يخطىء من يظن ان القيادة المصرية خرجت منتصرة في الاستفتاء الاخير الذي تم على على تعديل الدستور, فالنتيجة يفترض ان يتم التعامل معها على اساس انها ضربة موجعة لنظام كانت النسبة التي يحصل عليها سابقا في مناسبات انتخابية تصل الى 99.9%. النتائج الاخيرة ليست ادانة للعهد الذي كان يصدر مثل هذه النسب فقط, بل هي تأكيد على انه في مرحلة من المراحل فان عدد القادرين على الرفض يمكن ان يتضاعف ويزيد على نصف الناخبين, هذا مع تجاوز حقيقة ان من كان يصدر نسبة ال 99.9% قادر اليوم على اصدار نسب جديدة تعكس نفس الانطباع الذي يريده. الارقام شبه النهائية لعدد المشاركين في الاستفتاء وصلت الى حوالي 53% من الناخبين المصريين الذين يحق لهم التصويت, وقد قال حوالي 15% من هؤلاء بصراحة انهم ضد تعديل الدستور اي انهم مع المعارضة, وبذلك فان نسبة ال 99.9% سقطت بقوة, وبشهادات العديد من المراقبين فان صناديق الاقتراع خاصة في المدن الكبيرة شهدت حضورا ضعيفا يشير الى ازمة خانقة يعاني منها النظام. هذه الحقائق يجب ان لا تنسينا حقائق اخرى اكثر اهمية وهي ان السلطة التنفيذية في مصر واجهزتها الادارية والامنية والثقافية التابعة لها حاولت التأثير على نتائج الاستفتاء, بل مارست كما يقول زعماء المعارضة اشد انواع القمع ضد المعارضين وكانت النتائج كذلك, وهذا يستدعي ان تؤخذ هذه الحقائق بالاعتبار ولا بد ان تأثيرها كان كبيرا على نتائج الاستفتاء. الاستفتاء على تعديل الدستور في مصر ادى الى ما تريده السلطة, والولاية الجديدة للرئىس مبارك باتت مضمونة, على ان ذلك تحقق على قاعدة جديدة من المعارضة السياسية الواضحة وعلى قاعدة تبلور تيار سياسي معارض يضم اطرافا عريضة من القوى السياسية المختلفة التي رفضت بقوة تمديد الحكم وتوريثه في بلد يفترض ان النظام فيه جمهوري, وهذا وحده يكفي للقول بأن الانظمة العربية بكاملها يفترض ان تعيد النظر في موقفها من الجماهير وكيفية التعامل معها.