أعربت الصحف الغربية عن قلقها من انحراف مسار الديمقراطية في مصر بعد الإطاحة بأول رئيس منتخب وعودة الجيش للمشهد السياسي، معتبرة أن مخرج مصر الوحيد من الأزمة هو في إجراء انتخابات فورية يشارك فيها جماعة الإخوان المسلمين وباقي الأحزاب الإسلامية، وحذرت من أن إقصاء التيارات الإسلامية سيدفعها للعودة إلى العمل السري تحت الأرض مرة أخرى. قالت مجلة "ذي أتلانتك" الأمريكية، إن أفضل طريقة لتخفيف حدة الانقسامات المريرة في مصر هي باختيار قائد جديد للبلاد عن طريق عملية سياسية تتسم بالشفافية وليس بالحكم العسكري. وأضافت أن حكم محمد مرسي الذي استمر عامًا واحدًا كان كارثيًا، فقد أحكم فيه قبضته على السلطة ونفر حلفاؤه المحتملون وفشل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، ولكن الانقلاب العسكري ليس الحل لمشكلات مصر، لأنه لن يؤدي إلى تخفيف حالة الانقسام السياسي الواسعة في البلاد ولكنه سيؤدي إلى تفاقمها. وأشارت إلى أن اهتمام الجيش المصري ينصب على الحفاظ على دوره المتميز في المجتمع وشبكة المشاريع التجارية الواسعة التي يمتلكها. وقالت إن رغبة الجيش في الحفاظ على مصالحه الاقتصادية ستبطئ من الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تعد البلاد في أمس الحاجة لها تمامًا كما حدث في تجربتي الجيش الباكستاني والجيش البرازيلي. وتري المجلة أنه لا توجد أسباب للثقة في العملية السياسية المعطوبة في مصر في هذه اللحظة، ولكن المخرج الوحيد للبلاد من انقساماتها الحادة يكمن في إجراء انتخابات فورية بمشاركة جماعة الإخوان المسلمين. ولفتت إلى أن الحشود الهائلة في ميدان التحرير خرجت تطالب بحقوقها الأساسية وبحكومة تخضع للمساءلة وبالكرامة، والأهم من ذلك أنها لن تقبل بالحكم الاستبدادي سواء من الديكتاتوريين العسكريين أو من الأحزاب السياسية الإسلامية. غير أن النخبة السياسية في مصر تعاني من استقطاب عميق، فالمعارضة العلمانية ومنافسيها الإسلاميين يزدرون بعضهم البعض، ولا يوجد أي أثر للثقة أو التوافق بينهم. وقالت المجلة إن عددًا من المحللين دعوا الولاياتالمتحدة لغض الطرف عن الانقلاب الذي حدث في مصر والاستمرار في تقديم المعونات للجيش المصري، باعتبار أن مصالح الولاياتالمتحدة الاستراتيجية في الحفاظ على اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، والحفاظ على أمن قناة السويس وجهود مكافحة الإرهاب تبرر دعم الحكم العسكري في مصر. ولكن المجلة الأمريكية اعتبرت أن ذلك سيكون خطأ فادحاً، فالولاياتالمتحدة جربت هذا النهج في مصر، فالحكم العسكري ومليارات الدولارات التي ضختها الولاياتالمتحدة لدعم اتفاقية كامب ديفيد لم تسفر سوى عن ركود اقتصادي واضطرابات اجتماعية. وحذرت المجلة الولاياتالمتحدة من أن مصر والمنطقة بأكملها تغيرت، وأن المصريين لن يقبلوا الحكم الاستبدادي بأي شكل. من جانبها، قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، إنه عندما وقف الجيش المصري بجانب ملايين المصريين الذين احتلوا شوارع البلاد وميادينها وأطاح بالرئيس مرسي، فإنه أطاح برئيس منتخب شرعيًا بعد فشله المتتالي في اختبارات حاسمة لشرعيته الديمقراطية. وأضافت أنه لم يعد هناك مجال في مصر لاستمرار الفشل في هذه الاختبارات، وأنه لا توجد حاجة في بلد قادر على الحشد بهذا المستوى للإبقاء على رجال يرتدون الزي العسكري كصانعي فراعنة. وأشارت الصحيفة إلى أن النهاية الصاخبة لحكم جماعة الإخوان المسلمين الذي استمر لمدة عام كانت بمنتهى البساطة انقلابًا عسكريًا، ولكن سبقه مظاهرات حاشدة في الشوارع دعت لرحيل مرسي تجاوزت في أعدادها تلك المظاهرات التي أطاحت بحكم الديكتاتور المخلوع حسني مبارك. وحثت الصحيفة دعاة الديمقراطية في مصر على الاستمرار في دفع جنرالات الجيش، مذكرة إياهم بأن الجيش بعد كل شىء كان عصب الحكم الديكتاتوري، الذي تستمر في مصر لستة عقود، ولكنها اعترفت أن الجيش "للأسف" هو المؤسسة الوحيدة في المصر التي لا تزال تعمل، معتبرة أن ذلك يسلط الضوء على الفراغ الذي تحتاج هذه المرحلة الانتقالية لملأه بأسرع ما يمكن. وقالت الصحيفة إن مرسي فشل لأنه لم يكن يخدم الناخبين الذين أوصلوه للحكم ولكنه كان يخدم جماعته في جشعها السري والمجنون للسلطة بعدما عملت لأكثر من 85 عامًا تحت الأرض، الذي دفعها لمحاولة السيطرة على كل المؤسسات وتشكيلها حسب رغبتها. وأضافت أن الجماعة لم تفشل فقط في تلبية احتياجات المصريين من وظائف وأمن وكهرباء وغيرها من الخدمات، ولكنها أساءت تقدير بشكل قاتل تعددية المجتمع المصري وتصميم أولئك الذي أطاحوا بالنظام القدسم في مصر. وحذرت الصحيفة المصريين من أن الجيش لن يكون خادمًا لمستقبل ديمقراطي، وأن الديمقراطية في مصر لابد أن تشمل الإسلاميين والإخوان المسلمين، مشيرة إلى أن الإخوان يجب أن يحصلوا على فرصة متساوية في الانتخابات المستقبلية وأن استبعادهم سيدفعهم للعودة إلى العمل تحت الأرض. واعتبرت أن أولويات المرحلة الانتقالية الجديدة هي إعادة النظر في الدستور المثير للجدل وتحويله إلى ميثاق لحقوق المصريين، والاتفاق على قواعد انتخابات نزيهة تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة وعودة الجيش لثكناته.