كان أسامة أحمد محمد عبد الله حميد يرى الكرة الأرضية كلها مرة واحدة حيث كان ينطبع كل شبر من هذه المعمورة في عقله بعد أن أعطى جل اهتمامه إلى دراسة هذا الكوكب الذي اختاره الله ليكون محل خليفته . ولع أسامة منذ الصغر بعلم الجغرافيا فقرأ كل ما وقعت عليه عينيه في مكتبة أبيه الذي كان أستاذا للجغرافيا في كلية الآداب ببنها حتى وصل وهو في سن صغيرة جدا إلى درجة الأستاذ المتخصص في هذا العلم وهو ما دفع كل من حوله إلى أن يلقبوه ب "أسامة جغرافيا" . لم يكن ذلك الولع بهذا العلم إلا رغبة من أسامة في أن يبحث ويدرس قيمة المنطقة الإسلامية فيكون واحدا ممن يعملوا على كشف مكامن القوة والقدرة التي يمكن أن تكون عوامل التحرر من قبضة الاستعمار . درس الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة الزقازيق وهي الجامعة التي التقى فيها بصديقه ورفيق جهاده الدكتور فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الفلسطيني فكان واحدا من الرعيل الأول لمؤسسي الحركة التي أخذت منهم سنوات حتى رأوها كيانا قادر على الحركة . كما تمكن أسامة جغرافيا من الحصول على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية وتبعه بالحصول على ليسانس الآداب قسم الجغرافيا كما حصل على الدكتوراه في هذا العلم . غير أن كل هذه الشهادات وكل هذا العلم الذي احتواه صدر وقلب أسامة حميد أو أسامة جغرافيا والذي لو قدر ووجد في بلد أخرى لكان واحدا من أفذاذها ولأحتوى مكتبه على العشرات بل المئات من شهادات التقدير والجوائز على علمه .. كل ذلك لم يكن شفيعا له عند النظام السياسي الذي آثر أن يحتفظ به وبعلمه داخل إحدى زنزانات السجون المصرية الكثيرة لما يقرب من ربع قرن هي العمر الذي قضاه أسامة حميد رهين وزارة الداخلية حيث أعتقل عام 1981م . كل ذنب أنه أصر أن يعلن عن موقفه الفكري والعقائدي بكل وضوح ودون خوف أو وجل برغم تبرئة المحكمة له وتيقنه بأنه ليس ممن يستخدمون السلاح أو العنف لفرض الإصلاح والتغيير .. إلا أنه جرأ وتكلم وما كان يجب أن يفعل خاصة وأن الكلام من أهل العلم لا مرد له لذا فسيكون مصدرا دائما للصداع وما أفضل من أن يخرس للأبد .