استبعد خبراء ومحللون سياسيون أن يكون لجماعة "الإخوان المسلمين" وذراعها السياسية حزب "الحرية والعدالة" أي تأثير فى قرارات الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، رافضين وصف المرحلة القادمة بأنها فترة وصاية المرشد على مصر، مؤكدين أن التخوف من تأثير المرشد العام للجماعة فى الرئيس ليس فى محله، حيث انتفت صفة الإخوانية من التشكيل الرئاسي المرتقب، فضلا ًعن الإعلان عن تكوين حكومة ائتلافية لا يسيطر عليها فصيل سياسى واحد. ورأى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، المنسق العام السابق ل "الجبهة الوطنية للتغيير"، أن مستقبل العلاقة بين الدكتور مرسى، وجماعة "الإخوان" وحزب "الحرية والعدالة" ستكون علاقة مزدوجة، قائلا إنه سيكون إخوانيًّا حتى النخاع من الناحية الفكرية، أما بالنسبة للنواحى التنظيمية فستكون بعيدة تمامًا عن إيديولوجية "الإخوان"، خاصة بعد إعفائه من بيعة المرشد الأمر الذى يؤكد بعده تمامًا عن الجماعة وعدم الرضوخ لقراراتها. وأشار إلى أن التزام الرئيس المنتخب من الناحية الفعلية بإنهاء علاقته بمكتب الإرشاد تحدده الأشهر القليلة القادمة، وذلك من خلال اختيار الفريق الرئاسى وتشكيل الحكومة وطريقة ممارسة سياساته, مضيفًا أن جماعة الإخوان عليها أن تدرك أن مرسى لم ينجح بأصوات الإخوان فقط، ولكن دعم القوى الثورية له وراء نجاحه والقضاء على مرشح الثورة المضادة، ولذلك فلابد أن يكون رئيسًا لكل المصريين وليس لجماعة الإخوان المسلمين فقط. وطالب نافعة بضرورة أن يلعب الرئيس المنتخب دورًا تاريخيًا فى تطوير جماعة الإخوان المسلمين فى نفس اتجاه التطور الفكرى لحزب "العدالة والتنمية" بتركيا, مشيرًا إلى أنه فى حال حدوث خلاف بين الرئيس المنتخب والجماعة ستخسر الجماعة كثيرًا، خاصة أن وضع مرسى أصبح أقوى من وضع الجماعة. وأوضح أن الرئيس المنتخب سيكون رئيسًا لكل المصريين وهذا واضح من الخطابات التى ألقاها على الشعب حتى الآن والتى يظهر بها محاولته لكسب تأييد كل الأطراف وعدم الانحياز لفصيل دون غيره من الفصائل السياسية والحزبية ولن يتأثر برغبات مكتب الإرشاد. وشاطره الرأى، مصطفى عاشور الباحث فى الإسلام السياسى، قائلا إن مرسى انفصل سياسيًا عن جماعة الإخوان لكنه لم ينفصل فكريًا وهو أمر خاص به والمهم هو أنه لا يميل ناحية تيار دون آخر, مشدداً على أهمية احترام تصريحات مرسي بشأن انفصاله عن الجماعة وهو أمر فعلى بدليل قيامه بإعلان اختيار نواب له في مؤسسة الرئاسة من خارج جماعة الإخوان وكذلك تشكيل حكومة ائتلافية واسعة وهو ما يؤكد انفصاله الفعلى عن الجماعة وهو ما يعنى عدم الميل ناحية فصيل دون آخر. وقال علاء النادى الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، إن الدكتور مرسى قد انفصل فعليًا عن جماعة "الإخوان" رافضًا دعاوى التشكيك في هذا الأمر، ملمحًا إلى أن المروجين لهذه الادعاءات، هم الجماعات الرافضة لوجوده فى الحكم والقوى الرافضة لتيار الإسلام السياسى والساعين لزرع الفتنة. وشدد على أن تصريحات مرسى الأخيرة تؤكد انفصاله عن الجماعة، كما أن حجم التحديات والملفات التى تحتاج دراسة أكثر بكثير من أن يجد مرسى وقتًا لمتابعة أحوال جماعة الإخوان أو حزب الحرية والعدالة الذى كان يرأسه، مؤكدًا أن الوقت سيحول دونها، مشيرًا إلى أنه سيكون عضوًا عاديًا بالحزب، موضحًا أن كل ديمقراطيات العالم لا تمانع من كون الرئيس عضوًا فى حزب سياسى أو رئيساً له لكن التجربة المصرية ترفض مثل هذا الأمر. ورفض النادى ما يردده البعض حول كون الرئيس سيتلقى أوامره من المرشد أو من قيادات الجماعة مؤكدًا استحالة مثل هذا الأمر على أرض الواقع في ظل وجود مؤسسة الرئاسة التى أعلن تشكيلها من أطياف المجتمع كافة. من جانبه قال سامح راشد الباحث بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام"، إنه من الصعب انسلاخ الرئيس المنتخب عن جماعة الإخوان المسلمين من الناحية الفكرية حتى بعد استقالته من رئاسة حزب "الحرية والعدالة"، لافتًا إلى أن مستقبل العلاقة بين الرئيس المنتخب وجماعة الإخوان المسلمين ستكون علاقة عادية لا تأثير لها فى كيفية إدارة شئون البلاد ولا تستطيع الجماعة التدخل فى قرارات مؤسسة الرئاسة. وأكد أن آليات صنع القرار فى مؤسسة الرئاسة تختلف تمامًا عن آليات صنع القرار داخل الجماعة، مشيرًا إلى أن التحول الديمقراطي سيشمل تقنين أوضاع جماعة الإخوان المسلمين وفقًا لقانون الجمعيات الأهلية، خاصة بعد تعهد الرئيس المنتخب بذلك, مضيفًا أنه سيكون رئيسًا لكل المصريين ووضع الجماعة سيكون مثل أى جمعية أهلية تعمل داخل مصر ولن يكون لها وضع يميزها. فى المقابل، قال محمد حسن عضو الأمانة العليا لحزب "الحرية والعدالة"، إن فكرة الصدام مع مؤسسة الرئاسة غير واردة إطلاقًا، خصوصًا أن جميع القوى السياسية طالبت بالوقوف إلى جانب الرئيس، مشيرًا إلى أن الحزب يمكن أن يتخذ قرارات تتفق مع قرارات الرئيس، وأيضًا يمكن ألا يقبل بعض القرارات التى يتخذها الرئيس، منوها بأن الحزب لن يكون مؤيدًا له بشكل دائم, كما أنه لن يكون معارضًا له دون سبب. ونفى حسن أن يكون للحزب أى مميزات فى الفترة المقبلة، إلا أنه حصل على الأغلبية فى الانتخابات البرلمانية ومن الطبيعى أن يكون له تمثيل يناسب هذه الأغلبية كما يحدث فى جميع الدول التى تطبق الديمقراطية، وبالتالى فذلك لن يكون فى إطار أى مميزات للحزب، مؤكدًا أن المشكلة تتمثل فى أن أحزاب الأقلية تريد الاستحواذ على حصص الأغلبية من خلال استخدامهم لوسائل الإعلام فى الترويج لذلك دون أن يطبقوا أو يلتزموا بمعايير الديمقراطية التى ينادون بها. وأكد محمود خطاب عضو الأمانة العليا لحزب "الحرية والعدالة"، أن الدكتور مرسى أعلن مرارًا وتكرارًا عن استقالته من الجماعة والحزب وذلك حتى يكون معبرًا عن كل المصريين ولا يكون ممثلاً لطائفة أو حزب بعينه، نافيًا أن يكون هناك تأثير سياسى من الجماعة أو الحزب فى قرارات الدكتور مرسى.