قررت جماعة الإخوان المسلمين ، في خطوة مفاجئة أثارت ذهول الكثير من المراقبين ، سحب 13 من مرشحيها الذين يخوضون المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية ، التي تجري اليوم الأربعاء في ثمان محافظات ، وبذلك تخوض الجماعة هذه المرحلة ب 48 مرشحا بدلا من 62 مرشحا ، وقد أثار قرار الانسحاب المفاجئ تساؤلات عما إذا كانت الجماعة قد تعرضت لضغوط حكومية دفعتها لاتخاذ تلك الخطوة ، خاصة وأن من بين المنسحبين مرشحون من الوزن الثقيل كانوا يملكون فرصا قوية في الفوز أو على الأقل الوصول إلى جولة الإعادة . ومن بين 19 مرشحا للجماعة في محافظة القاهرة ، تنازل عن الترشيح خمسة مرشحين هم أحمد جمعة وعبد المنعم دحروج ويسري بيومي وعبده السعيد والسيد عبد الفتاح ، ويعد دحروج ، الذي كان يخوض الانتخابات على مقعد العمال في دائرة حدائق القبة من أبرز المرشحين المنسحبين في القاهرة . أما في المنوفية فقد تنازل أثنان من مرشحي الجماعة ، وتم استبعاد ثالث من قبل لجنة الانتخابات وهو الدكتور محمد على بشر عضو مكتب الإرشاد بالجماعة . وقامت الجماعة بسحب أحد مرشحيها في بني سويف ، وفي أسيوط سحبت الجماعة أثنين من أصل ستة مرشحين للإخوان في المحافظة ، بينما تنازل مرشح واحد في المنيا ، في حين نفت الجماعة حدوث أي تنازلات في محافظة الجيزة . وأشار الدكتور محمد حبيب ، النائب الأول لمرشد الإخوان ، في تصريحات خاصة ل " المصريون " ، إلى أن الجماعة قامت ، في إطار التنسيق مع الجبهة الموحدة لقوى المعارضة ، بإخلاء ما بين 20 إلى 30 دائرة لمرشحي الجبهة . وردا على سؤال ل " المصريون " ، نفى الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد بالجماعة أن تكون الجماعة قد تعرضت لضغوط أمنية وحكومية لسحب مرشحيها عشية الانتخابات وبعد حملة انتخابية مكثفة ونشطة ، وأكد أن الحكومة تزور الانتخابات وهي تتلاعب بالقيد الجماعي وتتدخل لتهديد كبار العائلات في القرى لعدم التصويت لمرشحي الجماعة ، وهذه الآليات تجعلها في غنى عن اللجوء إلى الضغط على الإخوان لسحب مرشح أو أثنين . ورغم هذا الانسحاب ، إلا أن أسماء مرشحي الإخوان المنسحبين ستكون موجودة بالفعل في بطاقة الاقتراع التي يدلي فيها الناخبون بأصواتهم ، لكن قرار الانسحاب سوف يكون ساريا من الناحية القانونية ، حيث أن المستشار محمود أبو الليل رئيس اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات أكد أن باب التنازل عن الترشيح سوف يبقى مفتوحا حتى نهاية يوم الثامن من نوفمبر ، أي حتى قبل الانتخابات بيوم واحد . ويترك انسحاب مرشحي الإخوان في اللحظة الأخيرة ، وانخراطهم في حملة دعائية نشطة ، الباب مفتوحا أمام العديد من التساؤلات ، عما إذا كانت الجماعة قد تعرضت لضغوط حكومية عنيفة بسحب بعض مرشحيها وإلا تعرضت لإجراءات انتقامية في مرحلة ما بعد الانتخابات ، خاصة وأن يد الحكومة تبدو مغلولة بحد كبير عن التدخل في العملية الانتخابية بسبب مراقبة القضاء ومنظمات المجتمع المدني ، فضلا عن المتابعة الدولية المكثفة للانتخابات ، وتخوف النظام من تعرضه لعزلة وضغوط دولية في حال حدوث تدخلات واسعة في سير العملية الانتخابات . ويعد مرشحو الإخوان أكبر تحد يواجه الحزب الوطني الديمقراطي ، حيث دفعت الجماعة بحوالي 150 مرشحا يخوضون الانتخابات كمستقلين لان الجماعة محظورة منذ عام 1954 ، ويلي الإخوان في الأهمية الجبهة الوطنية من أجل التغيير السياسي والدستوري ويمثله 222 مرشحا ، وتضم الجبهة يساريين وليبراليين وقوميين . وجدير بالذكر أن انتخابات عام 2000 قد شابها أعمال عنف وتزوير ، وجرى التزوير من خلال تخويف ناخبين ليدلوا بأصواتهم لمرشح معين أو إبعاد الناخبين عن اللجان لمنعهم من الاقتراع لمرشح معين أو حشو صناديق اقتراع بأصوات ناخبين غائبين أو متوفين أو تدخل قوات الأمن لمصلحة مرشح معين من الحزب الحاكم غالبا. لكن إشراف القضاة ومتابعة منظمات المجتمع المدني جعلا انتخابات التي تبدأ اليوم أكثر نزاهة نسبيا كما هو متوقع لها . ونتائج الانتخابات الحالية لها أهمية خاصة لان التعديل الدستوري الذي أجريت بمقتضاه انتخابات الرئاسة الماضية نص على أن أي انتخابات رئاسة تالية لانتخابات سبتمبر لا يخوضها مرشح عن أي حزب إلا إذا كان الحزب شاغلا خمسة في المائة من مقاعد المنتخبين في مجلس الشعب أي 23 مقعدا .