مصطفى بكري: عضوية اتحاد القبائل العربية تجاوزت ال 10 آلاف خلال يومين    البابا تواضروس في قداس القيامة: الكنيسة تصلي لأجل سلام البلاد    أحمد موسى: 64 مليون مواطن يصرفون سلعًا تموينية.. والسكر ب 12 جنيهًا    مراعاة للأغنياء.. الحكومة تؤجل ضريبة أرباح البورصة للسنة العاشرة    مجلس مدينة العريش يشن حملة لإزالة المباني المخالفة    نميرة نجم: هناك محاولات لتقويض أحكام الجنائية الدولية ضد قادة إسرائيل    روسيا تعلن تدمير قاعدتين للمسلحين في سوريا    عضو إدارة بركان: نرحب بالزمالك في المغرب.. ومواجهة الأبيض تكون قوية    عمر وردة: تزوجت من فتاة جزائرية منذ شهور لكي استقر    إصابة 3 أشخاص في حادث بالوادي الجديد    عمرها 60 سنة..مصرع عجوز دهسها قطار في سوهاج    مصرع سيدة صدمها قطار ب سوهاج    بتكلفة بناء وتشغيل 1.5 مليار دولار، المتحف المصري الكبير هدية مصر للعالم (فيديو)    قصواء الخلالي: انتظروا حلقة الأحد وملف اللاجئين ومفاجآت وأخبار مفرحة    دعمتم مناقشة هذا الأمر | رمضان عبد المعز يوجه الشكر ل المتحدة    أسهل طريقة لعمل الطحينة بالفول السوداني في المنزل.. أساسية بشم النسيم    مختلف عليه..ما حكم أكل الفسيخ في الإسلام؟    أسامة كمال : حماس وإسرائيل لم يحققا أي أهداف من حرب غزة    قتل «طفل شبرا الخيمة».. أوراق القضية تكشف دور تاجر أعضاء في الواقعة    تعرف على شروط التقديم لمدرسة فريش الدولية للتكنولوجيا التطبيقية 2024-2025    71 مليار جنيه لقطاع التعليم المدرسي والجامعي خلال 24 /25    بدء قداس الاحتفال بعيد القيامة المجيد في المنيا (صور)    لجين عبد الله تفوز بكأس أفضل سباحة في البطولة الإفريقية بأنجولا    حكم الصلاة على الكرسي وضوابط الصلاة جالسًا.. اعرف الشروط والأحكام    محافظ القاهرة يشهد احتفال الطائفة الإنجيلية بعيد القيامة نائبا عن رئيس الوزراء    أسامة كمال يُحيي صحفيي غزة: المجد لمن دفعوا أعمارهم ثمنا لنقل الحقيقة    أحمد موسى عن شم النسيم: «باكل فسيخ لحد ما يغمى عليا.. وأديها بصل وليمون»    طارق إمام للشروق: المعارض الأدبية شديدة الأهمية لصناعة النشر.. ونجيب محفوظ المعلم الأكبر    مطران إيبارشية أسيوط يترأس صلاة قداس عيد القيامة المجيد 2024    طلاب إعلام جامعة القاهرة يطلقون حملة توعية بإيجابيات ومخاطر الذكاء الاصطناعي    تسويق مغلوط للأولويات سيكون له ما بعده..    وكيل صحة القليوبية: استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل    غدا وبعد غد.. تفاصيل حصول الموظفين على أجر مضاعف وفقا للقانون    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    المقاولون 2005 يفوز على أسيوط بثلاثية في دوري الجمهورية للناشئين    القس أندريه زكي يكتب: القيامة وبناء الشخصية.. بطرس.. من الخوف والتخبط إلى القيادة والتأثير    سفير فلسطين في تونس: مصر تقوم بدبلوماسية فاعلة تجاه القضية الفلسطينية    «صحة الفيوم»: قافلة طبية مجانية لمدة يومين بمركز طامية.. صرف الأدوية مجانا    السعودية تصدر بيان هام بشأن تصاريح موسم الحج للمقيمين    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن مشروع تبليط هرم منكاورع    خبير اقتصادي: الدولة تستهدف التحول إلى اللامركزية بضخ استثمارات في مختلف المحافظات    وكيل صحة الشرقية يتفقد طب الأسرة بالروضة في الصالحية الجديدة    وزير الشباب يفتتح الملعب القانوني بنادي الرياضات البحرية في شرم الشيخ ..صور    لوبتيجي مرشح لتدريب بايرن ميونيخ    مفاجأة- علي جمعة: عبارة "لا حياء في الدين" خاطئة.. وهذا هو الصواب    موعد ومكان عزاء الإذاعي أحمد أبو السعود    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    بطلها صلاح و«العميد».. مفاجأة بشأن معسكر منتخب مصر المقبل    جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 والثانوي الأزهري    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    ما حكم تلوين البيض في عيد شم النسيم؟.. "الإفتاء" تُجيب    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أساطير تهويد فلسطين
نشر في المصريون يوم 31 - 03 - 2010

يدفعنا استمرار الإعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية ومسلسل التهويد في فلسطين المحتلة إلى الحديث عن الإدعاءات والأساطير الصهيونية التي وضعتها الحركة الصهيونية في إطار برنامجها للسيطرة على فلسطين.
من الطبيعي أن تروّج آلة الدعاية الصهيونية وبعض الدوائر الغربية لهذه الأساطير، غير أن من غير الطبيعي –ومن الخطورة- أن يردد بعض المثقفين العرب - بغير وعي– بعضًا من هذه الإدعاءات والأساطير.
لقد نجحت آلة الدعاية الصهيونية عن طريق عمليات تسميم سياسي متعددة، ليس في تزوير تاريخنا فحسب، بل وفي دفع بعض العرب إلى ترديد الادعاءات والأساطير اليهودية والصهيونية وكأنها حقائق دينية أو تاريخية، فكثيرة هي الكتب العربية التي تردد عبارات مثل: "كان هناك صراع بين المصريين وبين بني إسرائيل أيام النبي موسى عليه السلام"، أو "كان لليهود أو لبني إسرائيل، كيان سياسي أيام النبيين داود وسليمان عليهما السلام"، و"أن المدة التي ساد فيها الإسرائيليون في فلسطين (منذ دخول يوشع بن نون وحتى انهيار مملكة يهودا) هي نحو خمسة قرون، وهي أشبه بمدة بقاء هولندا في إندونيسيا أو إنجلترا في الهند"، أو "إن داود أول من بنى القدس واتخذها عاصمة لملكه، وأنه قتل ابن شاؤول، وأن ابنه سليمان قتل أخًا أكبر له يُدعى أدونيا و ورث داود"، أو "إن ملك داود وسليمان كان ملكًا محصورًا في منطقة ضيقة في فلسطين"، وغير ذلك.
من الضروري هنا توضيح عدة أمور وخاصة أمام الشباب الذي يخضع لعمليات تسميم سياسي وتجهيل وتسطيح منذ عقود:
1-إن الأساطير الدينية التي تبنَّتها الحركة الصهيونية هي من صنع كهنة بني إسرائيل الذين كتبوا ما أسموه توراة موسى في بابل بعد موت النبي موسى –عليه السلام- بأكثر من ستة قرون، وليست البتة كلام الله عز وجل، ولهذا لا يجب الاعتماد عليها في صياغة ما يسميه الصهاينة اليوم "تاريخ اليهود" أو "تاريخ بني إسرائيل القدماء".
2-إنّ فلسطين سكنها، في الألف الثالثة قبل الميلاد، الكنعانيون (وهم من القبائل التي هاجرت من جزيرة العرب إلى ما يعرف اليوم بالشام) وقد بنى اليبوسيون –وهم من قبائل كنعان– مدينة القدس الحالية باسم "يبوس" أو"أورسالم" نسبة إلى مليكهم "سالم". و يرتد الاسم العبري للقدس إلى ذلك الاسم الكنعاني القديم.
3-إن الله عز وجل جَعَلَ بلاد الشام –وفي القلب منها فلسطين– بلادًا مباركة للعالمين، وعلى هذه الأرض المقدسة وَهَبَ الله، عز وجلّ، النبي إبراهيم عليه السلام ذريةً مسلمةً صالحة، وجَعَلَ فيها النبوة والكتاب. وقد فضّل الله أبناء يعقوب (بني إسرائيل) على الأمم التي عاشوا بينها، وجعل النبوة في عدد كبير منهم، إلا أن الكثير منهم لم يقابل ذلك بالشكر بل بالعصيان والكفر، فسَلَبَ الله منهم ما حباهم من نعم، ولذا وصفهم في القرآن الكريم بأقبح الأوصاف.
4-إنّ دعوة الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وداود وسليمان (عليهم السلام) هي دعوة التوحيد والإسلام، يقول الله عز وجل: "ووصى بها إبراهيم بنيه يا بنيّ إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون. أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهًا واحدًا ونحن له مسلمون. تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا ُتسألون عما كانوا يعملون. و قالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين. قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط ونحن له مسلمون". ( سورة البقرة: 132:136).
ولهذا فلم يكن إبراهيم ولا إسحاق ولا يعقوب ولا الأسباط، وكذلك لم يكن موسى وداود وسليمان (عليهم السلام) يهودًا أو نصارى، وإنما كانوا أنبياء مسلمين. ومن هنا فمن آمن بدعوة التوحيد من بني إسرائيل هم من المسلمين وليسوا يهودًا ولا نصارى.
5-وترتيبًا على ما سبق فإنه لم يكن هناك صراع بين المصريين وبين بني إسرائيل أيام النبي موسى، وإنما كان هناك صراع بين أتباع دين التوحيد أي المسلمين - وعلى رأسهم النبي موسى- و بين الكفار من المصريين ومن بني إسرائيل. لقد أرسل الله عز وجل موسى بدعوة التوحيد إلى بني إسرائيل وإلى فرعون مصر وشعبه، وفي هذا يقول الحق سبحانه وتعالى: "ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قومًا عاليين. فقالوا أنؤمن لبشريْن مثلنا وقومهما لنا عابدون" (سورة المؤمنون: 47:45 ).
6-وفضلاً عما تقدم فإنه لم يكن لبني إسرائيل القدماء ولا لليهود والفرس هم الذين أطلقوا لفظة اليهود على بني إسرائيل في القرن السادس قبل الميلاد كيان سياسي أيام النبي داود والنبي سليمان (واليهود لا يعترفون بنبوتهما)، ذلك بأن ما أقامه النبيَّان ما هو إلا ملك إسلامي خالص، وذلك بعد أن انتصر داود على جالوت وقومه (عبدة الأوثان)... . وقد جعل الله داود عليه السلام خليفة للمسلمين في الأرض، وفي هذا يقول الله عز وجل : "يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض". ( سورة ص:26 )، وقد تولى الملك بعد داود ابنه سليمان، وفي عهده اتسع الملك الإسلامي؛ إذ سخّر الله عز وجل لسليمان الجن والإنس والطير والريح وغير ذلك إلى الحد الذي جعل ملكة سبأ في جنوب جزيرة العرب ترضخ لدعوة سليمان إلى الإسلام.
وإنْ كان نبي الله سليمان قد بنى مكانًا للعبادة لأتباعه، فهذا المكان هو مسجد وليس البتة هيكل (أو معبد) سليمان، وفي ذات موقع هذا المسجد يقع اليوم مسجدا الصخرة والأقصى، إذ أن المكان مكان للعبادة منذ أن ظهر الإنسان على الأرض، وما حوله مقدس ومبارك للعالمين بنص القرآن الكريم ( اقرأ الآيات من 1-3 من سورة الإسراء).
ولهذا فلا يصح أن يعتمد العرب والمسلمون ( كما يفعل يهود اليوم وأنصار الحركة الصهيونية) على أسفار التوراة في سرد قصة داود و سليمان أو ما تسميه الحركة الصهيونية تاريخ اليهود.
7-إن الله عز وجل أرسل – بعد انهيار ملك داود وسليمان – العديد من الأنبياء والرسل المسلمين (وكثير منهم أرسل إلى كفار بني إسرائيل)، ومن هؤلاء الأنبياء زكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام، في نفس الوقت الذي شهدت فيه بلاد الشام (الأرض المقدسة للعالمين) العديد من الغزاة الأجانب عقابًا على انحراف أهلها عن شرع الله. لقد كان ذلك من باب تسليط الله الظالمين على الظالمين...
ولقد ظلت الشام ولاية رومانية منذ أن دخلها الرومان في القرن الأول الميلادي حتى الفتح الإسلامي لها في القرن السابع الميلادي بعد بعثة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم. [انظر في هذا الصدد : جمال عبد الهادي محمد مسعود (إعداد): الطريق إلى بيت المقدس: القضية الفلسطينية (جآن)، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، المنصورة، الجزء الأول، الطبعة الخامسة 1415 ه، 1994 م، الجزء الثاني الطبعة الثالثة 1415ه، 1994، وكذلك انظر في شأن تاريخ الجماعات اليهودية: عبد الوهاب المسيري؛ موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (ثمانية أجزاء)، دار الشروق، القاهرة، 1999، وكذلك: أحمد عثمان ؛ تاريخ اليهود ( ثلاثة أجزاء)، دار الشروق القاهرة، 1994] .
8-وهكذا فإن العبرانيين القدماء لم يكونوا أول من دخل فلسطين، ولم يكن الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وداود وسليمان وعيسى يهودًا أو نصارى وإنما كانوا أنبياء مسلمين، ومن آمن بالإسلام من بني إسرائيل وغير بني إسرائيل هم من مسلمي ذلك الزمان، أما الذين كفروا بالإسلام فهم كفار بني إسرائيل وكفار غيرهم من الأقوام، وما كتبه كهنة وكفار بني إسرائيل في بابل، ثم في فلسطين، ليس كله كلام الله، وبالتالي فلا يمكن الاعتماد عليه في صياغة تاريخ "بني إسرائيل القدماء"، وفي تحديد رؤيتنا – نحن العرب – تجاه يهود عالمنا المعاصر وتجاه ما يعرف "بإسرائيل".
9-وفضلا عن ما سبق فقد فنّد الكثير من الباحثين المحايدين صلة يهود اليوم ببني إسرائيل القدماء، إذ أن أصول معظم يهود اليوم ترتد إلى قبائل الخزر التركمانية (وهي قبائل غير سامية) التي اعتنقت الديانة اليهودية منتصف القرن الثامن الميلادي (انظر على سبيل المثال ما كتبه العالم الراحل جمال حمدان في كتابه "اليهود أنثربولوجيا" وما كتبه آرثر كيستلر في كتابه المسمى "القبيلة الثالثة عشرة ويهود اليوم")..
ومن هنا فإن من لهم الحق في المطالبة بتراث ملك داود وسليمان هم أتباع الإسلام وليس الذين ينسبون أنفسهم اليوم إلى بني إسرائيل القدماء.
لا يجب علينا أن نردد ادعاءات التوراة والحركة الصهيونية بأنه كان لليهود كيان سياسي في فلسطين قبل الميلاد، أو أنه كان هناك صراع بين بني إسرائيل والمصريين، وأن سليمان عليه السلام بنى هيكلا لليهود، أو غير ذلك من الأساطير.
إن شيوع هذه الأساطير يؤكد علي حقيقة –لابد أن يعيها الطرف الفلسطيني جيدا- وهي أن مسألة القدس لا يمكن أن يقررها الطرف الفلسطيني بمفرده في ظل ميزان قوة مختل كالذي نعيش، فالقدس مسألة عربية إسلامية قبل أن تكون فلسطينية..
ولابد من بذل كل الجهود لكشف عمليات تزوير تاريخ فلسطين وطمس معالمه، وتبديل المفاهيم وتغييرها، بل وصك مصطلحات ومفاهيم جديدة. إن "إسرائيل" ليست واحة الديموقراطية الوحيدة في "الشرق الأوسط" كما يردد البعض، وليست المارد الاقتصادي القوي في المنطقة، إنها كيان استيطاني عسكري عنصري توسعي عميل للقوى الاستعمارية الكبرى، تابع اقتصاديًا لها، وغريب حضاريًا عن المنطقة العربية والإسلامية.
قسم العلوم السياسية – جامعة الإسكندرية
www.abdelfattahmady.net


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.