لو فعلها الدكتور ممدوح البلتاجي وزير الشباب وقرر الغاء الاحتراف في مصر، سيكون اتخذ قرارا تاريخيا جريئا يحسب له، فهذا الاحتراف الوهمي أضاع على مصر ملايين الدولارات التي ذهبت لجيوب لاعبين لا يزيد مستواهم عن الحواري التي جاءوا منها! والحقيقة أن ناديا واحدا فقط في مصر هو "الأهلي" يستطيع دفع تلك الملايين وهو لا يتردد في ذلك حتى لو لم يكن يحتاج لهؤلاء اللاعبين، وإنما فقط من أجل أن يحرم منهم النادي الأوحد المنافس له وهو الزمالك! هذه السطوة الأهلوية جعلت لاعبينا الذين يحترفون في الخارج، غاية أمانيهم أن يلتقطهم الأهلي ويعيدهم لبلدهم لأن المصري بطبعه يكره الاغتراب، وبالتالي لا يبذل هذا الاعب أي مجهود ليظهر بالمستوى اللائق في الأندية الخارجية. أحمد حسام أفلت من هذه السطوة ولم يستطع الأهلي رغم كل الاغراءات أن ينهي احترافه الخارجي الناجح، أما الآخرون فمنهم من عاد سريعا من أجل "جنة الأهلي" ومنهم من ينتظر دوره مثل بشير التابعي الذي لم يمض عليه عام منذ انتقل الى الاحتراف في أحد الاندية التركية. دفع الأهلي في محمد بركات حوالي800 ألف دولار ليعيده من قطر، وقد بذل جهودا كبيرة منذ انتقاله لأول مرة إلى النادي الأهلي السعودي ليجعله يقطع احترافه.. وعندما ذهب الى الدوحة تكاسل اللاعب وتحول الى عبء على ناديه فأراد التخلص منه حتى بالخسارة وهذا ما حدث بالضبط عندما باعه للأهلي. نفس الأمر حدث مع عماد النحاس واسلام الشاطر اللذين ذهبا الى النصر والاتحاد السعوديين ولم يظهرا بأي مستوى يحبذ على استمرار التعاقد معهما، فكل همهما كان العودة الى مصر والانضمام للاهلي الذي يمنح لاعبيه بلا حساب من أجل دوري محلي ضعيف يلعب فيه وحده دون منافسين حقيقيين! لقد تسبب الاهلي في تدهور مستوى الكرة المصرية لأنه يتدخل لافساد كل صفقات الاحتراف الخارجية مع اللاعبين المصريين، وبدون الاحتراف الخارجي لن يتقدم مستوانا ولن نستطيع ان ننافس الفرق الأفريقية التي تحتار في وضع تشكيل من 11 لاعبا من بين مئات اللاعبين المحترفين في اوروبا وغيرها. إن دولا أفريقية لم تكن موجودة على الخريطة عندما أسسنا مع السودان وأثيوبيا الاتحاد الأفريقي، تهزمنا الآن بسهولة وتخرجنا مبكرا من منافسات الوصول إلى كأس العالم بسبب لاعبيها المحترفين في الخارج، بينما معظم فريق حسن شحاتة من المحترفين في الأهلي الذين يلعبون أمام حيصة وبيصة وغيرهما من لاعبي الأندية الأخرى في أضعف دوري في العالم! واستطيع أن أراهنكم أن مصير حسني عبد ربه مدافع الاسماعيلي الذي انتقل الى ستراسبورج الفرنسي سينتهي في العام المقبل أو الذي يليه، في "الجزيرة" حيث يقع النادي الاهلي، وأن هذا الطريق الذي يمر عبر فرنسا، هو في حقيقته طريق إلى الاهلي. لذلك استلقيت على قفاي من الضحك عندما قرأت أن المسئولين الفرنسيين تدخلوا لدى القوات المسلحة المصرية لالغاء تجنيده الذي كان يعوق انتقاله الى ستراسبورج! هل هو الرئيس شيراك مثلا الذي توسط من أجل عبد ربه؟!.. الحكاية مكشوفة ومترتبة تماما، فمحمود الخطيب كان قد جهز شيكا بعشرة ملايين جنيه لشراء عبد ربه، والعميد محمد عبد العظيم نائب رئيس الاسماعيلي اتفق معه على هذا الانتقال لكنه يخشى من ردود فعل جمهور الاسماعيلية الذي يكره الاهلي لأنه يحرمه من نجومه باغراء المال والجماهيرية الكاسحة! وحقيقة المبلغ الذي دفعه ستراسبوج بعد صرف قيمة اليورو بالجنيه المصري لن تتجاوز كثيرا ملايين الأهلي العشرة، وبالتالي فالفلوس جاهزة، وعبد ربه سيكون في الاهلي بعد فترة تدريب في ستراسبورج! إنها تمثيلية لا أكثر ولا أقل، فهنيئا للأهلي صفقة عبد ربه، ويا ألف خسارة هذه الملايين التي يدفعها، في وقت ينام فيه ملايين المصريين بدون عشاء!