مثير للاستغراب، أن يناشد مجلس الوزراء رسميا، الشعب المصري بالنزول إلى الشوارع للاحتفال بيوم 6 أكتوبر! ولا أدري ما إذا كانت هذه المناشدة الرسمية، ترجع إلى "الخوف" من الإخوان، التي تقول إنه "آخر" يوم في حياة ما يصفونه ب"الانقلاب"؟!. لأن الدعوة غريبة فعلا ، وتحملنا على أن نسأل: وهل اكتشفت الدولة فجأة وبعد أربعين عاما، "عظمة" هذا الانتصار التاريخي الكبير.. فشاءت أن تنزله منزلته التي يستحقها؟! ولا ندري أيضا ما إذا كان المقصود من الاحتفالات الشعبية الصاخبة، هو "إرهاب" الإسرائيليين .. أم "ترويع" الإخوان؟! لا يمكن بحال أن نصدق إلا أنها رسالة إلى "الجماعة".. التي قررت أن تحتفل بالذكرى الأربعين بطريقتها الخاصة.. وهي المرة الأولى التي يستخدم الاحتفال بأكتوبر، في تصفية الخلافات الداخلية بين المصريين. كنت أتمنى من السلطة الجديدة، أن تتصرف بحصافة وبشكل أفضل، وأن تتجنب تورطها في ابتذال مناسبة وطنية كبيرة، وتستخدمها كأداة بطش للخصوم السياسيين. وإذا كانت الجماعة، أثناء اعتصام "رابعة"، قد استخدمت وعدد من أنصارها "التكفير" لترويع المؤيدين لعزل الرئيس السابق محمد مرسي، فإن الإعلام الرسمي والخاص، ولغة حامل أختام الدولة، تستخدم "التخوين" لحشر الإخوان في خانة الجماعة "المنبوذة" وطنيا واجتماعيا. وإذا كان "التكفير" يعني استحلال دم المؤيدين ل 3 يوليو.. فإن "التخوين" أيضا، يفضي بالمثل إلى استرخاص دم الجماعة وحلفائها الذين يرونه "انقلابا عسكريا".وإذا كان الإخوان في موقع المعارضة الآن، وهو الوضع الذي يجعلها تستسهل استخدام كل أدواتها السياسية المشروعة وغير المشروعة.. فإنه كان على الدولة أن تتحلى بالمسؤولية، ولا تبادل "التكفير" ب"التخوين".. لأن كلاهما "جريمة" يعاقب عليها القانون، وتفتح أبوابا للفتنة وللمواجهات الدموية ، والحروب السياسية والدينية أيضا. والحال أن الدولة في طبعتها الجديدة التي تسلمت إرث "مرسي"، ترتكب ذات الأخطاء التي ارتكبها الإخوان، وهم في الحكم.. ففي حين ظلت الجماعة وهي في السلطة تتصرف وكأنها "قوة معارضة" وليست حاكمة، ما جعل قادتها يتصرفون وكأنهم "زعماء معارضة".. وليسوا "رجال دولة".. فكثرت أخطاؤهم واشتبكوا مع كل القوى والمؤسسات الرسمية واتسعت جبهة الخصومة بينهم وبين الجميع بما فيها الدولة ذاتها، فكانت النهاية سريعة وبتكلفة سياسية باهظة.. فإن النظام الجديد، ينحو ذات المنحى، ويتصرف بلا مسؤولية، وكأنه عاد إلى موقع "المعارضة" للإخوان.. وليس "دولة" من المفترض أن تكون لها أدواتها الأكثر عقلا ونضجا ورشادة. دعوة مجلس الوزراء الناس بالنزول يوم 6 أكتوبر.. دعوة غير مسئولة، وهي في فحواها الحقيقي، تحريض على العنف وعلى المواجهات الأهلية الدموية.. وكان عليه، أن ينتصر للحريات، ويحمي كما يحدث في أية دولة ديمقراطية محترمة المتظاهرين السلميين حتى لو خرجوا معارضين له. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.