أول شهادةٍ تاريخية للنور المقدس تعود للقديس غريغوريوس المنير    مصر وجنوب السودان.. خطوات هامة نحو تعاون مثمر في مجال المياه    المقاومة العراقية تستهدف قاعدة جوية إسرائيلية في مدينة إيلات    «القاهرة الإخبارية»: 20 شهيدا وإصابات إثر قصف إسرائيلي ل11 منزلا برفح الفلسطينية    عاجل.. مقتل امرأة وإصابة 24 في قصف روسي على خاركيف ومحيطها    سيف زاهر يكشف موعد تحديد الرباعي المشارك ببطولات الأندية الإفريقية    أحمد سامي: كنا قادرين على الفوز ضد الزمالك بأكثر من هدف والبنا لم يكن موفق    حملات تموينية على المخابز السياحية في الإسكندرية    طالب ثانوي.. ننشر صورة المتوفى في حادث سباق السيارات بالإسماعيلية    أنغام تتألق ب "فنجان النسيان" في حفلها ب دبي (فيديو)    إلهام الكردوسي تكشف ل«بين السطور» عن أول قصة حب في حياة الدكتور مجدي يعقوب    بسكويت اليانسون.. القرمشة والطعم الشهي    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    الجرام يتجاوز ال3500 جنيه.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة بعد الارتفاع    رضا عبد العال ينتقد جوزيه جوميز بعد خسارة الزمالك أمام سموحة    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    طاقم حكام مباراة بيراميدز وفيوتشر في الدوري    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    سعرها صادم.. ريا أبي راشد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    الإسكان: جذبنا 10 ملايين مواطن للمدن الجديدة لهذه الأسباب.. فيديو    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المجلس العسگري يتراجع عن أهداف الثورة
نشر في الأهالي يوم 14 - 09 - 2011

فشل حالة الطوارئ في تحقيق الأمن والاستقرار طوال 30 عاما
تعريف الإرهاب يحاسب علي النوايا ويتسع للتنكيل بكل صاحب رأي
يشكل قرار المجلس الأعلي للقوات المسلحة تفعيل العمل بحالة الطوارئ المعلنة منذ 6 اكتوبر 1981، وتعديل بعض أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 2010 بمد حالة الطوارئ حتي 31 مايو 2012، تراجعا عن أهداف ثورة 25 يناير وتهديدا للحريات العامة واحتمالات التطور الديمقراطي.
فالقرار والتعديل الذي ادخل علي قرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 2010 يحمل اخطارا عديدة ويمثل استمرارا لنظام حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك.
لقد صدر هذا القرار بعد أن أعلن جمال مبارك الأمين المساعد للحزب الوطني، أمين لجنة السياسات في مايو عام 2010 عن ان الحكومة ستمد العمل بحالة الطوارئ مع قصر تطبيقه علي مكافحة الإرهاب والمخاطر المماثلة، وتقدم رئيس مجلس الوزراء د. أحمد نظيف بمشروع قرار جمهوري إلي مجلس الشعب في 11 مايو 2010 يمد العمل بحالة الطوارئ لمدة عامين (أي حتي 31 مايو 2012 )، علي أن يقتصر تطبيق الأحكام المترتبة علي إعلان حالة الطوارئ «علي حالات مواجهة اخطار الإرهاب وتمويله وجلب وتصدير المواد المخدرة والاتجار فيها».
وقد أثار هذا القرار في حينه رفض كل الاحزاب والقوي السياسية والمنظمات الحقوقية، التي اعتبرت القول بأن قانون الطوارئ في ظل هذا المد لن ينطبق إلا علي مكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات مجرد خدعة وكذبة لا تنطلي علي أحد. وأشارت إلي أن تعريف الإرهاب الوارد في المادة 86 من قانون العقوبات والمضافة بالقانون رقم 97 لسنة 1992، جاء في عبارات وصياغات مطاطة مثل «الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وامنه للخطر..ومن خلال استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما»، وهوتعريف فضفاض يدخل تحت مسمي الإرهاب كل الحركات الاحتجاجية السلمية التي شرعها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقات والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والتي وقعت عليها الحكومة المصرية وصدق عليها مجلس الشعب . كما تعتبر هذه المادة من قبيل الإرهاب «أي فعل تعتبره أجهزة الأمن إخلالا بالنظام العام».
وقد انتقدت لجنة الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان عام 2002 التعريف المصري الخاص بالإرهاب . كما ابدي مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان قلقه عام 2005 من التعريف الواسع للإرهاب في القانون المصري، والذي «يسمح باستخدامه ضد المنتقدين واعضاء الحركات المعارضة والذي أدي إلي زيادة عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام». وقال نادي قضاة مصر إن المواد القانونية الخاصة بمكافحة الإرهاب «قد تجاوزت كل الحدود في تحديد ما يسمي الجريمة الإرهابية. فلم تقف عند تجريم الأفعال المادية التي لها كيان مادي محسوس، بل امتدت إلي النوايا واختارت أوصافا مطاطة تقبل كل تأويل كالأضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، والاعتداء علي الحريات الشخصية، وهي عبارات اشبه بالشراك التي تتسع للتنكيل بكل صاحب رأي. ولعل الأخطر من كل هذا أن سلطة تكييف افعال المواطنين بأنها جريمة إرهابية أو غير ارهابية باتت معقودة لرجال الضبط انفسهم وليس القضاة ، مع ما تحتمه طبيعة عمل رجال الضبط من تغليب مظنة الاشتباه بالناس علي عكس عمل القاضي الذي يلزمه الدستور بأن «المتهم بريء حتي تثبت ادانته».
والمرسوم بقانون الذي أصدره المجلس الأعلي للقوات المسلحة تحت رقم 193 لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 126 لسنة 2010 بمد حالة الطوارئ حتي 31 مايو 2012 يزيد الطين بلة. فالقرار يضيف لجريمتي الإرهاب والمخدرات الخاضعتين لقانون الطوارئ جرائم أخري مثل «الإخلال بالأمن القومي والنظام العام بالبلاد أو تمويل ذلك» و«بث وإذاعة اخبار أو بيانات أو اشاعات كاذبة». وعبارة الإخلال بالأمن القومي والنظام العام نموذج سافر للعبارات المطاطة الفضفاضة، والتي قضت المحكمة الدستورية العليا في كثير من أحكامها بمخالفتها للدستور قائلة «.. لكل جريمة عقوبة محددة منصوص عليها في القانون أو مقررة وفق الحدود المبينة فيه.. ومن القواعد المبدئية التي يتطلبها الدستور في القوانين الجزائية أن تكون درجة اليقين التي تقوم بتنظيم أحكامها في أعلي مستوياتها، وأساس ذلك ما تفرضه القوانين من قيود خطرة علي الحرية الشخصية، ومن المتعين ضمانا لهذه الحرية أن تكون الأفعال التي تؤثمها هذه القوانين محددة بصورة قاطعة غير مجهلة. إذا أن التجهيل بها لا يجعل المخاطبين بها علي بينة من الأفعال المنهي عنها، ومؤدي غموض النص العقابي الحيلولة بين محكمة الموضوع وبين أعمال قواعد محددة لأركان الجريمة وعقوبتها دون خفاء.. مما يوقع المحكمة في محاذير تنتهي بها إلي ابتداع جرائم لم يقصدها المشرع».
أما إضافة «جريمة» بث واذاعة اخبار وبيانات واشاعات كاذبة إلي الجرائم التي تطبق عليها الأحكام المترتبة علي إعلان حالة الطوارئ. فهو استدعاء لمواد شاذة من قانون العقوبات- تحديدا المادتين (103 مكرر) و(188) - طالبت المنظمات الحقوقية ونقابة الصحفيين واساتذة القانون والأحزاب الديمقراطية بالغائهما لما تفرضه المادتان من قيود علي حرية التعبير وتولده من «رهبة تحول بين المواطن والتعبير عن آرائه، بما يعزز الرغبة في قمعها ويكرس عدوان السلطة العامة المناوئة لها، مما يهدد في النهاية أمن الوطن واستقراره» الغريب أن المادتين 102 مكرر و188 كانت تفرض العقاب في حالة اذا كان الخبر أو البيان أو الاشاعة الكاذبة » من شأنه تكدير الأمن العام أو القاء الرعب بين الناس أو الحاق الضرر بالمصالح العامة، وهو الشرط الذي اسقطه مرسوم المجلس الأعلي للقوات المسلحة!
والتبرير الذي يقدمه المجلس العسكري لتفعيل حالة الطوارئ هو الحاجة إلي قوانين وإجراءات استثنائية لتحقيق الأمن والاستقرار، بعد أن استمر غياب الأمن وانتشار البلطجة والفوضي والعنف في الفترة الأخيرة، خاصة في ظل ما حدث يوم الجمعة الماضي 9 سبتمبر من اقتحام السفارة الإسرائيلية والاعتداء علي مبني وزارة الداخلية وعلي مديرية أمن الجيزة.
ورغم صحة توصيف الحالة الأمنية فالمواجهة ليست باللجوء لقانون الطوارئ ومصادرة حقوق الإنسان الأساسية في التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي والأحزاب والاعتصام. وذلك لسببين..
الأول : أن غياب الأمن وانتشار العنف له أسباب عديدة اقتصادية واجتماعية وسياسية، ولكن سببه الرئيسي في المرحلة الحالية هو استمرار غياب الشرطة عن الشارع المصري، فرغم وجودها شكليا فإن ضباط وجنود الشرطة يمارسون اضرابا غير معلن عن العمال ولا تقوم وزارة الداخلية بمهامها في توفير الأمن للمواطنين ومواجهة أي خروج عن القانون، مستندة إلي القوانين القائمة ودون حاجة إلي أي إجراءات أو قوانين استثنائية.
الثاني: أن حالة الطوارئ المعلنة في مصر منذ 6 أكتوبر 1981 لم تحقق الأمن والاستقرار طوال 30 عاما. ففي ظل حالة الطوارئ وفتح السجون والمعتقلات (يقدر من تم اعتقالهم خلال هذه الفترة بأكثر من 100 ألف) والمحاكمات العسكرية وصدور أحكام باعدام 82 من المتهمين بممارسة الإرهاب ، وقعت كثير من الجرائم الإرهابية وأحداث العنف. فتم اغتيال د. فرج فودة ود. رفعت المحجوب، ومحاولة اغتيال د. عاطف صدقي وصفوت الشريف واللواء حسن أبو باشا.. ونجيب محفوظ.
وفي عام 1992 تم هجوم مسلح علي اتوبيس السياح قرب ديروط. وجري تفجير مقهي وادي النيل بميدان التحرير عام 1993، والقاء قنبلة علي اوتوبيس سياحي في متحف الهرم، والهجوم المسلح علي فندق سميراميس وتفجير اوتوبيس سياحي قرب المتحف المصري. وفي عام 1994 الهجوم علي عبارة سياحية واطلاق النار علي اوتوبيس سياحي بين الاقصر وقنا. وتعرض فندق أوروبا بشارع الهرم لهجوم مسلح عام 1996، وفي عام 1997 تم تفجير أوتوبيس سياحي أمام المتحف المصري، والاعتداء علي السياح في الاقصر ومقتل 58 سائحا اجنبيا واربعة مصريين. وفي العقد الأول من الالفية الجديدة وقعت جريمة الازهر في ابريل 2005، والعملية الارهابية في ميدان عبد المنعم رياض في الشهر نفسه ، ثم حادثة الحافلة السياحية بميدان السيدة زينب، والتفجيرات الارهابية الثلاثة ضد السياح الأجانب - خاصة الإسرائيليين - في جنوب سيناء والتي استهدفت فندق هيلتون طابا ومنتجعين سياحيين بجواره (2004)، ثم منتجع شرم الشيخ في منطقة خليج نعمة والسوق القديم معا (2005)، ومنتجع دهب (2006).
إن حل هذه الأزمة هو حل سياسي في المقام الأول. ويبدأ بالشروع فورا في تحقيق أهداف الثورة والاستجابة للمطالب الأساسية التي رفعت في ميدان التحرير في جمعة «تصحيح المسار». وفي الوقت نفسه لابد من إعادة تأصيل الشرطة وتحويل عقيدتها من حماية الحكام إلي حماية المواطنين، ونزولها للشارع لتطبق بكل حسم واحترام لحقوق الإنسان القوانين القائمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.