من بين القضايا التى تستحوذ على إهتمام الكثيرين فى الشارع المصرى حالياً قضية النظام الإنتخابى الجديد والذى سوف يطبق فى الإنتخابات البرلمانية القادمة لمجلس الشعب (أو الشورى فى حالة الإبقاء عليه فى الدستور الجديد ). ويتساءل الكثيرون : هل سيكون هذا النظام فردياً أم بالقائمة النسبية (والذى سبق الحكم بعدم دستوريته فى عهد مبارك عامى 1984 و 1987 ) أم بالنظام المختلط الذى يجمع بين الفردى والقائمة ؟. وقد يندهش البعض من إصرار عدد ليس بالقليل من الأحزاب على المطالبة بتطبيق نظام القوائم النسبية فى الإنتخابات البرلمانية ..ولمن لا يعلم فإن هذه الأحزاب ليس هدفها إقامة حياة سياسية أو ديمقراطية كما تدعى بل تهدف إلى تشكيل تحالف إنتخابى فيما بينها (أحزاب جبهة الإنقاذ أبرز مثال ) يمكن تلك الاحزاب من الإستحواذ على الغالبية العظمى من مقاعد البرلمان القادم , وضمان مجاملة تلك الاحزاب لرؤسائها وقياداتها لوضعهم على رؤوس ومقدمة القوائم لضمان نجاحهم فى الإنتخابات بنسبة مائة فى المائة وبأقل مجهود لعلم تلك الأحزاب بأن هذه القيادات لو رشحت فى دوائرها بالنظام الفردى فلن تنجح لإفتقادها للمصداقية والتأثير فى الشارع .. وقد تم الكشف عن هذه الظاهرة فى الإنتخابات التى جاءت بمجلس الشعب الأخير الذى تم حله بحكم من المحكمة الدستورية العليا حيث وجدنا معظم الاحزاب تقوم بدفع مبالغ مالية لمرشحين للقبول بالترشيح لإستكمال قوائمها وإستيفاء الشكل القانونى من حيث عدد مرشحى القائمة ..والبعض الآخر كان يقوم بالحصول على مبالغ وصلت إلى المليون جنيه من المرشح الواحد مقابل الترشيح على رأس قائمة الحزب , وقد نجح بعض هؤلاء وبهذه الطريقة الفجة فى الفوز بمقاعد فى مجلس الشعب المنحل لأن كل حزب من هؤلاء عقد صفقات لإنجاح مرشحين أو ثلاثة له مقابل خدمات أو تنازلات يقدمها لأطراف آخرى . وهنا أتساءل : لماذا تخشى الأحزاب خاصة القديمة من النظام الفردى ؟ وهل تلك الأحزاب بما تدعيه من شعبية جارفة وتواجد جماهيرى فى الشارع غير قادرة على ترشيح قياداتها فى الدوائر المختلفة ؟ أم أن تلك الأحزاب تتاجر بالشعب وأحلامه لتحقيق مكاسب مادية وسياسية لها حتى ولو كان ذلك على حساب حاضر ومستقبل مصر . والمفاجأة التى لا تعلمها قيادات تلك الأحزاب أنهم وعلى العكس ما يتصورون فإن إجراء الإنتخابات بالقائمة سوف يجعل فرصة التيار الإسلامى (الإخوان والسلفيين ) أكبر وأفضل لأنهم أكثر القوى السياسية تواصلاً وتاثيراً فى الشارع ولهما قواعد جماهيرية لا يستهان بها حتى الآن . وأعتقد أن الكثيرين يتفقون معى فى أن النظام الفردى والعودة للدوائر الإنتخابية القديمة مايزال هو النظام الامثل للواقع المصرى حيث أن ولاء النائب بعد نجاحه يكون لمن أعطوه أصواتهم وليس للحزب الذى رشح على قوائمه أو تكفل بالإنفاق على حملته الإنتخابية .. كما أنه نظام سهل وبسيط يستطيع الناخب فيه اختيار ممثله بسهولة واختبار مدى كفاءة هذا الشخص لتمثيله.. كما أنه يشعر الناخب أن له صوتا قريبا منه يعبر عنه أمام الدولة ويدافع عن حقوقه ويساعد على تلبية احتياجاته وهو الامر الذى يعود بالفائدة على أهل الدائرة سواء فى صورة زيادة مخصصاتها المالية وحل مشاكلها وإقامة مشروعات فيها . ويكفى أن اشير فى النهاية إلى ما قاله النائب السابق د. مصطفى النجار وبالحرف الواحد : رغم أننى خضت الانتخابات ونجحت على مقعد الفردى وهى المعركة الأصعب بالتأكيد من النجاح بالقائمة- ولكن بعد تجربتنا فى البرلمان الماضى وما أفرزته القائمة لا أجد غضاضة فى مراجعة موقفى لأؤكد أن السلبيات التى رأيناها من إفرازات نظام القوائم كانت أكبر بكثير وأشد خطورة من النظام الفردى.