فى تونس وصل الإسلاميون للحكم من خلال صناديق الاقتراع بعد ثورتهم السلمية ولم يتدخل الأمريكان، لكننا نجد العكس فى مصر, التدخلات مشهودة منذ خلع المخلوع لمحاولة عدم وصول الإسلاميين للحكم وللحيلولة دون كتابة دستور مصرى يدعم الهوية الإسلامية والاستقلالية الوطنية ضد الهيمنة الخارجية, والتركيز على مصر معلوم لشدة تأثيرها على الشرق الأوسط الذى يشهد الأحداث الإستراتيجية للتوازنات الدولية بين الشرق والغرب. - المخطط الذى نشاهده منذ بداية الثورة حتى الآن، تشكيل "مجلس رئاسى مدنى" غير منتخب بمصادرة الديمقراطية كوسيلة وحيدة لتشكيل النظام السياسى الجديد, مع العلم بأن العالم كله متفق على حكم المؤسسات التى لابد أن تأتى بالانتخابات النزيهة. التصعيد ضد مؤسسة الرئاسة والرئيس تحديدًا، ومحاولة اقتحام وزارة الداخلية وقصر الاتحادية, كما يهددون، ثم إعلان "المجلس الرئاسى" برئاسة البرادعى وبدعم الإعلام الممول لأهداف سياسية، نتوقع تشويشاً إعلامياً متفقين عليه بين معظم الفضائيات لتضليل المواطنين بتسويق مشروع الدستور على أنه لا يمثل كل طوائف الشعب وتم فبركته لصالح فصيل واحد رغماً عن أنف الجميع الذين تظاهروا بميدان التحرير اعتراضًا على الإعلان الدستورى, ويتبع ذلك تربيطات بين الداخل والخارج للاستباق بترويج أنه سيتم تزوير نتيجة الاستفتاء ونلاحظ أن الهارب أحمد شفيق بدأ فى التصريح بذلك من خلال الإعلام الذى يروج له منذ أسابيع, وعلى التوازى يتم الضغط على القضاة بكل السبل, المادية والسياسية, لوقف العمل بالمحاكم حتى إذا ذهب المواطن للمحكمة يضطر لرميها بالحجارة لأنها لا تقضى بين الناس, أيضًا اعتذار القضاة عن الإشراف على الاستفتاء مع تسويق إعلامى لإصدار الرئيس إعلاناً دستوريًا جديدًا لإنجاز الاستفتاء دون إشراف قضائى وبالتالى إحداث فراغ يؤدى, كما يحلمون, إلى الفوضى التى لا حل لها إلا بتشكيل "المجلس الرئاسى" ليكون مثل "المهدى المنتظر" الذى تعترف به فورًا أمريكا والدول الغربية كمشروعية دولية مع قطع الطريق على أى مبادرات وطنية لرأب الصدع. - قد ترتكب عناصر المخابرات الأمريكية عدة اغتيالات سياسية وطائفية لتشتيت الرأى العام وتصوير المؤامرة لتكون بمثابة المنقذ من الحرب الأهلية حيث يتماشى ذلك مع شعارات جبهة الإنقاذ التى تم تأسيسها مؤخرًا, وهناك تجارب تشير لذلك.. - بأمريكا اللاتينية.. أبرزها انقلاب فنزويلا 2002، عندما رتبت المخابرات الأمريكية تمثيلية لتحريض المواطنين لاقتحام القصر الرئاسي، وأثناء مظاهرة صغيرة أطلق أمريكيون متخفون النار على المواطنين، وقتلوا عددًا منهم، فنزل حوالى 10 آلاف شخص واقتحموا قصر الرئيس شافيز، وتعاطف معهم بعض ضباط الجيش واحتجزوا شافيز فى قاعدة عسكرية، لكن الشعب اكتشف المؤامرة الأمريكية بعد 72 ساعة فنزل إلى الشوارع وأعاد الرئيس وفشلت المؤامرة. - ولذلك نجد تركيز الإعلام على إرهاب الناس من العنف والحرب الأهلية المنتظرة بسبب الإعلان الدستورى بالرغم من أنه يمثل السبيل الوحيد لإنجاز الدستور الذى يمثل السبيل الوحيد للاستقرار بدليل الدعم الشعبى فى مليونية الشرعية والشريعة. - مطلوب مشاركة الإخوان والسلفيين مع كل القوى الإسلامية والوطنية الذين لا يرفضون الهوية الإسلامية ويدعمون استقرار الدولة، لحشد الشعب المصرى لإفشال المخططات المعادية, لابد من توعية الجماهير بحساسية المرحلة, لابد للدولة من إجراءات وقائية صارمة قد تصل لإصدار أمر باعتقال شخصيات يثبت ضدها التخطيط لتهديد الأمن العام, مثلاً وليس حصرًا, مهاجمة قصر الاتحادية لتصوير الأمر على أنه نزاع مسلح بين المعارضة والحرس الجمهورى, الذى يحمى القصر, مما يستدعى التدخل الخارجى. - لا يوجد أمام الرئيس إلا الاختيار بين طريقين متضادين وطنياً بل منطقياً.. إما الاستناد إلى الشعبية الداخلية أو الهيمنة الخارجية, الأولى لا سبيل لها إلا بتوافق الحاكم والدولة مع هوية وثقافة الشعب "الإسلامية" والمتعارضة تمامًا مع الثانية حيث العربدة الإسرائيلية والمصالح الأمريكية, ولذلك كان المخلوع محددًا فى اختياره ضد شعبه ولنفس السبب نريد للرئيس مرسى الثبات على اختياره الحالى. - المخطط المعادى إذا نجح فى كل الدنيا لن ينجح فى مصر لأن "الشعب" هو القوة الوحيدة القادرة على الحسم, الأمر الذى تأكد من خلال المحطات الشعبية التى كسرت كل المؤامرات بداية من 25 يناير 2011 ثم الاستفتاء على التعديلات الدستورية ثم الانتخابات البرلمانية ثم الانتخابات الرئاسية ثم المليونية الأخيرة, فعندما نعود إلى الشعب يتم الحسم, ونتوقع ذلك فى الاستفتاء الدستورى، إن شاء الله.. لكن وجب التنبيه.