قال الكاتب التركي، جومالي أونال، أن هناك عدد من الحملات الملحوظة التي تقودها بعض الفصائل داخل المجتمع المصري لتشويه تركيا، مصحوبة بمزاعم عن تورط تركيا في عمليات تجسس، وأن الدعم الإقتصادي الذي تقدمه تركيا لمصر يصب في صالح أنقرة أكثر من القاهرة. ويرى أونال أن هذه الحملات شبيهة بالحملات الدعائية التي قامت بها فرنسا وبريطانيا على مدى سنوات لإثارة مشاعر معادية للعرب داخل تركيا، مشيراً إلى أن هناك بعض العرب الذين لا يقبلون تركيا ويعتقدون أنها تسعى لتحقيق حلمها بأن تكون القوة العثمانية الجديدة في المنطقة. وتعتقد هذه الفصائل، بحسب الكاتب، أن تركيا تستخدم نفوذها الإقتصادي لتحقيق طموحاتها تلك، ولذلك فإنهم ينظرون إلى المساعدات الإقتصادية التي تقدمها تركيا لمصر بإعتبارها نموذجاً على هذه "العثمانية". وأشار أونال إلى أن الدول تعمل وفقاً لمصالحها الذاتية، وأنه لا توجد دولة على مر التاريخ أعطت أولوية لدولة أخرى على حسابها بغض النظر عن الجانب الديني أو المذهبي أو العرقي، فالدول بشكل عام لا تساعد بعضها مالم يكن تكن هناك بعض المصالح على المحك. وأضاف أنه كما هو الأمر صحيح اليوم بالنسبة لتركيا وقطر والولايات المتحدة والصين، فإن تلك القاعدة ستنطبق أيضاً في المستقبل على الدول التي تعتمد اليوم على المساعدات الأجنبية مثل مصر. وأوضح أنه عندما تستقر الأوضاع في مصر فإنها ستحاول وبدون شك أن تساعد –وفقاً لمصالحها الذاتية- فلسطين والأردن والسودان، وأنه لا يمكن إنتقاد ذلك من أي بعد كان. وتابع أونال مقاله في صحيفة "تودايز زمان" التركية قائلاً أنه إذا كانت تركيا تقدم المساعدة لمصر اليوم فإنها بالتأكيد ستفكر أولاً في مصالحها الخاصة، وأن ذلك سيكون عنصراً هاماً في الإتفاقات والمعاهدات التي يتم توقيعها، لذلك فإنه من الطبيعي أن تشترط تركيا على مصر أن تستخدم المليار دولار من المساعدات التي ستمنحها لها في الأيام القادمة في شراء معدات ومنتجات تركية. وتساءل الكاتب التركي كيف يمكن أن يضر ذلك بمصر إذا كانت في النهاية ستضطر لإستيراد هذه المعدات التي تحتاجها بطريقة أو بأخرى، معتبراً أن الأمر في حاجه إلى تفسير. أما المزاعم المتعلقة بضلوع تركيا في أنشطة ضارة بمصر فإنها يتعذر تفسيرها، بحسب الكاتب، فتركيا كانت من أول الدول التي دعمت الثورة المصرية منذ بدايتها، وفعلت كل ما في وسعها لدعم التحول الديموقراطي في مصر. كما أن تركيا على قائمة الدول التي ترسل وفوداً رسمية لزيارة مصر بصفة مستمرة. وأن غالبية هذه الوفود تصل مصر بقصد تبادل المعلومات حول التجارب التركية. ولفت أونال إلى أنه على مدى العامين الماضيين تألفت الوفود التركية من مسؤولي البلديات، وممثلي شركات القطاع الخاص، والعاملين بالحكومة للمساعدة في دعم مصر من جوانب مختلفة من بينها الإقتصاد والسياسة، والسياسة الخارجية، بالإضافة للجانب العسكري. وشدد أونال على أنه لا ينبغي تفسير محاولات دولة ما لتوسيع نطاق نفوذها على أنها محاولات لإستعمار أو إخضاع الدول الأخرى، مشيراً إلى أن محاولة تركيا لتوسيع نطاق نفوذها في جميع أنحاء العالم، بدءا من جيرانها، هي نتيجة إستقرارها الإقتصادي، والسياسي، والدبلوماسي، والعسكري. وتابع قائلاً أنه على الرغم من محاولة تركيا توسيع نفوذها الإقتصادي فإنها لم تحاول أبداً أن تتبع السياسات الإستعمارية التي تستخدمها الدول الغربية، كما أنه على الرغم من أن الدولة العثمانية إرتكبت بعض الأخطاء، إلا أنها لم تكن يوماً سلطة إستعمارية كما يصر بعض القوميين العربيين على تصويرها. وقال أونال أنه إذا كانت مصر ترغب في أن تتخطى أزمتها الإقتصادية الحالية، فإن السبيل الوحيد لذلك هو باستخدام مواردها الخاصة، وأن المساعدات من تركيا وقطر والسعودية وحتى قرض صندوق النقد الدولي ليست سوى ضمادات للجروح الإقتصادية. وأكد على أن قبول مصر بمساعدة إستناداً على تجارب دول أخرى لا يعني أن تلك الدول ستهيمن على مصر بطريقة أو بأخرى، معتبراً أنه من الطبيعي أن تساعد كلا من مصر وتركيا بعضهم البعض بالنظر إلى الجوانب الدينية والطائفية والثقافية والتقليدية المشتركة بين البلدين. واختتم أونال مقاله قائلاً: "عندما تمد تركيا يد العون لمصر –التي تعتبرها ذات أهمية كبرى للأمن الإقليمي- وتنفذ إستثمارات في مصر، وتتعاون معها عسكرياً، فإن ذلك لا يجب أن ينظر إليه على أنه محاولة للسيطرة على مصر".