سقطت نظرية المال السياسى اليوم فى مصر كما سقطت من قبل نظرية منع الإنفاق على من عند رسول الله حتى ينفضوا، فلم تتحرك مليارات نجيب أبعد من بعض قنابل المولوتوف فى يد بعض أطفال الشوارع، ولم يستجب الشعب رغم الفاقة والحاجة لمغريات المجرمين، مشكلة أخرى تواجه المال السياسى فى حركة إنفاق الفلول هى عدم الثقة فى اليد الثالثة والرابعة التى تتلقى المال السياسى لتوصله مباشرة إلى يد المنفذين فى الشارع، فالوسطاء بين الفلول والمنفذين هم بالضرورة من سفلة القوم غير ذوى الثقة يحتجزون تسعة أعشاره لأنفسهم ولا يؤتون البلطجية سوى العشر وهو بالتأكيد غير كاف لجذب العدد الكافى لتنفيذ خطة فى حجم إسقاط الدولة. فى الجانب الآخر، استطاعت القوى الإسلامية إعداد وتنفيذ واحد من أكبر الحشود فى التاريخ البشرى عندما غطت مدينة الجيزة جماهيرهم المتوثبة للمواجهة المتطلعة للجهاد بالأموال والأنفس، وهو ما يعنى بالضرورة أن القوى الإسلامية التى تنفق على حركتها السياسية لديها الحافز النفسى الكافى لتحريكها بدليل بذل الأموال بسهولة وهى نقطة تفوق كبرى للتيار الإسلامى على المال السياسى القادم من دول الخليج والمتدفق من جيوب نجيب والذين معه وبدت أموال الفلول غير مقبولة الصرف "برانى" فى مواجهة أموال التيار الإسلامى القليلة ولكنها "ميرى". وجه آخر من أوجه التفوق للتيار الإسلامى وهو القدرة على الحشد البشرى الذى بلغ فى مليونية السبت مبلغاً كبيراً غير مسبوق فى غير أوقات الثورة، وهو ما حاولت الكنيسة عمله من قبل فلم تستطع رغم "البروفات" الكثيرة التى قام بها البابا شنودة عندما كانت الكنيسة تطلق بين الحين والآخر شائعة ظهور العذراء فوق إحدى الكنائس التى يوجد حولها كثافة سكانية مسيحية فيحتشد الجميع، مسلمين ومسيحيين، محاولين ومحاولين رؤية المشهد الذى تم تصميم فكرته لاختبار قدرة الكنيسة على الحشد البشرى، الشاهد فى القول أن الكنيسة استطاعت أن تستر على حمدين والبرادعى وموسى عدة أيام فى ميدان التحرير بحشدها بعض "غير المتحمسين" من المسيحيين والذين ظهرت صورهم يقومون إلى المظاهرات كسالى يراءون الناس ولا يأتون البأس إلا قليلاً، كما أن أغلبهم لا يعطل عمله بل يأت لمدة ساعة مع أولاده فى جولة حرة فى الميدان يستمتعون فيها بصيحات الثوار دون شراء أى شىء من الميدان ولا حتى سميط أو بطاطا، ما دعا المنظمين للاعتصام والمظاهرات إلى استئجار راقصات وساقطات يقدمن استعراضات فى الميدان على ما بقى من الشباب حتى لا ينصرف. عنصر التفوق الثالث للتيار الإسلامى يبدو فى اقتناع القوى الإقليمية والدولية التى تحرك الثورة المضادة بأن الشخوص السياسية التى تعول عليها فى سعيها لإجهاض الثورة ليست سوى أبواق كلامية تنعق بما لا تسمع إلا نداء ودعاء، ولعل أكثر ما أثار استغراب الأمريكيين مثلا هو أن يشير البرادعى وشلته إلى الولاياتالمتحدة بالتدخل ضد الرئيس المنتخب وهى التى كانت تتوقع منهم أن يتدخلوا هم لصالحها لدى الشعب المصرى فيعيدوا لها يدها المفسدة فى بلادنا والتى قطعتها يد الثورة ولسان حالها يقول للبرادعى وحمزاوى وموسى "جبتك يا عبد المعين تعين لقيتك يا عبد المعين عايز تتعان"، فى كل يوم يكتشف الأمريكيون أن وكلاءهم فى مصر مكلفون جداً دون ثمة نجاحات يستحقون عليها مكافآتهم، ولم يعد ثمة بد لأمريكا فى سبيل الحفاظ على نفوذها فى المنطقة سوى أن تمد يدها إلى أهل البيت المصرى الأصليين من خلال ممثليهم الإسلاميين. لقد صدمت أمريكا وإسرائيل فى حلفاء الداخل الذين اختارتهم لها أجهزة المخابرات الداخلية المصرية من قبل وها هى اليوم تجنى حصاد الاختيار الخاطئ فى حكومة ومعارضة ما قبل ثورة يناير المجيدة. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]