كيف سيواجه طبيب شرعي ربه، وقد كتب في تقريره أن شهيد الاسكندرية ابتلع باكتة بانجو، بمنتهي البساطة، يقرر الطبيب أن الوفاه حدثت نتيجة انه شاب مش كويس ومش ولابد وبتاع بانجو خاف من الشرطة، وأراد التخلص من دليل الإدانة، فوقف فى زوره ومات، أنا لا أصدق أن طبيبا يجرؤ على مخالفة ضميره، لكن عشرات التقارير أمامى تتحدث عن أطباء موجودين في المعتقلات، يحمون زبانية جهنم، من اتهامات فى جرائم قتل وتعذيب وتنكيل، بل إن بعضهم شريك أساسي فيما يحدث للمعتقلين، هل ينام الطبيب مرتاح البال في بيته، أمنا فى سربه، معافا فى بدنه، وقد تستر على أرواح صعدت الى بارئها بفعل فاعل، وأجسادا تعرضت لأشد التنكيل وأكثره وحشية، فيمنحها صك البراءة، وختم الضمان، واشارة الأمان، لإكمال أي عمل يراه البعض لا انسانى. حصل شهيد الاسكندرية خالد سعيد على فيديو، يضم لقطات لضباط ومعهم الحشيش فى القسم، الفيديو موجود على الانترنت لمن يسأل عن سر اختفاء الحشيش من مصر، فأرسل له الضباط من لا يرحم، ليكون عبرة لمن لا يعتبر، ومات، نعم مات وكان الحل المعتاد، للخروج من الجريمة هو تقرير طب شرعى، ينهى القصة. لكن من قال ان القصة ستنتهى، القصة بدأت بالفعل، ولن تنتهى قريبا، فالدولة التى وقفت خلف جوز مخبرين، بكل قوة لتدافع عنهما من اتهام بقتل وتعذيب وتشويه مواطن، قسمت البلد الى فريقين، فريق معها وفريق ضدها، في أسخف تدخل منها طوال تاريخها، كان من الممكن أن تحيل الموضوع للتحقيق و تنهييه بمعرفتها بعد تحويل القضية لاحدي الدوائر اللي تبعهم، أو حتى تضحى بمن فعل ذلك، خاصة وانهم جوز مخبرين يعنى ولا حاجة، لكنها هيبتها، ولو سمحت بعقاب من قتل خالد، لن يجرؤ أي من رجالها على تثبيت مواطن، أوتطبيق قانون الطواريء عليه فالنظام – أي نظام – ليس له كرامة، لكن لديه هيبة يجب أن تحفظ، وهيبة النظام في فرع اسكندرية أهينت، عندما تم تصوير بعض رجاله، ومعهم الحشيش، هنا كان الرد سريعا مات خالد، ومعه تقرير طب شرعى يشهوه سمعته، فضلا عن اتهامه بالهروب من الخدمة العسكرية، هذا هو الرد فالداخلية ليس لها ذراعا لتلوى، هي تمتلك يدا تضرب، وكفا يصفع، وأصابع تضعها فى أتخن عين. على الانترنت حاولت اسرة خالد، ومعها الاف من النشطاء، تببض صورته ونشر الحقيقة، فنشرت الفيديو الذى تسبب فى وفاته، ونشرت صورة من شهادة الخدمة العسكرية التى اتهموه بعدم تأديتها، وهو مالاقى استجابة دولية، حيث أصدرت منظمات دولية، بينات تطالب بالتحقيق، وبمحاسبة القتلة، بيانات تعودت عليها مصر، كما تعودت أن تطنش وكأنها لم تسمع شيئا، حتى جاءت أمريكا، وأدلت بدلوها، هنا بدأ النظام يعيد حساباته، حيث كشف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولى أن الولاياتالمتحدة أجرت اتصالات مع مصر بشأن وفاة مواطن يعتقد أن الشرطة المصرية ضربته حتى الموت، وان واشنطن راضية عن إعلان إجراء تحقيق فى الأمر، وتنتظر من السلطات المصرية أن "تحاسب كل من هو مسئول" هنا تطورت الاحداث سريعا وانتقل المستشار أحمد عمر رئيس نيابات استئناف الإسكندرية، لإجراء المعاينة الواقعية، وأخذ أقوال الشهود ، بعد مرور 8 أيام من حدوثها. والذين أكدوا أن وفاة المجنى عليه جاءت نتيجة اعتداء مخبرى قسم سيدى جابر بمدخل العقار المجاور لمحل الانترنت الذى تم سحله من داخله، التغير في التعامل مع القضية لم يكن على هذا المستوى، بل شمل مستويات أعلى، بتصريح له دلالته، عندما رفض د مفيد شهاب اتهامات نواب مجلس الشعب وقال " ما علاقة الطوارئ بمخبر ضرب مواطناً " صحيح حد يعرف حدود - لمؤاخذة – العلاقة، بس من غير غلط [email protected]