خبراء : مصر لا تعرف طائفية والثورة تشهد ندوة الثقافة بنقابة الصحفيين محيط – سميرة سليمان القاهرة : يرى د. عصام إسكندر أستاذ الفلسفة أن العقل الجمعي المصري هو الذي حركهم في ميدان التحرير وظهر مخزونهم الثقافي الذي لا يفرق بين مصري وآخر بغض النظر عن الديانة والطبقة والثقافة، فقد أثبتت دراسة أمريكية أن 85% من المصريين ينحدرون من الأصل الجيني نفسه، وهو أمر لا يتكرر إلا بشعوب قليلة. جاء ذلك خلال مؤتمر مستقبل الثقافة المصرية بعد ثورة يناير الذي شهدته نقابة الصحفيين أمس ، وأضاف المفكر القبطي أن الشعب المصري صفاته المزاجية والنفسية واحدة حتى خرافاته متشابهة. أستاذ الفلسفة يرى أن الأقباط أقلية في مجتمع يتشكل من أغلبية مسلمة، لذا فهم ليسوا أقلية عرقية أو إثنية أو سلالية أو لغوية، وهو ما حفظ التماسك الإجتماعي بمصر، وساهم ببناء مصر الحديثة بعصر محمد علي باشا الذي قدم نموذجاً متقدماً للتلاحم عام 1908، و 1919 حين عين رؤساء وزراء للحكومة من الأقباط . وللمصريين مخزون ثقافي من ثورة 1919 التي حملت شعار "الدين لله والوطن للجميع"، وهو ما يتم استحضاره في الأزمات ، وأثبتت ثورة يناير أن الأقباط ليسوا دائما مطيعين لقياداتهم الدينية، فقد نزلوا لميدان التحرير للمشاركة في الثورة رغم رفض الكنيسة . لذلك وفق د. عصام علينا بعد الثورة، أن نتعامل مع قضايا الأقباط على أرضية المواطنة والوطن، وليس على أرضية الأمن كما كان يحدث في عهد النظام السابق. علم نفس جديد رأت مها أبو العز مدير مركز "أسرتي" لتطوير المؤسسات التربوية أن ثورة يناير أفرزت علم نفس جديد، حينما اكتشف المصري نفسه نافياً كل الصفات السلبية التي ألصقت به من قبل. وقد شاهدت بنفسها في الميدان أن الأطفال المشاركين في الثورة كانوا أكثر صمودا ووعيا بما يحدث، وعبروا عبر لوحات عن أملهم الذي يتمسكون به، فالثورة أثبتت أن المصري ليس محبطاً أو خائفاً وليس جاهلا وأنه مسئول ولديه مخزون إيجابي يستطيع أن يخرجه حين تشتد به الصعاب. وتدعو أبو العز في ختام ورقتها، إلى ضرورة التمسك بالتربية الإسلامية ودمجها بالحضارة، مع التركيز على إسهامات علمائنا الإسلاميين وما قدموه للحضارة الإنسانية في شتى المجالات. ثورة الكرامة شرح أستاذ التاريخ بجامعة نيويورك د. خالد فهمي في ورقته البحثية "مصادر القوة الكامنة في ثورة 25 يناير"، التي يرى أن أهمها هو تنامي فكرة المقاومة المصادرة لقوى الاستعمار المناوئة، بالإضافة إلى تنامي التركيز على محددات الأمل في الخطاب المعاصر. وانتشار الخطاب العلمي والدعوي المتعلق بالإسلام وحثه على المقاومة، فضلاً عن التركيز على النجاح المبهر لكل حركات التحرر العالمية الناجحة، وتنامي الشعور برفض التبعية للغرب، ليخلص إلى أن ما تم في ثورة يناير لم يكن مفاجأة، بل هو نتاج فعلي لمصادر القوة الكامنة في الوعي المصري. وأشار أستاذ العلوم السياسية د. سيف الدين عبد الفتاح في كلمته إلى نجاح شباب ثورة 25 يناير في التفكير خارج الصندوق، لأن الجميع قبل الثورة كان يتحدث عن ضرورة الإصلاح، لم يخطر ببال أحد أن تقوم ثورة بهذا المعنى. مما دفعه لأن يطلق عليها ثورة "استرداد الكرامة للمواطن، واسترداد المكانة للوطن"، فما بين الكرامة والمكانة استطاعت أن تصل الثورة بين المواطن والوطن. بلغة الكمبيوتر يشبه أستاذ العلوم السياسية هذه الثورة بأنها بمثابة "ملف مضغوط"، ففي 18 يوما استطاعت ان تشكل عناصر المدينة الفاضلة، وتسقط نظاماً ورئيساً. يلخص عبد الفتاح المشكلة الحقيقية في مصر الآن أن الشعب تعامل مع فترة الانتقال على أنها انتقال سياسي، لكن الأمر برأيه يتعلق بعملية انتقال مجتمعي، فقد توقفت روح التحرير عند الميدان ولم تسر في المجتمع بأسره، ولم تنتقل إلى الناس في علاقاتهم، وليس أدل على ذلك مما حدث في إطفيح من تشابك طائفي.