قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على رئيس مصرالمؤقت عدلي منصور ضمان التحقيق المحايد مع ضباط الجيش والشرطة في وقائع القتل التي جرت أمام مقر الحرس الجمهوري يوم 8 يوليو 2013. وينبغي أن تتم التحقيقات على يد القضاء المدني، المستقل على الصعيدين المؤسساتي والعملي عن تسلسل القيادة العسكري. وصف الشهود تتابع الأحداث التي وقعت يوم 8 يوليو ، وفيها استخدم الجيش والشرطة من القوة ما هو غير ضروري، مما أدى إلى وفاة 51 متظاهراً. حققت النيابة مع مؤيدي الإخوان المسلمين وقادتهم فحسب، لدورهم المفترض في الاشتباكات، ولكنها لم تحقق مع قوات الجيش والشرطة. قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يتمتع الجيش بسجل معروف من اللجوء السريع والمفرط إلى القوة المميتة لتفريق المتظاهرين. وقد وصف شاهد بعد شاهد كيف أطلق الجيش النار على الحشود، بمن فيهم العزل. على الحكومة أن تتوصل إلى المسؤول وأن تضمن محاسبته، إذا كانت ترجو إظهار احترامها للحقوق الأساسية في هذه الفترة الانتقالية”. في 8 يوليو تحركت قوات الجيش والشرطة قبل الفجر مباشرة لتفريق اعتصام لمؤيدي الإخوان المسلمين. واندلع العنف على مدار الساعات الست التالية، فقام ضباط عسكريون، بينهم جنود متمركزون فوق أسطح المباني العسكرية، بإطلاق الذخيرة الحية، التي قتلت وجرحت المتظاهرين في حالات كثيرة. ألقى المتظاهرون بالحجارة وزجاجات المولوتوف، وأطلقوا الأعيرة النارية في بعض الحالات. عند انتهاء الصباح كان 51 متظاهراً، و3 من أفراد قوات الأمن، واثنان من ضباط الشرطة، وفرد عسكري واحد قد لقوا حتفهم، بحسب وزارتي الصحة والدفاع. قال الناطق باسم القوات المسلحة، العقيد أحمد علي، إن المتظاهرين حاولوا اقتحام مبنى الحرس الجمهوري. لكن الجيش لم يكشف عن أية أدلة تؤيد قوله، ولم تجد هيومن رايتس ووتش أدلة على حدوث هذا، بل اكتشفت أن المتظاهرين كانوا يصلّون أو يتجمعون سلمياً وقت تحرك الجيش والشرطة لفض الاعتصام. كان أعضاء الإخوان المسلمين ومؤيدوهم قد تجمعوا أمام مقر الحرس الجمهوري بشارع صلاح سالم بدءاً من 5 يوليو، وتزايدت أعدادهم بعد دعوة الجماعة إلى الاعتصام هناك في 7 يوليو . تحدثت هيومن رايتس ووتش مع 24 شاهداً، بينهم متظاهرين وبعض سكان المنطقة، وأجرت مقابلات مع سبعة أطباء. كما زارت هيومن رايتس ووتش موقع الحادث، وأربعة مستشفيات نقل إليها القتلى والمصابين، وكذلك المشرحة، وراجعت مقاطع فيديو حصلت عليها من متظاهرين ومن منافذ إخبارية تعتبرها هيومن رايتس ووتش ذات مصداقية. وقد اتفق جميع الذين أجريت معهم المقابلات ممن شهدوا بدء أحداث العنف، كما أوحت مقاطع الفيديو أيضاً، على تحرك قوات الجيش وقوات الأمن المركزي، قبيل فجر 8 يوليو ، لفض الاعتصام، بالزحف على المتظاهرين بالتزامن من أمام مبنى الحرس الجمهوري عند طرف الشارع، ومن أمام مسجد المصطفى عند طرفه الآخر. أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وطلقات فارغة في الهواء، وزحفت على المتظاهرين من جانبين، على الأقدام وكذلك بأكثر من 12 عربة مدرعة. تراجع المتظاهرون وتفرقوا في الشوارع الجانبية. وعلى مدار الساعات القليلة التالية، حسبما قال الشهود، رد كثير من المتظاهرين بإلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف بينما أطلقت قوات الجيش الذخيرة الحية وأطلق الأمن المركزي الخرطوش على الحشود، التي كان عددها في تلك اللحظة يقدر بالآلاف. وأكد شهود، وكذلك مقاطع الفيديو التي شاهدتها هيومن رايتس ووتش، أن قلة من مؤيدي الإخوان المسلمين على الأقل كانت تحمل البنادق، وأطلق هؤلاء طلقات حية وخرطوش. قام الجنود المتمركزون على الأسطح المجاورة، وكذلك الضباط المتمركزون في أماكن أخرى، بإطلاق النار على عدد من المتظاهرين أو المارة. لم تتضح من مقاطع الفيديو هوية الطرف الذي بدأ بإطلاق الذخيرة الحية. في رد على وقائع القتل، أمر الرئيس منصور بتحقيق تجريه “هيئة قضائية” مدنية، لكن السلطات لم تقدم معلومات أخرى عن تشكيلها أو سلطاتها. والإعلان الدستوري الذي كشف عنه منصور يوم 8 يوليو يمنح القضاء العسكري اختصاصاً حصرياً في الجرائم التي تمس الأفراد العسكريين، مما يعني عجز تلك الهيئة المدنية عن التحقيق مع ضباط الجيش المحتمل تورطهم في العنف ومحاكمتهم. يتعين على الرئيس منصور، من أجل التعامل مع هذه الواقعة وغيرها، أن يصدر إعلاناً آخر يخول المحاكم المدنية المستقلة سلطة التحقيق مع الأفراد العسكريين في حالة الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي يكون ضحاياها من المدنيين، بحسب هيومن رايتس ووتش. قال جو ستورك، “لقد شهدنا مراراً وتكراراً كيف يعجز نظام القضاء العسكري في مصر عن التحقيق في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان بأي قدر من الحياد، حيث يظل أعضاء النيابة والقضاء العسكريين خاضعين لتسلسل القيادة الذي يخضع له من يحققون معهم، مما يجعل الاستقلال والحيدة مستحيلين”. أعلنت النيابة فقط عن تحقيقها مع 206 من مؤيدي الإخوان المسلمين الذين تم اعتقالهم من مسرح الأحداث وما زالوا قيد الاحتجاز. كما أصدرت النيابة أوامر ضبط وإحضار بحق عشرة من قادة الإخوان المسلمين، بينهم المرشد العام للجماعة محمد بديع، بتهمة التحريض على العنف فيما يتعلق بالواقعة. لم يتم الإعلان عن تحقيق مع أفراد الجيش أو الشرطة حتى تاريخه، رغم أن الأغلبية الساحقة من القتلى كانت في صفوف المتظاهرين. قالت هيومن رايتس ووتش إن تحديد الحالات المشروعة لإطلاق النار المؤدي إلى القتل على وجه الدقة هو أمر مستحيل والمقصود هنا تلك الوقائع التي كان قتلاها مسلحين ويطلقون النار على قوات الأمن. لكن ما يتضح من حصيلة القتلى والأدلة المستمدة من الشهود هو أن الجيش رد بقوة مميتة تتجاوز بكثير أي تهديد ظاهري تعرضت له حياة الأفراد العسكريين. ينبغي التحقيق في كافة الوفيات وفيات المتظاهرين والمارة وأفراد الأمن وملاحقة المسؤولين عن الاستخدام غير المشروع للقوة، بحسب هيومن رايتس ووتش. قال جو ستورك: “تعد هذه هي الواقعة الأكثر دموية التي شهدتها مصر منذ الانتفاضة ضد مبارك، وهي تأتي في لحظة من الاستقطاب السياسي الحاد. ويتعين على الرئيس منصور إصدار إعلان دستوري يمنح القضاء المدني المستقل سلطة فحص مسؤولية الجيش والشرطة على كافة مستويات القيادة، وكذلك مسؤولية المتظاهرين، وإصدار لوائح اتهام جنائية بحق من تثبت مسؤوليتهم عن استخدام العنف والقوة المفرطة أو غير المشروعة من أوجه أخرى”.