفصال عنها. وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا كان الجاني عضوا بمنظمة إرهابية. وتكون العقوبة الإعدام إذا ترتب علي فعل الجاني موت شخص.
مادة (13)
يعاقب بالسجن المؤقت أو المؤبد كل من قام بتمويل إرهابي أو منظمة إرهابية أو عمل إرهابي. ويعاقب بذات العقوبة كل من قدم لرؤساء أو مديري أو أعضاء إحدى المنظمات الإرهابية أو لإرهابي سكنا أو مأوي أو مكانا للتخفي فيه أو لاستخدامه في الاجتماعات أو لإعداد الأعمال الإرهابية أو غير ذلك من التسهيلات مع علمه بالغرض الذي يستخدم فيه السكن أو المأوي أو المكان أو التسهيلات. ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأموال والأشياء محل الجريمة، كما تقضي المحكمة بمصادرة متحصلات الجريمة، أو ممتلكات تعادل قيمتها إذا كانت المتحصلات قد حولت أو بدلت جزئيا أو كليا أو اختلطت بممتلكات أخري اكتسبت من مصادر مشروعة.
مادة (14)
يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من قام بتدريب شخص أو أكثر علي صنع أو استعمال الأسلحة التقليدية أو غير التقليدية أو وسائل الاتصال السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية أو أي وسيلة اتصال أخري، أو علمه فنونا حربية أو أساليب قتالية أيا كانت بقصد الاستعانة به لتنفيذ عمل إرهابي. ويعاقب بالسجن كل من تلقي التدريب المنصوص عليه في الفقرة السابقة مع علمه والغرض منه.
مادة (15)
يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من دخل مقر إحدى البعثات الدبلوماسية أو القنصلية أو مقر إحدى الهيئات والمنظمات الدولية في الدولة عنوة أو بمقاومة السلطات المختصة فيها بهدف ارتكاب عمل إرهابي. ويعاقب بذات العقوبة كل من يلجأ إلي العنف لتنفيذ هجوم علي المكاتب الرسمية أو السكن الخاص أو وسائل الانتقال لشخص يتمتع بحماية دولية، إذا كان من شأن هذا الهجوم أن يعرض سلامته أو حريته للخطر، وكذلك كل من يهدد بارتكاب هذا الفعل. وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا وقع الفعل باستعمال السلاح أو من أكثر من شخص. فإذا ترتب علي الفعل وفاة شخص كانت العقوبة الإعدام.
بناء علي ذلك سيكون ورقة بحثا هذا علي النحو التالي للوصول إلي الإجابة علي الأسئلة المطروحة من المنظمة 0
تعريف الإرهاب:-
أن الإرهاب في الاصطلاح المعاصر مفهوم ظهر في تاريخ أوروبا الحديث، وأوضح أنه إجراء منظم يستهدف الإضرار بالأنفس والممتلكات العامة لإحداث أغراض غير مشروعة، ومنها قتل الأنفس وسفك الدماء، و: إن حوادث الإرهاب في العالم كثيرة رصدها بعض الباحثين مبيناً أن ثلثها حدث في أوروبا، ونصفها في أمريكا، والباقي توزع في أنحاء العالم، أن أقربها للواقع تعريف وزراء الداخلية العرب، ونصه: الإرهاب: هو العدوان الذي يمارسه أفراد أوجما عات أو دول بغياً على الإنسان: (دينه ودمه، وعقله، وماله، وعرضه) ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة، أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية للخطر، فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها في قوله: {وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص:77).
ففي الرؤية السياسية: عرّفته لجنة الإرهاب الدولي التابعة للأمم المتحدة عام 1980م، بأنه:
"عمل من أعمال العنف الخطيرة يصدر عن فرد أو جماعة بقصد تهديد الأشخاص أو التسبب في إصابتهم أو موتهم سواء كان يعمل بمفرده أو بالاشتراك مع أفراد آخرين، ويوجه ضد الأشخاص أو المنظمات أو المواقع السكنية أو بهدف إفساد علاقات الود والصداقة بين الدول أو بين مواطني الدول، أو ابتزاز تنازلات معينة من الدول في أي صورة كانت"
وعرفته الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب سنة 1998م، المادة الثانية، بأنه:
"كل فعل من أفعال العنف والتهديد أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر"
الإرهاب من خلال أنماط مختلفة للتعريف:
 نمط التعريف البسيط والعادي للإرهاب، ويعني عنفًا أو تهديدًا يهدف إلى خلق خوف أو تغيير سلوكي.
 النمط القانوني لتعريف الإرهاب، ويعني عنفًا إجراميًا ينتهك القانون ويستلزم عقاب الدولة.
 التعريف التحليلي للإرهاب، ويعني عوامل سياسية واجتماعية معينة تقف وراء كل سلوك إرهابي.
 تعريف رعاية الدولة للإرهاب، ويعني الإرهاب عن طريق جماعات تُستخدم بواسطة دول للهجوم على دول أخرى.
 نمط إرهاب الدولة، ويعني استخدام سلطة الدولة لإرهاب مواطنيها
**أما في مصر فقد عرف الإرهاب في قانون العقوبات المصري:-
فقد ادخل المشرع المصري علي قانون العقوبات عام 1992 في المادة 86، والذي يعد نموذجاً للتعريف المطاط على النحو التالي: (يقصد بالإرهاب في تطبيق أحكام هذا القانون كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع يلجأ إليه الجاني تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، إذا كان من شأن ذلك إيذاء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم وتعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالاتصالات أو المواصلات أو بالأموال أو المباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها، أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة، أو دور العبادة ومعاهد العلم لأعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح.[2] وإلى جانب استخدام تعبيرات غامضة وغير محددة على غرار "القوة" و"العنف"، فإن التعريف المذكور يمد بساط التجريم على نحو يشمل بعض الأفعال التي تدخل في نطاق حرية التعبير والتجمع والتنظيم، كالدعوة إلى الإضراب السلمي عن العمل أو عن الدراسة، أو تنفيذ اعتصام سلمي في الطريق العام، وغير ذلك من الأفعال التي يفترض بالقانون أن يحميها لا أن يجرمها. الجرائم الإرهابية يجب أن تنحصر في الحالات التي تتوفر فيها الشروط الثلاثة التالية مجتمعة: (أ) الأفعال المرتكبة بقصد القتل أو التسبب في إصابات جسمانية خطيرة، أو أخذ الرهائن؛ (ب) وأن تكون بغرض إشاعة حالة من الرعب وتخويف السكان أو إرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل ما أو الامتناع عن عمل ما؛ (ج) وأن تمثل جرائم تقع ضمن نطاق الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بالإرهاب ووفقاً للتعريفات الوارد فيها."و يسمح القانون الدولي، وعلى الأخص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في مادته الرابعة، للحكومات بأن تعلق العمل ببعض الحقوق الواردة فيه في حالات الطوارئ العام. غير أن الدول لا تتمتع بحرية غير مقيدة في استخدام ظروف الطوارئ - بما في ذلك تهديد الإرهاب - كمبرر لتجميد تدابير الحماية المكفولة لحقوق الإنسان. فقد استقرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، والتي تتولى تفسير ومراقبة تنفيذ العهد الدولي، على أن الحكومات لا تملك سلطة تعليق العمل ببعض التزاماتها القانونية بحماية حقوق الأفراد إلا عندما تواجه الدولة إحدى حالات الطوارئ العامة التي تهدد حياة الأمة. "لا يجب أن يعتبر كل شكل من أشكال الخطر أو الكوارث حالة طوارئ عامة تهدد حياة الأمة"، وأن أية إجراءات تتخذ لتعليق العمل ببعض الالتزامات الواردة في العهد [الدولي للحقوق المدنية والسياسية] لابد أن تقتصر "على الإجراءات التي تفرضها بشدة احتياجات الوضع القائم0 من الحقوق القانونية للمحتجزين جراء الاشتباه في مشاركتهم في أعمال إرهابية أو التخطيط لها، ومنها الحق في معرفة الاتهامات الموجهة إليهم، حيث "لا تكفي أن توجه للشخص المحتجز تهمة الإرهاب، وإنما يجب أن تكون مصحوبة بتهم تتعلق بارتكاب أفعال محددة".كما تنص مسودة المبادئ على أنه لا يجوز أن يتم توقيف أحد على أساس أدلة تم الحصول عليها عن طريق التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ ولا أن تقتصر أسباب توقيف شخص ما على أدلة تم الحصول عليها من شخص آخر تم احتجازه بالفعل.
أما مفهوم الإرهاب في الرؤية الإسلامية:
فقد استخدم القرآن الكريم لفظة الإرهاب بقصد صد المعتدي، وإرجاع الناس إلى الطريق القويم، ومنعهم من الفساد في الأرض، قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ ". (سورة الأنفال:60). فظهر أن الإرهاب إنما يكون لعدو الله وعدو المؤمنين وللمنافقين الذين يحاربونه من وراء ستار، ولكن الإعلام ابتذل هذا المصطلح القرآني حتى عاد مرادفًا للعدوان، والظلم، والطغيان، وقتل المدنيين والأبرياء، وخلط الأوراق، وسوء النية، إلى غير ذلك مما يأباه كل مسلم على وجه الأرض.
وقد عرفه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بأنه:
"ترويع الآمنين وتدمير مصالحهم ومقومات حياتهم والاعتداء على أموالهم وأعراضهم وحرياتهم وكرامتهم الإنسانية بغياً وإفساداً في الأرض. ومن حق الدولة التي يقع على أرضها هذا الإرهاب الأثيم أن تبحث عن المجرمين وأن تقدمهم للهيئات القضائية لكي تقول كلمتها العادلة فيهم " (4).
وعرفه المجمع الفقهي الإسلامي بأنه:
"عدوان يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان (دينه، ودمه، وعقله، وماله، وعرضه)، ويشمل صنوف التخويف، والأذى، والتهديد، والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة وإخافة السبل، وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم، أو تعريض حياتهم أو حريتهم، أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة، أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة أو تعريض أحد الموارد الوطنية، أو الطبيعية للخطر، فكل هذا من صور الفساد في الأرض التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها " (5).
وللحقيقة؛ فإن الإرهاب في الرؤية الإسلامية له معنيان:
المعنى الأول - هو إرهاب العدو عن أن يعتدي على الحرمات وهو بهذا يلتقي مع مفهوم المقاومة المشروعة، لأن الباعث من ورائه هو الدفاع عن النفس، وهو يأتي – أيضًا - بمعنى التخويف، والرَّهبة هي الخوف، والله سبحانه يُرَهِّبُنا أي يُخوِّفنا مِن عقابه إنِ انْحرفنا فيقول: "وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا" (سورة الإسراء:59). والإنسان يُرْهِبُ غيره بأساليب متنوعة ولأغراض متعددة، فإن كان لغرض مشروع كالتأديب والنهي عن المنكر كان مشروعًا، ومنه:
- تأديب الصبي إذا ترك الصلاة: "وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْر".
- وتأديب الزوجة الناشز: "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ" (سورة النساء:34).
- إرهاب العدو منعًا لعُدوانه علينا، وذلك بالاستعداد لمقاومته وبوسائل أخرى كالدِّعاية لتخْويفه، قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ ". (سورة الأنفال:60).
أما المعنى الثاني للإرهاب - وهو الذي انتشر معناه وغلب على الكلمة - فهو الاعتداء على المظلومين وقتل المدنيين بدون سبب مشروع، وهو - كما يرى العلماء - محرم شرعًا ، فكل من اعتدى على مدني مسلم أو غير مسلم ، فقد تجاوز حد الله، ذلك أن الإسلام دِينُ السلام، لا يبدأ بعُدوان، ويُؤْثِر السلامة على المُخاطرة، والحب على الكراهية، والقرب على البعد، والاجتماع على الفرقة والتشتت قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ" (سورة البقرة:208)، وَهُو دخول في السِّلْم بَيْن المُسلمين بعضهم مع بعض وبينهم وبين غيرهم، قال تعالى: "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ" (سورة الأنفال:61).
مفهوم الإرهاب
ومن الملاحظ أن مفهوم ظاهرة الإرهاب تعددت خاصة في السنوات الأخيرة، بسبب تعدد السياسات والثقافات والعقائد للشخص أو الهيئة أو المنظمة أو الدولة، وظهر أن هناك تباينًا كبيرًا بين مفهوم الإرهاب في الرؤية السياسية عنه في الرؤية الإسلامية.
المحور الثاني: مظاهر الإرهاب
أما مظاهر الإرهاب المشهودة، فقد بينها معالي د.التركي كما يلي:
1) قتل الأنفس البريئة والمعصومة، مسلمة كانت أو غير مسلمة.
2) تدمير الممتلكات العامة والخاصة، والمرافق التي ينتفع منها الناس، وإهدار الأموال وضياعها.
3) ترويع الآمنين ونشر الخوف والفزع بين الناس.
واستشهد معاليه بالعديد من الأحداث المرتبطة بهذه المظاهر التي تدخل في نطاق المحرمات المؤكدة في الشريعة الإسلامية.
المحور الثالث: آثار الإرهاب
وعدد معاليه آثار الإرهاب على المجتمع المسلم، وبين أنه يشغل المسلمين عن مهامهم، مشيراً إلى أن من أبرز آثاره:
1) الإخلال بأمن الأمة، وهذا يؤدي إلى الإخلال بحياة الناس في المجالات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.
2) إعطاء الذريعة لأعداء الأمة للهجوم على الإسلام والمسلمين ومجافاتهم.
3) شق عصا الطاعة لولاة الأمر، وفي هذا مخالفة عظيمة لأمر الله سبحانه: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} (النساء:59).
المحور الرابع: موقف الإسلام من الإرهاب
موقف الإسلام من الإرهاب وتحريمه القطعي مشيراً إلى ما يلي:
1) اعتبار الإسلام سفك الدماء وقتل الأنفس المعصومة من أشد المحرمات وأشار إلى أن ذكر تحريم سفك الدماء ورد في مواضع تصل إلى 120 موضعاً في القرآن الكريم، ومن ذلك قوله سبحانه: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ} (الإسراء:33).
2) تحريم الإسلام الإفساد في الأرض: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} (الأعراف:56).
3) اعتبار الفساد في الأرض محادة ومحاربة لله ورسوله، وفرض عقوبة قاسية بشأنه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (المائدة:33).
4) تحريم أساليب الترويع والتخويف، حيث وردت نصوص عديدة في الكتاب والسنة بهذا الشأن ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لمسلم أو مؤمن أن يروع مؤمناً " و: " من حمل علينا السلاح فليس منا ".
المحور الخامس: أسباب الإرهاب
أسباب الإرهاب المتعددة، ومنها:
1) إتباع الهوى.
2) التأثر بالآراء المضللة.
3) الغلو في الدين.
-** الثمرة الأولي:-
ما مدى الحاجة لسن قانون جديد لمكافحة الإرهاب ؟.
عانت مصر لسنوات طويلة من انتشار الأعمال الإرهابية والعنف المسلح بشكل واسع النطاق والذي ترجع بداياته لعام 1981 تاريخ واقعة اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات على أيدي جماعة الجهاد، ومن قبلها أحداث الفنية العسكرية عام 1974؛ فقد حاول بعض أعضاء حزب التحرير الإسلامي القيام بمحاولة انقلابية عسكرية ضد نظام الرئيس السادات بالاستيلاء على الكلية الفنية العسكرية بالقاهرة ولكنها أجهضت وتغلب عليها الأمن المصري، بل وتم إعدام أعضاء حزب التحرير. وقد استمر تصاعد أعمال العنف بين الأجهزة الأمنية والجماعات الإسلامية المسلحة خلال فترة التسعينيات؛ ففي عام 1997 وقعت مذبحة الدير البحري بمدينة الأقصر والواقعة جنوب مصر والتي ارتكبتها الجماعات المسلحة، وقد أسفرت عن مصرع 69 شخصا، من بينهم 58 من السائحين الأجانب، و5 من المواطنين بينهم اثنان من رجال الشرطة، فضلاً عن مقتل 6 من العناصر التي اشتركت في ارتكاب المجزرة. كما شهدت فترة التسعينيات محاولات اغتيال مختلفة لمسئولين سياسيين من بينها محاولة اغتيال وزير الإعلام المصري السابق "صفوت الشريف" ورئيس الوزراء الأسبق "عاطف صدقي"، وقبل ذلك نجحت العناصر الإرهابية في اغتيال رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق، كما تعرض عدد من الكتاب والأدباء والمثقفين أيضا لمحاولات اغتيال؛ فقد حاولت بعض العناصر الإرهابية اغتيال الأديب المصري المشهور "نجيب محفوظ"، في حين نجحت في اغتيال المفكر الدكتور "فرج فودة".بالإضافة إلى الحوادث الإرهابية المتعددة التي شهدتها مصر، لا سيما في جنوبها خلال هذه الفترة، ومن بين تلك الأحداث نذكر جريمة اقتحام كنيسة "مار جرجس" بأبي قرقاص في فبراير 1996؛ وهو ما أسفر عن مصرع 8 من الأقباط، وكذلك الهجوم السافر الذي شنه إرهابيون على قرية بهجورة في مارس 1997 والذي أدى إلى مقتل 14 شخصا من بينهم 9 من الأقباط. وهناك واقعة الاعتداء على متحف التحرير في سبتمبر 1997 والذي أسفر عن مصرع 9 من السائحين الأجانب (1). وفي شهر يوليو 1997 أطلق قادة الجماعة الإسلامية مبادرة سلمية، ناشدوا فيها زملاءهم المقيمين في الخارج وأعضاء الجناح العسكري الفارين، وقف العمليات المسلحة داخل مصر وخارجها، وأحدثت مبادرتهم ضجة كبيرة في أوساط الإسلاميين حتى أصدر مجلس "شورى" الجماعة في مارس 1999 قرارًا بوقف العمليات المسلحة، وعلى الرغم من التشكيك والتساؤلات التي صاحبت الإعلان عن المبادرة، أصدر قادة الجماعة في السجون والمعتقلات المصرية عدة كتب أطلق عليها مصطلح "المراجعات" الفكرية لمنهج الجماعة ومسيرتها الإصلاحية، كما أوقفت جماعة الجهاد أعمال العنف المسلح في 5 فبراير 2000. وقد ساهم في مواجهة جماعات العنف المسلح رفض المجتمع المدني والقائمين عليه لأفكار هذه الجماعات، لا سيما أنها لم تكن تستهدف مؤسسات الدولة فحسب، وإنما استهدفت المدنيين والأجانب أيضا. ومنذ عام 1997 توقفت أعمال العنف المسلح، وبرغم ذلك استمرت الحكومة المصرية في استخدامها لمصطلح الإرهاب ومكافحته كذريعة لانتهاكها المستمر والمتواصل لحقوق الإنسان، كما سنت العديد من التشريعات والقوانين المعيقة لحقوق الإنسان، مبررة ذلك بأن ذلك يأتي في إطار "مكافحة الإرهاب"، مستخدمة شعار المكافحة الذي كثر استخدامه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 للإيحاء بأن العمليات الإرهابية قد تمتد إلى مصر، برغم أنه ليس هناك مبرر لا من الناحية السياسية أو القانونية لذلك. وبعد التفجيرات التي شهدتها طابا وسيناء جاء تمديد العمل بقانون الطوارئ لعامين آخرين، وعللت الحكومة ذلك بقولها بأن إلغاء حالة الطوارئ قبل إصدار قانون لمكافحة الإرهاب سيخلق حالة من الفراغ التشريعي؛ وهو ما يشكل خطرا شديدا! ؛ وهو ما يستدعي معه ضرورة مد حالة الطوارئ، لا سيما أن سن قانون الإرهاب قد يستغرق عامين ونصف. والسؤال هنا: ما هو هذا القانون العجيب الذي يستغرق سنه عامين ونصف العام؟ فهل تناست الحكومة أن هناك قانونا بالفعل لمكافحة الإرهاب وهو القانون رقم 97 لسنة 1992 والمسمى بقانون مكافحة الإرهاب والذي تضمن تعديلات على قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية. فبالنسبة لقانون العقوبات أضيفت مادة تتضمن تعريفًا شاملاً للجريمة الإرهابية وتنظيم الإرهاب، حيث تم التوسع في تعريف الإرهاب بعبارات مطاطة، وشدد العقوبات على هذه الجرائم المطاطة حتى وصلت لعقوبة الإعدام لكل من يدير مؤسسة أو يقوم بعمل إرهابي من شأنه الإضرار بمصالح المجتمع وترويع الآمنين. أما بالنسبة للإجراءات الجنائية فتم إدخال تعديلات كان من شأنها إعطاء الشرطة صلاحيات للقبض على الأشخاص واحتجازهم في الجرائم الإرهابية لمدة تصل إلى 7 أيام دون الإحالة إلى الجهات القضائية. كما منح القانون المزيد من الصلاحيات لأجهزة الأمن، وحد بشكل واضح من الضمانات القانونية والقضائية للمواطنين وفرض مزيد من القيود على حرية الرأي والتعبير، كما قلص هامش المشروعية الذي تتحرك في إطاره الفاعليات الحزبية والسياسية في مصر؛ فهذا القانون أسهم في إرساء وتعزيز "ترسانة قوانين القهر".بالإضافة إلى ما يتضمنه القانون من نصوص تتعارض مع المادتين 6 و15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. فتعريف الإرهاب كما ورد في القانون فضفاض للغاية بحيث يشمل طائفة من الأعمال المتفاوتة المحظورة، وقد طالبت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان الحكومة المصرية بضرورة مراجعة تعريف الإرهاب وإعادة صياغته بمزيد من الدقة، خاصة أنه يزيد عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام بالمخالفة لحكم المادة 6 من العهد الدولي والتي تجيز توقيع هذه العقوبة إلا على أشد الجرائم خطورة. ومن خلال مطالعتنا لمسودة هذا القانون جاء كما توقعنا من هذه الحكومة فكان مشروع القانون الجديد للإرهاب أسوأ، بل أسوأ أيضًا من قانون الطوارئ للأنة تضمن وضع حالات استثنائية كما هو الحال في الطوارئ حتى تصبح مواده قانونية وذات مشروعية بعد أن كانت حالة استثنائية. وهو ما يعرض الوضع السياسي والقانوني لاحتمالية رفض بنود هذا القانون من جانب المحكمة الدستورية؛ لأنة يتناول بنودا مخالفة لنصوص الدستور خاصة فيما يتعلق بحقوق المواطنين وحريتهم وتتضمن أحكاما مهمة تتعلق بالدستور وسيادة القانون والقضاة وعدم سقوط الدعاوى بالتقادم فيما يخص قضايا التعذيب بعد مرور أي وقت. وقد يتضمن ما هو مطروح على الساحة أيضا بإدخال تعديلات دستورية جديدة بما يسمح بإصدار القوانين الاستثنائية مثل القانون المترقب إصداره.. فقانون الإرهاب هو ذاته قانون الطوارئ بكل سلبياته وتنكيله للمعارضين، والمرحلة التي تعيشها مصر في ظل الطوارئ هي حالة استثنائية ستكون حالة مقننة بفعل قانون الإرهاب. وسلوك الحكومة المصرية يؤكد أنها ماضية في تطبيق قانون الإرهاب بنفس الصيغة التي عليها حالة الطوارئ وقانونها وهو ما يجعلنا نكرر مرة أخرى أنه لن يمنع الإرهاب ولكنه سيضيق الحريات، في ظل الشواهد التي نراها الآن فكلها تؤكد ما نقول. وإذا كانت أعمال العنف والإرهاب قد جرى توظيفها عبر سنوات طويلة مضت لإضفاء المشروعية على حالة الطوارئ وتبرير الكثير من الممارسات والجرائم الشرطية المنافية للدستور والقانون ومصادرة الحقوق والحريات العامة للمواطنين، فإن تراجع ظواهر العنف والإرهاب ونجاح أجهزة الأمن في محاصرة بؤر "النشاط الإرهابي" لم يقترن بتخفيف قبضة الدولة على الحقوق والحريات العامة، بل شهدت حركة حقوق الإنسان تراجعا ملموسا وفرضت المزيد من القيود على حرية الرأي والتعبير ومؤسسات المجتمع المدني بصفة عامة ومؤسسات حقوق الإنسان على وجه الخصوص واستشرت فيه التجاوزات والجرائم الشرطية، سواء فيما يتعلق بالتعذيب واسع النطاق أو الاعتقال بصوره المختلفة السياسي والجنائي. وبرغم إدانتنا ورفضنا لأعمال الإرهاب والعنف المسلح التي شهدتها مصر خلال السنوات الماضية والشهور الأخيرة، فإن آليات المواجهة والردع من قبل السلطات والأجهزة الأمنية لم تخلُ من انتهاكات خطيرة لمنظومة حقوق الإنسان في مصر، لا سيما في ظل تمديد العمل بقانون الطوارئ والذي يشكل مظلة يجري تحتها العصف بالعديد من الحقوق والحريات الأساسية، حيث تحولت حالة الطوارئ التي رهن الدستور إعلانها بالحرب أو حالة التهديد بالحرب أو الكوارث حالة دائمة لأكثر من ربع قرن أدت لمصادرة الحياة السياسية، وتضخيم أجهزة الدولة البوليسية للحد الذي لا يتصور فيه هذا النظام قدرته على الاستمرار بدون هذه الصلاحيات التي توفرها له الطوارئ من انتهاك خصوصيات المواطنين والتنصت عليهم والاطلاع على بريدهم ومصادرة حقوقهم الدستورية واعتقال وخلافه
الثمرة الثانية:- هل سيكون قانون الإرهاب المزمع إصداره بمثابة تقنيين لقانون الطوارئ الاستثنائي في شكل قانون عادي؟.
في واقع الأمر، فإن مكافحة الإرهاب والقضاء عليه لم يكن ليتم -أبدا- بإرهاب آخر تمارسه الدولة بحق مواطنيها وبحق مؤسسات المجتمع المدني المختلفة من أحزاب وجمعيات أهلية ونقابات مهنية، من خلال قيامها بسن ترسانة القوانين المقيدة للحريات العامة والحقوق التي يكفلها الدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان والتي صادقت عليها الحكومة المصرية. ويأتي في مقدمة تلك القوانين قانون الطوارئ والذي أضحى بمثابة الأداة التي تستخدمها السلطة التنفيذية للعصف بالحقوق والحريات العامة، لا سيما فيما يتعلق بالحق في المحاكمة العادلة والمنصفة، والحق في التجمع والتظاهر السلمي، وكذلك الحق في حرية الرأي والتعبير، بل يمكن القول بأن قانون الطوارئ أصبح الدستور الحقيقي للبلاد. ونهاية فإنه برغم إدراكنا لأهمية مواجهة أعمال العنف المسلح وحماية المجتمع والمدنيين من القائمين بأعمال العنف كمسئولية أساسية تقع على الدولة والحكومة معا، فإنه في نفس الوقت نؤكد على أن احترام حقوق الإنسان ومعايير العدالة في مواجهة هذه الجماعات المسلحة لا يتناقض مع قرارات المواجهة وتحقيق الأمن في البلاد، بل إن الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى نجاح المواجهة هو الاحترام الكامل لقيم ومبادئ حقوق الإنسان، اعتمدت الحكومة المصرية منذ بداية الثمانينات على المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة طوارئ لمحاكمة المشتبه بارتكابهم أفعالاً جنائية، بما في ذلك جرائم الإرهاب. وتنتهك إجراءات هذه المحاكم على نحو بالغ ضمانات المحاكمة العادلة المعترف بها دولياً. بعد طول ترقب وانتظار، مررت الحكومة المصرية قرارها بتمديد العمل بقانون الطوارئ المعمول به منذ ما يزيد على ربع قرن، !. وليس بخاف على أحد أن قانون الطوارئ هذا يتيح للحكومة المصرية، الآنية والمستقبلية على حد سواء، أن تمعن اعتقالا في المواطنين، ولفترات طويلة دونما محاكمة، ولمجرد الاشتباه! وأن تحيل المدنيين المتهمين إلى محاكم عسكرية لا تقبل أحكامها الصادرة عنها أيا من النقض أو الاستئناف، مثلما حدث في المحاكمات الأخيرة لقيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين. في الواقع، أثبت النظام المصري، الموغل في سياساته القمعية، أنه لا يمتلك توجها حقيقيا لإنهاء حالة الطوارئ المعمول بها منذ اغتيال السادات في العام 1981. وعلى الرغم من الاحتجاجات المتتابعة الصادرة عن مختلف قوى المعارضة، ومؤسسات المجتمع المدني، وعلى رأسها منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، وعلى المستوى التطبيق العملي يمكن القول إنه فيما يفترض ألا يطبق هذا القانون إلا على الإرهابيين وتجار المخدرات، يتم استهداف المعارضين السياسيين وفقا لبنوده وأحكامه، ويسجن أغلب هؤلاء لفترات طويلة تتجاوز العقدين من الزمان أحيانا، من دون أدنى حماية قانونية، أو حتى توفير محاكمة عادلة لهم، بل ومن دون توجيه تهم محددة عليهم!!. في الواقع، تعمد الحكومة المصرية لاستخدام فزّاعة الإرهاب، سواء لإضفاء نوع من المشروعية على تجديد العمل بقانون الطوارئ مرة أخرى، أم لسنّ تشريعات جديدة لمكافحة الإرهاب، تحول حالة الطوارئ المؤقتة، نظريا على الأقل، إلى حالة أبدية!!. ومن المعلوم أن استمرار حالة الطوارئ طيلة هذه الحقبة المديدة يتعارض وقواعد الحد الأدنى من القانون الدولي، والتي أجازت فرضه كحال استثنائية ليس إلا!!، وفي مواجهة خطر داهم تحددت عناصره سلفا في أي من حالة الحرب أو التهديد بها، أو حالات الكوارث الطبيعية. ومن ثم، فإن الإبقاء على حالة الاستثناء هذه بدعوى مكافحة الإرهاب تفتقر منذ سنوات طويلة إلى أي سند موضوعي. خاصة، بعدما تراجعت، وربما للأبد، مخاطر النشاط الإرهابي في مصر، وبعدما قطعت جماعات الجهاد الإسلامي، والتي كانت ضالعة في ارتكاب مثل هذه الجرائم، أشواطا مهمة في مراجعة ونقد الأسانيد الفقهية التي كانت تعول عليها في إعلان الحرب على النظام. أضف إلى ذلك، أن من مقتضيات التصدي لظواهر الإرهاب، أو حتى العنف السياسي والاجتماعي، الإيمان بأنه لا ينبغي أن توضع مثل هذه الإجراءات في تعارض مع مقتضيات حماية حقوق الإنسان. وأن مواجهة هذه الظواهر لن يتأتى عبر معالجات أمنية متشددة لا تقيم وزنا لحقوق المواطنين، وإنما يتطلب، في الدرجة الأولى، معالجات سياسية تنطلق من تشخيص موضوعي للمشكلات ذات الطابع السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي ككل، والتي تفرز مثل هذه الظواهر وتغذيها. ومن ثم، يظل درء مخاطر الإرهاب وأعمال العنف مرهونا بتوافر مناخ ديمقراطي، يؤمن فرصا حقيقية للتعبير وتبادل الآراء والأفكار بحرية تامة، ويفسح مجالا لمشاركة مجتمعية فعلية في صنع السياسات. إن التشبث بحالة الاستثناء هذه إنما يهيئ البيئة المثلى لتنامي ظواهر العنف والإرهاب. بخاصة، إذا ما وضعنا في الاعتبار أن المادة 179 التي جرى إقحامها في الدستور المصري العام الماضي، قد مهدت الطريق لتوطيد أركان الدولة البوليسية، وذلك من خلال ما تتيحه للسلطة التنفيذية وأجهزتها الأمنية من صلاحيات استثنائية تبطُل بموجبها الضمانات الدستورية، بمقتضى المواد 41، 44، 45 من الدستور، والتي تعد بمثابة صمام أمان للمواطنين، وتكفل لهم الحق في الحرية والأمان الشخصي، وتحظر مداهمة وتفتيش منازلهم، أو مراقبة رسائلهم، أو التصنت على هواتفهم، من دون إذن قضائي مسبق. فضلا عما منحته المادة 179 أيضا من صلاحيات تجيز لرئيس الجمهورية، بوصفه رئيسا للسلطة التنفيذية، حرمان المشتبه بهم والمتهمين في قضايا الإرهاب من المثول أمام قاضيهم الطبيعي، وإحالتهم إلى القضاء الاستثنائي، بما في ذلك القضاء العسكري، والذي يفتقر الماثلون أمامه للعديد من الضمانات القانونية والإجرائية، والتي يشكل غيابها إخلالا فادحا بمعايير المحاكمة العادلة. وبالتالي، فإن الإبقاء على مثل هذه الصلاحيات من شأنه الإجهاز بصورة نهائية على ما تبقى من مقومات الدولة المدنية، بعدما أفضت سبعة وعشرون عاما متصلة من حالة الاستثناء إلى التآكل التدريجي لأسس الدولة القانونية في مصر، وذلك بفعل ما استحوذت عليه السلطة التنفيذية من صلاحيات استثنائية، لا تخضع للمراقبة البرلمانية والقضائية، وبفعل اللجوء المتزايد لاغتصاب ولاية القضاء الطبيعي، وسلب اختصاصاته لمصلحة القضاء الاستثنائي. ناهيك بالطبع عن إهدار حجية الأحكام القضائية، بما في ذلك تلك التي تصدرها محاكم الطوارئ الاستثنائية. فهل بات قدر مصر أن تبقى دائما وأبدا في ظل حكم الطوارئ؟ وهل من المنتظر أن يسود قانون مكافحة الإرهاب، المعلن إلي تثبيت أركان الدولة البوليسية وإنهاء الدولة القانونية 0 بذلك فلسنا بحاجة إلي قانون لمكافحة الإرهاب لوجود بالفعل قانونا لمكافحة الإرهاب سواء في العقوبات او الإجراءات الجنائية 0 مفهوم طبعا أن الحزب الحاكم بحكم أغلبيته الكبيرة هو من أنصار العمل فى ظل المؤسسات القائمة، لأنه يُحكم قبضته عليها، ويستطيع أن يصدر أي شئ مهما كانت الاعتراضات الصاخبة من هذا الطرف أو ذاك،
الثمرة الثالثة:- ما مدى حماية قانون الإرهاب الجديد للحقوق والحريات العامة ؟.
في البداية نود ان نقول ؛- أدت الطفرة الهائلة التي أحدثتها موضوعات حقوق الإنسان وحرياته والتطورات السريعة والمتلاحقة على الساحة الدولية بشأنها ، إلى تعاظم الاهتمام العالمي بتلك الموضوعات وأصبحت عالمية هذه الحقوق والحريات وعدم قابلتها للتجزئة أو التنازل ، تعني بالمقام الأول توحيد هذه الحقوق والحريات بدول العالم أجمع ولكل إنسان فى كل زمان ومكان ثم ضمان توفيرها لدى الأنظمة القانونية الوطنية للدول الأعضاء ولذلك فإن عالميتها لن تتحقق بدون وطنيتها كما وأن وطنيتها كذلك لن تتحقق بدون عالميتها فالأمرين متلازمين ووجهين لعملة واحدة ، ولن يستقيم التركيز على إحداها دون الأخرى ، أو العناية بإحداهما وإهمال الأخرى وكلاهما يجب أن يتحقق.لتسود للإنسانية إنسانيتها ويسعد الذين يحملون صفاتها بكينونتها سواء لأنفسهم أو للبشر أجمعين. وأصبحت المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان تشتمل بصفة خاصة على وجهين من المسئولية للدول الأعضاء فيها ، فهي مسئولة عن إنفاذها فى مواجهة المجتمع الدولي من خلال الآليات الدولية والإقليمية المشكلة بهدف حماية ورصد ومراقبة تنفيذها ، وإن اختلفت حدود الإلزامية لما يصدر عن هذه الآليات من توصيات أو قرارات وتبلغ مداها فى صدور أحكام قضائية ملزمة ، وتعد ازدواجية المعايير والانتقائية وتسييس موضوعات حقوق الإنسان من أهم المشكلات المعاصرة على الصعيد الدولي دون الإقليمي الذي حظي بالتطبيق القضائي فى كل من التجمعين الأوربي والأمريكي ، ولعل القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة برقم 56/153 فى 3/2/2002 ( بناء على تقرير اللجنة الثالثة ) والذي يدعو فى البند الخامس منه إلى التأكيد على أن رعاية حقوق الإنسان والاعتراف بالقيام بها لكونها تمثل الاهتمام الشرعي للمجتمع الدولي يجب أن يقوم على مبادئ الحيادية والموضوعية ولا يجب أن يستخدم لغايات سياسية ، خير دليل على ذلك. ثم تأتى مسئوليه الدولة الطرف قبل مواطنيها والموجودين فى أراضيها فى توفير وضمان وحماية هذه الحقوق والحريات وفقاً للمعايير الدولية ، وتعد أهم المشكلات المعاصرة على هذا المستوى الأنظمة القانونية والسياسية بالدول النامية والغير المستقرة والتي يرتبط أداؤها بالإمكانيات المتاحة طبقاً لظروفها ولأوضاعها ولمواردها والتي ينتج عنها تردى الأوضاع الوطنية بشكل عام ، وهشاشة السلطات التشريعية والقضائية بصفة خاصة مما يشكل عبئاً كبيراً أمام هذه الدول للقيام مسئوليتها على أراضيها. حول مدى التزام النظام القانوني المصري بالالتزامات الناشئة عن المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والمنضمة لها مصر، ومدى كفالة وسائل الانتصاف الوطنية لضمان هذه الحقوق والحريات على أرض الوطن للكافة من مواطنين أو أجانب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.