انقسم أعضاء مجلس النواب حول تعديل قانون الجمعيات الأهلية الذي مرره البرلمان في مايو الماضي، والذي كان سببًا في حجب مساعدات أمريكية بقيمة 290 مليون دولار، وبينما اعتبر الرافضون التعديل بمثابة رضوخ للإدارة الأمريكية, أيد البعض تعديله من أجل تحسين صورة حقوق الإنسان من جهة, وعودة العلاقات إلى طبيعتها مع واشنطن, الحليف الداعم للسلطة الحالية في مصر. ويأتي قرار خفض المساعدات الأمريكية لمصر بعد أن سجل تقارب في العلاقات بين القاهرةوواشنطن منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة مطلع العام الحالي، على خلفية قانون الجمعيات الأهلية الذي يقيد من عملها في مصر. وفي 29 مايو الماضي، صادق الرئيس عبدالفتاح السيسي، على قانون ينظّم عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، بعد نحو 6 أشهر من موافقة البرلمان، رغم تواصل الانتقادات الحقوقية المحلية والدولية للتشريع. وقال سامر التلاوي, أمين سر لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب ل "المصريون", إن "اللجنة هي المنوطة بالحديث عن قانون الجمعيات الأهلية, وإن اقتراحات تعديل القانون موجودة منذ إقرار البرلمان له, لكن اللجنة لن تقبل الرضوخ إلى الإدارة الأمريكية, ولن تقوم بتعديل القانون كنوع من الحصول على المواءمة مع الولاياتالمتحدة, على اعتبار أن القانون يراعي الوضع المصري ويحافظ على مصلحة المواطنين المستحقين للدعم. وأضاف أن "قانون الجمعيات الأهلية تم إقراره بعد مناقشات عدة مع جمعيات مجتمع مدني مصرية, ولم يوافق عليه سوى بعض الجمعيات التي لم توفق أوضاعها, أو تستفيد بشكل أو بآخر من الدعم الأمريكي أو الخارجي, وهو ما توافقت معه بعض الإدارات لدول خارجية منها الولاياتالمتحدةالأمريكية. ويمنح القانون الجهة التنفيذية (وزارة التضامن) مدة سنة لتوفيق أوضاع الجمعيات، مع إعطاء الوزير سلطة تحديد مبلغ رسوم إشهار الجمعيات بحد لا يزيد على 10 آلاف جنيه (نحو 555 دولاراً أمريكيا تقريباً). ويلزم القانون المؤسسة بتقديم خطاب بالإخطار لقيدها بالجهة الإدارية، لكن يحق للأخيرة خلال 60 يوما أن توقف القيد بقرار مسبب لتصويب الملاحظات على ملفها أو الطعن أمام المحكمة. وينص على عقوبة السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات، إضافة إلى غرامة تصل إلى مليون جنيه، لكل من عاون أو شارك منظمة أجنبية في ممارسة نشاط أهلي في مصر دون الحصول على تصريح. ونفس العقوبة سارية لكل من شارك في إجراء بحوث ميدانية أو استطلاعات رأي في مجال العمل الأهلي دون الحصول على موافقة أمنية مسبقة، حسب القانون الجديد. وطالب خالد عبد العزيز شعبان, عضو مجلس النواب, بتعديل القانون المثير للجدل, "خاصة أنه يثير العديد من علامات الاستفهام, ولقي رفضًا واسعًا حتى داخل مجلس الوزراء وكثير من نواب المجلس, ومن ثم فإن تعديله لا يعتبر رضوخًا للإدارة الأمريكية أو ربطه بموضوع عودة المعونة الأمريكية إلى مصر، وإنما للصالح العام". وأضاف: "مجلس النواب عليه مراعاة المصلحة العليا للبلاد, والعلاقات مع الولاياتالمتحدة أو غيرها لا يعيب الدولة المصرية", مشددًا على ضرورة الأخذ في الاعتبار أن "قانون الجمعيات الأهلية ليس إداريًا فحسب, ولكنه سياسي, فينظم عمل الكثير من منظمات المجتمع المدني المشتغلة بالسياسة، والتي تساعد بدورها الكثير من الأسر والعائلات في المناطق غير المستقرة ماديًا". وفي الاتجاه ذاته, طالب النائب السابق بمجلس النواب محمد أنور السادات، في تصريحات صحفية, بضرورة تعديل قانون الجمعيات الأهلية, خاصة أنه السبب الرئيس في تخفيض حجم المعونة الأمريكية عن الدولة المصرية كجزء من تعديل وضع حقوق الإنسان داخل مصر. وأضاف أن مصر جزء من المجالس الدولية وموقعة على اتفاقيات ومعاهدات دولية, وكان من الأصلح الاستماع لمطالب القوى الوطنية حول ضرورة عدم إقرار قانون الجمعيات الأهلية, وهو ما لم يتم الاستماع إليه, وتبين مع الوقت صدق رؤية القوى الوطنية, ولكن مع حرج كبير لمؤسسة الرئاسة.