وتستند مصر والسودان في موقفهما تجاه حلايب وشلاتين على حجج وأسانيد مختلفة فالجانب السوداني يستند إلى:. - أن حلايب ظلت تحت الحكم السوداني طوال 56 عامًا من 1902 – 1958 - أن مصر لم تثر الأمر في اتفاقية الحكم الذاتي الخاصة بالسودان بين مصر وبريطانيا عام 1953 وكذلك بعد إعلان استقلال السودان 1956. - بعد مشكلة عام 1958 أجريت الانتخابات وتم انتخاب نائب عن حلايب في البرلمان السوداني، وكانت الانتخابات التالية تشمل حلايب، ولم تثر مصر موضوع النزاع، وهو ما يعني أن مصر قبلت الأمر الواقع، وأن السودان واصل ممارسة حق السيادة والإدارة مستندًا على حق قانوني واضح. - أن الغرض من ضم هذه المنطقة للسودان مازال قائمًا وهو المحافظة على وحدة قبيلة البشاريين. أما الجانب المصرى فيستند إلى :. - أن الحدود تحددها الاتفاقيات الدولية وقد حددت اتفاقية الحكم الثنائي الحدود بين مصر والسودان بخط عرض 22. - أن قرارات وزير الداخلية بضم بعض المناطق الداخلة ضمن الحدود المصرية شمال خط 22 تحت الإدارة السودانية وبعض المناطق الداخلة ضمن الحدود السودانية جنوب خط 22 تحت الإدارة المصرية كان لأسباب إنسانية تتعلق بالقبائل المنتشرة على جانبي خط الحدود دون مساس بهذا الخط، وقد أوضح وزير الداخلية الغرض من القرارات، وهو تحديد مناطق عربان مصر والسودان لصالح الأشغال الإدارية، وهو ما يؤكد الطبيعة الإدارية المؤقتة لهذه الترتيبات، كما أن الوزير الذي أصدر القرار ومدير أسوان الذي أوكل إليه تنفيذ القرار هما موظفان في الحكومة المصرية. - جميع الخرائط المصرية منذ اتفاقية الحكم الثنائي تظهر خط 22 كحدود سياسية بين البلدين - أن بقاء حلايب تحت الإدارة السودانية لا يرتب أي حقوق للسودان، ويمكن تقسيم فترة ال56 عامًا التي خضعت فيها حلايب للسودان إلى ثلاث فترات:. - الأولى من 1902 إلى 1953 حيث كانت السودان خاضعة للحكم الثنائي وبالتالي كانت خاضعة للسيادة المصرية، وعلى هذا الأساس جاء قرار وزير الداخلية عام 1902 باعتبار مصر والسودان بلدًا واحدُا، ولذلك لم يثر قرار الوزير أي مشكلة خاصة وأن مطالب الحركة الوطنية المصرية كانت الاستقلال ووحدة وادي النيل. - الثانية الفترة من 1953حتى يناير 1956، وهي الفترة الانتقالية التي حددتها اتفاقية الحكم الذاتي لتقرير مصير السودان، وكان الاتجاه الغالب في السودان هو خيار الوحدة بين البلدين، وهو ما تجلى في فوز الحزب الاتحادي المؤيد للوحدة في الانتخابات لذلك لم يكن ملائمًا أن تثير مصر هذا الأمر. - الثالثة من يناير 1956 حتى يناير 1958، وهى الفترة التي امتدت من إعلان السودان حتى إثارة المشكلة، وهي سنتان وهي فترة قصيرة لا يمكن أن يترتب عليها حقوق للسودان في حلايب ،كما أنه كانت توجد حساسية في العلاقة بين البلدين بعد قرار السودان بالاستقلال ولذلك ربما فضلت مصر عدم إثارة هذا الموضوع في تلك الفترة، ولا يعني هذا إقرار مصر بحق السودان في حلايب بدليل اعتراض مصر على إدخال السودان حلايب ضمن الدوائر السودانية. - أن مصر قبلت تأجيل مناقشة المشكلة عام 1958 إلى أن تسمح ظروف السودان مع الأخذ في الاعتبار تعهد السودان بعدم اتخاذ اشتراك سكان المنطقة من السودانيين في الانتخابات السودانية كبينة وحجة لتأكيد سيادتها على المنطقة. - أن مصر لم تنقطع عن ممارسة سيادتها على حلايب منذ اتفاقية الحكم الثنائي حتى الآن ويتجلى ذلك في التواجد الأمني والإداري وممارسة أنشطة تعدينية منذ 1915، وإصدار مصر قرارات التنقيب سواء للشركات المصرية أو السودانية إلى غير ذلك من مظاهر السيادة. وقد اشتعل الموقف مرة أخرى مع المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس السابق مبارك في أديس أبابا عام 1995 واتهام السودان بالوقوف وراء محاولة الاغتيال وتوتر العلاقات بين البلدين، وقيام مصر بفرض سيطرتها التامة على حلايب. وبعد سنوات من القطيعة وفي ديسمبر عام 1999زار البشير مصر بناءً على دعوة من الرئيس السابق، حيث اتفق الطرفان على اتخاذ عدة خطوات لتحسين العلاقات بين الدولتين وفيما يخص حلايب اتفق الرئيسان على ضرورة حلها في إطار أخوي والعمل على اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة لتحويل منطقة حلايب إلى منطقة للتكامل بين البلدين. وأكد الرئيس السوداني أن مشكلة حلايب لن تقف حائلًا دون عودة العلاقات مع مصر إلى مجراها. ومع تحسن العلاقات بين مصر والسودان خاصة بعد الانفصال بين البشير والترابي إلا أن الأزمة ظلت تطفو على السطح من حين لآخر فى ظل بعض التصريحات الصادرة من الجانب السوداني، فقد صرح الرئيس السوداني عمر البشير لصحيفة الوطن القطرية في 17- 8- 2002م بأن منطقة حلايب وشلاتين هي أرض سودانية، مشددًا على أن بلاده لن تتنازل أبدًا عن المطالبة بها، وأوضح أن الخرطوم جددت المطالبة بها قبل أشهر قليلة أمام مجلس الأمن الدولي. وهكذا تظل المشكلة وإثارتها من وقت لآخر مرتبطة بطبيعة العلاقة بين البلدين والأوضاع الداخلية. وقد جاءت زيارة د مرسي للسودان لتثير بلبلة حول قضية حلايب بعد نقل تصريحات غير دقيقة نسبت إلى موسى محمد أحمد مساعد الرئيس السوداني عن وعد مرسى للسودان بإعادة حلايب إلى السودان، وهو ما نفته الرئاسة المصرية وأكدت أن المباحثات خلال الزيارة لم تتطرق لهذا الموضوع، وأكدت على موقف مصر الثابت من هذه القضية، وهو ما نفاه أيضًا المسئول السوداني بعد ذلك، وقد أوضح المسئول السوداني الثلاثاء (9/4) أنه طلب من الرئيس المصري محمد مرسي خلال مقابلته الجمعة الماضي بالخرطوم إعادة الأوضاع في مثلث "حلايب" إلى ما كانت عليه قبل العام 1995، وأن الأخير وعده ب"إزالة الاحتقان في العلاقة بين البلدين". وقد حاولت بعض القوى المعارضة للرئيس إثارة البلبلة واستغلال هذا اللغط لتوجيه الاتهام للرئيس والإخوان بالتفريط في السيادة الوطنية. وإذا كان إثارة هذه القضية له جانب إيجابي وهو إعادة التأكيد على سيادة مصر على حلايب، وهو الموقف الرسمي لمصر منذ إثارة هذه القضية إلا أنه يبغي أن تكون القضايا القومية والأمور المتعلقة بالسيادة الوطنية بعيدة عن المناكفات والمزايدات السياسية وألا تكون عرضة للتجاذبات السياسية خاصة في ظل حالة التربص التخوين والاحتقان والانقسام التي تسود الحياة السياسية الآن بالإضافة إلى ظاهرة التنابذ بين الحقب التاريخية والتيارات السياسية والفكرية. فتوجيه الاتهام للرئيس أو الإخوان بالتنازل عن جزء من تراب الوطن هو اتهام خطير لم يستند على أي دليل، فضلًا عن أنه لا يستطيع أي رئيس أو قوة سياسية مهما كانت أن تقدم عليه وقد يدفع هذا الاتهام البعض إلى ترديد اتهامات مماثلة للقوى الأخرى استنادًا إلى وقائع تحتمل أكثر من تفسير. د صفوت حسين مدرس التاريخ الحديث والمعاصر كلية التربية – جامعة دمنهور