بسمارك هو أحد أشهر قادة أوروبا فى القرن التاسع عشر، وحقق لألمانيا الكثير من المكاسب، وهو صانع وحدتها بعدما كانت مقسمة لعشرات الولايات، وصاحب نظرية الحرب الصاعقة، وكانت دول أوروبا تحسب له الحسابات. ولد أوتو فون بسمارك فى الأول من إبريل عام 1815 بمدينة شونهاوزن على نهر الإلبه التى تقع اليوم فى ولاية سكسونيا، وبعد إنهائه لمرحلة الدراسة الثانوية التحق بجامعة جوتنجن، ومن ثم بجامعة برلين حيث درس الحقوق. فى عام 1835عمل فى دوائر رسمية عديدة فى كل من مدينة بوتسدام وآخن، قبل أن ينتقل إلى مدينة جرايفسفالد حيث درس الزراعة فى جامعتها، وكان عضوًا فعالاً فى صفوف المحافظين ببرلمان بروسيا، ومؤيدًا للحكم الملكى خلال ثورة 1848/ 1849، إذ رفض مطالب الجمعية الوطنية التى كانت تنادى بإقامة دولة ديمقراطية، وهكذا بدأ بسمارك مسيرته السياسية حيث عينه الملك فيلهلم الأول رئيسًا لوزراء بروسيا ووزيرًا لخارجيتها، ثم أصبح بعد ذلك مستشارًا للقيصرية الألمانية الثانية التى يعتبر نفسه مؤسسها إبان الحرب الألمانية الفرنسية 1870/ 1871. بعد صعود بسمارك الذى يطلق عليه اسم "المستشار الحديدى" إلى سدة الحكم عام 1871 ، كان شغله الشاغل بناء أساس اقتصادى وسياسى قادر على المنافسة فى ألمانيا، التى لا تملك أى مستعمرات تستغلها من أجل الحصول على النفوذ والثروة، وهكذا فقد عمد إلى عسكرة الاقتصاد من خلال سن قوانين صارمة تعتبر مثالاً للدقة وحسن الأداء، كما بذل كل ما فى وسعه من أجل المضى قدمًا باقتصاد ألمانيا على نحو تميز بالدقة والقوة، وهو ما يعرف حتى يومنا بسياسة النار والحديد. أما سياسة بسمارك الخارجية فقد تمثلت بعد توحيد ألمانيا فى الإبقاء على ما حققته القيصرية الألمانية من مكاسب فى أوروبا، إضافة إلى إحلال السلام للحيلولة دون إثارة حرب تتمكن فرنسا فيها بعد إيجاد حلفاء لها من استعادة مقاطعتى الإلزاس واللورين. بعد موت الإمبراطور فيلهلم الأول عام 1888، خلفه على العرش ابنه المريض فريدريش الثالث، الذى لم تدم فترة حكمه سوى 99 يومًا قبل وفاته، بعد ذلك اعتلى ابن فريدريش فيلهلم الثانى عرش القيصرية، الذى أراد من خلاله الاستفراد بالحكم، فأجبر المستشار بسمارك على الاستقالة عام 1890. توفى بسمارك فى مثل هذا اليوم عام 1898، وأقيمت له جنازة من الدرجة الأولى بشعبية وتقدير لم يسبق لهما مثيل، ثم أطلق اسمه على شوارع كثيرة، وأقيمت نصب تذكاريه له فى مدن عدة.