توفى الإعلامى طارق حبيب عن 77 عامًا، لتفقد مصر آخر المحاورين الظرفاء، الذى حاور الملكة ناريمان وصاحب عبارة "مع أجمل المنى وأرق تحياتي". تلك العبارة تسحرك عندما تسمعها، يقولها بعد وصلة من الكلام الجميل مع ضيف قد يكون سياسيًا زعيمًا أو رئيسًا.. فنانًا أو مفكرًا أو حتى لاعب كرة. عبارة ترسم ملامح إعلامى وصف بأنه الأرق، والألطف، والأجمل بين محاورى جيله. طارق حبيب إعلامى كانت له رسالته التى لم تتغير، فمنذ أن بدأ مشواره فى بداية السبعينيات من خلال برنامجه الشهير "اثنين ع الهواء"، وحتى محاولاته الإبقاء على روح الزمن الجميل فى السنوات القليلة الماضية، عندما حاول تقديم برنامجه "طارق حبيب يتذكر"، مرة أخرى وهو يتمسك بنفس الروح والالتزام بأخلاقيات الحوار الإعلامى الراقى. ورغم أنه تخرج فى كلية الحقوق، إلا أن عشقه للمطبخ الإعلامى كان القوى فقد بدأ صحفيًا، ثم معدًا للبرامج وكان أول ما أعده برنامج "الكورة فن" للمايسترو صالح سليم الذى ربطته به صداقة طويلة. أحبه الزعماء والرؤساء والنجوم وحتى الأمراء، فكان محاورًا دمث الخلق هادئ الطباع، لا يقحم عباراته فى خصوصيات ضيوفه فيخرجون من لقاءاته، وهم يرددون العبارة الشهيرة "مع أجمل المنى وأرق تحياتى". قدم العديد من البرامج "أوتوجراف وأهلا وسهلا ومن الألف للياء، وحبر على ورق، ودورى النجوم". حاور من العمالقة توفيق الحكيم والرئيس الفرنسى "ديستان" والملك "قسطنطين" آخر ملوك اليونان والزعيم الإفريقى "نيلسون مانديلا" وملكة مصر والسودان "ناريمان" وملكة الأردن دينا عبدالحميد، وحاور الدكتور مصطفى محمود والشعراوى وعبدالوهاب ونجيب محفوظ وعشرات النجوم الذين قدم بعضهم فى كتاب بعنوان "هؤلاء من الألف للياء". منذ عام رفض العودة مرة أخرى للعمل الإعلامى وفضل الجلوس فى بيته، وكان من آخر البرامج التى ظهر فيها "فى دائرة الضوء" مع الإعلامى إبراهيم حجازى على قناة النهار، وهو اللقاء الذى كشف فيه عن علاقته بنجيب محفوظ وكيف أقنعه بعزف الموسيقى، وقال محفوظ إنه عرف الموسيقى فى سن مبكرة من خلال الفونوغراف وتعلقه بأجمل الأصوات وهو صغير عام 1916، وأحب منيرة المهدية وأسطوانات عبدالحى حلمى وصالح عبد الحى والشيخ على محمود حتى سيد درويش. وكان رحمه الله آخر من أجرى حوارًا مع الملكة ناريمان، التى خصته ببعض أسرار حياتها الخاصة مع الملك فاروق، وفيه كشفت عن فترة الخطوبة وشهر العسل وحكايات لم تقلها من قبل خصته هو بها، وفيه أيضا كشفت عن أن الملك فاروق لم يكن يتعاطى أى نوع من الخمور بإجماع الآراء، ولم يضع طوال عمره نقطة خمر فى فمه، بل إنه كان يصلى ويصوم وتربطه علاقات طيبة ببعض رجال الدين. رحل صاحب أجمل مفردات الحوار التليفزيونى، وصاحب الخلق الرفيع طارق حبيب. وطارق حبيب من مواليد عام 1936 بدأ العمل فى التليفزيون المصرى عام 1970، وكان أول برنامج جماهيرى له اثنين على الهوى، وكان السبق لهذا الإعلامى أنه أول من سجل لقاء مع الأدباء الكبار فى مصر أمثال طه حسين، ونجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، وكان محاورًا ماهرًا، له أسلوب مشوق فى تقدم برامجه.