اعلن نحو 250 من اهم مثقفي وفناني مصر والعرب عزمهم التظاهر امس احتجاجا علي قرار الرئيس مبارك برفض استقالة وزير الثقافة فاروق حسني من منصبه علي خلفية ما اصبح يعرف ب محرقة مسرح بني سويف وتكليفه بالبقاء في منصبه في استهتار واضح بمشاعر الشارع والمثقفين والاعراف السياسية. وتنوعت التفسيرات لقرار الرئيس، اذ ذهب البعض الي انه جاء في اطار سياسة العناد نفسها التي ابقت الوزير في منصبه لنحو 18 عاما رغم ما يتمتع به من مكانة لا يحسد عليها في اوساط الثقافة المصرية والعربية. ورأي اخرون ان النظام لم يكن ليسمح لاحد بانتهاك التقاليد الديكتاتورية التي تحرم مبدأ الاستقالة، فلا يذهب اي وزير او مسؤول كبير الا بقرار اقالة حفاظا علي الهيبة. ويري هؤلاء ان ابقاء فاروق حسني في منصبه امر مؤقت حتي يتم تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وعندئذ يذهب بارادة الدولة وليس المثقفين. وسواء كان السبب هذا او ذاك او تمتعه بدعم شخصيات نافذة جدا في قمة السلطة، فانه لعار عليك يا معالي الوزير ان تبقي في منصبك ولو ليوم واحد. عار عليك ان تجلس علي مقعد الوزارة ايها الفنان وقد تحولت اجساد 46 من اعظم فنانينا الي رماد اسود او اشلاء مشوهة تشبه ما آلت اليه الثقافة المصرية في عهدكم السعيد . عار عليك ان تخون ضميرك وفنك وتستسلم لاغراء المنصب مرة اخري لمجرد صدور اوامر رئاسية لم يكن مستحيلا الاعتذار عن تنفيذها. وحتي اذا رفضت الرئيس الاستقالة فلقد كان الاجدر بك والاكرم لك ولقيمة الثقافة ان تقعد في بيتك بأنتظار نتائج التحقيق احتراما لشهداء الثقافة.. ولنفسك وفنك. الوزير الذي تحول الي رمز مكروه للنظام وما يقال عن حكم العائلة لم يتورع عن وصف منتقديه بأنهم يعادون مصلحة الوطن (...) هكذا اصبح اناس مثل يوسف شاهين وصنع الله ابراهيم واحمد فؤاد نجم اعداء الوطن، بينما المسؤولون عن هولوكوست الفن والثقافة في بني سويف والمتسترون عليهم هم ابناء الوطن المخلصون. وحتي اذا كان الوزير ينوي التقاعد في ايطاليا بعد ان يحدث التغيير، ولا يهمه المثقفون ولا الثقافة في مصر، فانه سوف يبقي المتهم الاول في كارثة بني سويف، بل ومسؤولا عنها مباشرة من الناحية السياسية مهما كانت نتائج التحقيق، ما يجعل بقاءه في المنصب ولو لساعة واحدة اعتداء علي ارواح الفنانين واهانة لقيمة الفن الذي يدعي الانتماء اليه. هذه وصمة عار لن تمحوها السنين او المسافات ناهيك عن قص الاشرطة امام التلفزيون في صحبة المسؤولين الكبار . ولقد اخطأ مهندسو ال نيولوك في الحزب الحاكم عندما سمحوا بفرض هذا الوزير المكروه مجددا علي المثقفين والشارع الذي يترقب حدوث تغييرات واسعة تطيح وجوها اقترنت بالجمود والفساد والقمع والاهمال. قرار ابقاء الوزير في منصبه نذير شؤم اذ قدم دليلا جديدا علي ازدراء النظام لارادة الشارع والمثقفين، في انتهاك واضح ومبكر لتعهدات الرئيس ووعوده اثناء الحملة الانتخابية حول تطبيق فكر جديد واقامة مجتمع حر . لقد آن للمثقفين والادباء والفنانين ان يضطلعوا بواجباتهم في طليعة المطالبين بالتغيير بعد ان سبقهم القضاة والسياسيون والاطباء والمحامون. واذا كان التاريخ لن يرحم من تهاونوا في دماء شهداء الثقافة فانه لن يرحم ايضا من ساروا في الزفة الحكومية وحملوا المباخر مقابل حفنة من المكافآت والمنافع الشخصية . ومن المثير للأسي ان يغيب فنانون مسرحيون قديمون ويزعمون النجومية عن موكب الوفاء لابناء مهنتهم الذين ارادوا ان يوقدوا شمعة في ظلام حياتنا الثقافية فاحرقتهم نيران الفساد والاهمال والمحسوبية! ان كل المثقفين المصريين والعرب مدعوون الي دعم حركة ادباء وفنانون من اجل التغيير في مطالبتها بمحاسبة المسؤولين جنائيا وسياسيا عن فاجعة مسرح بني سويف سواء كانوا خفراء او وزراء او اكبر من ذلك. --- صحيفة القدس العربي اللندنية في 21 -9 -2005