بالرغم من تراخي النبرة الامريكية الاوروبية نسبيا حول توجيه ضربة عسكرية عاجلة للحكومة السورية وتصاعد الدعوات لانتظار تقرير خبراء الاسلحة الكيماوية إلا انه ليس هناك ما يشير إلى ان سوريا قد تنجو من هذه الضربة فهي اتية لا ريب فيها. وبحسب تقرير نشرته الاذاعة الهولندية فإن هذا القرار الغربي المفاجئ لحد كبير بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا اربك حسابات كل الاطراف المحلية والإقليمية ووضعها امام وقائع لا يستطيعون التأثير المباشر عليها بأية وسيلة. الاسلاميون الذين صعد نجمهم وحل ربيعهم في المنطقة منذ ثلاث سنوات هم الاكثر ارتباكا واختلاطا بقرار التدخل الغربي الذي طالما نددوا به لعقود من الزمان واعتبروه عدوا ابديا لهم لا هدف له سوى إيذائهم والحد من نفوذهم ودفع الرياح لأشرعة خصومهم. حركات الاسلام ابتداء من الاخوان المسلمين بمسمياتهم ومشتقاتهم المختلفة حتى السلفية الجهادية والإسلاميين الشيعة تتقاذفهم التباينات حول الموقف من التدخل الغربي الوشيك في سوريا الذي سيؤدى على المدى المتوسط إلى تغيير النظام في سوريا. ولن يكون هنالك فرق كبير في تشكيل البديل السوري سواء سقط النظام بهزيمة عسكرية او على طاولة المفاوضات في جنيف او غيرها لأن الذي سيتولى السلطة فعليا في سوريا هو من يملك القوة العسكرية على الارض في ذلك الوقت. وليس من المرجح ان يسلم الجيش النظامي السوري من هزيمة معنوية او حتى عسكرية تعطبه وتبطل فعله نهائيا إذا سقط بشار الاسد. ايد الاخوان المسلمون في سوريا تدخلا خارجيا حاسما ضد النظام في سوريا منذ وقت طويل، فهم لديهم ثأر مزمن مع النظام السوري الذي يعتبرونه علويا طائفيا يقوم على استبعاد المسلمين السنة ويقاتلون ضده ويعانون من قسوته وعنته منذ أكثر من عامين. يساندهم في ذلك حلفائهم الاقليمين في السعودية وقطر وتركيا بحساباتهم المتقاطعة ورغباتهم غير المتطابقة حول مستقبل سوريا في بعض الاحيان. وقد عبر اخوان سوريا دون مواربة عن ضيقهم بمواقف اخوانهم في مصر، منذ ان كان مرسي في السلطة، وتونس، قبل ان تواجه الاحتجاجات الراهنة، لترددهم حيال طلب اخوان سوريا للتدخل الخارجي. لكن الجيران الاقربين، اخوان الاردن كانوا اكثر وضوحا في رفضهم للتدخل الخارجي وتوجيه ضربة لسوريا تحت أي مبرر او زريعة، ولا يبدو هذا الموقف مستغربا في وقت تستضيف فيه العاصمة عمان اجتماع تحالف مسؤولي الدفاع في تحالف الراغبين في شن ضربة مؤلمة لنظام بشار الاسد في سوريا. اما حماس فقد اعلنت موقفها بالانحياز للمعارضة السورية ضد بشار الاسد وانهت وجودها في دمشق مجازفة بخسارة علاقاتها ليس مع سوريا فحسب بل مع إيران التي دعمت حماس بسخاء لسنوات وقد انتقدت حماس مؤخرا تورط حزب الله في الحرب في سوريا وقالت ان تدخل حزب الله يجعل الصراع في سوريا اكثر طائفية. لكنها عادت لتؤكد هذا الاسبوع معارضتها لأية ضربة ضد دمشق وانها تعارض من حيث المبدأ التدخل الغربي بأي شكل في الشؤون العربية. في لبنان تتخذ الجماعات الاسلامية السنية المعتدلة والمتشددة موقفا واضحا وحازما ضد النظام السوري وتؤيد أي عملا ضده. كل ذلك يشي بأن الاخوان المسلمين العرب ليسوا على قلب رجل واحد فيما خص الوضع السوري وأنهم يتخذون مواقف ذات صلة بتقديرها لمصالحها وارتباطاتها الوطنية بالدرجة الاولي والمسافة التي تفصلهم او تربطهم بنظام الحكم في كل بلد. من الجانب الاخر يتخذ الشيعة الاسلاميون في سوريا والعراق ولبنان موقفا واضحا وبسيطا يري أن الدفاع عن عاصمة العباسيين يعني عمليا مقاومة المشروع الامريكي الاسرائيلي في المنطقة . وللمفارقة تتطابق معهم في هذا الموقف الجماعات السلفية الجهادية وقد اعلنت اكبرها في سوريا "جبهة النصرة" معارضتها لأية ضربات امريكية ضد سوريا وقالت صراحة ان الضربات الامريكية تستهدف بالدرجو الاولى جبهة النصرة ودولة العراق والشام الاسلامية اللتين اعلنتا ولاءهما لتنظيم القاعدة.