إيقاع سريع للزمن سجل عاما جديدا للثورة، حيث تستقبل مصر بعد غد الجمعة الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، وإحياء المصريين لذكرى ثورتهم هو بمثابة رهان على وطنيتهم وفطنتهم، لكي يخرج هذا العيد للعالم لائقا بثورة كانت مفراداتها وحصنها المنيع مصريتها التي حمتها من وقوع تداعيات تفقد البوصلة اتجاهها. عودة شعب ينشد الاستقرار للميادين يوم 25 يناير، يأتي استحضارا لروح الثورة، ويفتح فصلا ديمقراطيا جديدا يجب احترام نتائجه، ويفرض على الجميع أن يهتفوا باسم مصر وأن يضعوا أيديهم في يدى بعض لكي تعيش "ثورة سلمية" أثارت إعجاب وفخر العالم، تنفستها مصر وعكست عراقتها .. مؤكدة أن المصريين يرون ثورتهم بعين التاريخ وأنهم لن يقبلوا بالاستبداد مرة أخرى، ولن يتنازلوا عن المكانة التي اكتسبتها بلادهم على مر الزمان. ستظل الثورة تنبض في وجدان التاريخ والمصريين، ولن يخرج قطارها عن القضبان، لن تموت مهما انحدرت في الذاكرة، فثورات الشعوب تبقى دوما وأبدا خالدة، وذكراها تجدد مبادئها حيث تشهد مصر ربيعا عربيا مستمرا للعام الثاني على التوالي، وأحداث مصيرية تحدد مستقبلها طيلة الأعوام المقبلة. الشرعية الشعبية التي ستحظى بها احتفالات الثورة يجب أن تؤكد أن مصر الثورة تتسع لمختلف وجهات النظر محتوية الخلاف بشرط أن يبتعد الهواه وغير المتخصصين عن المشهد السياسي لكي يتمكن الخبراء من العبور بالوطن لأرض صلبة، وأن تعلو ثوابت القيم والأخلاق على متغيرات السياسة، حتى ترجح كفة من حملوا الثورة، وحركوا الأحجار الثقيلة والراكدة إلى أن انتصرت، ميدان التحرير وسائر ميادين مدن محافظات مصر يجب أن تكون في تلك المناسبة مكانا للحوار والتفاهم بين طوائف المجتمع، ومكانا لإشاعة روح الثورة وإعلاء العقلانية والاحتفاء باختلاف الأراء مع التأكيد على المواطنة.