أعيش فى سجن كبير لا أرى الشمس طوال حياتي, حبسنى زوجى فى شقتى التى تحولت جدرانها إلى سجن شديد الحراسة، يمارس فيه كل أنواع التعذيب البدنى والنفسى علىّ، كأنى أعيش فى سجن أبو غريب, كرهت الحياة معه ولكنى تحملت كثيرًا؛ من أجل ابنى، ولكن بعد أن كدت أن أفقده فما الداعي إلى تحمل كل هذا العذاب والذل. تحدثت "دعاء" ذات العشرين ربيعًا من عمرها، إلى مكتب خبراء تسوية الأسرة بزنانيرى، تطلب الخلع من زوجها المريض نفسيًا الذى تحول إلى وحش كاسر ليس لديه لى عاطفة أو شعور بالرحمة، ولكن الشك والغيرة والجنون تحكم فى كل تصرفاته وجعله يتعامل معى كالحيونات بمساعدة والدته لأعيش فى سلخانة تعذيب, فأنا فتاة صعيدية يتيمة توفى والدى ووالدتى، وأنا فى سن صغيرة، ولم أستطع إكمال تعليمى بسبب ضيق ذات اليد، ولم يكن أمامى سوى طريق الزواج, وأول شخص طرق بابى قام أهلى بتزويجى له، خاصة لأنه كان ميسور الحال فأخذنى بملابسى ولم يكلف أهلى مليمًا واحدًا، وكنت "طايرة من السعادة"؛ لأنه كان شابًا قاهريًا ذا مظهر حسن، وتخيلت أننى سأعيش معه أجمل أيام حياتى فى قاهرة المعز لدين الله الفاطمى التى طالما حلمت بها كثيرًا من الفتيات فى قريتنا, ولم أعبأ بأنه رجل دائم الارتباط والانفصال، وأنه سبق وتزوج مرتين، ولم تستمر زيجاته فترات طويلة، فالأولى تزوجها مدة أسبوع واحد، والثانية طلقها فى أقل من شهر, ولم يهتم أهلى بالسؤال عنه وكان أكبر همهم هو التخلص من همى, وبالفعل تزوجت سريعًا. وأضافت "انتقلت للعيش فى شقة زوجى بالقاهرة، ولكن منذ الليلة الأولى لزواجنا علمت الحقيقة المُرة، وبأننى وقعت فى شر أعمالى؛ فقام زوجى وحماتى بذبح القطة لى كما يقولون، وفوجئت بباب شقتى مغلقًا ب5 أقفال وترابيس ومفاتيح، وأننى ممنوعة من الخروج أو الذهاب لأى مكان أو حتى فتح باب الشقة لأى سبب, وأننى سأعيش معه لخدمته دون أن أفتح فمى وأعترض على أى شيء، وأن الضرب والإهانة هما عقابى سواء كنت مطيعة أم لا. واستطردت قائلةً "عشت أيامًا سوداء مع زوجى، وحاول أهلى التدخل لنجدتى من هذا العذاب ولكن دون جدوى، فقد كان سليط اللسان ذا سلطة يتعامل ببلطجة معهم، مستغلًا كونى امرأة ضعيفة مكسورة الجناح وحرمنى من رؤية أهلى أو التحدث معهم، وأخذ هاتفى وتركنى وحيدة فى المنزل مغلقًا الباب بالأقفال والترابيس، محذرًا من محاولة الهرب أو التحدث أو الاستنجاد بالجيران, ولكن شاء القدر أن يربطنى به طويلًا وأحمل بين أحشائى ابنى الوحيد "معتز" فتحملت قسوة زوجى وسوء معاملة حماتى التى كان زوجى يصطحبنى لمنزلها لضربى وإهانتى أمامها وهى تشجعه وتشد من أزره، وجعلنى خادمة لها وتحت نظرها ومعايرتى بأننى وحيدة، وأنه قد اشترانى ودفع ثمنى لأهلى, وتناول زوجى وحماتى الضرب والتعذيب بكل أدوات التعذيب من "عصى وحزام وأحذية وحرق بأنحاء متفرقة من جسدى, وتقييدي بالحبال وتكميم فمى"؛ حتى لا أستطيع الصراخ ولا يسمع أحد صوت أنينى، وكان أثناء ضربى يتهمنى بأننى فاجرة وعاهرة وأريد أن الهروب منه. وقالت: "تحملت هذه الحياة من أجل نجلى، وفقدت الأمل فى الهرب، وأيقنت أن هذا هو قدرى وعلىّ التحمل حتى أحظى بالجنة فى النهاية, ولكن شاء القدر أن تسقط الزهرية على رأس نجلى وتفتح رأسه ويصاب بنزيف حاد، ولم أستطع فعل أى شيء ودخلت على نجلى وأنا وحدى فى الشقة، وليس لدى هاتف لأستنجد بزوجى فلم أجد أمامى سوى الطرق على باب شقتى والاستنجاد بالجيران لنجدة ابنى؛ فقاموا بالاتصال بزوجى وجاء مسرعًا وأخذ نجلى إلى المستشفى، وقاموا بعمل غرز له برأسه، وبعد عودته أعطاني "علقة موت"؛ لاستنجادى بالجيران، ومعرفتهم أننى محبوسة، وأخذ يسب الجيران بصوت مرتفع فسقط القناع عن وجهه، واكتشف الجميع حقيقته المُرة، وقاموا بمقاطعته وعدم التحدث معه، ولم يقوموا كالعادة بدفع فواتير الكهرباء والغاز له، ومحاسبته فيما بعد مثلما كانوا يفعلون فى السابق, وطلبت منه مرارًا وتكرارًا الطلاق إلا أنه رفض وطلب منى التنازل عن كل حقوقى، وعن حضانة نجلى إلا أننى رفضت وعشت معه فى حالة ترقب محاولة انتهاز أى فرصة للفرار بنجلى من هذا الجحيم. وأخيرًا جاء اليوم الذى قرر فيه زوجى أخذى ونجلى لبيت حماتى وتركنى ونجله فى التاكسى الذى كان يعمل فيه، وخرج لشراء الدواء من الصيدلية، وقمت بالهروب مسرعة مختبئة منه فى مدخل أحد العقارات لساعات طويلة، وبعدها اتصلت من هاتف شخص فى الشارع برقم أحد أقاربى الذى كان يقيم بالقاهرة؛ فأسرع لنجدتى، وجاء بى لمكتب التسوية لأطلب الخلع من هذا الوحش المفترس الذى لا يعرف معنى للإنسانية ولأعود مرة أخرى إلى موطنى بالصعيد، والعمل فى أى مهنة؛ من أجل العيش بكرامة والإنفاق على نجلى.