لم يعد هناك جيش في المنطقة العربية إلا الجيش المصري، وتفكيكه هدف حقيقي لأعداء مصر وإضراب الشرطة قد يكون جزءًا من الخطط المرصودة لهذا الهدف، الغريب أن المغرضين الذين يساهمون في هذا السيناريو لا تستطيع أن تستدل عليهم بسهولة، هل هم من المتعاطفين مع الجيش أم متربصون يريدون هدم المعبد على من فيه. استهداف الجيش المصري بعد سقوط أكبر جيشين في المنطقة، وهما الجيش العراقي والجيش السوري واضح للعيان، والجيش المصري يتم استهدافه منذ حرب أكتوبر 1973م، فمن الواضح لنا أنه وضمن معاهدة السلام في 1979م فقد تم تحجيمه والتحكم في تسليحه وتحديد نطاق نفوذه والاستمرار في تحويله عن أهدافه الحقيقية، كي يصبح مؤسسة اقتصادية كبيرة لديها المزارع ومحطات البنزين وأسلحة تعمل في المقاولات ورصف الطرق...إلخ من الأعمال المدنية. ومازال بعض المتطاولين ممن يملأون الساحة للدفاع عن الجيش يصرون على صياغة المقارنات بين الجيش والرئيس، وينتهي بعضهم إلى المقارنة بين الرئيس ووزير الدفاع، وكأنهم في حالة صراع، بل ويستمر هؤلاء المغرضون في بث الكثير من الشائعات حول تدخل الجيش بالانقلاب على الشرعية وصناعة صراعات وهمية. لكن هؤلاء الذين يتمنون أن يعود الجيش للحياة السياسة هم في الحقيقة يريدون هدمه وتفكيكه حتى لو صلحت نواياهم، فهل يريدون ترشيح الفريق السيسي للرئاسة مثلًا، إذا هل سيحل مشكلة الأمن في 24 ساعة مثل ما وعدنا شفيق في حملته الانتخابية، هل سيتخلص من البلطجية؟ ولماذا لم يحل هذه المشكلة وهو نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع؟ هل سيحل مشكلة السولار ولماذا لم يحلها في محطات وطنية التابعة لوزارته؟ هل سيحل مشاكل الخبز ولماذا لم يحلها بالمخابز التي لديه في القوات المسلحة؟ هل ستخشاه إسرائيل ولماذا لا تفعل الآن وهو وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة؟، أم سيأتي رئيسًا لمجلس الوزراء إذا كانت ذات أهمية كبيرة كي ينتقل من المقعد إلى المقعد الذي بجواره في مجلس الوزراء. أم يريد أصدقاؤه من تدخله في الحياة السياسية أن يقوم بتعيينهم وأبنائهم في مناصب في الدولة مثل المحافظين ورؤساء لمجالس إدارات الشركات ورؤساء مجالس المدن بعد خروجهم إلى المعاش؟ وهل هانت مصر عليهم بهذه السهولة حين يتركوها للعابثين والمخربين من الداخل والخارج من أجل أسباب تافهة ومصالح فئوية بعدما نذروا أنفسهم للدفاع عن مصر بدمائهم؟. أتعجب حينما أجد مجموعة المحللين العسكريين في مصر وهم الأداة الصريحة التي يمكن فهم ما يحدث داخل الجيش، وهم يملئون ساحات الإعلام بعناوين تحمل شطحات ضد الديمقراطية المصرية الوليدة، سواء اللواء سامح سيف اليزل أو محمود خلف أو غيرهم ممن تشم منهم رائحة الانفصالية العسكرية عن الرئيس المنتخب وعن الشعب الذي هو الأصيل الحقيقي الذي يبنى منه الجيش، ومازالت ذكريات حكم العسكر في الأذهان ومازلنا نري الفريق حسنى مبارك وجنوده الميامين الذين نجحوا في تجريف الوطن وسرقوا ونهبوا الملايين، بل كان هؤلاء المحللون ذات يوم من المدافعين عنه وعن نظامه. لن أتدخل في الرد على ما يطلبه البعض من كشف مرتكبي مذبحة رفح ولا الحديث عن المسئول الحقيقي عن مجزرة بورسعيد التي يكتوي بنارها الشعب المصري، لكني أتساءل إلى متى ننتظر قبولكم بالديمقراطية وصناديق الانتخاب؟ وإلى متى تنشرون الفزع بين الناس وأنتم تبشرونه ببشرى كريهة وأنتم تتحدثون عن تدخل الجيش؟ وإلى متى تنظرون إلى ثكناتكم وشرفكم الذي تنالون من خلاله لقب الجيش العسكري على أنها السجن الذي ترغبون الفرار منه إلى ساحات العراك السياسي والتنابذ والاختلاف؟. أناشد الشرفاء من أبناء الوطن أن ينبذوا أولئك الداعين إلى تدخل الجيش في الحياة السياسية، ليس من أجل الاستقرار والاستثمار والأمن فقط ولكن من أجل مصر التي نضحي جميعًا لأجلها، ولكي نقطع على المتربصين بجيشنا الطريق الذي يعملون ليل نهار من أجل تفكيكه.