مذبحة الساجدين وفرحة الشامتين

عندما تفرح لقتل مسلم فانت تكره الاسلام ، وعندما تبتهج لذبح مؤمن فأنت معدوم المروءة ، وعندما تشمت في تغييب داعية فانت ضعيف الايمان ، وعندما تسعد لوأد الشرعية وقتل الديمقراطية فانت تؤيد الحرمان والطغيان ، تجد اعلاميين معلولين وعلمانيين مسعورين ، وليبراليين مفتونيين ويساريين مستبدين - إلا ما رحم ربي - يفرحون ويمرحون لقتل الابرياء بغير الحق وهم ساجدين " ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ "( غافر:7) الطاغية قارون لعن في الحياة وطرد من رحمة الله لأنَّه كان يفرح بظُلمِه للبشر: ﴿ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾ [القصص: 76] بقدر ما هي إنذارٌ للظالم عاقبةَ ظُلمه، وترهيبٌ للباغي عن طُغيانه وبغيه ، إلاَّ أنَّها لمسة حانية، ونظرة وادعة لكلِّ مَظلوم لا يرضى بظُلمه على وجه الأرض.
النجاح فرحة ، الزواج فرحة ، الإنجاب فرحة ، النجاة فرحة ، والطاعة فرحة ، كلها أفراح بالحق تبعث الشجون، وتُريح المحزون ، وتغيظ اعوان إبليسَ الملعون، لكنَّ هناك فرحة بالباطل، فرحة ممقوتة، فرحة يبغضها الله ويكره صاحبها، هي فرحةٌ بظُلم الفقراء، فرحةٌ بقتل الابرياء ، فرحةٌ بالبطش بالضُّعفاء... ﴿ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾ [القصص: 76]، إنَّ الله لا يحب الفرحين أمثالك يا قارون، إنَّ الله لا يحب الفرحين على شاكلتك - وهم كُثُر - يا قارون فمصير الفرح الزائف، الفرح غير الشرعي، الفرح بغير الحق - هو المقت واللعن في الدنيا، والعذاب والانتقام في الآخرة؛ ﴿ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ ﴾ [القصص: 81] لماذا؟ ﴿ ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ ﴾ [غافر: 75]
مِن حقك أن تفرح بطاعة الله من حجٍّ وصلاة، من صيام وزكاة، من الوقوف مع الحق، وحسن الجوار، وطاعة الوالدين، وصلة الأرحام وغيرها كثير؛ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].
ومن حَقِّك أن تفرحَ بالجهاد ولو ذهبتْ روحك في سبيل الله وفرحة الشهداء- خاصة اذاكانوا ساجدين في صلاة الفجر لينضموا الي قافلة شهداء الفجر نحسبهم كذلك ولانزكيهم علي ربهم - هي فرحة بالحق ﴿ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [آل عمران: 170]، كذلك تفرح كما فرح السابقون بحُبِّ رسول الله هناكَ ﴿ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54 - 55]؛ لتفرح بلقائه، وتشرب من حوضه، وتلتقي مع صحبه: "غدًا ألقى الأحبة محمدًا وصحبه، ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69] .أيها الشامتون لا تفرحوا كثيرا فان الله لا يرضي بالظلم وسييقتلع الظالمين ولو بعد حين ، والنصر موعود الله وسيتحقق للمؤمنين باذن الله " ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم * وعد الله لا يخلف الله وعدة ولكن أكثر الناس لا يعلمون "(الروم/6:5) " إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ "( الشعراء227 )