«زي النهارده».. اغتيال الدكتور رفعت المحجوب 12 أكتوبر 1990    عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأحد 12 أكتوبر 2025 بعد الارتفاع الكبير    هل يتجاوز صندوق النقد عن بند الطروحات الحكومية خلال المراجعة المقبلة؟ محمد معيط يجيب    محمد معيط: رفع التصنيف الائتماني لمصر يقلل تكلفة التمويل.. والتحسن الاقتصادي أدى لانخفاض التضخم    لماذا لم تنخفض الأسعار رغم تراجع سعر الدولار؟ الخبير الاقتصادي محمد فؤاد يوضح    بيان من سفارة قطر بشأن حادث شرم الشيخ الذي راح ضحيته 3 من الديوان الأميري    بحضور أكثر من 20 دولة.. قمة شرم الشيخ للسلام برئاسة السيسي وترامب لإنهاء الحرب في غزة    عضو المكتب السياسي ل حماس: استقرار المنطقة لن يتحقق إلا بزوال الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة    عضو مجلس السيادة السوداني: الحرب ستتوقف عندما تُثبَّت أركان الدولة السودانية    مصدر للعربية: ضحايا حادث شرم الشيخ موظفون بالسفارة القطرية بالقاهرة وليسوا الوفد المفاوض    رشوان توفيق يرد على شائعات وفاته: حزين جدا وقالوا قبل كدا على حسن حسني ومات    مقتل مغنٍ أرجنتيني شهير رميا بالرصاص في المكسيك    صعود جماعي في قطاعات البورصة المصرية يقوده المقاولات والبنوك خلال أسبوع التداول المنتهي    موعد عرض مسلسل المؤسس أورهان الحلقة الأولى على قناة atv التركية.. والقنوات العربية الناقلة وترددها    حقوق عين شمس تُكرم رئيس هيئة قضايا الدولة بمناسبة اليوبيل الماسي    نتيجة اختلال عجلة القيادة.. حادث مؤسف لوفد دبلوماسي قطري قبل شرم الشيخ ووفاة 3 وإصابة 3    نهاية عصابة «مخدرات الوراق».. المشدد 6 سنوات لأربعة عاطلين    المؤبد لأب ونجليه.. قتلوا جارهم وروعوا المواطنين بالخصوص    مصرع 37 شخصًا في فيضانات وانهيارات أرضية بالمكسيك    بهدف زيدان.. العراق يفوز على إندونيسيا ويخوض مواجهة نارية أمام السعودية    أحمد حسن: أبو ريدة طالبنا بالتتويج بكأس العرب بسبب العائد المادي    وفاة نجمة هوليوود ديان كيتون بطلة فيلم "العراب" عن عمر ناهز 79 عاما    صحة دمياط: متابعة دورية للحوامل وخدمات متكاملة داخل الوحدات الصحية    «شاف نفسه».. أسامة نبيه يكشف تفاصيل أزمة محمد عبدالله وعمر خضر مع منتخب الشباب    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    «مخيتريان»: «مورينيو» وصفني بالحقير.. و«إنزاجي» منحني ثقة مفرطة    خالد جلال: جون إدوارد ناجح مع الزمالك.. وتقييم فيريرا بعد الدور الأول    ملخص ونتيجة مباراة إسبانيا ضد جورجيا بتصفيات كأس العالم 2026    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    مفاجأة.. مستقبل وطن يتراجع عن الدفع بمالك النساجون الشرقيون في بلبيس (خاص)    سراج عبدالفتاح: «الزراعي المصري» يستهدف زيادة حصته بالتوسع في التجزئة المصرفية    رسميًا.. مواعيد صرف مرتبات أكتوبر 2025 للمعلمين والأشهر المتبقية من العام وجدول الحد الأدني للأجور    انتشال 5 جثث احتجزوا داخل سيارة في حادث بطريق قفط - القصير بقنا    «الوجه الآخر للخريف».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: 4 ظواهر جوية تضرب البلاد    موعد بداية امتحانات نصف العام الدراسي الجديد 2025-2026 وإجازة نصف السنة    ضبط منافذ بيع الحيوانات.. قرارات عاجلة من النيابة بشأن تمساح حدائق الأهرام    اندلاع اشتباكات عنيفة بين باكستان وأفغانستان على الحدود    نبيل فهمي: لابد من تحصين خطة ترامب للسلام دوليًا حتى تُفضي إلى الدولة الفلسطينية    «القومي للبحوث»: مصر بعيدة عن الأحزمة الزلزالية    محافظ كفر الشيخ: تنفيذ 6 قرارات إزالة على أراضى أملاك الدولة والأراضى الزراعية    هناك ما يثير قلقك لكن لا تنجر وراءه.. حظ برج القوس اليوم 12 أكتوبر    18 معلومة عن مي فاروق: الرئيس السيسي كرمها و«تأخير» حرمها من المشاركة بمسلسل شهير وخضعت ل«عملية تكميم»    البرومو الثاني ل«إن غاب القط».. آسر ياسين وأسماء جلال يختبران أقصى درجات التشويق    خالد عجاج ينهار باكيًا على الهواء أثناء غناء «الست دي أمي» (فيديو)    مصادر: قائمة «المستقبل» تكتسح انتخابات التجديد النصفي ل«الأطباء»    4 خطوات ل تخزين الأنسولين بأمان بعد أزمة والدة مصطفى كامل: الصلاحية تختلف من منتج لآخر وتخلص منه حال ظهور «عكارة»    لو خلصت تشطيب.. خطوات تنظيف السيراميك من الأسمنت دون إتلافه    أمر محوري.. أهم المشروبات لدعم صحة الكبد وتنظيفه من السموم    هاتريك تاريخي.. هالاند الأسرع وصولا إلى 50 هدفا دوليا مع النرويج    أوقاف الفيوم تكرم الأطفال المشاركين في البرنامج التثقيفي بمسجد المنشية الغربي    محافظ المنيا: رعاية النشء والشباب أولوية لبناء المستقبل وخلق بيئة محفزة للإبداع    مستشفى "أبشواي المركزي" يجري 10 عمليات ليزر شرجي بنجاح    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    قبل انطلاق أسبوع القاهرة للمياه.. "سويلم" يلتقي نائب وزير الموارد المائية الصينية    تقديم 64 مرشحًا بأسيوط بأوراق ترشحهم في انتخابات النواب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توظيف مصر كمادة خام

إذا كانت الصحافة والقنوات الرياضية المتخصصة قد نجحت خلال سنتين من عمر الثورة المصرية فى البقاء على الساحة الإعلامية، رغم عدم وجود مادة خام تعمل عليها، فإن نجاح تلك التجربة قد شجع قنوات مصرية أخرى للسير على نفس المنوال. حيث استطاعت الصحافة والقنوات الرياضية المصرية أن تشكل خميرة إخبارية خاصة بها، تبقيها على الساحة الفضائية رغم ابتعاد الناس عنها بعد الثورة. فقدرتها على الاستمرار فى ترويج الأخبار، والحديث عن مادة خام غير موجودة على أرض الواقع، يشكل لغزًا كبيرًا فى ظل عدم وجود دورى أو كأس قائم. فكيف استطاع ملاكها ومذيعوها الاستمرار فى بث الأخبار والأكاذيب عن صراعات وهمية وحروب مفتعلة لا أصل لها ولا واقع؟ الإجابة تقول إنهم فى كل ليلة ينشرون الأخبار عن عودة الدورى، وعن عمليات خطف اللاعبين ومناكفات المدربين والأندية، إلى غير ذلك من فبركات ابتدعوها، واعتادوا عليها فى السنوات التى سبقت الثورة. فعدا مبارايات الأهلى فى البطولة الإفريقية، ومساعدة صناع اللعبة الدولية فى حصوله عليها والوصول إلى اليابان، لا توجد أى مادة خام عن الرياضة أو لاعبيها وصناعها. ومع ذلك استمرت تلك القنوات والصحف تنقل الأخبار وتبث الأكاذيب والصراعات، بما يشى بعدم وصول الثورة إلى دنيا الرياضة بالمرة. وأن هذا المجال ما هو إلا حقل تجارب لما يمكن أن تسير عليه قنوات أخرى. فعلى تلك الشاكلة، تستطيع أى قناة أن تبتدع لها من الأخبار ما تشاء. وتؤلف من بنات أفكارها من القصص والشائعات ما تستطيع، لتبقى على حياتها وقوتها وتحكماتها.
من المؤكد أن مصر وأخبارها تشكل ثلثى أخبار العالم العربى عبر وسائل الإعلام والصحافة وغيرها. وهذا ما يقدم حافزًا كبيرًا لإنجاح أى مشروع إعلامى ينشأ فى الشرق الأوسط. فالغرب من ناحية، يرى فيها مركزًا للمعلومات يحصل منه على أخبار المنطقة وعلاقاتها وتفاعلاتها. وبلدان الشرق الأوسط من ناحية أخرى، يرونها ساحة ينقلون إليها معاركهم بعيدًا عن بلدانهم ودواخلهم، ليتقوا أى مؤثرات يمكن أن تحدث لشعوبهم. وفى هذا الإطار، فإن مصر المادة الخام هى جاذبة بكل المقاييس لكافة الصحف والمجلات والإذاعات والقنوات العربية والغربية وغيرها. وعلى هذا صارت الانقسامات الحادثة فيها، والمستمرة بلا توقف، تشكل حافزًا مهمًا وداعمًا كبيرًا لكل راغبى الثروة والسلطة من وراء الإعلام. بل تعد فرصة كبيرة لكل راغبى التجسس والنميمة والمعارك والفبركات الإعلامية. ولعل تركيز القنوات الغربية الناطقة بالعربية، كالحرة والبى بى سى وفرانس كات وغيرها، على مصر تحديدًا يشى بأمرين: الأول، قدرة تلك القنوات على الوصول إلى صناع الأخبار أنفسهم والتنسيق معهم. الثانى، وجود نخبة مصرية مستفيدة من افتتاح تلك القنوات، والكسب من وراء افتعال الأخبار لها، وضمان الوظائف واستمرارها.
والملاحظ أن هناك قطاعاً كبيراً داخل مصر هو القائم على أمر تلك القنوات. يجمع لها الأخبار ويسوقها، ليكسب الأموال منها ومن غيرها. وهو الأمر الذى أتاح الفرصة لافتتاح قنوات عربية لتدخل على الخط، كالجزيرة مباشر مصر، والإم بى سى مصر. ومن ثم فإن استمرار حالة التأجيج للشارع المصرى وتثويره، وإبقائه كمادة خام للأخبار والصراعات، لا يفتح السيناريو السيئ فقط، بل يؤكد أن خلق المعارضة وفق رغبة النظام، هو هدف المتعاملين مع تلك القنوات. ليضمنوا استمرار تدفق الأخبار فى الساعة والوقت الذى يريدون. وإذا كان المستفيدون من وراء تلك القنوات يكسبون ملايين الجنيهات، ويضمنون تسويقًا إعلاميًا لسياسات النظام والمعارضة، وهم لا يدركون الخطورة الكبيرة من جراء الاستمرار فى غيهم، فإنهم لا يلتفتون للخسائر الفادحة للبلد من جراء لعبتهم النارية.
بالفعل نحن نحتاج إلى نظرة لهؤلاء العاملين المصريين فى كل الفضائيات التى فتحت أبوابها لمصر، ولأولئك الذين يتحدثون باسمها، وينقلون عنها، وينهشون فى عرضها ويبثون الفتنة بين مواطنيها. سواء من المذيعين أو الصحفيين أو الكتاب أو المعدين. صحيح أن بعض القنوات تنفق ببذخ على موظفيها، وتدفع بالدولار لضيوفها ومتحدثيها، لكن الأخطر هو أنها تكشف وطننا مقابل حفنة من الدولارات. فهؤلاء يفتحون بلادنا لتلك القنوات لتنقل صورة حية ومباشرة من كل الفعاليات التى تدور داخل الوطن دون أية محاذير. ولهذا لم تعد هناك قرية أو مركز أو مدينة بعيدة عن التناول والتداول فى كل شيء. وربما يكون اقتراب العاملين من السلطة هو الذى جعلهم يغضون الطرف عن المادة المنقولة والمبثوثة بالليل والنهار. ومع أننا لا نقطع بوجود تواطؤ متفق عليه، غير أن إبقاء شعبنا كمادة خام يشكلها آخرون ويصيغونها بطريقتهم، يشير إلى استفادة أطراف قريبة من السلطة من هذا الذى يجرى. يا سادة لقد ظل الصعيد مجهولًا بالنسبة للأجانب المقيمين فى مصر حتى نهاية القرن 18، عبر قيود رسمية وغير رسمية فرضتها السلطة القائمة حينذاك. وحينما أتاحت دولة محمد على الفرصة لهم للتحرك بحرية، وقعت بلادنا فى قبضة الاستعمار الغربى. يا سادة لو تركنا الفرصة للمصريين الراغبين فى المال والشهرة ليكشفوا عوراتنا للخارج، فإننا سنفتح بلادنا لانقسامات لا حصر لها، وفتن لا أول لها ولا آخر. فالخطر، كل الخطر، أن تظل بلادنا هكذا مادة خام جاذبة للتسويق والبيع لكل طامع يملك المال. فهذا يعنى أننا ندفع بحسن، أو سوء، نية لدفع هذه القنوات للإنفاق على نخبة تنقل أحداث عفوية أو متفق على تدبيرها. يا سادة القراءات المتعددة للمادة الخام التى نتيحها لغيرنا، ليعيد تنظيمها ومنهجتها، ستعود علينا فى المستقبل وبالاً ونقمة. فإلى متى تظل بلادنا مادة خام ينقل عنها ومنها الآخرون بلا قيد أو شرط؟ وإلى متى نظل نحن مادة خام قابلة للبيع والشراء فى الخارج، دون إدخال أى صناعة محلية عليها؟
د. أحمد عبد الدايم محمد حسين- أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر- جامعة القاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.