الزوجة تحصل على الشقة عند الانفصال وكافة محتويات «القائمة» من الإبرة للصاروخ لا يخلو بيت من المشاكل، وهذا ليس حصرًا على بيوت المصريين، بل هو شائع في كل المجتمعات، حتى المجتمعات التي تتمتع برفاهية في المعيشة، ونسبة دخل مرتفعة، حتى لا يكون الوضع الاقتصادي مبررًا لدى البعض لشيوع ظاهرة الطلاق داخل المجتمع المصري التي باتت تشكل كابوسًا كبيرًا يخشاه الجميع، لما له من تداعيات على الوضع الاجتماعي الراهن. ووفق النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يوليو 2018، فقد بلغت عدد إشهادات الطلاق 198 ألفًا و269 إشهادًا عام 2017، مقابل 192 ألفًا و79 إشهادًا عام 2016، بنسبة زيادة قدرها 3.2?. بينما بلغ عدد أحكام الطلاق النهائية 9364 حكمًا عام 2017، مقابل 6305 حكمًا عام 2016، بزيادة قدرها 48.5? من جملة الأحكام. وسجلت أعلى نسبة طلاق بسبب الخلع، حيث بلغ عدد الأحكام بها 7199 حكمًاً بنسبة 76.9? من إجمالي الأحكام النهائية (9364 حكمًا). بينما سجلت أقل نسبة طلاق بسبب الخيانة الزوجية حيث بلغ عدد الأحكام بها 3 أحكام تمثل 0.03 ? من جملة الأحكام النهائية. هذه الظاهرة التي استرعت انتباه الجميع، ودفعت الأزهر إلى إطلاق حملة في أبريل 2018 بعنوان: "وعاشروهن بالمعروف"، للتوعية بأسباب الطلاق ومخاطره، وطرق العلاج بهدف الحد من ارتفاع معدلات الطلاق. وقد استطاعت خلال فترة وجيزة لم شمل مئات الأسر التي كانت في طريقها للانهيار. وأطلقت دار الإفتاء حملات لتأهيل المقبلين على الزواج، بواقع 8 دورات لمعرفة كيفية مواجهة الضغوط الحياتية وزيادة الوعي. غير أنه ووسط تلك المحاولات الجادة للحد من ظاهرة الطلاق، فإنها لم تنعدم تمامًا في ظل خلافات تعصف بكثير من العلاقات الزوجية. لكنه وكما يقول المثل: "موت وخراب ديار"، فإن الطلاق يتبعه خراب مماثل للديار، مع لجوء المطلقة إلى الحصول على كامل مستحقاتها، إما بالتراضي والطرق الودية أو اللجوء إلى المحاكم. وفي يونيو الماضي، وافقت اللجنة التشريعية بمجلس النواب على قرار يفرض عقوبات جديدة وإضافية بشأن الامتناع عن دفع نفقة الزوجة. وتضمن التعديل المطروح إضافة نص إلى قانون العقوبات: "كل من صدر عليه حكم قضائي واجب النفاذ بدفع نفقة لزوجه أو أقاربه أو أصهاره أو أجرة حضانة أو رضاعة أو مسكن وامتنع عن الدفع مع قدرته عليه مدة ثلاثة شهور، بعد التنبيه عليه بالدفع، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا تٌرفع الدعوى عليه إلا بناء على شكوى من صاحب الشأن، وإذا رٌفعت بعد الحكم عليه دعوى ثانية عن هذه الجريمة فتكون عقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنة"، حسب صحيفة أخبار اليوم المحلية. ويترتب على الحكم الصادر بالإدانة تعلق استفادة المحكوم عليه من الخدمات المطلوب الحصول عليها بمناسبة ممارسته نشاطه المهني والتي تقدمها الجهات الحكومية والهيئات العامة، ووحدات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، والجهات التي تؤدي خدمات مرافق عامة، حتى أدائه ما تجمد في ذمته لصالح المحكوم له وبنك ناصر الاجتماعي حسب الأحوال". حيل ماكرة وحقوق ضائعة ما أن يحصل الطلاق بين الزوجين حتى يتحولا من شريكين إلى غريمين يكادان يقتتلان، يسعى كل طرف إلى "تأديب" الطرف الآخر على ما فعله به، غير مقدر لما كان بينهما من عشرة. يروي "م. أ" قائلاً: "لم أكن أنوى الغدر، لكن ما فعلته زوجتي هو ما دفعني لذلك، بعد زواج دام ستة أعوام ساده الحب والمودة قررت زوجتي بشكل مفاجئ الانفصال، دون أسباب واضحة، مطالبة بحقوقها المادية من مؤخر ونفقة، بالإضافة إلى الشقة والمنقولات الزوجية". يضيف: "بطبيعة الحال رفضت حفاظًا على أسرتى فى محاولات منى حتى تعدل عن قرارها، إلا أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل، حتى أننى هددتها فى حال طلاقى لها بأنني سوف أحرمها من الأطفال وأطلب منها أن تتنازل عن حقوقها كافة". يتابع: "بالفعل فوجئت بتراجعها عن موقفها، لكن فى حقيقة الأمر كانت ترتب لشيء آخر، فقد استخرجت جواز سفر لها وللأطفال وبحثت عن عقد عمل بالخارج، واستغلت سفرى للعمل فى إحدى المحافظات، وأفرغت الشقة من محتوياتها بالكامل لأعود للمنزل وأجده على "البلاط، ومن ثم طلبت الطلاق". أما "م.م" فيقول: "فى البداية وكأى شاب مقبل على الزواج لم أكترث بقائمة المنقولات الزوجية، التى تضم جميع محتويات الشقة، بالإضافة إلى أشياء لا أعلم عنها شيئًا إلا وقت الانفصال، الأمر الذى كبلنى فوق طاقتي حين الانفصال، حيث إننى خسرت كل ما ادخرته طيلة السنوات الماضية، سواء كانت شقة بما فيها من أثاث، يصل ثمنه إلى 150 ألف جنيه، لأن القانون يجعل الشقة من حق الزوجة". في حين يروي "أ.ع" أنه بعد أن طلق زوجته خسر كل ما يملكه، فقد حصلت مطلقته على شقة الزوجية لأنها حاضنة، بما فيها من منقولات، بالإضافة إلى أكثر من نصف راتبه، لأنه يأبى أن يجعل طفله محرومًا من أى شيء، الأمر الذى جعل طليقته تستغل ذلك، وتستنزفه بشتى الطرق. أما "م. ص" فيقول: "الزن على الودان أمر من السحر"، فكأى منزل لا يخلو من مناوشات بسيطة بين الأزواج، إلا أن كثرة شكاوى الزوجة لأهلها تجعلهم ينظرون عدم رضا عن الزوج، وفى بعض الأحيان تكون الصورة المكونة فى مخيلتهم عنه أنه لا يخاف الله ويحاولون تأمين مستقبل ابنتهم بأى وسيلة". وأضاف: "هذا ما دفع أهل زوجتى لإقناعها بسرقة أوراق وعقود ملكية خاصة بى كنوع من أنواع التأمين المادي، بالإضافة إلى طلب الطلاق ورفع قضية نفقة وكثير من الأمور، لكن مؤخرًا بفضل الله تم التصالح، وقامت زوجتى برد الأوراق لي، والمفارقة أنهم ردوا إليّ قائمة المنقولات الزوجية ضمن الأوراق الخاصة بي، فى البداية راودنى الشيطان بأن أمزقها، لكن لأننى أخاف الله، قمت بردها لزوجتي، الأمر الذى جعلها لا تستجيب لضغوط أهلها، وتصر على استكمال الحياة معي، وبناء بيتنا بالمودة والرحمة". من الزاوية القانونية، يقول المحامى محمد عبدالعزيز إن "حالات الطلاق فى مصر أصبحت مرعبة، حيث زادت بنسب كبيرة، والمشكلة أن أغلب المقبلين على الزواج لا يعرفون ما عليهم من واجبات، سواء الزوج أو الزوجة". وأكد أن "القانون المصرى أعطى الحق للزوجة بكثير من الطرق، للدرجة أنها يمكن أن تقوم بتعذيب زوجها فى المحاكم وتكبيله بالقضايا، التى تصل فيها العقوبة إلى الحبس، حيث تقوم معظم الزوجات بعد الانفصال برفع دعوى تبديد منقولات زوجية، وهى جنحة تصل فيها العقوبة إلى 3 سنوات, كما أنها يمكنها رفع عدة دعاوى كنفقة أطفال وأجر مسكن وحضانة ونفقة مدارس وعلاج وغيرها من القضايا". وأوضح عبدالعزيز أنه "فى حال عدم تمكن الزوجة من صرف مبلغ النفقة الشهرية الصادرة لها، فمن حقها رفع دعوى حبس تطالب فيها بمتجمد نفقتها، وهذه الدعوى لا تسقط بالتقادم، ولكن بالدفع أو تنازل الزوجة وإبرائها ذمة الزوج".