كان ابن تيمية – رحمه الله – يستحث همم المسلمين ويقوى عزائمهم، من أجل قتال التتار أصحاب السطوة والغلبة حينها، فكان يخطب فى المجاهدين في سبيل الله ويجتمع بهم كثيرًا ويبيت عندهم ويعظهم ويقوي من جأشهم, ويعدهم بالنصر ويبشرهم الغنيمة ويقسم لهم ويقول: والله إنكم منصورون, فيقولون له: قل: إن شاء الله, فيقول: إن شاء الله تحقيقًا لا تعليقًا. واليوم نحن على بعد ساعات قليلة من 30/6 الذى يريده لوبى الفساد والخراب انقلاباً على ثورة يناير العظيمة، التى استطاعت تحرير إرادة المصريين من القهر والخوف وفتحت أمامهم الباب واسعًا لبناء وطن حر ديمقراطى.. أعيد على حضراتكم بعضاً مما كتبته فى الهجمة الشرسة التى تعرضت لها ثورة يناير فى ديسمبر الماضى.. "حاولت أركان دولة مبارك وعصابات الفساد إقناع جموع المصريين بأن الثورة قد انتهت برحيل مبارك، ولكن أبى الشعب المصرى إلا أن يستمر فى ثورته من أجل اجتثاث الفساد من جذوره، وتمكن خلال الفترة الماضية من تحقيق نجاحات، وإن لم تكن كاملة فى معركته المصيرية ضد عصابات الفساد. كما خاض الشعب المصرى معركة أخرى مع أصحاب الاتجاه التغريبى العلمانى الذين أرادوا له أن يظل يرسف فى أغلال الأسر ومتمرغاً فى أوحال التبعية للغرب على كل المستويات العقدية والأخلاقية والتشريعية والسياسية... إلخ، وألا ينطلق لبناء نهضته معتمداً على ثوابته وركائزه العقائدية والحضارية التى تحقق له الاستقلال وتحميه من الذوبان فى قيم وعقائد الحضارة الغربية المسيطرة المهيمنة. ومن هنا، فإن المعركة التى تدور الآن على أرض مصر ليست بسبب إعلان دستورى أو تشكيل جمعية تأسيسية، بقدر ما هى معركة المصير بين مشاريع متضادة، لا يمكن لها أن تلتقى، فهناك معركة بين مشروع الفساد ومشروع التطهير، ومعركة ثانية بين المشروع العلمانى التغريبى والمشروع الإسلامى الوطنى، ومعركة ثالثة بين المشروع الصهيوأمريكى وبين المشروع الوطنى المنحاز لقضايا أمته وثوابتها التاريخية، وآخر رابع بين المشروع الشيعى والمشروع السنى، لذا فإن معركة اليوم التى يخوضها الشعب المصرى هى معركة مع كل أصحاب هذه المشاريع، الذين لم يجدوا غضاضة من الاجتماع والتنسيق، رغم ما بينهم من خلافات وعداوات، فهم يدركون أنها معركتهم الأخيرة، وإذا ما مرت بسلام، فإن الشعب المصرى لن تتمكن قوة من إيقافه، وهو منطلق لبناء نهضته ومستقبله، لهذا لم يكن من المستغرب أن نجد الفريق الهارب أحمد شفيق يمدح البرادعى وصباحى وموسى، ويصفهم بالرموز الوطنية الكبيرة!! على رغم ما بينهم من عداوات، أو نسمع مصطفى بكرى يصف البرادعى بالقيمة الوطنية وهو الذى رماه تحت قبة البرلمان قبل شهور قليلة بالعمل لصالح الأجندات الخارجية!! كما يجب أن نتماسك ونحن نرى ليلى علوى ويسرا ووفاء عامر وشوبير وغيرهم فى ميدان التحرير يهتفون باسم الثورة!! وكل هؤلاء كانوا قبل عامين يرقصون فوق جثث الشباب المتناثرة فى ميدان التحرير وميادين مصر، لكل هذا لم أتفاجأ وأنا أقرأ تقارير صحفية تتحدث عن تعانق المال الأمريكى والإيرانى والخليجى من أجل القضاء على ثورة المصريين العظيمة، لأن جميع الدوائر المشار إليها تعلم جيداً معنى أن يتحرر الشعب المصرى بإمكانياته البشرية والمادية من عصابات الفساد وعرّابين المشروع التغريبى، فمصر بخصائصها المحورية والتاريخية هى الوحيدة القادرة على قيادة الأمة نحو التحرر من تبعات الاستعمار التى لا تزال جاثمة فوق صدرونا وتحقيق حلم المخلصين من أبنائها، ومسار الثورة المصرية منذ اندلاعها وحتى الآن، يدلل على أن إرادة الله النافذة شاءت لهذا الشعب أن يفيق من غفوته وسباته وينطلق نحو مكانته الريادية المكلف بها تاريخياً وحضارياً. لذا فإن المطلوب اليوم هو إنهاء حالات الاستقطاب التى شهدتها الساحة المصرية طيلة الفترة الماضية، وأن يكون الاستقطاب اليوم على أساس المشروع الوطنى الجامع المرتكز على قيم وثوابت الإسلام العقدية والحضارية والرافض لأى تحالف مع الفاسدين والمستوعب لكل الأطياف الدينية والفكرية، التى تنطلق مدخلاتها من ثوابتنا، وتصب مخرجاتها فى الصالح الوطنى، والتى ترفض أيضًا الارتباط بأى أجندات أو مشاريع خارجية، كما أن المشروع الوطنى يجب أن يجمع فى جنباته كل المقدرين لرأى الشعب واختياراته والرافضين للتمرد المستمر على اختيارات الشعب المصرى منذ استفتاء 19 مارس وحتى الآن، والذى وصل إلى حد اتهام الشعب بالجهل وبأوصاف أخرى بذيئة. وصدقونى، فكما رعى الله هذه الثورة، وهى لا تزال مولودا صغيراً لا يعى من شأنه شيئاً، فسيتم الله علينا نعمته وسيحفظها فى منعطفاتها الخطيرة ولحظاتها المصيرية، لأن التغيرات الكامنة فى رحم الغيب عظيمة الشأن جليلة القدر. فاطمئنوا ستنتصر الثورة المصرية، بل كل ثورات الشعوب العربية، بإذن الله تعالى وحوله وقوته". هذا ما كتبته فى ديسمبر الماضى وأعيده اليوم يقينًا فى أن الله تعالى سينصر ثورة يناير... قولوا يا رب... عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.