عزا خبراء إستراتيجيون، موقف الحكومة المصرية الرافض لتوجيه ضربة أمريكية ضد سوريا إلى التخوف من تداعياتها السلبية على موازين القوى بالمنطقة. إذ رأوا أن تدمير القوة العسكرية السورية وإخراجها من المعادلة، سوف يؤثر بالسلب على مصر، وربما يجعلها القوة العربية الوحيدة بالمنطقة. وقال اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الاستراتيجي، إن موقف مصر برفض العمل العسكري ضد سوريا، ليس موجهًا ضد الولاياتالمتحدة، معتبرًا أنه موقف عام ليس مع طرف ضد طرف، حيث ترفض القاهرة التدخل العسكري ضد أي بلد عربي، وفق ما نقل موقع (CNN) بالعربية. إلا أنه أوضح أن الموقف السابق للخارجية إزاء ما يحدث في سوريا، أثناء عهد الرئيس "المعزول"، محمد مرسي، يختلف عما هو عليه الآن، حيث قطعت القاهرة علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، بل وأعلنت تأييدها لتدخل عسكري ضد نظام الأسد، وهو ما رفضه الجيش في ذلك الوقت. وحول موقف المصريين مما يحدث في سوريا، قال سيف اليزل إن عدد المصريين يقارب 92 مليوناً، ومن الصعب أن يجتمعوا جميعًا على رأي واحد بشأن الأزمة السورية، إلا أنه شدد على أن ما يحدث في مصر وسوريا يكون له ردود فعل كبيرة للغاية، فهناك تيار يرفض التدخل، ولكن الشعب السوري عليه أن يقرر موقفه. من جانبه، قال الخبير الاستراتيجي، حلمي محمود، إن السياسة المصرية ترى أن "تفكيك الدولة السورية" سوف يجعل من مصر القوة الوحيدة بالمنطقة، علي حد قوله، لاسيما أن الأمن القومي لديها يمتد ويتأثر، ليس فقط بالمناطق الجغرافية القريبة، ولكن بالأحداث السياسية داخلها. وأضاف، أن هذا الأمر جعل قطاعاً ليس بقليل من المصريين يفضلون المحافظة على سوريا ككيان مستقل، بعيدًا عن التفتت والتقسيم، وهي أمور قد تسفر عنها أي ضربة عسكرية محتملة للدولة العربية. وأوضح أن العمل العسكري ضد سوريا ليس بالضرورة أن يعقبه عمل عسكري ضد مصر، ولكن قد تكون هناك محاولات لإضعاف الدولة المصرية، مثلما يحدث من الموقف من جماعة "الإخوان المسلمين"، تجاه ما يحدث بمصر عقب 30 من يونيو، على حد قوله. وحول الأمن القومي المصري، أشار محمود إلى أن الجنوب المصري شهد تقسيم السودان إلى دولتين، وأنه مرشح إلى انقسام أجزاء أخرى مثل دارفور، أما من ناحية الغرب، فإن ليبيا قد دمرت، وأصبحت "منكفئة على نفسها"، وتعاني من المشاكل الداخلية القبلية التي ترشحها إلى التقسيم، وما ينتج عنه من تهديد لحدود مصر الغربية، وبصورة بسيطة منه ما يحدث من تهريب الأسلحة والأفراد وخلافه. وتابع بالقول: "إن خروج سوريا من معادلة القوة في الشرق، كما خرجت العراق سابقًا، والتي أصبحت هي الأخرى مرشحة للتقسيم، يتزامن مع ازدياد قوة شوكة إسرائيل وإيران وتركيا، وبالتالي فإن المنطقة العربية ستصبح "خزان وقود" للدول الغربية، مما يجعلها في أمس الحاجة إلى القوة التي تحميها. إلى ذلك، وصف اللواء حسام سويلم، الخبير الاستراتيجي، موقف الخارجية الرافض لعمل عسكري ضد سوريا، بأنه موقف دبلوماسي وكلاسيكي"، مشيرًا إلى أن "الرئيس السوري معروف بدمويته"، وأنه تسبب في تقسيم شعبه، وهجرة نحو مليوني مواطن إلى تركيا والأردن ودول أخرى، واستخدم جميع أنواع الأسلحة، إلى جانب ما حدث مؤخراً من استخدام للسلاح الكيماوي. واستبعد ما يتردد من تفسيرات بأن العمل العسكري ضد سوريا، الغرض منه مصر، في إطار ما يسمي ب"الشرق الأوسط الكبير"، وقال: "هذا الأمر يتردد كثيرًا، ولكن بالنسبة لمصر، فإن الأمر يختلف، فسوريا مقسمة، وبها حرب أهلية، وجيشها منقسم، وكثيرون منه منشقون." وشدد سويلم على أن الشعب المصري يقف وراء الشرطة والجيش "ضد الإرهاب"، وأن الولاياتالمتحدة "لا تجرؤ" على التفكير في توجيه ضربة عسكرية إلى مصر، فضلاً عن أنه لا يوجد ما يستدعي ذلك، بحسب قوله.