قال اقتصاديون، إن الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها في إبريل 2018، ستجبر الحكومة على إرجاء كافة القرارات والإجراءات الاقتصادية الصعبة، التي من شأنها إضافة أعباء جديدة على كاهل المواطنين، لتفادي إشعال أجواء من الغضب بين المصريين. غير أنهم توقعوا في الوقت ذاته أن تعقب انتخابات الرئاسة القادمة، خطوات أبرزها رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء، إضافة إلى الإلغاء الجزئي لدعم السلع الغذائية وتحويلها لدعم نقدي. وأعلن صندوق النقد الدولي أمس، موافقته على صرف شريحة جديدة من القرض بقيمة تتجاوز ملياري دولار، ليصل بذلك إجمالي ما حصلت عليه مصر من قيمة القرض البالغ 12 مليار دولار نحو 6.08 مليار دولار. وتبلغ قيمة الشريحة الأولى من الدفعة الثانية 2.03 مليار دولار، والتي وافق عليها المجلس أمس بعد الاطلاع على تقرير لجنة الخبراء التي زارت مصر آخر أكتوبر الماضي. ويبلغ إجمالي ما حصلت عليه مصر من دفعات القرض، نحو 6 مليارات دولار؛ إذ حصلت على 2.75 مليار دولار و1.25 مليار دولار، على التوالي، دفعات سابقة، منذ اتفاقها مع الصندوق في نوفمبر العام الماضي. الدكتور محمد النظامي، الخبير الاقتصادي، قال إن "هناك مجموعة من القرارات القاسية التي ستسعى الحكومة إلى اتخاذها، خاصة بعد الموافقة على الدفعة الأولى من الشريحة الثانية لقرض صندوق النقد، لكن لن تصدر خلال المرحلة الراهنة، بل سيتم تأجيلها لما بعد الانتخابات الرئاسية". وأضاف النظامي ل"المصريون": "القرارات المتوقع اتخاذها، رفع الدعم عن المواد البترولية، وكذلك عن الكهرباء، فضلًا عن الإلغاء الجزئي لدعم السلع الغذائية، وتحويلها لدعم نقدي". ورجح أن "تشهد الفترة القادمة استقرارًا نسبيًا في الأسعار، وحدوث انتعاش في السوق المصري، خاصة بعد افتتاح حقل "ظهر"، وزيادة تحويلات المصريين في الخارج". وقال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، إن "أبرز القرارات التي يمكن أن تتخذها الأجهزة خلال الفترة القادمة، إما تقليل المصروفات، وذلك عن طريق رفع الدعم عن المحروقات، أو زيادة النفقات، من خلال فرض ضريبة جديدة على المواطنين، ما ينتج عنه زيادة الأعباء على كاهلهم". وأوضح ل"المصريون"، أن "منح صندوق النقد مصر الدفعة الأولى من الشريحة الثانية، يعني استلام ال2 مليار، ثم إكمال جزء من الإجراءات الإصلاحية التي تم الاتفاق عليها مع الصندوق؛ للحصول على الدفعة الثانية". وتوقع أن "يتم إرجاء غالبية القرارات التي يمكن أن تتسبب في أزمات، أو تحدث موجة غلاء جديدة، لا سيما أن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة بات على الأبواب"، واصفًا القرار بالسياسي. الخبير الاقتصادي، أضاف أن المراجعة تتم كل 6 أشهر، لذا في الغالب سيتم تأجيلها لحين الانتهاء من الانتخابات، مضيفًا أنه عقب الانتخابات يمكن اتخاذ تلك القرارات الصعبة. غير أن الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، قالت إن "موافقة صندوق النقد على تلك الدفعة، بمثابة شهادة من الصندوق بأن الاقتصاد المصري يسير بشكل منتظم، وفي الاتجاه الصحيح، منوهًة بأن الدفعة الأخيرة تأتي ضمن الدفعات التي يفرج عنها الصندوق بحسب ضوابط وشروط وبمراحل زمنية". وأوضحت ل"المصريون"، أنه "من الصعب اتخاذ أية إجراءات اقتصادية صعبة خلال الفترة الحالية"، لافتة إلى أن "المواطنين لا يستطيعون تحمل أي أعباء جديدة"، مطالبة الأجهزة المختصة بالتحرك في الاتجاه الذي يدعم ويشجع الاستثمار. وفي تصريحات له، قال عمرو الجارحي، وزير المالية، إن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، وافق وبشكل نهائي على صرف نحو 2.03 مليار دولار لمصر، بعد الإطلاع على تقرير لجنة الخبراء التي زارت مصر وأجرت المراجعة الخاصة ببرنامج مصر الاقتصادي، والتي استمرت خلال الفترة من 25 أكتوبر إلى 9 نوفمبر 2017. وأشار إلى أن الحكومة تمكنت من إجراء إصلاحات هيكلية جريئة تتمثل في خفض العجز في الموازنة العامة للدولة، كنسبة إلى الناتج المحلى الإجمالي، وإعادة هيكلة منظومة الدعم، وتطبيق حزمة من برامج الحماية الاجتماعية تمتص أثر البرنامج الاقتصادي على المواطنين، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وإصلاح المنظومة الضريبية ورفع كفاءتها والسيطرة على الدين العام.